المفوضية الأوروبية: الاتفاق الفلاحي المعدل بين المغرب والاتحاد الأوروبي يعزز شراكة طويلة الأمد بين الرباط وبروكسيل    بعد استقالة رئيس الوزراء الجديد.. ماكرون يكلفه بإجراء محادثات أخيرة مع الأحزاب                وزارة الصحة تحيل ملف وفيات بمستشفى أكادير على القضاء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء        الكوكايين يُطيح بسيدة من طنجة في مطار أبوظبي بالإمارات    مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة يعقد دورة أكتوبر ، ويصادق على مشاريع مهيكلة لتعزيز التنمية الجهوية        دار الشعر بمراكش تنظم الدورة السابعة لمهرجان الشعر المغربي        حركة "جيل زد" تجدد المطالبة برحيل أخنوش في اليوم العاشر للاحتجاجات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    "الأشبال" أمام كوريا في ثمن "المونديال"    موتسيبي يحسم الجدل: المغرب الخيار الأول والأخير لتنظيم "كان 2025"    الدوري الإسباني.. الزلزولي يقود بيتيس للفوز على إسبانيول    جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس    نادية صبري مديرة جديدة لمتحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    المغرب بين احتجاج الشباب وفرصة الإصلاح    98 منظمة حول العالم تطالب بالإفراج عن نشطاء أسطول الصمود.. ودعوات لتدخل رسمي من أجل حماية عزيز غالي    دراسة: فحص بسيط يكشف عن خطر الإصابة بالخرف قبل عقود من ظهور الأعراض    انعقاد المؤتمر المحلي لحزب الاستقلال بمدينة إمزورن تحت شعار: "المقاربة التشاركية أساس التنمية المحلية"    منتخب U17 يستعد للمونديال في السنغال    غالي وبنضراوي واعماجو: سفراء مغاربة للضمير الإنساني.. تحرك يا بوريطة    في ختام تصفيات إفريقيا.. 7 منتخبات على أعتاب حسم التأهل إلى كأس العالم    المغرب ضمن أكثر عشر دول استقطابا للاستثمارات الأجنبية في إفريقيا    أرباب المصحات الخاصة ينفون استفادتهم من أي دعم حكومي ويطالبون وزير الصحة بنشر لائحة المستفيدين    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب    منح جائزة نوبل في الطب لثلاثة علماء عن أبحاثهم في مجال التحكم في الجهاز المناعي    أحزاب يسارية وتنظيمات نقابية وحقوقية تطالب بالإفراج عن معتقلي احتجاجات "الجيل Z" وفتح تحقيق في مقتل ثلاثة متظاهرين    ضحايا زلزال الحوز يخرجون مجددا للاحتجاج ويتهمون الحكومة بتجاهل معاناتهم منذ عامين    مصيبة.. جماعة الرباط تعتزم تفويت بقعة أرضية كانت مخصصة لبناء دار للشباب ودار للنساء لفائدة البنك الدولي    جماعة الدار البيضاء تطلق مرحلة جديدة من برنامج مدارس خضراء    توقيع اتفاقية بين الجامعة الملكية المغربية والاتحاد الكوري للتايكواندو    حين تنحسر حرية التعبير... يسهل قلب المفاهيم    12 عرضا مسرحيا من 10 دول في الدورة الثالثة لمهرجان "جسد" بالرباط    منظمة "تجمعية" تشيد بإصلاح الصحة    وزارة الصحة تتحرك لوقف التنقيلات العشوائية للمرضى بين المستشفيات    الذهب يتجاوز 3900 دولار للأوقية    مدرب آيندهوفن: "أنس صلاح الدين لاعب ممتاز ويقدم أداءً رائعا"        الصين تفعل استجابة طارئة بعد اجتياح الإعصار "ماتمو" لمقاطعتين جنوبيتين    التصعيد ‬يشتد ‬بين ‬الصيادلة.. ‬ الكونفدرالية ‬تهدد ‬الفيدرالية ‬باللجوء ‬للقضاء ‬    من أصول مغربية.. نعيمة موتشو تتولى وزارة التحول والوظيفة العمومية في فرنسا    مناورات شرقي 2025.. تعاون عسكري مغربي فرنسي لتعزيز الأمن الإقليمي ومواجهة التهديدات العابرة للحدود    عملية إطلاق نار في سيدني تسفر عن سقوط 20 جريحاً            العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إصلاح بلا دماء.. انظر غرباً (المغرب)
نشر في التجديد يوم 08 - 09 - 2015

التجربة التي تخوضها المملكة المغربية لتحقيق الإصلاح السياسي جديرة بالتأمل، وهي بالمناسبة لم تأخذ حظّها من الاهتمام الإعلامي -على الأقل- لتشجيع الدول التي ترنو شعوبها للإصلاح على الاحتذاء بها، والبناء عليها وتحسينها؛ دون إراقة دماء، ودون خلْع حكام أو قتلهم أو تشريدهم خارج البلاد، ودون ثورات مضادة تحرق الأخضر واليابس، وذلك يوفر على الدولة مقوّماتها دون تدمير ودون تقتيل لشعبها، وشلِّ الحياة فيها.
فعندما تفجَّرت المظاهرات في شوارع المغرب عام 2011 – تماشيا مع الثورات العربية- مطالبة بإصلاحات سياسية، ومقاومة الفساد، وإقامة دولة العدل.. التقط النظام المغربي الخيط وتجاوب مع مطالب الجماهير الثائرة في الشارع، وأقر عددا من التعديلات الدستورية التي لم ترق إلى كل مطالب الجماهير، ولكنها كانت خطوة على طريق الإصلاح، ثم أجرى «النظام» انتخابات برلمانية مبكرة (25–11-2011 ) دعت قوى مغربية عديدة لمقاطعتها، لكن غالبية الأحزاب شاركت فيها، وقدم النظام المغربي يومها صورة جيدة من الشفافية والنزاهة، إذ أفرزت تلك الانتخابات القوى الحقيقية التي يريدها الشعب المغربي، وفي مقدمتها حزب «العدالة والتنمية» ذو التوجه الإسلامي، ثم زاد الملك المغربي الأمر مصداقية بتكليف السيد «عبدالإله بنكيران»، الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية»، بتشكيل الحكومة وهي أول حكومة في تاريخ المغرب يشكِّلها إسلاميون.
ثم جاءت انتخابات ال4 شتنبر المحلية والجهوية (البلدية) لتضيف رصيدا جديدا لمصداقية النظام المغربي وجديته في السير في طريق الإصلاح والتمكين للشعب في اختيار ممثليه. وبصرف النظر عن نتائج تلك الانتخابات وحصول حزب العدالة الحاكم علي نسب مرتفعة تبرز رضا قطاع كبير من الشعب المغربي عن أداء حكومته فإن الأهم هو رسوخ التجربة الديمقراطية وتزايد قناعة الشعب المغربي بها ولذا كان إقباله عليها كبيرا (53%).
ولاشك أن تلك الإجراءات والتوجهات من النظام المغربي اقتلعت -بقدر كبير- بذور الشك التي نثرتها الممارسات الانتخابية والسياسية السابقة، وأحلَّت محلَّها بذور الثقة، وإن لم تكن مكتملة، فهي -كما قلنا آنفا- خطوة كبيرة على طريق الإصلاح وعلى طريق احترام مطالب الشعب والتجاوب معها بجدية، ويبقى على النظام المغربي المضي قدما وبسرعة في هذا الطريق السلمي الحضاري نحو تحقيق الإصلاح الشامل.. وستظل تلك التجربة فريدة في قاموس الإصلاح السياسي.
وبهذا التقدم على طريق الإصلاح يمكن لحكومة «العدالة والتنمية» قطع شوط بعيد في معالجة الملفات الصعبة التي يعاني منها الشعب المغربي؛ كمقاومة الفساد، وحل مشكلة البطالة، وتوفير مناخ أكثر سلامة للممارسة السياسية.. وأعتقد أن هذه الحكومة بقيادة «عبدالإله بنكيران»، قادرة على الانطلاق بنجاح نحو تحقيق هذه الأهداف، بل ووضع المغرب على طريق الإصلاح الشامل الذي يحقق للشعب المغرب نهضته المرجوة، وذلك راجع في رأيي إلى:
1- شخصية السيد «عبدالإله بنكيران» المنفتحة على الجميع، والتي تميل إلى البساطة في الحياة، وفي التعامل مع عامة الناس دون تعقيد أو سدود، إضافة إلى تجربته الثرية في الحياة السياسية، وتجربته الغنية بالدروس في العمل الإسلامي، فهو واحد من قيادات تأسيس العمل الإسلامي الحديث (منذ فترة السبعينيات من القرن الماضي)، وقد ساعدته شخصيته المنفتحة وتجربته الثرية في إنجاز تحالف تاريخي مع القوى السياسية المغربية الرئيسة المخالِفة للإسلاميين في التوجُّه والفكر، وأصبحت الحكومة المغربية ممثِّلة لمعظم أطياف الشعب المغربي.
على المستوى الشخصي أعرف الأستاذ «عبدالإله بنكيران» جيدا، وقد التقيت معه في بيروت والخرطوم والدار البيضاء ونواكشوط، في إطار اجتماعات «رابطة الصحافة الإسلامية» عندما كان رئيساً لتحرير صحيفة «التجديد» المغربية، وبعد أن أصبح أميناً عاماً لحزب «العدالة والتنمية»، ثم التقيته رئيسا للوزرا خلال جولة واسعة مع وفد صحفي عربي وتناقشنا كثيرا في أمور عامة عدة، وما أستطيع قوله هنا: إنك لا تملك إلا احترام هذا الرجل؛ لما يتمتع به من رحابة صدر، وعُمق التفكير، ومصداقية الكلمة، في إطار من روح المرح والفكاهة العفوية، ومازال «بنكيران» يحافظ على تلك المقومات التي حباه الله إياها وهو ما ساعد كثيرا في نجاح ائتلافه الحكومي من أحزاب ذات مشارب فكرية مختلفة.
2- دعم الملك «محمد السادس» لتلك الحكومة بكل الإمكانات المطلوبة، وما يبدو حتى الآن أن هناك دعما وتأييدا لتلك الحكومة، ولو استمر ذلك الدعم فسوف تمضي المملكة المغربية في تجربتها إلى تحقيق الأهداف المرجوة.
3- استمرار جدية الأحزاب المشاركة في الحكومة في المضي قدما بالتجربة نحو النجاح، ونسيان الجميع حزبيتهم، والعمل بروح الوطنية نحو تحقيق الأهداف الكبرى للشعب المغربي وحل مشكلاته المستعصية، والتي تعد صورة طبق الأصل من مشكلات معظم الشعوب العربية.
إن ما يشهده المغرب في هذا الصدد يمثل فرصة نادرة للجميع -في المغرب- نظاما وشعبا وقوى سياسية، فهي فرصة للنظام لكي يواصل طريقه في التجاوب مع المطالب الشعبية عبر بوابة المؤسسات المنتخبة، ودون الوصول إلى نقطة الضغط الشعبي والرد الرسمي الخشن الذي أوقع كثيرا من البلاد في صدامات دامية.. وهي فرصة لحزب «العدالة والتنمية» لكي ينفِّذ برامجه كاملة وبكل ثقة.. وفرصة للقوى السياسية الأخرى لكي تصطفَّ حول مشتركات واحدة لتحقيقها، بصرف النظر عن الأهداف الحزبية.. ولا شك أن انتهاز الجميع لتلك الفرصة النادرة ستعيد للشارع ثقته في نظامه، وتعيد إليه هدوءه، وتدفعه نحو الالتفاف حول مَنْ يحققون له مطالبه بجدية ومصداقية؛ وبالتالي تجنيب البلاد ما يجري في بلاد الثورات العربية.
نحن إذا في العالم العربي نعيش تجربتين.. تجربة تنتزع الشعوب فيها حقوقها باقتلاع نظام الحكم الجائر والمستبد، بعد تقديم عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى ثم تخفق علي يد الثورات المضادة لتعيد الجماهير انتاج ثوراتها مقدمة المزيد من التضحيات.. وتجربة تجاوب نظام الحكم في المغرب مع مطالب الجماهير، وهي تجربة يمكن أن تمثِّل إضاءة مهمة لكل مَنْ يريد أن يستبق تفجّر ثورة شعبية تطالبه بالرحيل، ولكل مَنْ لا يريد أن تنغمس يداه في دماء شعبه، ولكل مَنْ يريد أن يحافظ على استقرار بلاده، وينطلق نحو تحقيق التنمية وبناء دولة الرفاهية والحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.