بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات الأسبوع                مريدو "البودشيشية" يؤكدون استمرار منير القادري على رأس الزاوية    السكتيوي: المباراة أمام منتخب الكونغو الديمقراطية حاسمة    طنجة تتصدر الوجهات السياحية المغربية بارتفاع 24% في ليالي المبيت    اتلاف كمية من الفطائر (السفنج) الموجة للبيع في الشواطئ لغياب معايير الصحة    الحرارة المفرطة تفاقم أزمة المياه بالمغرب.. حوض ملوية في وضع حرج    بالسجادة الحمراء .. ترامب يتيح لبوتين عودة لافتة إلى الساحة الدبلوماسية    شركة غوغل تطرح أداة جديدة لحجز رحلات منخفضة التكلفة بالذكاء الاصطناعي    لفتيت يقضي عطلته بمراكش    حموني: سنة 2026 ستكون "بيضاء" على مستوى إصلاح أنظمة التقاعد والمقاصة    نادي برشلونة يمدد عقد مدافعه جول كوندي    برنامج "نخرجو ليها ديريكت" يناقش تحديات الدخول السياسي والاجتماعي المقبل    بوليف: التحويلات المالية لمغاربة العالم ينبغي ترشيد استثمارها ويجب إشراك الجالية في الانتخابات التشريعية    تغيرات متوقعة في طقس السبت بعدد من مناطق المملكة    أسعار النفط تسجل خسائر أسبوعية    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    ابتكار أول لسان اصطناعي قادر على استشعار وتمييز النكهات في البيئات السائلة    في بلاغة الغياب وحضور التزييف: تأملات في بيان حزب الأصالة والمعاصرة بالعرائش !    عادل شهير يوقع أحدث أعماله بتوقيع فني مغربي خالص    ملتقى الثقافة والفنون والرياضة يكرم أبناء الجالية المغربية بمسرح محمد الخامس بالرباط    كيف أنسى ذلك اليوم وأنا السبعيني الذي عايش ثلاثة ملوك    غاب عن جل الأحزاب    تطوان تحتضن انطلاقة الدورة الثالثة عشرة من مهرجان أصوات نسائية    سفارة الصين بالرباط تحتفي بالذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء بعرض وثائقي صيني    أوجار: مأساة "ليشبون مارو" رسالة إنسانية والمغرب والصين شريكان من أجل السلام العالمي    طلبة الأقسام التحضيرية يلوحون بالاحتجاج رفضا لطريقة توزيع مقاعد مدارس المهندسين    "الغارديان": هل مهد الإعلام الألماني الطريق لقتل الصحفيين الفلسطينيين في غزة؟    فوز مثير لليفربول على بورنموث برباعية في مستهل المشوار بالدوري الإنجليزي    الواحدي يقود جينك للفوز بثنائية في الدوري البلجيكي    النصر يعلن ضم كومان من بايرن ميونخ حتى 2028    هيئة: 105 مظاهرة في 58 مدينة مغربية نصرة لغزة واستنكارا لاستهداف الصحفيين الفلسطينيين    صحيفة أرجنتينية تسلط الضوء على عراقة فن التبوريدة في المغرب    صيادلة المغرب يعلنون التصعيد ضد الحكومة    تسويق 6.14 مليار درهم من منتجات الصيد البحري إلى غاية نهاية يوليوز المنصرم    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم يختم موسمه الرياضي بعقد الجمع العام العادي    النقابات تستعد لجولة حاسمة من المفاوضات حول إصلاح نظام التقاعد    بولمان.. اكتشاف ثلاث أسنان متحجرة لديناصورات عملاقة تعود إلى حقبة الباثونيان    مأساة وادي الحراش في الجزائر... دماء الأبرياء تكشف كلفة سياسات عبثية    راب ستورمي وحاري في "رابأفريكا"    دورة سينسيناتي لكرة المضرب: الكازاخستانية ريباكينا تتأهل لنصف النهاية على حساب بسابالينكا    زيلينسكي يلتقي ترامب في واشنطن    كيوسك السبت | البطاطس المغربية تعود بقوة إلى الأسواق الدولية في 2025    موسم مولاي عبد الله... تكدّس، غياب تنمية، وأزمة كرامة بشرية    نائبة رئيس محكمة العدل الدولية: الرب يعتمد عليّ للوقوف إلى جانب إسرائيل    كينيدي يخوض معركة جديدة ضد صناعة المكملات الغذائية في أمريكا    القصر الكبير: التنسيقية الجمعوية المحلية تدق ناقوس الخطر حول الوضع البيئي المقلق بالمدينة    الحكومة تراهن على "التوازن" بين رعاية الحيوانات الضالة والأمن العام    اختتام المؤتمر العالمي الخامس للتصوف بفاس بإعلان تأسيس "التحالف العالمي لأهل التصوف"    "كارثة طبية" أدت لوفاة العشرات في الأرجنتين    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخبير الاستراتيجي جاسم سلطان: قضية الاستحواذ التاريخية أننا نحن المنقذون للأمة ليس لها مكان من المصداقية
نشر في التجديد يوم 30 - 07 - 2010

يرى الدكتور والخبير الاستراتيجي القطري جاسم سلطان أن قضية الاستحواذ التاريخية أننا نحن المنقذون للأمة ليس لها مكان من المصداقية، لكن التحول عنها عملية ليست بالسهولة بمكان، إذ يحتاج ذلك في منظوره إلى جهد تربوي وجهد معرفي لإعادة هندسة المدخلات الثقافية، وأوضح سلطان في حوار لموقع الإصلاح أن أكبر مشكلة تواجه الحالة الإسلامية الآن أنها لم تغص عميقا في مقولاتها الكبرى وتناقشها، وأكد أن التغيير يحتاج إلى جرأة كبيرة جدا مثل أن نقول إننا لسنا بديلا عن المجتمع وليس شيئا آخر غير المجتمع الذي نعيش فيه، وهذا بدوره يقول سلطان يحتاج إلى شيء من الثقافة والوعي والتنظير يجعل له قوة دفع بديلة عن الأفكار القديمة، مؤكدا أن الحالة الإسلامية لكي تستمر في القيادة والتطور هي في حاجة إلى أن تنظر إلى اعتراضات الخصوم باعتبارها أسئلة حقيقية ينبغي أن تتعامل معها وتستفيد منها في تطوير قدراتها. وفي ما يلي نص الحوار:
معروف عن فضيلتكم التنظير في مشروع النهضة، هل هناك تفاعل مع هذا المشروع أم أنه لم يراوح مكانه بالنظر إلى الواقع وتحولاته؟
بالنسبة للمشروع بدأ بثلاثة أشخاص، وفي خلال أربع سنوات كان ما يقرب إلى 25000 ألف شخص في داخل المشروع، والآن عندنا 179 ألف شخص، وهناك انتشار تقريبا في كل الوطن العرب، بالإضافة إلى المحيط الموجود بالوطن العربي والمحيط الإفريقي كالصومال وكينيا وإثيوبيا، إضافة إلى دخوله على أجزاء من أوربا وعلى تركيا، إذا فالمشروع بالنسبة لنا يتحرك بشكل سريع ومتواصل، فبالنسبة لنا لا نشتكي من بطء لأن الحركة موجودة، وهناك انتشار كثيف.
إذا هل يمكن القول بأن قطار النهضة قد انطلق أم لازالت تعترضه عدة معوقات؟
إذا شئت أن تقول إن قطار اليقظة انطلق تكون أقرب إلى الصواب، لأن المرحلة التي نشتغل فيها هي مرحلة اليقظة، وهي تختلف في طبيعتها عن مرحلة النهضة، فهي تشكل مقدمة لحراك نهضوي كبير جدا لكن قطار اليقظة إن شئت أن تقول هو الآن بفضل الله قد انطلق انطلاقة كبيرة جدا في توقعاتي والله تعالى أعلم. أما كيف تسير الأمور فنحن نستهدف في هذه المرحلة كتلة بشرية تصل إلى 1 في المائة من الشباب العربي، وبالنسبة لحساباتنا قد تبلغ إلى مليون من الشباب، هذه الكتلة البشرية في تقديري سيتم إنجازها في خلال 8 سنوات القادمة إلى 10 سنوات، وستكون هذه المرحلة قد استوفت شروطها .
الكثير يلاحظ أن مرحلة اليقظة هذه طويلة جدا وتحتاج إلى كثير من الوقت، ألا ترى معي في ظل هذه التحولات التي تعرفها الصحوة الإسلامية بأننا تجاوزنا هذه المرحلة، وإذا لم نتجاوزها ألم تر بأنها فعلا قد طالت؟
بلغة المشروع الذي نشتغل فيه هي إلى الآن في بداياتها، قد يكون مشروع آخر وتصور آخر للمشهد لا خلاف في ذلك، نحن في المشروع قسمناه إلى مراحل كبرى نتمنى أن نمر بها، وذلك أن مرحلة الصحوة تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولذلك ما نشهده الآن من تحرك سيصب في مجال اليقظة. بمعنى آخر أن الشاب الذي كان مكتفيا بما عنده من معرفة الآن يستشعر أن هذه المعرفة ليست كافية لإطلاق طاقاته وممكناته، فهو يبحث عن المزيد من المعرفة ومزيد من المهارات، يبحث عن أمل جديد عن رؤية جديدة للمستقبل، وفي المشروع الذي نشتغل فيه نعتقد أن هذا متوفر، الآن الناس تستطيع أن ترى بوضوح أنه ستشق الطريق، ومداه الزمني محدد، وأنا في تقديري عندما نتكلم عن 8 أو 9 سنوات في عمر مشروع من نوعية المشروع الذي نشتغل فيه لإحداث وعي ليست بالكثيرة إذا أنجز فيها المشروع، وعندها ننطلق إلى الخطوة الثانية.
ما رأيك دكتور في القول القائل بأن مشروع النهضة لا يحتاج إلى نظريات وأفكار بقدر ما يحتاج إلى أفعال وسلوكات ملموسة؟
طبعا الناس التي تعتقد بأن العمل نقيض الفكرة هو خطأ في التصور، فما العمل إلا نتاج الفكرة، أما الوحيد الذي يشتغل بدون فكرة هو أجلكم الله الحمار أما الإنسان فهو ابن الفكرة، فمن اعتقد أن الفكر نقيض العمل فهو أقرب لمن يشبه الإنسان بالدابة، لكن إذا قيل أن ما عندنا من تصور نظري والكل الذي علينا أن نعمله فالواقع يكذب ذلك، ويقول قائل إن ذخيرتنا المعرفية مازال ينقصها الكثير جدا، وحتى الفضاء السياسي مازالت أسئلته مفتوحة، والديني مازالت أسئلته مفتوحة، وأيضا الفضاء الاجتماعي مازالت أسئلته مفتوحة ، ولذلك فان فضاء النظر والبحث أصبح مفروضا فما بالك بالنظري الذي يتحول إلى عملي مباشرة.
بالنسبة لعلاقة الإصلاح بالنهضة هل هناك تفاعل وتعاطي للحركات الإسلامية مع هذا المشروع النهضوي؟
تتفاوت الحركات الإسلامية تفاوتا كبيرا، بعضها وصل إلى درجة النضج ويعتقد أنه مساعد في الحل، فالذي عنده هذا الفضاء يعتقد أنه سيتعاون مع كل من يقدم حلا يفيد ويستفيد، وهناك من يعتقد أنه الحل ويجب ألا يكون بجواره أحد له رأي آخر، فهذا يضيق فضائه في التعاون مع أي شخص، والحق أنه ليس هناك شيء واحد بل هناك من داخل الحركة قد يوجد أكثر من فضاء، هناك فضاء متعاون وفضاء عامل ومؤيد، وهناك فضاء معارض ومشارك.
تعرفت على كثير من قادة العمل الإسلامي، كيف تقيم عملهم وأداء الحركات الإسلامية بصفة عامة؟
إذا قلنا كيف سنقيس فاعلية القيادات الحالية بالنتاج المتحقق على الأرض، فيمكن أن نقول مثلا إن قيادة مثل أردوغان مثلا نتائجها على الأرض مبهرة، ويمكن أن نقيس على ذلك فنقول من هو أداؤه سيء جدا لأن الفضاء الذي يتحرك فيه ضيق والمساحة المتاحة له لم يشغلها بعد، وهناك من يتقدم بالتدرج شيئا فشيئا ويحتل فضاءات جديدة، ويتحرك في فضاء الفكر والرؤية ومقاربة التحولات العددية، فالحالة الإسلامية ليست شيئا واحدا.
وإذا نظرنا إلى القيادات الكبرى، أندونيسيا مثلا ما شاء الله تشق طريقها بشكل كبير جدا وانتهت من قضية الصراع بين الإسلام والمجتمع، إذأصبحت هي والمجتمع شيئا واحدا، تركيا نفس الشيء وماليزيا أيضا، أما إذا جئنا إلى الفضاءات العربية سنجد تفاوتا، هناك من الحركات من هي مصطدمة جذريا مع البناء الاجتماعي الموجود وفي حالة شلل تام، وهناك من خلقوا فسحة للحركة ولرؤية العالم وللتواصل، فكل حركة في نظري تقدر بمنجزاتها على الأرض في بيئتها وظروفها المعطاة، ويمكن بعدها أن نقول إن البعض واضحة إنجازاتها، والبعض غير واضحة إنجازاتها، والبعض واضحة جدا إخفاقاتها.
بالنسبة لخصوصية تجربة حركة التوحيد والإصلاح، كيف تنظرون إلى تجربتها من خلال اطلاعكم على أوراقها التصورية خصوصا قولها إنها تسهم مع جميع الفاعلين في إقامة الدين؟
أعتقد أن هذه خطوة كبيرة جدا في رؤية المجتمع الذي تعيش فيه، وإن كان الفضاء الثقافي الصرف للجموع تنازعه عدة رؤى وليست رؤية واحدة، ففي حديث واحد مع شاب واحد تجد عندنا كل الرحلة التاريخية من التحولات داخل الحركات موجودة عنده، فالفكرة الانقلابية معها الفكرة التجميعية معها الفكرة التواصلية مع المجتمع، سنجد ثلاث فضاءات يعملون بالتناوب داخل العقل الجمعي، لذلك أعتقد أن فكرة أننا جزء من المجتمع و لسنا بديلا عنه تحتاج إلى خدمة نظرية كبيرة جدا، وإلى تأصيل معرفي، وإلى تربية وتثقيف جماعي، وأن تتحول من أقوال إلى ممارسات عملية منفتحة على هذه البيئة الخارجية، وعلى ما أشهد من نقاشات الآن في المغرب أظن أنه يتجه في هذا الاتجاه، ولكن اعتقد في أول خطوتين، فالخطوات الأولى الاعتراف بالآخر، أما كيف أن هذا سيسهم بعد ذلك في التواصل وإمكانية تشبيك بدون حواجز وبدون عقد نفسية فهذا موضوع آخر كبير جدا لم يتم بعد.
من أجل تنزيل المشروع النهضوي البعض يقول إنه بإمكان جهة ما أو شخص الانفراد بالعمل النهضوي، فكيف يمكن تحقيق التعاون والتكامل بدل انفراد جهة ما بعملية النهضة؟
هو أصلا الإصلاح اليوم لا يمكن أن تقوم به جهة واحدة، الجهة الوحيدة المرشحة لأن تقود تخطيطا مركزيا هي الدول، أما إذا جئنا إلى الفاعلين الآخرين، سواء كانوا أفرادا أو تجمعات فهم مسهمون، ومن ثم لا يمكن الإشارة إلى طرف بأنه يغني عن بقية الأطراف بالمطلق. الآن المسألة هي كيف تتعاون هذه الأطراف، هل هو تعاون إيجابي أو احترام أو تنافس سلبي في الفضاء العام الموجود؟ هذا يعتمد على ذكاء وعي الناس في فهم هذه القضية المبدئية، فقضية الاستحواذ التاريخية أننا نحن المنقذون للأمة، ونحن هنا تشمل تنظيمات محددة بعينها وأن الآخرين ليست لهم أدوار، أعتقد أنه ليس لها مكان من المصداقية، لكن التحول عنها عملية ليس بالسهولة بمكان، تحتاج إلى جهد تربوي وجهد معرفي لإعادة هندسة المدخلات الثقافية.
وكيف يمكن تحقيق مبدأ التكامل والتعاون مع الآخر في مشاريع النهضة ضدا على مشاريع الإفساد؟
أولا أن نزيل الأفكار القاتلة، وهذه مثل فكرة أننا شيء والمجتمع شيء آخر، نحن المصلحون وغيرنا المفسدون، الفكرة الثانية القائلة إننا نحن الحل وليس جزء من الحل، هذه فكرة أيضا قاتلة متداولة بكثافة تعيش في الفضاء العام، المسألة الثالثة أن نخلق نفسية وفضاءات للتعاون لا يهيمن عليها أحد، يعني أن نؤمن أنه من حق المجتمع أن ينظم نفسه دون أن نهيمن عليه ونحن سنساعده في أن ينظم نفسه، هذا فضاء لابد من خلقه إذا تضافرت عمليات القناعات مع عمليات التثقيف مع عملية الممارسات، هذه الثلاثية ستخلق لنا فضاء جديدا من التعاون، ولذلك نحتاج أن نقيس مصداقية الأفكار التي نطرحها بالواقع الذي نخلقه على الأرض.
تعرض على الإنسان عدة مشاريع نهضوية أو غير نهضوية، ولكن في بعض الأحيان تتصارع في ما بينها، وفي المحصلة تؤدي إلى نتائج معكوسة، كيف يمكن الوعي بهذه المعضلة ؟
من طبيعة الحياة أن الناس مختلفون، لكن الاختلاف درجات، هناك اختلاف تناقض، تعبر عن نفسها في صراعات سلبية تعيق حركة المجتمع مثل تيار اليسار مع الإسلاميين أو التيار الليبرالي مع الإسلاميين أو الإسلاميين مع الحكومات، هنا درجات تعارض لا تسمح لأحد الطرفين بأن يتحرك، وهناك مساحات مقبول جدا فيها الاختلاف التي هي اختلاف تنوع، ورؤى الناس تتعاون في المساحات المتفق عليها وتظل مختلفة في مساحات، هذا محمود ومقبول، أما الاختلافات الكبرى فهذه هي جوهر قضية التدافع، فأحد الفريقين يصبح لرأيه قوة دفع تدفع الطرف الآخر وتكتسب منه صحة، أو يقتنع الطرفان أنه لا مجال لتقدم العالم إلا أن يتم تعاون وهذا يقتضي نوعا من التنازلات بين الجميع.
بعض التنظيمات الإسلامية بدل تعميق التفكير في سبل التعاون والتكامل مع المشاريع الأخرى تدخل في صراعات ومعارك غير مجدية، كيف يمكن تنمية فكر التجميع بدل التفريق؟
أكبر مشكلة تواجه الحالة الإسلامية الآن أنها لم تغص عميقا في مقولاتها الكبرى وتناقشها، هي تظهر على السطح بشكل أفعال، ومن ثم تؤدي إلى ذات النتائج كالشخص الذي هو مقتنع أنه لن يصل إلى ما يريد إلا إذا شتم الآخرين عند قناعاته، قد يلبس ملابس رجل دين ويشتم الآخرين، وقد يلبس ملابس رجل إفرنجي ويشتم الآخرين، لذلك فتغييره للشكل لا يعني تغييره للمضمون لأن الممارسة ستكون واحدة، وفي كثير من الأحيان الحركة الإسلامية في نشأتها كانت مبنية على قضية التجمع للانقضاض، هذه الفكرة تغيرت مع الزمن إما بفعل القناعات وإما ضغوطات الواقع الخارجي؛ إما التجمع لتجمع وإما التجمع لاختراق المجتمع، لكن جوهر الأفكار هو واحد؛ نحن والمجتمع لسنا على وفاق ولسنا مقتنعين أن هذا المجتمع مجتمعنا بالدرجة التي تكفي أن نتقبله ونشترك معه في الفعل، ففكرة التجمع للانقضاض قد تخفف لكنها في جوهر الموضوع هي ذات الفكرة الأولى مع بعض التحويرات إذا لم تتم مراجعة هذه الأفكار الكبرى من الأساس وطرح بدائل لها توازي قوتها.
فالتغيير يحتاج إلى جرأة كبيرة جدا أن نقول إننا لسنا بديلا عن المجتمع وليس شيئا آخر غير المجتمع الذي نعيش فيه، نريد أن نسهم في بناء المجتمعات، في اعتقادي يحتاج ذلك إلى شيء من الثقافة والوعي والمعرفة والتنظير يجعل له قوة دفع بديلة عن الأفكار القديمة، وأن يعلن القطيعة مع هذا النوع من الأفكار، وتسحب منها مبرراتها التاريخية بحيث لا تعود تشغل على الواقع أو أن تعيد إنتاج نفسها في مظاهر أخرى .
هناك رؤى وتصورات منفردة وجذابة لكن السؤال هو كيف يكون التسويق الجيد والمثمر لهذه المشاريع؟
هي طبعا أدوات التسويق اليوم تعطينا بعض الدروس، إذا كان هنا منتج جيد فالخطوة الأولى أن يوضع ليشعر به الناس فقط، يشعروا أن هناك شيئا جديدا سيطرح أو مطروح، المرحلة الثانية أنه يصل إلى بعض الأيدي التي تختبره، ابتداء تنظر فيه تتكلم عنه تناقشه ثم يوضع في دائرة الضوء الكبرى، أن يلتقي به جمهور عريض عبر مؤتمر عبر ملتقى عبر ندوات كبرى بحيث أنه يدخل في دائرة الضوء عندها، فإذا كانت له قابلية التسويق الحقيقية يلتقطه الناس وينطلقون به وإذا لم تكن له يكون قد خرج من دائرة التداول إلا أنه منتج من المنتجات المطروحة في السوق، اليوم أدوات التسويق تساعدنا وأفكار التسويق تساعدنا كثيرا في أننا نستطيع أن نخترق بأي منتج المجتمع، بعد ذلك صلاحيته هل الناس تتقبله أم لا تتقبله ذلك مرهون بجودة المنتج الفكري.
قد يكون هناك خفوت وتراجع في المشروع النهضوي، فما هو السبيل لجعله محافظا على جاذبيته وقابلا للتطبيق بخطوات مدروسة ومحددة؟
أي مشروع في الكرة الأرضية طال عليه أمد وليس هناك ثمار حقيقية يفقد شدته وقوته، فالمشروع الشيوعي مثلا الواعد به التقدم في فترة من الفترات كان يحتل كل الفضاء ثم عندما لم ينجز وعده بدا يتآكل، والمشروع القومي في لحظة تاريخية كان الفضاء يحتله ولكن لما لم ينجز وعده خرج من دائرة التداول أو يكاد، والمشروع الإسلامي في حد ذاته سيمر عليه نفس الدور إما أن ينجز وعودا تستشعرها الناس وإما أن يصبح مشروعا يعتله الكلل، الآن الأفكار تتعب مثل الإنسان إذا استهلكت لمدة طويلة يصيبها التعب والكلل فتفقد حدتها، الذي نستطيع أن نفعله شيء بسيط هو أن نعد بشيء قابل للتحقق في فضاء زمني محدد، ولذلك عندما ننجزه نقول هذه مرحلة والمرحلة القادمة هذه مواصفتها، لكن الأطروحات المعاصرة تكون في أحيان كثيرة عبارة عن وعود مفتوحة إلى ما لا نهاية، يصلح أن تقال اليوم وبعد 100 سنة وبعد 200 سنة بذات الكيفيات بدون أن يسأل أحد متى سنستشعر إنجازا وما هو هذا الإنجاز، وبالتالي الناس تفقد الحدة والإصرار لأن ليس هناك مستهدف محدد، بل هناك شيء مفتوح.
أما قتل المشاريع فيكون عندما تفتح إلى ما لا نهاية، وتكون غير قابلة للمراجعة، إذا قيلت العبارة اليوم أو بعد عشر سنوات هي ذاتها، فإذا قلت مثلا نعمل وبعد 10 سنوات قلت نعمل وبعد 20 سنة قلت نعمل، الكلام هنا واحد لم يتغير لكن لو قلت إننا أنجزنا في العشر سنوات الفائتة المرحلة التي وعدنا بها وبعدها نتقدم إلى المرحلة الثانية وإن شاء الله سننجزها، هذا النوع من الخطاب يضع أمامك وضوحا شديدا جدا في المرحلة التي تريد قطعها، ومن ثم عندنا شيء نتحاسب عليه أنجزناه أم لا، وإذا لم ننجزه فلماذا وكيف نعيد النظر فيه؟.
بخصوص مسألة الوعي بالسنن وفقه الواقع، وأيضا مسألة التجديد والتطوير في الأفكار حتى لا يصيب قادة العمل الإسلامي نوع من الجمود وعدم تطوير الأفكار، كيف يمكن الحفاظ على هذه الحيوية والتجديد؟
الحالة الإسلامية حتى تستمر في القيادة والتطور هي في حاجة إلى أن تنظر إلى اعتراضات الخصوم باعتبارها أسئلة حقيقية وتتعامل معها وتطور قدراتها حتى تجيب على هذه الأسئلة، لكن عندما تتجاهل ما يقوله الخصم والخصم هو أكبر ناقد لأنه يستخرج أكبر قدراته ليشير إليك في المنطقة التي عندك فيها اختلال، فأنت إذا لم تنظر إلى هذه المنطقة التي يشير إليها وتتجاوزها تفقد القدرة على تطوير ذاتك لأنك تعيد إنتاج ما تعرفه، وهذه المنطقة تريد تجاهلها لأنها مؤلمة لسبب من الأسباب، والحالة الإسلامية إذا بدأت تنظر إلى اعتراضات العالم المحيط بها لأنها اعتراضات حقيقية وأن ما يقوله الآخرون ليس وهما، وهي تحتاج أن ترتقي ثقافيا ومعرفيا، وتحتاج أيضا أن ترتقي في خلق إجابات وبدائل عندها سيستشعر هؤلاء القادة أن هناك الكثير ليتعلموه، هناك الكثير لينظروا إليه ويعتبروا ليبنوا مستقبل أمتهم، وأنا لا أقول إن القادة الحاليين لا يفعلون ذلك لكن أقول على فرض أنه لا يحدث يفترض أننا نبدأ في النظر فيما يقوله الآخرون عنا بجدية كبيرة جدا.
حاوره: رشيد لخضر / جيهان الخياطي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.