بنك المغرب يُبقي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2.25%    المغرب يتفوق على إسبانيا ويصبح ثاني أكبر مورد للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي    بنك المغرب يتوقع نسبة تضم في حدود 1% خلال 2025 ليتسارع إلى 1.9% في 2026    ماكرون يُجبَر على السير نصف ساعة بعد منعه من المرور بسبب موكب ترامب    وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    بمقر الأمم المتحدة.. 6 دول جديدة تعلن اعترافها بدولة فلسطين    تدشين مصنع لصناعة المركبات المدرعة القتالية WhAP 8×8 ببرشيد    حتى "الجن"، حاول الهرب من الجزائر    إنريكي أفضل مدرب ودوناروما أفضل حارس مرمى    بونو فخور بترتيبه بين أفضل الحراس    هل ظُلم أشرف حكيمي في سباق الكرة الذهبية؟    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    بوريطة يجدد بنيويورك في لقاء مع دي ميستورا تأكيد ثوابت المغرب بشأن قضية الصحراء    دعم مغربي رفيع المستوى يعزز مكانة مهرجان "مينا" السينمائي بهولندا    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    صيادلة المغرب يعودون من جديد إلى التصعيد ضد وزارة الصحة..    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    الجزائر بين الاعتقالات والهروب: صراع الأجهزة الأمنية يبلغ ذروته    وفاة عاملتين وإصابة 16 في حادثة سير يجدد المطالب بتحسين ظروف عمل العاملات الزراعيات    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    والد لامين جمال: حرمان ابني من الكرة الذهبية "أكبر ضرر معنوي يمكن أن يلحق بإنسان"    أيت منا يرد على احتجاج الرجاء بخصوص مشاركة الوردي في ديربي الأمل    نيويورك: الباراغواي تعترف بسيادة المغرب على صحرائه وتعتزم فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد        أكنوش: بنكيران يوظف الإشاعة لضرب حكومة أخنوش    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    فوز الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي في دورتها 13    بوريطة يبرز من نيويورك مكانة المغرب ودور إمارة المؤمنين في صون الإرث النبوي.. في الذكرى ال1500 لميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    الشركة الجهوية المتعددة الخدمات للدار البيضاء-سطات تطلق مرحلة جديدة من خدمات القرب    رئيس مجلس جهة الشرق ورئيس جامعة محمد الأول يتفقدان أشغال إنجاز دار إفريقيا وتوسيع المركب الرياضي بجامعة محمد الأول بوجدة        غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى                توقيف فرنسي من أصول تركية بمطار محمد الخامس مطلوب دولياً في قضايا نصب وتبييض أموال    هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            الامم الأمم المتحدة.. المغرب يشارك بنيويورك في مؤتمر دولي حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    الدكتور أومالك المهدي مديرًا جديدًا للمستشفى المحلي بأزمور... كفاءة طبية وإدارية لتعزيز العرض الصحي    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يجتمع الإسلام والديمقراطية.. في إندونيسيا - بقلم صلاح الجورشي
نشر في التجديد يوم 28 - 04 - 2010

العرب الذين شاركوا في فعاليات المؤتمر السادس للحركة العالمية من أجل الديمقراطية، الذي عقد بالعاصمة جاكرتا من 11 إلى 14 أبريل الجاري، تملكهم إحساس غريب كان أشبه بفقدان الوزن وهم يستمعون للخطاب الذي ألقاه الرئيس الإندونيسي في جلسة الافتتاح. فرغم كونه من أبناء المؤسسة العسكرية ويستعد لإصدار ألبومه الثالث من أغاني البوب ليتبرع بمداخيله لجمعيات خيرية، فإنه عبّر عن وعي سياسي يختلف كثيرا عما هو سائد في البلاد العربية. لقد أكد اعتزازه بأن بلاده قد قطعت شوطا لا بأس به نحو ترسيخ قواعد النظام الديمقراطي الذي رأت فيه الاختيار الأفضل لإدارة خلافاتها الداخلية. ورغم الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها جزيرة بالي السياحية الجميلة، فإن القيادة السياسية لم تتخذ من تلك الأحداث الدامية مبرراً لإلغاء الحريات العامة وانتهاك حقوق الإنسان كما حصل في دول عربية كثيرة، وإنما على العكس من ذلك اعتبرت أن مزيدا من الديمقراطية يمكن أن يشكل عاملا حاسما في التغلب على مخاطر الحركات العنيفة.
لم تتبنَّ إندونيسيا الديمقراطية لحماية تنوعها العرقي والثقافي الواسع فقط، أو من أجل تنظيم التنافس على الحكم بين العشرات من أحزابها السياسية، وإنما اعتقادا من قبل نخبتها بأن الديمقراطية يمكن أن تساعد على تحقيق التنمية. هذا ما أكده الرئيس سوسيلو بابانغ يودويونو في كلمته، حين اعتبر أن الديمقراطية ليست حلا في حد ذاتها إذا لم تقترن بجهود تنموية ناجحة، وهو ما فعلته تجربة إندونيسيا في عهده، حين أصبحت ثالث دولة في العالم من حيث حفاظها على نسبة نمو عالية كانت في حدود %,12 وتتمتع بموقع نشيط ضمن مجموعة الدول العشرين الاقتصادية.
كذلك، بيّن رئيس أكبر دولة إسلامية في العالم، التي يبلغ عدد سكانها نحو 180 مليون نسمة، أن تجربتهم نجحت أيضا في إلغاء مظاهر التعارض بين الديمقراطية والإسلام، أي بين الهوية والحرية. وهو يعتقد بأنه لا توجد أي نزاعات واختلافات كبيرة بين الالتزامات السياسية والروحانية والدينية، مشيراً إلى أن بلاده تضم أحزابا سياسية إسلامية عديدة تؤيد بشكل كبير مفهوم الديمقراطية من وجهة نظر معتدلة في ظل الانفتاح الشعبي على الأديان والجاليات العالمية، معتبرا ذلك خطوة تعد البذرة الأولى لانسجام الحضارات في القرن الحادي والعشرين.
إن أغلبية السكان المسلمين من الإندونيسيين فخورون بانتمائهم إلى الإسلام، وهم يمارسونه على طريقتهم التي أخذت بعين الاعتبار خصوصيات تجربتهم التاريخية، لكنهم في الوقت نفسه لم يعملوا على إلغاء حقوق بقية الطوائف، ولم يسعوا إلى فرض الطقوس الدينية على المواطنين، ولم تتضمن وثيقة الدولة الجامعة التي هي بمثابة الدستور أية إشارة إلى الشريعة أو إلى كل ما يمكن أن يشير إلى إسلامية الدولة، وإنما تقيدوا بمبدأ حرية العبادة للجميع. وهو ما جعل الحركات الدينية المتشددة، رغم وجودها داخل البلاد وتوسعها أحيانا، تظل هامشية، ولم تنجح في افتكاك القيادة الروحية والسياسية للبلاد.
عندما نظم عمدة المدينة حفلا موسيقيا تكريما للمشاركين الذين قدموا من أكثر من مائة دولة، اعتبر في كلمة الترحيب أن من المظاهر السياسية التي يفتخر بها ويرى فيها مؤشرا على ترسخ تقاليد الحكم الديمقراطي، أن العاصمة جاكرتا قد شهدت 1200 مسيرة سلمية في أقل من سنة، أي بمعدل ما بين ثلاث وأربع مسيرات يومياً. وفعلاً، فإنك عندما تتجول في شوارع هذه المدينة العملاقة المكتظة بالسيارات والدراجات النارية، قد تعترض طريقك مسيرة طلابية أو عمالية أو غيرها من الفئات الاجتماعية والسياسية المعارضة للتوجهات الليبرالية للرئيس الحالي، الذي تراجعت شعبيته في الفترة الأخيرة على إثر التكلفة الباهظة التي قدمتها الحكومة لإنقاذ بنك محلي من الإفلاس، وذلك رغم إعادة انتخابه لدورة ثانية على إثر النتائج الاقتصادية المهمة التي حققها في دورته الأولى. لم يمنعهم أحد من ممارسة حقهم في التعبير أو التظاهر، رغم الاحتكاكات التي قد تحصل أحيانا بين المتظاهرين وقوات الأمن، وهو ما أدى مؤخرا إلى موت أحد المتظاهرين من أقصى اليسار...
هكذا تنضم إندونيسيا إلى دول إسلامية أخرى غير عربية مثل تركيا وماليزيا وإلى حدٍ ما باكستان، وبدرجات متفاوتة إلى ثلثي الدول الإسلامية إلى دائرة الأنظمة الديمقراطية رغم بعض الصعوبات والتعثرات. لم يحُل الإسلام دون تبني المنظومة الديمقراطية والانصهار فيها. المنطقة العربية هي الوحيدة التي لا تزال درجة الممانعة فيها عالية، نظراً لترسخ النمط الاستبدادي على الصعيدين الهيكلي والثقافي. وهو ما يستوجب البحث عن أسباب ذلك بعيدا عن القول بوجود تعارض بين الإسلام والديمقراطية.
عن العرب بتصرف
(ü)كاتب وصحافي تونسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.