صفعة إفريقية للجزائر : حزب «رمح الأمة» الجنوب إفريقي يؤيّد الحكم الذاتي المغربي    إعفاء واليي فاس ومراكش بعد مخالفة توجيهات عيد الأضحى    أستراليا تهزم السعودية وتتأهل إلى كأس العالم 2026    توظيف مالي لمبلغ 2.4 مليار درهم من فائض الخزينة    انطلاق عملية "مرحبا 2025" لاستقبال المغاربة المقيمين بالخارج    فضيحة "قيلش" تُطيح برئيس جامعة ابن زهر والميداوي يعين مسيرا مؤقتا    سكان تامدروست يطالبون بفك العزلة المائية    جمعية مغربية تندد بتشويه الإعلام الجزائري لحقائق التهجير القسري وتدعو لتحرك دولي    طاهرة تعود بقوة إلى الساحة الفنية بأغنية جديدة بعد غياب طويل    المؤسسات ‬المالية ‬في ‬المغرب ‬تدق ‬أجراس ‬الإنذار‬وتنبه ‬إلى ‬خطورة ‬التصيد ‬الاحتيالي    قراءة حقوقية وقانونية لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بترحيل المهاجرين غير النظاميين    الأرقام الجديدة تؤكد ريادة 'ميد راديو' ضمن الإذاعات الخاصة وتحقق تقدما ملحوظا من حيث نسبة الاستماع التراكمية أو من حيث الحصة السوقية    قطاع التجارة: 68 في المائة من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات    الجامعة تكشف عن مواعيد مباريات دور ربع نهائي كأس العرش    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    تتويجا ‬لجهود ‬المملكة ‬في ‬الاستثمار ‬الاستراتيجي ‬والرؤية ‬الواضحة ‬لتعزيز ‬قدرة ‬البلاد ‬التنافسية ‬واللوجستية..‬ ميناء ‬طنجة ‬المتوسط ‬يواصل ‬مشوار ‬التألق ‬و ‬الريادة    مزور: لدينا إمكاناتٌ فريدةٌ في مجال الهيدروجين الأخضر تؤهّلنا للعب دورٍ محوريٍّ في السوق الأوروبية    الوزيرة السغروشني: الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعمل على تسريع بروز كفاءات تتماشى مع تحديات المستقبل (صورة)    أفق ‬الحل ‬السلمي ‬للقضية ‬الفلسطينية ‬لا ‬يزال ‬مفتوحاً ‬أمام ‬المساعي ‬الدولية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    وداد فاس يبلغ نصف نهائي كأس التميز على حساب نهضة بركان    أعمال الشغب في لوس أنجليس: فرض حظر تجول ليلي لعدة أيام    لأول مرة.. المغرب ينال أعلى تصنيف للضمانات النووية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية    لفتيت يعفي والي جهة مراكش آسفي    اعتصام إنذاري للنقابة الوطنية للعدل أمام وزارة العدل بالرباط    كيوسك الأربعاء | الداخلية تجري اقتراعا جزئيا لملء 80 مقعدا شاغرا في 68 جماعة    توظيف الدرونات للحد من انتشار الحشرات الضارة بعمالة المضيق الفنيدق ومرتيل    الصين تطلق ثورتها الكهربائية من المغرب: استثمارات ضخمة وشراكات استراتيجية تؤسس لعهد صناعي جديد    مانشستر سيتي يعلن تعاقده مع اللاعب الهولندي تيجاني رايندرس    "العهر السياسي" و"الاعتقالات".. فيدرالية اليسار تندد بالهجوم على أعضاءها ومنتخبيها الجماعيين    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    الولايات المتحدة.. محكمة الاستئناف تقرر الإبقاء على الرسوم الجمركية المفروضة من طرف الرئيس ترامب    ماسك: تجاوزت الحدود بانتقاد ترامب    الوداد يستعد للموندياليتو بالسومة    ترامب يدعو أوروبا لمكافحة الهجرة    مهنيو صنف السويلكة بالجديدة يعبرون عن احتجاجهم و رفضهم لمقترح مشروع تهيئة مصايد الصيد لوزارة الصيد البحري    النائب البرلماني يوسف بيزيد يتدخل لنقل جثمان مغربي من الجزائر الى ارض الوطن    تفعيل رادارات آليه ترصد المخالفات في اتجاهي السير معا    المنتخب المغربي يقترب من نادي العشرة الكبار في تصنيف "فيفا"    طقس المغرب: زخات رعدية قوية مصحوبة ببرد ورياح مرتقبة بعدد من المناطق    متحور كورونا جديد شديد العدوى والصحة العالمية تحذر..    الفنان نوردو يشارك لأول مرة في موازين ويعد جمهوره بعرض استثنائي    ارتفاع تكلفة كراء قاعات قصر الفنون والثقافات بطنجة والجمعيات أبرز المتضررين    نصائح صيفية مفيدة في تفادي لدغات الحشرات    أمريكا تقيل أعضاء لجنة استشارية معنية باللقاحات    دراسة: الكافيين يحفظ الجسم والعقل مع تقدم السن    مغني الراب مسلم يثير غضب المغاربة بعد غنائه عن الخمر    إحالة تقارير مجلس الحسابات على الشرطة القضائية ترعب رؤساء جماعات    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    حصري من قلب إيطاليا.. صناديق مقفلة على الفراغ: استفتاء الجنسية الأصوات الغائبة عن إنقاذ وطنٍ يحتضر ببطء    البوجدايني يقود وفدا سينمائيا رفيعا بمهرجان آنسي لتعزيز إشعاع سينما التحريك المغربية    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    









ثقافة الجلوس في المقهى
نشر في أزيلال أون لاين يوم 27 - 07 - 2011

إن مفهوم الجلوس في المقهى , مفهوم دخيل على الثقافة المغربية الحديثة , وقد ارتبطت الفكرة نفسها بظهور نمط من التفكير البورجوازي الغربي الأوروبي الاستعماري للمغرب إبان عهد الحماية , وقد ترسخت ثقافة الجلوس في المقهى, بظهور الطبقة الإقطاعية أصحاب المنازل الفخمة وملاك الأراضي و الضيعات الشاسعة على حساب الطبقة الكادحة من خدام وخادمات راحة وهناء وسعادة هده الطبقات المحظوظة في المجتمع المغربي خلال القرنين الماضيين .
لقد تفشت هده الظاهرة في المجتمع المغربي , حتى بات أن اللجوء إلى المقهى من اجل تناول فنجان قهوة –نص , نص –أو اشتعال سيجارة بدرهم أو درهمين بالتقسيط تعبير غير مباشر عن الأبهة و الانتماء إلى الطبقة الميسورة والمحظوظة في المجتمع . وانتشرت المقاهي خاصة في الشوارع الكبيرة والإستراتيجية التي يمر بجانبها الجنس اللطيف وتلميذات التعليم الثانوي الإعدادي و التاهيلي أو الطالبات الجامعيات ... وظن الجالسون أنهم بدلك يصبحون أفرادا متميزين , لهم تخصص في تناول أصناف البن الجيدة , وقد يدخلون في نقاش سفسطائي مع النادل صاحب ربطة العنق حول جودة الفنجان المقدم لهم , أو طريقة تسديد ا لديون اليومية .لكن حقيقة الجلوس في المقهى لا تعكس الوجه الحقيقي للزبون المغربي الذي يلجا صباح مساء إلى هده المقاهي المتعددة والمتجددة الانتشار في ثقافتنا المغربية . صحيح أن هناك تعدد في نوع الزبناء الدين يفضلون الجلوس في المقاهي , وقد تدخل صدفة إلى مقهى معين , فتلاحظ زبناء عديدون , يتحدثون وسط دخان متصاعد من كل زاوية , والهرج والمرج , وكأننا في حانة خمرية , أو في عهد العصر العباسي الثاني حيث المجون والرقص والغناء , والجواري نصف عاريات يسألن الزبناء نوع الفنجان المحبوب لهم . والغريب في الأمر أن المقاهي مصنفة هي أيضا , حسب الطبقة التي تالف الجلوس فيها , ونوع الحوار الذي يتناوله الجالسون , والدي غالبا ما ينتهي بدون خلاصات , كل زبون يدعي انه يعلم أكثر من محاوريه , وخاصة حين يتدخل السماسرة في النقاش والدردشة .
ومن الطرائف الواقعية في هدا المجال أن طالبا سنغاليا استضافه زميل له في بني ملال , ولما كانا يتجولان وسط المدينة , استرعى انتباه هدا الضيف كثرة المقاهي , ونفس الوجوه الجالسة على الكراسي الفخمة , فسال الملالي : هل هؤلاء الجالسون , كل يوم في هده المقاهي لا يعملون ؟ . أجابه الزميل : بالعكس يعملون , طيلة اليوم , وفي المساء يجلسون في المقاهي للراحة والتمتع بالقهوة النفيسة والسجائر الرفيعة . ختم السنغالي الحوار قائلا : والله إنهم طبقة ميسورة ومحظوظة في المجتمع المغربي . أما نحن في السنغال , لا نجلس في المقاهي , وليست لنا كل هده الأموال لكي نجلس في المقاهي .
وهناك رجال عزاب , لا يعودون إلى منازلهم الضيقة إلا في أوقات متأخرة من الليل , يجدون متعة ولذة في الجلوس بالمقاهي , كما يتأخر كثير من الموظفين المتزوجين نساء لا يشعرون بسعادة معهن في منازلهم , في انتظار تجنب الصراع والمشدات الكلامية مع زوجاتهم , يحبذون إطالة المكوث في المقاهي .
فكيف كان أجدادنا ينظرون إلى المقهى ؟ إن المصطلح نفسه يحمل في طياته معنى مكان الجلوس لتناول فنجان القهوة أو ما يسمى بالبن , لكن بطريقة مخالفة لعصرنا , كان الناس يجتمعون في مجالس أدبية أو علمية , ويتناولون القهوة أو الشاي الصيني تعبيرا عن الرضا وقبول النقد البناء مثل ما كان متداولا في الأسواق العربية كالمربد وعكاظ ...
لدى الامازيغ مثلا لم تكن هناك أماكن خاصة لتناول القهوة آو الشاي , كان المقهى , عبارة عن غرفة مبنية من التراب , سقفها من أعمدة أشجار البلوط آو العرعار , يشتري الزبون القهوة من عند العطار أي البقال اليوم , ونصف رطل من السكر , ويسلم دلك لصاحب المقهى الذي يضعه في الكوز أي البراد , ويحمله إلى الزبون أو الزبناء حسب الطلب , مع رغيف من الشعير وصحن من الطماطم المفروم بالبصل وزيت الزيتون . وكان الامازيغ يكثرون من تناول القهوة أو الشاي الأخضر المنعنع , خاصة في الأسواق الأسبوعية أو الأعراس تحت الخيام الكبيرة ذات اللون الأسود المصنوعة من وبر الإبل أو شعر المعز أو صوف الأغنام .
ما الذي جعل المقهى يهدف إلى الربح وجمع المال , ليتراجع عن وظيفته في المجتمع ؟ . لقد كان هدا المكان قديما يقوم بوظيفة المسرح , والمجالس الأدبية والعلمية , صحيح أن هناك اليوم أيضا مقاهي أدركت خطورتها على المجتمع بصفة عامة وعلى الشخصية المغربية بصفة خاصة , محاولة مسايرة العصر , فأحدثت منافذ كمقاهي الانترنيت , ومقاهي النوادي السينمائية ....ولكن هل تغير الزبون المغربي ؟ وهل تطورت نظرته إلى كيفية استغلال الفضاء الخاص بالتسلية وتنمية هواياته , والإفصاح عن رغباته وميولاته الفردية , أم سيبقى رهين الزبونية نفسها , بين عجلات سيارة امتصاص الأموال والربح السريع ؟ .
محمد همشة
26/07/2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.