الصناعة.. مناخ الأعمال يعتبر "عاديا" بالنسبة ل 77 في المائة من المقاولات وفق بنك المغرب    المسرحية المغربية "إكستازيا" تهيمن على جوائز الدورة 30 لمهرجان الأردن المسرحي    حجز أزيد من 23 ألف قرص مخدر بالدار البيضاء وتوقيف شخصين متورطين في ترويج الكوكايين والشيرا    المنتخب المغربي يفوز ودياً على الموزمبيق في افتتاح ملعب طنجة الكبير    ترقية استثنائية لشرطي بآسفي بعد تعرضه لاعتداء خلال تأمين محيط مؤسسة تعليمية    المنتخب المغربي يهزم موزمبيق وديا.. أوناحي يسجل أول هدف في ملعب طنجة بعد تجديده    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    المكتب المغربي للسياحة يستقطب المؤتمر السنوي لوكلاء السفر الهولنديين إلى المغرب    الجزائر.. إجلاء عشرات العائلات جراء حرائق غابات كبيرة غرب العاصمة    عبد الحميد صيام: قرار مجلس الأمن حول الصحراء حمل عدة نقاط تناقض تثير تبايناً واسعاً في قراءات أطراف النزاع    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    وفد كيني يستكشف الفرص بالصحراء    المغرب يُنتخب لولاية ثانية داخل اللجنة التنفيذية لهيئة الدستور الغذائي (الكودكس) ممثلاً لإفريقيا    إدارة مركز التوجيه والتخطيط التربوي تنشر معطيات تفصيلية حول الجدل القائم داخل المؤسسة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    ملعب طنجة.. الصحافة الدولية تسميه "ابن بطوطة" ومطالب محلية بتثبيت الاسم رسميًا    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    أمطار رعدية ورياح قوية بعدة مناطق    مبديع أمام محكمة الاستئناف: معاملات فلاحية وراء ثروتي.. ولست "شفاراً"    ملعب طنجة الكبير، صرح رياضي عالمي بمعايير "فيفا 2030"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    إحباط محاولة لاغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    بطولة اسكتلندا.. شكوك حول مستقبل المدرب أونيل مع سلتيك    أكثر من 170 لاعباً يحتجون في الدوري الكولومبي بافتراش أرض الملعب    فرنسا.. مقتل شقيق الناشط البيئي أمين كساسي في مرسيليا رميا بالرصاص    شَرِيدٌ وَأَعْدُو بِخُفِّ الْغَزَالَةِ فِي شَلَلِي    متابعة "ديجي فان" في حالة سراح    الصناعات الغذائية.. مسؤول حكومي: "التعاون المغربي-الإسباني رافعة للفرص أمام المصدرين المغاربة"    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    الحكم على سائق "إندرايف" سحل شرطيا ب11 شهرا حبسا وغرامة مالية    موقع عبري: الجالية اليهودية في المغرب تفكر في استخراج جثمان أسيدون ونقله إلى مكان آخر بسبب دعمه ل"حماس"    الملك يهنئ خالد العناني بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    استفادة "تجار الأزمات" من أموال الدعم.. الحكومة تقر بوجود ثغرات وتؤكد ضرورة تصحيح اختلالات المقاصة    تصفيات مونديال 2026.. مدرب إيرلندا بعد طرد رونالدو "لا علاقة لي بالبطاقة الحمراء"    عمال راديسون الحسيمة يستأنفون احتجاجاتهم بعد فشل الحوار ويكشفون "مقترحات مجحفة" لإقصائهم    ملكية واحدة سيادة واحدة ونظامان!    رشق الرئيس السابق لاتحاد الكرة الإسباني بالبيض في حفل إطلاق كتابه    بوعلام صنصال بعد الإفراج: "أنا قوي"    استطلاع: 15% من الأسر المغربية تفضل تعليم الأولاد على الفتيات.. و30% من الأزواج يمنعون النساء من العمل    إدارة مستشفى محمد الخامس بالجديدة توضح: جهاز السكانير متوفر والخدمات الطبية مفتوحة للجميع    بأغلبية 165 صوتا.. مجلس النواب يقر الجزء الأول من مشروع قانون المالية    سعيد بعزيز: لوبي الفساد تحرك داخل البرلمان وانتصر في إدخال تعديلات لفائدة مقاولات التأمين    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    مدير المخابرات الفرنسية: المغرب شريك لا غنى عنه في مواجهة الإرهاب    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    المسلم والإسلامي..    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سمات المنهج التجديدي عند الطاهر بن عاشور
نشر في التجديد يوم 21 - 11 - 2011

في سياق اهتمام المعهد العالمي للفكر الإسلامي في تتبع جهود الإصلاح والتجديد في حياة الأمة المسلمة؛ للإفادة من هذه الجهود في السعي نحو إصلاح الواقع المعاصر لهذه الأمة والخروج بها من حالة التخلف المشهود نحو النهوض الحضاري المنشود، فقد تجاوزت هذه الدراسة حدود الثناء والمدح وإبراز جوانب التجديد والإبداع لدى بن عاشور، حتى وصلت إلى نقد بناء لبعض اجتهاداته واستدراكا عليه، ثم اختيار قيمة هذا التجديد في ضوء المستوى الذي تطلبته الحالة الحضارية للمجتمع والأمة.
وفي ضوء ذلك قام د. فتحي حسن ملكاوي – المدير الإقليمي للمعهد – بتحرير هذا المؤلف الذي يضم مجموعة من الأبحاث التي تحدثت عن أبرز ملامح الإصلاح والتجديد في فكر (ابن عاشور).
التجديد والإصلاح
في فكر ابن عاشور
من ملامح الإصلاح الاجتماعي عند ابن عاشور أن جعل الأصل في تفاعل المجتمعات البشرية يمر عبر الدائرة الإيجابية، حيث نبه ابن عاشور إلى أن تعدد المجتمع البشري واختلاف الأماكن والظواهر السلبية للتفاعل طارئة وليست أصيلة، كما يرى أن نجاح الأمة في مسيرتها الحضارية مرهون بالإحساس بالمسئولية الشاملة بين الحاكم والمحكوم، وأن سياسة الأمة لابد أن تدور حول محور أساسي وهو الإصلاح، وإلا لا تعد صلاحا بل فسادا، وهذا ما جعل بن عاشور يقوم بالدعوة لتأسيس علم المقاصد كعلم مستقل عن علم أصول الفقه؛ ليكون لبا للفكر التجديدي الحضاري في تطوير المعرفة الإسلامية، والاستئناف الحضاري الذي من تجلياته الدعوة لإصلاح الأمة وإصلاح التعليم، ومن خلال تلك الآلية تفتحت لدى ابن عاشور آفاق التفكير بالإصلاح الجماعي المنطلق من الأمة بدل من التفكير الجزئي المتعلق بالفرد، ولم يكن هذا الفكر من باب المزايدات السياسية والاستهلاك الإعلاني، بل فرضتها المعايشة الميدانية واستوجبها التحليل العقلاني لواقع الحال، يرجع الفضل في ذلك للتآلف بين العقل والنص لديه، والذي أدى إلى وضوح المضمون واتساق المنهج، لذا فهو يعد من المثقفين الذين فهموا عصرهم، وتمكنوا من تحديد مواطن الجمود، الحث على تجاوزها من أجل الاستنارة والتقدم.
مفهوم المقاصد عند ابن عاشور
انطوى التوجه المقاصدي لدى بن عاشور على وعي نقدي للأسس التي انبنى عليها العقل الفقهي القديم، وعلى هاجس تطوير البناء الفكري للمنظومة التشريعية الإسلامية على النحو الذي يجعل من التشريع عامل تنشيط للحركة الحضارية، وعنصر تغذية لتقدم المجتمع الإنساني، ويجنب المسلم عوارض الصدام بين النص والواقع سعيا نحو تحقيق التوازن المطلوب بين موجبات الولاء لتعاليم الدين من ناحية، والاستجابة لمقتضيات التواصل الواعي مع متغيرات الزمان والمكان من ناحية ثانية، بما يتيح تحرير العقل الفقهي من أسر الأطر المغلقة للثقافة التقليدية والرفع من قيمة أدائه بمده بالآلات المنهجية والمعرفية التي تمكنه من امتلاك القدرة على مسايرة التحولات المتسارعة والانخراط القويم في مسار الحركة الحضارية التي لا تعرف التوقف ولا تعترف بالجمود والقعود.
على هذا المنوال كان يمارس ابن عاشور أنظاره الفقهية في التفسير والتقرير والإفتاء من تفعيل للمقاصد في النظر الفقهي، على أساس رؤيتين: رؤية تنطلق من الأساس الاعتقادي للمصلحة في الإسلام، لتعالجها في بعدها الدنيوي والأخروي؛ لأن نتائج الأعمال التي يأتيها المكلف تشمل الدنيا والآخرة، وبذلك سيطر على الفكر المقاصدي فيها هاجس التعميم، والرؤية الثانية يحصر صاحبها الكلام في الإطار الدنيوي لحياة الإنسان الفرد والحياة والمجتمع والأمة فتمكن بذلك لهاجس التخصص والتدقيق في الفكر المقاصدي. ولم يعتمد بن عاشور في استمداده المقاصدي بناءا على التشبع بها ونحن مجردون من أية عدة من الفهم والاستنباط للأحكام الشرعية ولكنه ركز جل جهده على القدرة الفهمية والاستنباطية المتمثلة في بذل الجهد الفكري والمنهجي في اكتسابها.
مع ابن عاشور وتفسيره
(التحرير والتنوير)
اتبع ابن عاشور في تفسيره منهجا يعتمد على تكوين علاقة مركبة من القارئ والنص؛ لأن النص القرآني في كثير من التفاسير وإن بدا حاضرا فإن حضوره شكلي يتضاءل أمام حضور القارئ وأهدافه، وقد لوحظ إلمام ابن عاشور بمراتب الدلالة اللغوية، وتحليله لقضاياها وفق المنهج التداولي، كما لوحظ إتباعه للآلية المقصدية، وتنسيبها في تحليل الخطاب القرآني وعنايته بها، وقد ألمع ابن عاشور من قدر أسباب النزول مبينا أهميتها وقراءاتها ودلالاتها، وحض على القراءة التفاعلية لآيات القرآن؛ حتى يتم الاستفادة منها مجسدا ذلك من حلال تفسيره.
وقد أسس ابن عاشور الأسس المنهجية في التحكم في العلاقة بين المفسر والنص، وضبط العلاقة بين الاستنباط ومسائل القصد والمراد، والمنطوق والمفهوم، وحركة اللفظ ومنطق المعنى، جاءت قواعد لتقف موقف إغراق الظاهر في التأويل، وإخراج الباطن عن كل القيود.
ومن الجوانب المهمة التي أولاها ابن عاشور بالغ أهميته: قضية رسم المصحف، وبعد دراسته لمسائله توصل إلى أن المصحف الذي بأيدينا اليوم هو المصحف الإمام الذي جمع في خلافة أبي بكر الصديق، ووزع على الأمصار ونسخ منه في خلافة عثمان رضي الله عنهما، وأن ما فيها من رسوم سنة متبعة عن الصحابة يلزم التمسك بها والعناية بها، وحدد للقراءة الصحيحة للقرآن ثلاثة شروط: صحة السند، وموافقة العربية، وموافقة خط المصحف ، كما يرى أن أهم أسباب تعدد أشكال رسم المصحف هو: عدم وجود قواعد متفق عليها في صدر الإسلام، من ذلك بناء الرسم على الوقف حينا وعلى الوصل حينا آخر، لكنه توقف عند ظاهرة هامة وهي: الحذف، وخصوصا في حروف المد الثلاثة، والزيادة والبدل والهمز والوصل والفصل. كل هذه المعالجات من ابن عاشور توضح تؤكد شمول المنهج التجديدي الإبداعي الذي اعتمده في فكره مع تمسكه بثوابت الشرع والمسلمات التي أجمعت عليها الأمة.
ومن القضايا المهمة أيضا في فهم ابن عاشور للقرآن، قضية النظم القرآني، حيث إنه لم يطبق فكرة النظم القرآني تطبيقا صحيحا، بل كان جل تركيزه على الإعجاز النظمي في القرآن وهذا وجه من وجوه النظم اشتبك فيه مع فكرة المناسبة في القرآن متماشيا مع فكر (الفراهي) في قضية النظم، ومن المعلوم أن نظم القرآن ليس مجرد إظهار الفصاحة والبيان داخل الآيات، بل يتعدى إلى إقامة منهج يظهر وحدة الموضوع في جميع السور القرآنية، وهذا العلم له فائدة عظيمة حيث يؤدي إلى الحاجة الدائمة للتحقيق والنظر والدقة في استخلاص لطائف نظم القرآن، وإن الذين يعتقدون أن القرآن ليس فيه نظم هم بذلك لا يعتقدون بوجود البلاغة والفصاحة في القرآن.
الإصلاح التربوي في فكر بن عاشور
وجه ابن عاشور نقدا لاذعا لطريقة التعليم وما أحاط بها من خلل، لما لاقاه من جوانب قصور تشمل العملية التعليمية بشكل عام، والشرعية بشكل خاص. وقد أوضح محددات أسباب الخلل لتأخر العلم والتربية في مؤسسات علم الشريعة منها كثرة المقحمات في ميدان العلم وإبعاد عناصره الأصيلة، وتوقف الإبداع والتداخل بين العلوم، والولع بالمسائل الخلافية، والطموح إلى المشاركة في جميع العلوم، بسبب شيوع العقلية الموسوعية. وفي هذا الجو شاع الاشتغال بالبحوث العرضية، والتشبث بآراء المتقدمين، ففشا التقليد، وفصل بين العلم والعمل، وأهملت المراقبة، فكان من نتائجه المباشرة التأليف لغير غرض العلم، وسرى بنا سرعة الخطو في مزاولة النقد من أفراد ليسوا أهلا له. وكان غرض هذا النقد ينصب أساسا على بعث مقاصد تلك العلوم في حياتنا المعاصرة، وتحقيق تلك المقاصد يفرض إصلاحا شاملا للتعليم في جميع مكوناته، إنه يتوخى التأسيس لفقه الرجوع بالأمة إلى أصل غايات علوم الشريعة الإسلامية، ويرى أنه يجب على المؤسسات التعليمية بيان تلك الغايات في برامجها ومواصفات رجالها والسعي إلى التحقق منها ثم تحقيقها في شعاب الحياة.
وقد امتلك ابن عاشور رؤية تعليمية شاملة، تمثلت في صياغة تجديدية للبرامج التعليمية تتصف بالثورة على المألوف، مثلما كانت جهوده في ضروب الإصلاح: الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، فقد زاول مهمته في إصلاح التعليم متعلما ومعلما، فعايش تجربته من الداخل، وكانت له نظرة ناقدة لأحوال العلوم الإسلامية وطرائقها وأسباب النهوض والانحطاط التي مرت بها ي مختلف الأزمان.
وقد أسهم ابن عاشور في تأصيل القيم العالمية الكبرى، على أساس نموذج معرفي غير تقليدي، ووضع معالم منهجية ومعرفية بهدف التأصيل منها:اعتماد الأمة وحدة التحليل، وتأسيس المقاصد علما مستقلا عن أصول الفقه، والصياغة الحقوقية للنظرة الفقهية بدلا من الصياغة الواجباتية، ومراعاة الفطرة الإنسانية.
ابن عاشور والسنة النبوية
اتسمت معالجات ابن عاشور للسيرة النبوية رواية، دراية، بالعمق والتوازن والتحقيق؛ إذ تآخت في هذا المنهج طريقة الفقيه وعقلية الأصولي المتشبع بمقاصد الشريعة، وتقنيات الصناعة الحديثة، وتدقيقات اللغوي الضليع، كما تحضر فيه رؤية متبصرة بسنن التاريخ، وأحوال الاجتماع البشري، وما لها من أثر ف فهم النصوص وإدراك مقاصدها، كما كان ابن عاشور مدركا أن السنة النبوية بيان للقرآن الكريم، وهي جزء من منظومة شاملة يؤسس لها القرآن الكريم ولذلك فإن فهم الجزئيات وآحاد الخطاب النبوي ينبغي أن يكون في ضوء تلك المنظومة الشاملة بكلياتها وقواعدها العامة ومبادئها الأساسية، وحدد ابن عاشور في الحكم على الحديث أحد عشر مقاما من مقامات السنة وهي: التشريع، الفتوى، القضاء، الإمارة، الهدي، الصلح، الإشارة على المستشير، النصيحة، تكميل النفوس، تعليم الحقائق العالية، التأديب. ويرى بن عاشور عدم الأخذ بالحديث الضعيف ولو في فضائل الأعمال، ومارس نقد السند والمتن.
مفهوم القيم عند ابن عاشور
أجاد ابن عاشور في إعادة عرض الشريعة الإسلامية من خلال اعتماد «المدخل القيمي «بدلا من «المدخل القانوني» وهذا الأخير هو ما دأبت عليه الحركات الإسلامية في العالم العربي بوجوب تطبيق الشريعة وتقنينها، بينما عمد الأتراك على اعتماد «المدخل القيمي» في مجال الممارسة السياسية، والذي يعد سريعا في تأثيره رغم صعوبته في التطبيق، ويعتبر من أفضل النماذج التي تمثل هذا العمق من المصلحين المجددين هو فكر الشيخ ابن عاشور؛ فلم يتناول القيم بوصفه متخصصا في مجال معرفي معين كما يتناولها المتخصصون في العلوم السياسية أو خبراء الاقتصاد، لكنه تناولها بصفة المنظر العالم بأصول المعارف والعلوم، ونظرا لأفقه المعرفي الواسع وسقفه المرتفع؛ أستطاع أن ينزع الكثير من العوائق الفكرية المتعلقة بمسألة القيم أمام التجارب الإسلامية المختلفة الاقتصادية والسياسية والثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.