هلال: دبلوماسية الجزائر تعاني متلازمة التقزم    أخنوش يتباحث مع رئيس الحكومة اللبنانية على هامش القمة العربية بالمنامة    "حماة المال العام" يستنكرون التضييق على نشاطهم الفاضح للفساد ويطالبون بمحاسبة المفسدين    أسعار الفائدة على القروض ترتفع خلال الفصل الأول من سنة 2024    بورصة البيضاء تفتتح التداول بالمنطقة الخضراء    حرب غزة تخيم على القمة العربية في البحرين    ذكرى تأسيس الأمن الوطني.. 68 سنة من الحفاظ على النظام العام وحماية المواطنين    هذه العوامل ترفع خطر الإصابة بهشاشة العظام    باحثون يعددون دور الدبلوماسية الأكاديمية في إسناد مغربية الصحراء    تصفيات مونديال 2026: الحكم المغربي سمير الكزاز يقود مباراة السنغال وموريتانيا    بعثة نهضة بركان تطير إلى مصر لمواجهة الزمالك    كأس العرش.. مولودية وجدة يضرب موعدًا لمواجهة الرجاء في النصف النهائي    إيقاف مسؤول بفريق نسوي لكرة القدم ثلاث سنوات بسبب ابتزازه لاعباته    إطلاق مجموعة قمصان جديدة لشركة "أديداس" العالمية تحمل اللمسة المغربية    اعتبروا الحوار "فاشلا".. موظفون بالجماعات الترابية يطالبون بإحداث وزارة خاصة    شرطي يشهر سلاحه على سائق سيارة بطنجة والأمن يدخل على الخط ويوضح    سفارة المغرب ببانكوك توضح بخصوص وضعية المغاربة المحتجزين بميانمار    انطلاق القافلة الثقافية والرياضية لفائدة نزلاء بعض المؤسسات السجنية بجهة طنجة تطوان الحسيمة من داخل السجن المحلي بواد لاو    مصرع شخصين في انقلاب شاحنة بتيفلت    الموت يغيب عميد الطرب الغرناطي أحمد بيرو    السعودية تطلق هوية رقمية للقادمين بتأشيرة الحج    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    قافلة GO سياحة تحط رحالها بجهة العيون – الساقية الحمراء    مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال    مربو الماشية يؤكدون أن الزيادة في أثمنة الأضاحي حتمية ولا مفر منها    يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه    مطالب لوزارة التربية الوطنية بالتدخل لإنقاذ حياة أستاذ مضرب عن الطعام منذ 10 أيام    المغربي محمد وسيل ينجح في تسلق أصعب جبل تقنيا في سلوفينيا    "أديداس" تطلق قمصانا جديدة بلمسة مغربية    ظاهرة "أسامة المسلم": الجذور والخلفيات...    الاستعادة الخلدونية    رسالة اليمامة لقمة المنامة    صعود أسعار النفط بفضل قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    العسري يدخل على خط حملة "تزوجني بدون صداق"    وزارة "الحج والعمرة السعودية" توفر 15 دليلًا توعويًا ب16 لغة لتسهيل رحلة الحجاج    طقس الخميس حار نسبيا مع تشكل سحب وكتل ضبابية    كلاب ضالة تفترس حيوانات وتهدد سلامة السكان بتطوان    من أجل خارطة طريق لهندسة الثقافة بالمغرب    أشجار عتيقة تكشف السر الذي جعل العام الماضي هو الأشد حرارة منذ 2000 عام    هنية: إصرار إسرائيل على عملية رفح يضع المفاوضات في مصير مجهول    مدريد في ورطة بسبب الإمارات والجزائر    نسخة جديدة من برنامج الذكاء الاصطناعي لحل المعادلات الرياضية والتفاعل مع مشاعر البشر    أكاديمية المملكة تُسائل معايير تصنيف الأدباء الأفارقة وتُكرم المؤرخ "هامباتي با"    منتدى عربي أوروبي لمكافحة الكراهية    محكي الطفولة يغري روائيين مغاربة    زيلنسكي يلغي زياراته الخارجية وبوتين يؤكد أن التقدم الروسي يسير كما هو مخطط له    المشروع العملاق بالصحراء المغربية يرى النور قريبا    زعيم المعارضة في إسرائيل: عودة الرهائن أهم من شن عملية في رفح    "تسريب أسرار".. تفاصيل إقالة وزير الدفاع الروسي    الأمم المتحدة تفتح التحقيق في مقتل أول موظف دولي    قطر تستضيف النسخ الثلاث من بطولة كأس العرب لسنوات 2025 و2029 و 2033    ما حاجة البشرية للقرآن في عصر التحولات؟    إلزامية تحرير الجماعات الترابية من « أشرار السياسة »    النقابة الوطنية للتعليم fdt وضوح وشجاعة لاستشراف المستقبل    "الصحة العالمية": أمراض القلب والأوعية الدموية تقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    جمعية علمية تحذر من العواقب الصحية الوخيمة لقلة النوم    دراسة: الحر يؤدي إلى 150 ألف وفاة سنويا على مستوى العالم    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا وخيالي .
نشر في أزيلال أون لاين يوم 04 - 04 - 2012


أنا وخيالي
وأنا سجين في فرعية من فرعيات مدارس ورزازت (فرعية زاوية ايناس )التابعة لمجموعة مدارس تسوانت بمقاطعة التفتيش الابتدائي الموجودة باكدز , أفكر في قدري الذي أتى بي كأول معلم لصغار هذه المنطقة . لقد كنت طالبا جامعيا من الأوائل المسجلين بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الأول بوجدة , ونظرا لوضعي الاجتماعي الجبلي الفقير , ونظرا كذلك للوضع السياسي المزري في أواخر السبعينات , تم إرسالنا عن قصد نحن الطلبة الجامعيين بعد نيل شهادة الباكالوريا من بني ملال و ازيلال الى الجهة الشرقية لمتابعة الدراسة الجامعية , الشيء الذي جعل الكثير منا آنذاك يتعرض لعراقيل كبيرة من اجل متابعة المسار التعليمي الجامعي .فكان مصير كثير منا مغادرة الجامعة , باحثين عن منفذ لواجهة الفقر والهشاشة و شظف العيش . فكان اللجوء إلى مراكز تكوين المعلمات والمعلمين , الطريق الوحيد والممكن للحصول على وظيفة في واقع مر حزين ... وبينما أنا أفكر في قدري , وجدت نفسي أشبه بكرة القدم التي ترسل بضربة قوية من الشرق إلى الجنوب , وقد أتناول في يوم من الأيام المقبلة صفعة شديدة تأخذني من الجنوب إلى الشمال أو إلى الغرب ... قضيت ليالي وليالي , وأنا أنام وحيدا , ولا أجد من يكسر قسوة الوحدة سوى خيالي الذي كان في معظم الأحيان ينتصب أمامي واقفا كالشيطان , يتهكم مني ويقول لي :
- أيها المعلم الجديد أين نضال وحماس الجامعة , والتجمعات والخطابات ... أين الأطم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) ؟ .
- صحيح الماضي لا يعود , شتان بين الحرم الجامعي , والواقع التعليمي المزري بالفرعيات النائية ؟ .
- أنت اليوم معلم منفي في زاوية إيناس , انتظر الحركة الانتقالية , وإننا معك من المنتظرين !!! .
- لا تتدخل يا خيالي فيما لا يعنيك . إني إنسان بسيط يحمل في كيانه بعض المبادئ الإنسانية . واني فخور أن أصبح معلما لأطفال أبرياء .
- أتدري ما تقوله أيها الموظف الجديد ؟
- اعلم ذلك , وأتحمل كامل المسؤولية في كل ما أتفوه به ؟ .
- لك رقم التأجير , وبذلة أنيقة , وربطة عنق حمراء , وأجرتك لا تغني ولا تسمن من جوع .
- يا رفيقي , كفاك مسخرة مني !! الحمد لله الذي قدر لي أن أكون اليوم معلما .
حلق خيالي في فضاء الغرفة الضيقة المبنية بالتراب المحلي المائل إلى اللون البني , ولم اعد اسمع سوى صوت المصباح الغازي الطبيعي , وموسيقى امازيغية حزينة ذات كلمات ممتزجة بانهزام سياسي طال أمده . وشرعت ابحث عن الجد من اجل تدوين جذاذات تعليمية تربوية لازمة لدروس الغد . خلال هذا المنظر الرومانسي , كنت بين الحين والآخر ارفع بصري إلى الزاوية اليمنى من سقف الغرفة الوحيدة , لأجد طائرا صغيرا اسود اللون , ألف الولوج إلى بيت المعلم من خلال كوة ضيقة بالسطح , وبين برهة وأخرى , يقلب مقلتاه ذات اليمين وذات اليسار باحثا عن الاستمتاع بنوم ثقيل بعد عناء يوم طويل عسير وحار , وعين تلتقي نظراتنا , اشعر في قرارة نفسي , توسله مني كأنه يطلب مني أن أنام , لأريحه من الضوضاء وانعكاس الضوء على فضاء الغرفة المشتركة . أضف إلى ذلك المشهد الدرامي الذي كنت أعاني منه و أعيشه آنذاك ,كون منزل المعلم وحيدا بعيدا عن منازل القرية , ومجاورا لمقبرتها الرسمية والتي ليس لها أي سور يحميها . وفي بعض الأحيان أقضى الليل واقفا مسترقا السمع لعلي أنصت إلى حركات بعض الأرواح الخفية , لأجد أخيرا صوت نبضات قلبي يدق بسرعة تعبيرا عن مدى عمق خوفي واضطرابي النفسي . فتحية أخوية لكل معلم يعاني في أي منطقة نائية من وطننا الغالي , وأجمل ما احمله في ذاكرتي , هذه العبارة الخالدة للعجوز الذي كان يغرس أشجارا مثمرة , وقد مر به ملك فوق جواده ليسأله :
_ يا عجوز !! متى ستأكل من ثمار هذه الأشجار التي تغرسها ؟
_ لا تكن غبيا أيها الملك !! غرسوا فأكلنا , ونغرس فيأكلون .
محمد همشة .
04/04/2012 .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.