بنسعيد: المغرب يراهن على صناعة الألعاب الإلكترونية لبناء اقتصاد رقمي قائم على الإبداع والشباب    جريمة جديدة بحق الطواقم الطبية.. إسرائيل تغتال مدير المستشفى الإندونيسي وعدد من أفراد أسرته بغزة    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    السجن المحلي بالعرائش: وفاة سجين معتقل على خلفية قانون مكافحة الإرهاب    تفاصيل تفكيك خلية "داعشية" تنشط بين تطوان وشفشاون    العدالة والتنمية: عناصر البوليساريو "مغاربة ضالين" وليسوا أعداء    تكريم عبد اللطيف بنشريفة من الجامعة الدولية بالرباط بالجائزة الدولية للجغرافيا بألمانيا    "البيجيدي": وهبي ألحق ضررا معنويا بمؤسسة القضاء بإصراره على محاكمة المهدوي    النفط يرتفع بعد تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    مجلس المنافسة: "مول الحانوت" يُسرع في رفع أسعار المواد الغذائية ويتأخر في خفضها    عثمان كاير: 87% من المستفيدين راضون عن الدعم الاجتماعي المباشر.. والمغرب على خطى التجارب الدولية الرائدة    عائلة برلوسكوني تبيع نادي مونزا الإيطالي لصندوق أمريكي    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تتهرب من مناقشة قضايا الغلاء والفساد وتحوّل البرلمان إلى مجرد هيئة شكلية    بودريقة يدان ب5 سنوات سجنا وغرامة ثقيلة في قضايا نصب وتزوير    كواليس تفكيك خلية إرهابية بايعت داعش وتدربت على المتفجرات في الجبال شمال المغرب    اعتراف دولي متزايد بكونفدرالية دول الساحل.. مايغا يدعو إلى تمويل عادل وتنمية ذات سيادة    التنسيقية المهنية للجهة الشمالية الوسطى للصيد التقليدي ترفع مقترحاتها بخصوص '' السويلة '' للوزارة الوصية    ممثل وزارة الخارجية في المناظرة الوطنية: الذكاء الاصطناعي أداة لبناء شراكات جنوب-جنوب مبنية على القيم والمصالح المشتركة    الرعاية الملكية السامية شرف ومسؤولية و إلتزام.    ياسين بونو.. الحارس الذي حوَّل المستحيل إلى تقليد في ذاكرة الكرة العالمية    ثنائية جيراسي تمنح دورتموند بطاقة العبور لمواجهة الريال في ربع نهائي المونديال    دورتموند يعبر مونتيري ويضرب موعدا مع الريال في ربع نهائي كأس العالم للأندية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع المدافع الإيطالي رودجيري قادما من أتالانتا    ترامب يحث حماس على قبول "المقترح النهائي" لهدنة 60 يوما في غزة    وقفة احتجاجية بسلا ضد الإبادة الإسرائيلية في غزة ومطالب بفتح المعابر        مجلس المنافسة: التجارة الإلكترونية تجذب المستهلك المغربي والشركات الغذائية تتجه للتسويق الرقمي    الحر يبدأ التراجع في أوروبا وترقب حدوث عواصف رعدية    روبرت كلارك يكتب في صحيفة التلغراف البريطانية: بريطانيا مطالبة بتصنيف "جبهة البوليساريو" منظمة إرهابية    طقس الأربعاء: استمرار الأجواء الحارة مع هبوب رياح قوية    تفكيك خلية إرهابية موالية لما يسمى بتنظيم "الدولة الإسلامية" تنشط بين تطوان وشفشاون    النائبة الفرنسية نعيمة موتشو: فرنسا ينبغي ان ترفع صوتها ضد الاعتقال التعسفي لمواطنيها في دول استبدادية مثل الجزائر    نيوكاسل الإنجليزي يعتذر عن مشهد مسيء في فيديو الإعلان عن القميص الثالث    31 قتيلا و2862 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    أطفال يفترشون الأرض أمام المركز الوطني للتخييم بالغابة الدبلوماسية.. مشاهد صادمة تستدعي تدخلاً عاجلاً!    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    سكان كتامة وإساكن يعيشون في ظلام دامس منذ أسبوعين.. والأجهزة معطلة بسبب انقطاع الكهرباء    كاريكاتير في مجلة "LeMan" في تركيا يشعل حالة غضب ويؤدي إلى اعتقالات واسعة    كأس أمم إفريقيا للسيدات (المغرب-2024): لاعبات المنتخب الوطني "متحمسات لانطلاق المنافسات" (خورخي فيلدا)    ساكنة حي اشماعو بسلا تستنجد بالسلطات بسبب سيارة مهجورة    مهرجان موازين يستقطب أكثر من 3,75 مليون متفرج ويحتفي بأزيد من 100 فنان عالمي    انطلاقة قوية للمناظرة الوطنية الأولى حول الذكاء الاصطناعي تُبرز طموح المغرب للريادة الرقمية (صور)    الريال يتخطى اليوفي بمونديال الأندية    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    الكشف عن الأغنية الرسمية لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    شيرين عبد الوهاب تتعثر فوق مسرح "موازين" وغادة عبد الرازق تصفق للظلّ    شيرين تهدد باللجوء الى القضاء بعد جدل موازين    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة    إبداع بروكسل يفك الحصار عن غزة    الصويرة تحتضن مؤتمر المدن الإبداعية 2026    الصحة العالمية تحذر: الهواتف ووسائل التواصل تعزز مشاعر الوحدة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الاقتصاد السياسي للمهرجانات - بقلم أبوالعراب عبد النبي
أبوالعراب عبد النبي
نشر في التجديد يوم 17 - 04 - 2012

ستلمت المغنية شاكيرا مقابل عرضها الغنائي في مهرجان موازين لعام 2011 ما قدره 7.72 مليون درهم. كما تقاضى المغني إلتون جون على عرضه ما يناهز 5.94 مليون درهم. وينتظر أن تتقاضى ماريا كاري في نسخة هذا العام ما يفوق 8 ملايين درهم، بعد أن تقاضت في 2008 المبلغ نفسه، ليبلغ ما ربحته هذه المغنية لوحدها ما يناهز المليار وثمانمائة مليون سنتيم من أموال الشعب المغربي.
وعلى الرغم من كون هذه الأجور التي يحصلون عليها مقابل ساعتين من الغناء تبدو لنا غير مقبولة وخيالية، فإنها أقل مما يمكن أن يتقاضاه هؤلاء المغنيون في دول البترول الغنية أو في المهرجانات التي ينظمونها لأنفسهم بشكل خاص في الساحات العمومية أو داخل الملاعب الرياضية في الدول المتقدمة.
إلا أن الأمور لا معنى لها إلا في إطار محيطها المباشر، الاقتصادي والاجتماعي والقيمي وغيرها (Approche systémique)، الذي يعطيها معناها الخاص والمقبول، حيث يمكن أن يكون لأي فعل معنى ما في إطار ثقافي معين، ومعنا مختلفا في إطار آخر. إن هذه الأجور يمكن أن يكون لها معنى مقبولا في العالم الغربي، الذي يعرف تقدما اقتصاديا واجتماعيا عاليا، تمكنت فيه الدول من القضاء على مظاهر الفقر والبؤس... ففي جل الدول المتقدمة، هناك أنظمة متكاملة توفر لكل مواطن حقوقا عديدة تحفظ له حقه في العيش الكريم والرقي الإنساني والاجتماعي، من التعليم والشغل والتعويض عن البطالة والحق في العيش في مجال بيئي سليم، وفي خدمات عالية في النقل والصحة ...
مقابل ذلك، فإن مظاهر البؤس والفقر والتعاسة تبدو عارمة وجارفة في مجتمعنا، على الرغم من أن قيم التكافل الاجتماعي والديني لا تزال تتفاعل بقوة في المجتمع المغربي، وتخفف من وطأة هذه المظاهر.
إنه إذا كانت هذه الأجور لها ما يبررها اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا وفنيا في الاقتصاديات المتقدمة، فإنها غير مقبولة تماما في مجتمعنا، والذي يفرض فيه فقه الأولويات الاجتماعية والاقتصادية أن نهتم بصرف الأموال العمومية فيما يضمن لأبناء شعبنا، والذين يبلغ عددهم الفقراء منهم 8.5 مليون نسمة في تعداد برنامج لاراميد الصحي فقط، سبل عيش كريم، يضمن لهم الحق في التعليم والصحة والسكن اللائق والعمل والأجر الكريم والتجهيزات الطرقية وغيرها...
إن مثل هذه الأجور تفضح بشكل صارخ انتصار قيم المال والتربح الفاحش في المجتمعات المعاصرة، ضدا على مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية، حيث انبرى المجتمع الغربي عن نظام سياسي واقتصادي فتح أمام الأشخاص والشركات أفاق للربح بلا حدود. والمعلوم أن القوة والمال ينتجان مزيدا من القوة والمال : كلما ازداد الإنسان قوة وثراء، كلما تمكن من سحق الآخرين واستغلال حاجاتهم.
والمطلوب هو العمل بقيم مختلفة، أساسها العدالة في تكافل فرص الانطلاق، وتحديد أفق أخلاقي للربح، على شاكلة ما يعمل به في قانون المنافسة، حيث تمنع الشركات الأكثر قوة في السوق من شراء منافسيها، وتمنع أيضا من تجاوز حصة معينة في الأسواق، بهدف منعها من القضاء نهائيا على المنافسة، الضمانة الوحيدة للحفاظ على مصالح المستهلكين.
إن المدافعين عن مهرجان موازين يجدون دائما ما يبررون به مواقفهم، باستعمالهم لحج الدفاع عن الفن والإبداع والانفتاح الثقافي. ولكن لا يمكن لهم بالمرة إيجاد الأجوبة الكافية إزاء سؤال الأولويات الاقتصادية والعدالة الاجتماعية لشعبنا.
إن التمويلات التي يحصل عليها هذا المهرجان من أموال الشركات العمومية والجماعات المحلية، أو بالأوامر التي توجه للأرباب الشركات الخاصة باقتناء المئات من التذاكر والذين يمتثلون خوفا على ممتلكاتهم من هجوم المتنفذين في هذه المهرجانات الذين باستطاعتهم تلفيقهم كل أنواع التهم، يجب أن تخضع للحساب الصارم لمعيار هذه الأولويات التي وحدها يمكن أن تعطينا الجواب عن مدى تجاوب هذه المهرجانات مع الحاجيات الأساسية للشريحة العريضة للشعب المغربي عموما، وللثمانية مليون ونصف من الفقراء المعدمين في بلادنا خصوصا.
ولعل استنكار كل المناهضين لهذا المهرجان من جهة وتعنت المنظمين له من جهة أخرى ما هو إلا تعبير عن هذه المفارقة في الأولويات والقيم والحاجات. فالأولون ينظرون إلى كل مظاهر العوز والفقر والتهميش والتخلف الذي تطال كل أطراف المجتمع المغربي، ويرغبون في صرف أموال المغاربة في النهوض بوطنهم من أجل تحقيق الأساسيات الضروريات للمواطنين في معاشهم، وما هذه المهرجانات التي تضيع فيها الملايير بالنسبة لهم إلا من قبيل «الجيعان الذي يريد خاتما».
أما الآخرون، فيحكمون بمنطق الشبعان، الذي تتوفر له كل الشروط الأساسية، الباحث عن الكماليات الفنية والترفيهية.
لكن الأكيد أن مناهضي هذا المهرجان هم أقرب إلى هموم غالبية الشعب المسحوق، ومتمثلون لأولوياته وحاجاته في صرف الأموال العمومية. أما منظمي هذا المهرجان والمدافعين عنه، فهم تعبير عن هموم أقلية، منقطعة عن أولويات غالبية الشعب المقهور، تعيش دورة متقدمة من الحقوق، وتريد أن تبدد أموال الوطن والمواطنين في إشباع نزواتها الفنية والموسيقية.
أستاذ باحث Mundiapolis Université


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.