لم تكن أحداثا عادية بجميع المقاييس، وإذا كانت لهذه الأحداث فقط فضيلة إحياء الأمة ورفع معنوياتها وإخراجها من الإحباط واللامبالاة الذي عرفته في السنوات الأخيرة، إن كانت لها فقط هذه المكرمة، فهذا مما يشرف المقاومة الباسلة التي أبداها المقاومون على أرض غزة. إن هذا الصبر الأسطوري وهذا التحدي الكبير الذي رأينه عبر شاشات العالم لأهلنا في فلسطين أمام آلة جهنمية تحسب من أعتى الآلات العسكرية في المنطقة، بل في العالم ليجعلنا نؤمن بأن طريق المقاومة والمواجهة والصبر والمصابرة والتحدي هو الطريق الذي يحقق الأهداف، فبعد ما وقع منذ سنتين في جنوب لبنان، هاهي المقاومة مرة أخرى تقول كلمتها في غزة، حتى لا يبقى ما وقع في لبنان عمل استثنائي ينظر إليه على أنه عمل شاذ يجب أن يحفظ ولا يقاس عليه، هاهي المقاومة في لبنان تؤكد بأن المقاومة ومواجهة العدو هي القاعدة وليس الاستثناء، وأن النصر نتيجة حتمية. هذه نتائج انعكست فعلا على الأمة الإسلامية، والمغرب جزء من هذه الأمة، لذلك فإن فعل المقاومة وروحها انعكس عاطفة جياشة على الشعب المغربي فخرج عن بكرة أبيه في مسيرات ووقفات تضامنية عبر سائر مناطق المغرب. ولا بد أننا نعيش الآن مرحلة جديدة في تاريخ الأمة، وينبغي أن يستنتج الجميع بأن هذه الأيام القلائل (أزيد من 20 يوما)، والتي عانى خلالها أهلنا في غزة ظروف التقتيل والتنكيل والدمار والتشريد، هذه الأيام كانت كفيلة بأن تغير نظرة الأمة إلى قضيتها ونظرة الشعب المغربي إلى قضية فلسطين، ورجعت لتتصدر مكانتها التي كانت لها دائما وهي أنها القضية المركزية.