خبر سار للمغاربة: تخفيض أسعار أدوية أساسية لعلاج أمراض مزمنة    اسرائيل تطلق قمرا تجسسيا جديدا قالت إنه "رسالة إلى أعدائها"    اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال تشيد بالمبادرة الملكية لإغاثة غزة وتؤكد تشبثها بحل الدولتين    الألماني غوندوغان يلتحق بغلطة سراي    إنفاق أندية الدوري الإنجليزي يتخطى 3 مليارات جنيه إسترليني.. وليفربول ملك ميركاتو 2025    هكذا اهتزت الأرض تحت الحوز.. 20 ألف هزة أرضية منذ زلزال 8 شتنبر بالمغرب    "البولفار" يعود في دورته 23 ببرمجة غنية تجمع 37 فرقة موسيقية    في سابقة من نوعها بالمغرب والعالم العربي... الاستقلال يعلن عن تأسيس معهد وطني للتطوع    المنتخب المغربي يكثف من تحضيراته تأهبا لملاقاة النيجر    خربوشي ومحاح في تجمع إعدادي بكيغالي استعدادا لبطولة العالم للدراجات على الطريق    ماكرون يحذر إسرائيل بخصوص حركة الاعتراف بفلسطين    هزة أرضية تفجع ساكنة الحوز قبل خمسة أيام عن الذكرى الثانية للزلزال المدمر    اخشيشن يتباحث بالرباط مع رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ الفرنسي    جبل جليدي عملاق عمره 39 عاما يذوب بعيدا عن القطب الجنوبي    جماعة إيحدادن بالناظور تودع السيدة ثريثماس سقالي فداش إلى مثواها الأخير    كيوسك الأربعاء | إطلاق 694 مشروعا جديدا لتعزيز خدمات الصرف الصحى    الصين تسجل "الصيف الأكثر حراً" منذ بدء رصد البيانات    اتحاد طنجة يحقق انتصارًا كاسحًا على السعيدية في البطولة الوطنية لكرة القدم الشاطئية    في حضور بوتين وزعيم كوريا الشمالية.. الصين تقدم استعراضاً عسكرياً ضخماً في ذكرى الانتصار على الفاشية    الرئيس الصيني: لا سلام عالمي دون اقتلاع جذور الحروب وبناء علاقات متوازنة    شابة تضرم النار في جسدها بطنجة في محاولة لوضع حد لحياتها في مشهد مأساوي    في الذكرى الثانية للزلزال المدمر.. هزة أرضية ترعب ساكنة الحوز    هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب ضواحي مراكش    طقس الأربعاء: أجواء حارة نسبيا بعدد من الجهات    كشك بساحة إيبيريا.. كان الأجدر أن يستفيد منه شاب يبحث عن فرصة شغل لا علامة تجارية تملك القدرة على الكراء    بوتين يلتقي كيم جونغ أون في بكين    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    الولايات المتحدة تعلن تحييد "قارب مخدرات" قادم من فنزويلا                    "الإصلاح" تتضامن مع ضحايا الكوارث    رئيس النادي القنيطري يرد على "الاتهامات الكاذبة" ويؤكد عزمه الاستقالة بعد الصعود -فيديو-    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    تكهنات بانفصال لامين يامال عن نيكي نيكول بعد حذف الصور المشتركة    غموض مستقبل حمدالله بعد رغبته في الرحيل عن الشباب السعودي    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    أعراس .. اسم عابر في سجل الخيانة وصوت يائس في جوقة الانفصال    بدء الأشغال لإنجاز مشروع القطار فائق السرعة القنيطرة–مراكش        الدورة ال 25 من «ملتقى الشارقة الدولي للراوي» ما بين 22 و26 شتنبر الجاري بمشاركة المغرب    – كيف كتبت لوموند «تحقيقها»؟ لمن كتبته؟    أثافي الشعرية الأمازيغية من خلال كتاب «الشعرية الأمازيغية الحديثة» للناقد الأمازيغي مبارك أباعزي    الدورة الثانية لمهرجان «سينما الشاطئ» تحط الرحال بالصويرة    "الحر" يطلق جديده الفني "صرا لي صرا"        تصريحات عنصرية في حق اهل الريف تثير استنكاراً واسعاً ومطالب بفتح تحقيق    80 فنانًا من دول مختلفة يشاركون في المعرض الجماعي للفن التشكيلي بتطوان    اختصاصي في جراحة العظام يكشف فوائد المشي حافي القدمين    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية        الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة ل "التجديد" في أعماق الأطلس الصغير
نشر في التجديد يوم 07 - 06 - 2004

رحلة ل "التجديد" في أعماق الأطلس الصغير..من أجل الرخام.. لتذهب أشجار أركان والسكان إلى الجحيم
تنتشر بمنطقة الأخصاص التابعة لإقليم تزنيت صناعة الرخام، حيث يلاحظ قطع أحجار الرخام من جبال الأطلس الصغير، ونقلها وشحنها إلى مصانع متخصصة في ذلك بكل من مدينة تزنيت وأكادير. للوقوف على ما تخلفه عملية القطع من أضرار، انتقلت التجديد إلى أحد المقالع بدوار امهليون في زيارة خاصة، وأنجزت الاستطلاع التالي:
رحلة بين أشجار أركان"
انطلقت رحلتنا من مدينة انزكان نحو مدينة تزنيت، وبعد أن قطعنا نحو 40 كيلومترا للوصول إلى دوار إمهليون الواقع في أحضان جبال الأطلس الصغير، وجهتنا حيث غابات أشجار أركان (الكنز الحقيقي لأهل سوس)، وبين الفينة والأخرى تتراءى لنا قطعان من الماعز تتسلق تلك الأشجار، وهي الشجرة الوحيدة المثمرة في المنطقة، اللهم إلا إذا اسثنينا نباتات الصبار.
تتميز المنطقة بتساقطات مطرية ضعيفة وارتفاع في درجة الحرارة، أما مورد عيش السكان فيعتمد بالأساس على جني محصول شجرة أركان (تسمى أيضا تفيوشت) ورعي الماعز. كل هذه الخصائص جعلت السكان يبحثون عن أي مورد آخر، مما اضطر بعضهم إلى الهجرة نحو المناطق الداخلية أو نحو ديار المهجر، سيما فرنسا، تاركين أبناءهم وزوجاتهم هنا على أمل العودة والاستقرار نهائيا بالمنطقة (تمزيرت مسقط الرأس بلهجة المنطقة).
أما من لم يتسن له السفر، فلجأ إلى كراء أراضيه لشركات متخصصة في اقتلاع أحجار الرخام، وفي ذلك يقول (ح.ع) أحد السكان الدوار: «ظروف عيشنا قاسية، والوعود المقدمة كانت معسولة لدرجة جعلت الناس يلجؤون إلى هذا الحل، لأنهم اعتقدوا أن عملية القطع ستشمل الجميع، وهنا بدأت المشكلة والنزاع مع الشركة».
من هنا بدأت المشكلة
«تبدأ القصة يقول (أ.ع) في سنة 1987 حين اكتريت بقعة من أرضي ل(س.و) بعقدة كراء لمدة ثلاث سنوات مقابل أداء مبلغ 6000 درهم عن كل سنة. وبعد انقضاء هذه المدة، بدأ يماطل في إبرام عقدة كراء جديدة، وأصبح في الأخير لا يؤدي لنا مبلغ الكراء لمدة ناهزت 4 سنوات، مما أدى بنا إلى اللجوء إلى المحكمة، والتي حكمت لفائدتنا بأداء مستحقات، ولكن الحكم لم ينفذ إلى حدود الساعة»، وفي الموضوع نفسه يقول متضرر آخر (ح.ع): «لم أتقاض منذ 4 سنوات واجب الكراء، وقد حكمت لصالحي المحكمة في ملف الأوامر 1033/03 ضد شركة الفامار المملوكة ل(ل.و) بأن تؤدي لي المستحقات، ولكن لم أتلق إلى حدود الساعة ولو سنتيما».
أضرار ثم أضرار
مع توالي السنوات ومع استغلال الشركة الفاحش لأحجار الرخام، وجد السكان أنفسهم محاصرين بآلة قطع عجيبة لا يهدأ هديرها، خصوصا وأن صاحبها برلماني سابق، ومرضي عنه ومقرب. سألنا (ح.ع) عن الفوائد التي جناها السكان من الشركة (صاحبة ورش القطع) فقال: «الجماعة هي التي تأخذ حصتها دون أن تقدم للمنطقة أية إنجازات، فالطرق بقيت كما تركها المستعمر، وأما ما قدمه هذا المقلع فهو الغبار الذي يغطي أسطح البيوت، فضلا عن الضجيج المستمر الذي يقض مضاجعنا، وحتى أشجار الأركان فقد كساها الغبار، مما أدى إلى إضعاف منتوجها»، وهنا تدخل رجل كان برفقتنا (ح.ع) قائلا: «إن في الدوار 40 نطفية (خزان الماء)، وبما أن التساقطات المطرية القليلة تأتي من الجبل، فإن الماء يكون ملوثا، وطعمه متغير اللون، مما يجعله غير صالح للاستهلاك، إضافة إلى وجود طبقة سميكة من الوحل في قعر النطفية بفعل الرسوب التي تحملها مياه الأمطار».
إزاء هذا الخطر المحدق بالسكان، بذل هؤلاء مجهودات لإيقافه، وقد علمت التجديد من أحد المتضررين (أ.م) أن الأهالي رفعوا شكاية لدى المحكمة يتظلمون فيها من الأضرار الناجمة عن آلة الكسر، وتلا ذلك تكليف المحكمة للمختصين بإجراء خبرة تم إنجازها في 29 يناير ,2000 وبينت هذه الأخيرة أن مقلع الرخام يشكل خطرا على الفلاحة الجبلية أو على صحة المواطنين. و»لكن والكلام للشخص نفسه لم يؤخذ بنتائج الخبرة، وأجريت بالمقابل خبرة فلاحية مضادة بتاريخ 10 أبريل من السنة الماضية بناء على أمر من محكمة الاستئناف بأكادير»، وبالفعل أجريت في وقت خضعت فيه الشركة إلى منطوق الحكم الابتدائي بإزالة الآلة التي تطحن الأحجار، وأثناء ذلك أنجزت الخبرة بعد ما يزيد عن ثلاث سنوات من توقيف الآلة، وقد صبت هذه الخبرة في صالح الشركة، مما اضطر السكان المشتكين إلى إثبات حال المنجز في ملف الأوامر عدد 1010/2003 بتاريخ 30 دجنبر ,2003 الذي يثبت حالة اقتلاع أشجار الأركان، ومع ذلك بقيت الشركة تمارس عملها كما عاينت ذلك التجديد.
مجهودات السكان لم تقف عند هذا الحاجز، بل قدموا شكايات إلى كل من والي ديوان المظالم ووزير الفلاحة وكاتب الدولة المكلف بالبيئة، وقد لاحظ عليها المتضررون طابع التناقض فيما بينها، فرئيس المصلحة الإقليمية للمياه والغابات بتزنيت يقول في رده إنه لم يسجل أي قطع أو ضرر بشجر الأركان، والتي تمت تسميتها في نص الرد ب الهرجان!! مع أن إفادات الساكنة تقول إنه قطعت أزيد من 50 شجرة، وبأن صورا بحوزتهم تثبت ذلك، وتثبت أن الضرر تحصيل حاصل. ولمعرفة تفاصيل أكثر، حاولت التجديد الاتصال بمتفقد المياه والغابات بمركز الأخصاص لكننا لم نتمكن من لقائه.
"لّي فجهدك ديرو"
لم تكتف الشركة بعدم أداء ثمن كراء الأرض والأضرار الناجمة عن استغلال المقالع، و»لكنها عملت على فرض سياسة الأمر الواقع، من خلال الهجوم على أرض عائلة أوبيدا، كما يقول أحد أفراد العائلة في شكاية موجهة إلى وزير العدل يوم فاتح دجنبر ,2003 وعمدت الشركة إلى الترامي على ملك العائلة، مما اضطر هذه الأخيرة إلى التصدي والوقوف دون تحقيق ذلك، وهو ما جعل مدير الشركة يتصل بعناصر الدرك الملكي بالأخصاص، «ليتم اعتقالي يضيف صاحب الشكاية المذكورة لمدة ثلاثة أيام، وطلب مني الرجوع يوم 08 دجنبر 2003 للمثول أمام وكيل الملك، وهو الشيء الذي لم يتم، بحيث نقلت مع مجموعة من المعتقلين إلى المحكمة الابتدائية بتزنيت وتم حجزي في زنزانة الانتظار لمدة خمس ساعات دون المثول أمام السيد الوكيل، وأفرج عني، وهو ما فهمت منه أن اعتقالي كان تعسفيا".
تلاحم السكان
تركنا في مساء يوم الرحلة دوار إمهليون عائدين بخلاصة مفادها ما لمسناه من تلاحم قوي بين سكان الدوار، وكذا إصرارهم منقطع النظير على المطالبة بالحقوق، وعلى الرغم من أن المعنيين بهذا الكلام شيوخ تجاوزت أعمارهم الستين، إلا أنك تلمس فيهم روح الشباب من حيث التحدي والصمود وعدم الرضا بالدونية، والحب الكبير لمنطقتهم.
محمد بنيج?


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.