نادية فتاح .. الحكومة عازمة على مواصلة تنزيل برنامجها الإصلاحي    وسيط المملكة: التظلمات الإدارية تتحول إلى الاحتجاج ضد السياسات العمومية    الحكومة تفوّض لمندوبية السجون مهمة تنزيل العقوبات البديلة    الحكومة تصادق على مرسوم تنظيم نشاط الإنتاج السينمائي    أوزين: أستعمل سيارة البرلمان في التحركات الحزبية لعقلنة إنفاق المال العام    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات في مناصب عليا    الحكومة المغربية تتوقع بلوغ نسبة النمو 4.5 في المائة بنهاية سنة 2025    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    نتائج إيجابية في "اتصالات المغرب"    رئيس الحكومة يترأس مراسم التوقيع على بروتوكول اتفاق بين الحكومة والمكتب الوطني للمطارات    سوس ماسة.. 230 عارضا يشاركون في المعرض الدولي للمنتوجات المحلية    الرادارات الروسية تفقد طائرة ركاب    حماس ترد على مقترح الهدنة في غزة    "غوغل" تعلن عن أرباح فوق سقف التوقعات    "فرانس برس": اجتماع سوري إسرائيلي مرتقب في باريس الخميس برعاية أميركية    كمبوديا وتايلاند تتبادلان إطلاق النار على الحدود المتنازع عليها بينهما    نادي الرجاء يبحث عن ألف منخرط    النهضة البركانية تحتفي بلقب البطولة    ميلان الإيطالي يتعاقد مع الدولي الإكوادوري بيرفيس إستوبينيان    توقيف 3 أشخاص بالقنيطرة بشبهة التحريض على الفساد وتصوير ونشر محتويات رقمية تتضمن مواد إباحية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    القنيطرة.. تفكيك شبكة لتصوير ونشر محتويات إباحية مقابل تحويلات مالية    إقليم العرائش.. انتشال جثة أربعيني غرق في سد وادي المخازن    بعد احتجاجات الساكنة.. عامل العرائش يعد بالاستجابة للمطالب في إعادة تهيئة الشرفة الأطلسية    صاحب أغنية "مهبول أنا" يفتتح غدا فعاليات الدورة ال11 للمهرجان المتوسطي للناظور    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟    هذه عوامل تسبب زيادة خطر الإصابة بالخرف    حملة ميدانية لضبط مختسلي الكهرباء بسوق كاسابراطا    تطورات جديدة في قضية الطفلة غيثة.. المحكمة تأمر بخبرة طبية وتؤجل الملف    البرتغال معنا: آمولا نوبا!    28 لاعبا لخوض نهائيات أمم إفريقيا للاعبين المحليين    بطولة القسم الممتاز لكرة السلة سيدات.. الكوكب المراكشي يتوج باللقب عقب فوزه على اتحاد طنجة    إسرائيل تتهم امرأة مسنة بالتخطيط لاغتيال نتنياهو    طنجة تحتفي بالثقافة الأمازيغية بافتتاح معرض الكتاب والمنتوجات التقليدية ضمن مهرجان ثويزا    اللجنة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني تدين قرار "الكنيست" بفرض السيادة على الضفة الغربية    إقليم بولمان يخلد الذكرى 26 لعيد العرش ويحتفي بالتلاميذ المتفوقين دراسيًا    قطاع السيارات يعزز صدارة صادرات المغرب للسنة الثانية على التوالي    من الأمومة إلى الأضواء.. "غالي" يعيد ماريا نديم للواجهة    العيطة المرساوية تتواصل بمديونة    سفارة الصين بالرباط تُخلد الذكرى 98 لتأسيس الجيش الشعبي الصيني بحضور رفيع المستوى    البرلمان البريطاني يقضي على دوري السوبر    الصحة العالمية: الجوع الجماعي في غزة سببه الحصار الإسرائيلي            مهرجان إفران الدولي يفتتح نسخته السابعة بمزيج من الفن والتراث والرياضة وسط جمهور غفير    زيان يصور الموسم الثاني من "أفاذار"    "سجلماسة" .. جدل يرافق إعادة تأهيل أحد أبرز المواقع التاريخية المغربية    جامعة الدراجات تنظم منافسات الكأس    إسبانيا تكسر عقدة ألمانيا وتصعد لملاقاة إنجلترا في نهائي "يورو" السيدات        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    رقصة الافعى محور الندوة العلمية لمهرجان ايقاعات لوناسة بتارودانت    اليوم العالمي للدماغ يسلط الضوء على تحديات الأمراض العصبية المتزايدة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي .......والمأزق الكبير
نشر في أزيلال أون لاين يوم 11 - 10 - 2011

كثيرة هي التحليلات التي تبشر بعهد جديد ، سمته انتعاش الديمقراطية وبروز أنظمة جديدة وحديثة على امتداد خريطة الوطن العربي. ومع سقوط أنظمة الاستبداد السياسي الواحدة تلو الأخرى، يتعاظم التفاؤل حول قدرة الشعوب على تحقيق الأجود والأفضل، وعلى التحكم في مستقبلها ومستقبل أجيالها الاحقة.
إلا أنه وبالعودة إلى سياقنا العربي والإقليمي ، وبنظرة تحليلية للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، يتضح بجلاء أن سقوط هذه الأنظمة السياسية بهذا الشكل سبقه بلا أدنى شك سقوط وتساقط للبناء الثقافي العام وللنظام الاجتماعي بكامله، دون وعي منا أو إدراك.
لقد عرف البنيان الاجتماعي اهتزازات متتالية ، وتحولات عميقة مست جوهر العلاقات الرابطة بين أبناء الوطن الواحد،وتغلغلت بشكل رهيب شروخات في النسيج الاجتماعي للطبقات المختلفة، هددت مصالح الأفراد والجماعات أكثر لما لامست أدوار ووظائف الأسرة والحي والمدينة .وانتشرت قيم السوق والنفعية الفردية والأنانية النرجسية وحب التملك والاستغلال بشكل أفقد الإنسان العربي آدميته وحوله إلى مجرد رقم استهلاكي للبضائع المختلفة المستوردة، وجعله يعيش وهم الحداثة والتطور لما اعتقد بملكيته لآخر التكنولوجيا أنه يساير روح العصر.
وبالمقابل تعزز ذلك بالتطور الحاصل في وسائل الاتصال والمواصلات المختلفة، حتى أضحت عبارات " العالم قرية صغيرة " وفكرة " الإنسان العولمي" رائجة بشكل مثير وهي عبارات لا تعني فقط التقارب الزمكاني الحاصل الآن بين شعوب العالم المختلفة، بل ارتفاع درجات التأثير والتأثر الكبيرين بين أنماط عيش مختلفة، وثقافات وحضارات متباينة.
إن عنصر المحاكاة في هذا الحراك العربي بفعل تأثير وسائل الإعلام والإتصال واضح من حالة ثورية إلى أخرى، مع بعض الاستثناءات طبعا، وعامل توجيه هذا التفاعل القائم بين الشعوب وحكامها حاضر في أكثر من مناسبة. وبالتالي تتساقط الأنظمة كأحجار الدومينو، وتتبعثر الأوراق لتفضي لا محالة إلى حالة اللااستقرار في البلدان الواقعة تحت ضغط هذه الموجة.
ولعله من المجحف الحكم بالتيه على مستقبل بلدان ما بعد الثورة وهي تتلمس طريقها نحو الحرية والديمقراطية بخطى وئيدة متمهلة، إلا أنه من حقنا أن نتساءل : هل الشروط التقافية الحالية والبنيان الاجتماعي لهذه البلدان تيسر ولادة وبروز أنظمة ديمقراطية؟ ألا تشكل حالة العراق وما آل إليه من تقسيم طائفي ومذهبي مقيت بعد بشائر الديمقراطية وأحلامها ، درسا بليغا إلى ما يمكن تسميته ب" مخطط تنزيل الفوضى الخلاقة " ببلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.ألم تكن تطرح في أكثر من مناسبة وملتقى فكري مسألة التغيير من الداخل أم من الخارج أيهم أجدى ؟ وبالطبع أيهم في خدمة الأجندة السياسية للقوى الغربية المهيمنة. وهل هي بالفعل معركة الديمقراطية التي تترنم بها شعوب المنطقة ، أم هي معركة الكرامة ورد الفعل إزاء الإحساس بالمهانة؟
إن مرحلة ما بعد الاستبداد تتطلب إعدادا تربويا وفكريا وثقافيا يؤسس للغايات الكبرى التي تطمح إليها الشعوب الثائرة،ويعيد الاعتبار للنخب المحلية لتسترد زمام تثقيف وتنوير الجماهير.وبالتالي هل القوى السياسية الحالية والتشكيلات الحزبية وتمثيليات المجتمع المدني من جمعيات ونقايات في مستوى التطلعات والتحديات الراهنة ؟ ألم يشكل الحدث بالنسبة لهم أيضا عنصرالمفاجأة؟ ثم كيف يمكن لها بالتبعية والإلحاق أن تساهم في خلق شروط انبعاث الأمة ونهضتها؟ وهل من مرجعيات قومية و إسلامية تشكل أرضية صلبة للتداول وتلاقح الأفكار بين مختلف الحساسيات الفكرية والسياسية القائمة والتي تؤتث فضاءات الإنتماء العربي الإسلامي؟ هل نحن في لحظة فارقة شبيهة بتلك التي عاشتها بلداننا بعد انتصارها في معركة التحرير ضد المستعمر؟
إن الاحتجاج و التظاهر وسيلة لتغيير واقع بغيظ ومكروه ،وقد تتجلى نتائجه ظاهريا في استبدال وجوه بأخرى، واستحداث مؤسسات معينة وعزل أخرى عن المشهد السياسي. لكنه (أي الخطاب الاحتجاجي والثوري) لا يؤسس بنيانا ولا يغير في الواقع السوسيولوجي والثقافي قيد أنملة،ولا يدبر أزمات الدول والجماعات البشرية. وعليه ولتجاوز ما أسميناه مآزق الربيع العربي ، فمن الضروري الانتقال من ثقافة الاحتجاج والمطالبة إلى مرحلة تدبير الاختلاف والتأسيس بشكل تفاوضي لحوارات المستقبل، ومن التحشيد الجماهيري إلى التثقيف الشعبي . لابد من أجرأة ثقافة الشراكة مع الجميع في صنع المستقبل على الواقع ،ابتداءا من الأسرة وانتهاءا بالدولة ومؤسساتها. لابد للفرقاء السياسيين من الالتفاف على جملة من القضايا بتقديم تنازلات والتضحيات فيما بينهم قصد المرور بهذه المرحلة إلى بر الأمان، بدل الانشغال بمكاسب الثورة وغنائمها.فالمهمة الصعبة تكمن في محاربة استبداد عقول تبلورت ونمت في ظل الاستبداد السياسي لقرون وترسخت ثقافيا بأشكال متعددة حتى لقي سلوك التسلط تطبيعا في الحياة الاعتيادية.
" يتبع"
بقلم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.