نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرَد مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    المغرب يحتفي بيوم الجالية بشعار التحول الرقمي    بلدية إسبانية تتخذ قرارا مثيرا للجدل بحق المسلمين    أخنوش يحث وزراءه على ترشيد النفقات وإعطاء الأولوية للاستثمارات ذات الأثر الكبير    بطولة أمم إفريقيا للمحليين.. بوابة اللاعبين المحليين صوب العالمية    حماس: "احتلال غزة جريمة حرب مكتملة الأركان"    المغرب يصدّر أول شحنة من القنب الهندي الطبي نحو أستراليا    هولندا.. مصرع قاصر في اطلاق نار بمدينة امستردام    مقاييس الأمطار المسجَّلة بطنجة ومناطق أخرى خلال ال24 ساعة الماضية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    مدافع برشلونة إينيغو مارتينيز في طريقه إلى النصر السعودي    بطولة إسبانيا.. ليفاندوفسكي مهدد بالغياب عن افتتاحية الموسم بسبب الاصابة    السلطات تحجز بالفنيدق طنا من البطاطس مجهولة المصدر وغير صالحة للاستهلاك    الولاة يحصلون على صلاحية الترخيص بنقل الأسلحة والتجهيزات الدفاعية    جبهة تحرير فلسطين تعلن مقتل وشاح        لطيفة رأفت تعلق على "إلغاء حفلين"    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"    المغرب بين أكبر خمس دول مصدرة للتوت الأزرق في العالم    العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة        سان جرمان يتوصل الى اتفاق مع ليل لضم حارسه لوكا شوفالييه    واشنطن تعلن عن جائزة 50 مليون دولار مقابل معلومات للقبض على الرئيس الفنزويلي    وقفة احتجاجية بمكناس تنديدا ب"سياسة التجويع" الإسرائيلية في غزة    مئات الأطباء المغاربة يضربون عن الطعام احتجاجا على تجويع إسرائيل لغزة    العقود الآجلة للذهب تقفز إلى مستويات قياسية بعد تقارير عن رسوم جمركية أمريكية على السبائك    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الفرقة الوطنية تستدعي الكاتب العام لعمالة تارودانت على خلفية شكاية البرلماني الفايق    المؤشرات الخضراء تسيطر على افتتاح بورصة الدار البيضاء    مسؤول أممي يرفض "احتلال غزة"    "أوبن إيه آي" تقوي الذكاء الاصطناعي التوليدي    مدرب الرجاء يمنح فرصة لأبريغوف    المغرب على رادار البنتاغون... قرار أمريكي قد يغيّر خريطة الأمن في إفريقيا    كيوسك الجمعة | المغرب يحرز تقدما كبيرا في الأمن الغذائي    الدرهم المغربي بين الطموح والانفتاح النقدي... هل يطرق أبواب "العملات الصعبة"؟    المال والسلطة… مشاهد الاستفزاز النيوليبرالي    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    عمليتا توظيف مالي لفائض الخزينة    ضمنهم حكيمي وبونو.. المرشحين للكرة الذهبية 2025    المنتخب المغربي المحلي يستعد لمواجهة كينيا    تدخل أمني بمنطقة الروكسي بطنجة بعد بث فيديو يوثق التوقف العشوائي فوق الأرصفة        الملك كضامن للديمقراطية وتأمين نزاهة الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسات    الماء أولا... لا تنمية تحت العطش    تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي        صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغرب نموذجاً وبرهانا
نشر في التجديد يوم 14 - 10 - 2003

يشكل الغرب بالنسبة للتحديثي العربي نموذجا و برهانا في الوقت نفسه. نموذجاً للحداثة الناجزة المطلوبة و برهاناً على إمكانية تحقيق هذا النموذج واقعياً. وهذا بعد أساسي في النظرة الحداثية.
هذا النموذج لم تتم صياغته بالدقة المطلوبة نظرياً. هو أولا يختلف بين تحديثية وأخرى باختلاف تفضيلاتها الأيديولوجية و باختلاف الدول التي يفضل التحديثي العربي أولا يفضل اتباع نموذجها والحيك على منوالها أو بالأحرى الارتباط (ثقافياً و أحياناً سياسياً و اقتصادياً) بها أو عدم الارتباط.
وهكذا فثمة نماذج كثيرة للتحديثية العربية تعبر عن برنامجها أو أمنيتها الاجتماعية: بين اللبرالية و الاشتراكية و النموذج السلطوي التابع الذي لا يحاول حتى بناء نظرة متماسكة تصمد و لو للقليل من المحاكمة المنهجية.
وكون الغرب قائماً فعلاً يشجع عدم الدقة في بناء النموذج التحديثي إذ أن الإعادة إلى هذا الواقع تسد الثغرات النظرية في النموذج كما يعفيك من وصف شخص ما مثوله أمامك!
وإن جئنا للنظر في الغرب- البرهان فسوف نجد التحديثي العربي يعد وجود الغرب في الواقع برهاناً على صوابية النظرية التحديثية و إمكانية تحقيق مطالبها و في أحوال حدية على حتمية السير باتجاه التحديث.
لعل المفكرين في أوروبا و أمريكا لم يتفقوا لحد الآن على تفسير السير الغربي الذي أوصل الغرب إلى ما هو فيه الآن اعتبارا من عصر غزو أمريكا والدوران حول رأس الرجاء الصالح وسقوط الأندلس، فثمة النظرية الماركسية بتأويلاتها المتعددة و هي نظرية كانت الحتمية التاريخية هي المعلم البارز في النظام النظري في تيارها السائد وثمة نظريات اجتماعية تميل إلى المزج بين العامل الاقتصادي و العامل الفكري و ثمة نظريات مترددة بين المادية والمثالية كما هو الحال في فرضية ماكس فيبر بشأن العلاقة بين البروتستانتية و روح الرأسمالية.
لا يبدو وضع التحديثية العربية متردداً بالقدر نفسه: من التحديثيين من يرى -شأن كل مثالي- أن مسألة اختيار النهج الأوروبي هي مسألة إرادة أساساً- إذا أردنا أن نكون مثلهم علينا أن نقلدهم والطريق فذة واحدة ليس فيها تعدد: نسير سيرة الأوروبيين في كل شيء كما قال طه حسين.
ومن التحديثين من يرى أن المسألة ليست مسألة إرادة و إنما هي مسألة حتمية تاريخية من نوع ما (ليس على طريقة المادية التاريخية بالضرورة) مثلا: إن الحداثة تغزو العالم، العالم تحول إلى قرية صغيرة، العولمة حتمية (هذه هي الموضة الآن).
إذا كان المفكرون الأوروبيون لم يتفقوا على تفسير كيفية قيام المجتمع الأوروبي الحديث فعندنا بالمقابل من يفسر الماء بالماء والغرب بالغرب ويبدو- بدون إدراك للمفارقة- راضياً كل الرضا عن هذا الدور كما يقول المناطقة. ودوما لك أن تلاحظ أن وجود الغرب الواقعي يشكل برهاناً ويساعد في قمع كل اعتراض منهجي فالقضية رابحة سلفا والمسألة مبرهنة حتى قبل البدء بالبرهنة.
هم يعددون مجريات أحداث متسلسلة للتاريخ الغربي و يعدونها أسباباً: الإصلاح الديني، الثورة الصناعية، نشوء البرجوازية وسيطرتها، عصر التنوير والقضاء على الهيمنة السياسية والفكرية للكنيسة، نشوء الديمقراطية التمثيلية المعاصرة والحريات الفردية، تحرر المرأة...لا يهم إذا كانت ثمة أحداث أخرى لا تعجبنا فبإمكاننا حذف هذه الأحداث و تبقى السلسلة التاريخية منطقية بلا تأثر كما يبقى معنى النص بعد حذف جملة اعتراضية أو حرف جر زائد.
مهمة المثاليين الذين ذكرناهم أولا هي بلا شك أسهل، فاقتراح الإصلاحات ممكن دوماً و تنفيذها- بوجود سلطة مناسبة- ممكن أيضاً. أما المشكلة فهي عند الذين يرون أن الحداثة الغربية لها شروط (اجتماعية- اقتصادية- فكرية...إلخ) إذ أن مسألة تحقيق هذه الشروط هي مسألة أصعب من مجرد مسألة الوصول إلى سلطة القرار. والبحث في مشكلة هؤلاء ليس مشكلتنا نحن الآن فنحن نريد هنا فقط إلقاء الضوء على مكونات النظرة التحديثية العربية.
سبب الغرب هو الغرب، هذا يعني أن الغرب هو كذلك لأنه يتكون من مكوناته القائمة! الحداثة تتكون من ديمقراطية تمثيلية و تقدم صناعي وحريات فردية وهذه المكونات هي أسباب قيام الحداثة أيضا.
غير أن هذه النظرة الموضوعية، الوضعية، هي نظرة تقييمية أيضاً: إن هذه المكونات هي التقدم. هي وصول الروح إلى ذروة تطورها الجدلي.
وحين تسأل التحديثيين عن أحداث كبرى في التاريخ الأوروبي والأمريكي: إبادة الهنود الحمر وسرقة العبيد من أفريقيا، الاستعمار المطبق على المعمورة، العنصرية الفكرية... لا يبدو عليهم أنهم يعدون أسئلتك جزءا من جوهر الموضوع إذ أن هذه الأحداث هوامش في هذا التطور الإنساني الإيجابي، هوامش بمعنيين:
1 إنها لم تكن جزءا مكونا في هذا التطور .
2 إنها اختفت دون أن تترك أثرا على الواقع الموجود، الماثل أمامنا.
محمد شاويش
كاتب من فلسطين يقيم في ألمانيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.