استنتج المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حصول ما أسماها بالتجاوزات والخروقات التي مست عددا من المتابعين أمام القضاء عقب أحداث السادس عشر من ماي الإرهابية. وخلص المجلس الاستشاري إلى هذا الاستنتاج من خلال مقارنته بين المعطيات المحصورة لديه والواردة في الشكايات والتقارير والملاحظات التي رفعتها المنظمات الحقوقية بشأن هذه الخروقات إلى المجلس، من جهة، وبين أجوبة الجهات الرسمية من جهة ثانية. ورأى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، طبقا للتقرير السنوي الذي أنجزه حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب عام 2003 وتوصلت التجديد بنسخة منه، أنه وقع هناك تجاوز مدد الحراسة النظرية بالنسبة لتسع حالات اعتقال، كما لم يتم إبلاغ العائلات بالنسبة للحالات التسع نفسها بأماكن اعتقال أقاربهم، مع حصول احتجازات غير قانونية فيما يتعلق بحالتان. وأضاف تقرير المجلس أنه بالرغم من أن محاربة الإرهاب بدون هوادة تعتبر أولى الواجبات إزاء الضحايا الأبرياء وتجاه سلامة المواطنين وأمن المجتمع، وأيضا بالرغم من أن هذه الحالات التي سجلت فيها الخروقات تظل محدودة، يقول التقرير، مقارنة مع عدد التوقيفات والاستنطاقات والمساطر المعروضة على القضاء، فإن الاحترام التام للقانون يجب أن يسود في جميع الظروف، مثلما يجب احترام الضمانات القضائية أيا كان الشخص المتابع أو طبيعة الجريمة. وفي ضوء ما سبق، يرى المجلس أنه منشغل ومطروح عليه ضمن أولوياته وضع آلية ضمن مجموعة العمل المكلفة بالحماية، تتولى التدخل الحمائي في الحالات المستعجلة، من ذلك تتبع سير المحاكمات عند الاقتضاء مع تمكينها من كافة الموارد البشرية والمادية الضرورية، كما أنه مطروح على المجلس إجراء نقاش حول دور وصلاحيات الأجهزة الأمنية الخاصة، وكذا التأكد من وجود المراكز التابعة للأجهزة الأمنية الخاصة التي كانت موضوع مؤاخذات وملاحظات المنظمات الحقوقية، والتي وردت بشأنها أخبار متقاطعة في صحف متعددة، وفق قول التقرير. أما بخصوص المحاكمات المترتبة عن أحداث 16 ماي، فقد ذكر التقرير أن المجلس لم يتتبع سير هذه المحاكمات من الداخل، لذلك سينكب على دراسة وتحليل الملفات القضائية المتعلقة بالمحاكمات المترتبة عن أحداث 16 ماي، وذلك بعد استنفاذ كافة طرق الطعن. وفي سياق متصل، سجل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وجود مؤاخذات من لدن الفاعلين الحقوقيين والقانونيين على قانون المسطرة الجنائية الجديدة، والتي أبرزت جملة من النواقص والسلبيات من منظور حقوق الإنسان بمفهومها العالمي، ومن أهم هذه المؤاخذات هناك طول مدد الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي بالمقارنة مع المعايير الدولية وبالنظر إلى قرينة البراءة، كما لا ينص القانون الجديد على ضرورة توفر قرائن كافية ضد المتهم لإصدار أمر معلل قانونيا وواقعيا باعتقاله. يشار إلى أن هذا التقرير السنوي، الذي يقع في 138 صفحة، يعتبر الأول من نوعه الذي يعده المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان ببلادنا عام 2003 بعد إعادة تنظيم المجلس. وقد صدر إلى جانب هذا التقرير تقرير آخر خاص بالأوضاع في السجون المغربية ستعود التجديد إلى تفاصيله في عدد مقبل. يونس البضيوي