احتجاز الصحفي المغربي البقالي بعد اقتحام سفينة "حنظلة".. والبرلمانية التامني تطالب بوريطة بتدخل عاجل    نيجيريا تحطم حلم تتويج المنتخب النسوي المغربي باللقب الافريقي            الملك محمد السادس يهنئ المنتخب الوطني المغربي النسوي على المسيرة المتألقة في كأس أمم إفريقيا    "مراسلون بلا حدود" تطالب بحماية صحافي مغربي ومصور أمريكي يشاركان في سفينة "حنظلة" لكسر حصار غزة        المغرب مركز القرار الكروي الإفريقي الجديد    فيلدا يكشف التشكيلة الرسمية لنهائي كأس إفريقيا ضد نيجيريا    حقيقة وفاة ضابط بسجن عين السبع    رسالة تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أسرة المرحوم عفيف بناني والد الدكتور أيوب    فاجعة..عثور على حارس سيارات جثة هامدة    تسعيرة جديدة لسيارات الأجرة بالحسيمة تثير استياء المواطنين    جريمة قتل في شاطئ السواني.. الجاني يكشف تفاصيل المأساة    نيجيريا... وفاة أزيد من 600 طفل بسبب سوء التغذية خلال ستة أشهر    نشرة إنذارية... موجة حر من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من مناطق المملكة    وزيرة خارجية فلسطين: الدفاع عن القضية الفلسطينية ثابت أساسي في دبلوماسية الملك محمد السادس    أكثر من 50 طفلا و30 بالغا يسبحون من المغرب إلى سبتة مستغلين الضباب الكثيف    فؤاد عبد المومني.. تلميذ كسول في القانون    حلم التتويج الإفريقي يطرق أبواب المغرب: لبؤات الأطلس في مواجهة نيجيريا    لقجع ينفي حسم ملعب نهائي مونديال 2030 ويؤكد: لا قرار دون توافق الدول الثلاث    صحيفة "إلكونفيدينثيال": طنجة وجهة مفضلة للإسبان لصيانة سياراتهم بتكاليف منخفضة    برقية تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية المالديف بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني    أخنوش يقود اجتماعا سياسيا يشيد بنجاح الأوراش الملكية وتوازنات الاقتصاد المغربي            توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد        وفاة الموسيقار اللبناني زياد الرحباني    انطلاق فعاليات الملتقى السنوي لمغاربة العالم بإقليم زاكورة    جواز السفر المغربي يتقدم عالميًا ويُتوَّج الأقوى في شمال إفريقيا    مسؤول : ميناء الناظور غرب المتوسط سيفتح آفاقا تنموية واعدة بجهة الشرق والحسيمة    غزة: 100 ألف طفل بالقطاع مهددون بالموت الجماعي خلال أيام    شفشاون تمثل المغرب ضمن 11 جماعة إفريقية في برنامج الاقتصاد الأخضر الإفريقي    "التقدم والاشتراكية": دعم السكن رفع أسعار العقار وحرم محدودي الدخل من اقتناء منازل    الغلوسي: الظروف الحالية تفرض على الدولة ومؤسساتها عدم التساهل مع الفاسدين    جامعة "ابن طفيل" تحتفل بتخرج أول دفعة من شعبة الأنثروبولوجيا    إدارة الدفاع: المنصات التي تعرضت للاختراق السيبراني هي تلك التي لم تخضع مسبقاً للافتحاص الأمني        ""التوحيد والإصلاح" تستنكر قرار ضم الضفة الغربية وغور الأردن وتعتبره جريمة سياسية وأخلاقية    صور مزيفة بالذكاء الاصطناعي تجمع ترامب وإبستين تحصد ملايين المشاهدات    مقتل 8 أشخاص في هجوم بإيران    وفاة الموسيقار اللبناني زياد الرحباني    صحة: اكتشاف "نظام عصبي" يربط الصحة النفسية بميكروبات الأمعاء لدى الإنسان    عصيد: النخبة المثقفة تركت الساحة فارغة أمام "المؤثرين وصناع المحتوى"    سجلماسة: مدينة وسيطية بتافيلالت تكشف عن 10 قرون من التاريخ    الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش على مزاعم بيع النقط وتسجيلات مسلك الماستر    أخنوش: تعميم التغطية بشبكات المواصلات حاجة ملحة ولا تقبل التأجيل أو الانتظار    بعوض النمر ينتشر في مليلية ومخاوف من تسلله إلى الناظور    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    المشي 7000 خطوة يوميا مفيد جدا صحيا بحسب دراسة    ما المعروف بخصوص "إبهام الهاتف الجوال"؟        الحج ‬إلى ‬أقاليم ‬الله ‬المباركة‮! .. منعطف المشاعر    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الحاجة إلى سينما راقية

ليست السينما نوعا من الوجاهة الاجتماعية، تخص فقط نخبا بعينها دون غيرها كما يعتقد الكثيرون، فهي فن جماهيري عريق، وذات رسالة تثقيفية تجعل المجتمعات أكثر انفتاحا على قضاياها الاجتماعية والسياسية، تستهدف سائر أفراد المجتمع من مختلف الأعمار والجنس والمستوى التعليمي. تسهم بفعالية في التكوين التربوي والثقافي والتأسيس المعرفي، وتشكل فضاء للترفيه ونشر الوعي... متى ما توفرت لها قاعات عروض مجهزة جيدا ومريحة.
وتعرف السينما بالفن السابع لدى المهتمين بالشأن الثقافي والفني، لاعتمادها على الصورة والصوت في إيصال رسائلها المباشرة والمتنوعة. تأخذ المشاهد إلى ما خلف الشاشة من عوالم سحرية بديعة، مانحة إياه القدرة على تذوق لذة الحياة وإدراك حقائق ما يجري حوله من أحداث على أرض الواقع. والسينما في الحياة العامة، لا تقل شأنا عن المسرح والفيديو والتلفزيون والوسائط المتعددة، فهي كذلك أداة للانفتاح على الثقافات الأخرى ووسيلة حضارية للتنوير التربوي والفكري والتوجيه والترفيه والدعاية... ولها أهداف اجتماعية ودينية وسياسية، تساهم في تشكيل الوعي وبناء قيم المجتمع وتقاليده، وتساعد المتفرج على تجويد نمط حياته والتمييز بين الأشياء. وتجسد الأفلام جسورا للاتصال والتواصل بين الشعوب، متجاوزة حواجز اللغة عبر الترجمة، واستخدام تقنيات الصورة المتحركة كطريقة حديثة للتعبير والتأثير، لما لها من وقع يجعلها تتفوق على الكلمة المسموعة أو المقروءة، ويقول مثل صيني: "صورة واحدة تعادل 10 آلاف كلمة". وبإمكان السينما إذا ما هيئت لها الإمكانات والشروط الضرورية أن تحدث تغييرا إيجابيا في المجتمع، عبر أفلام هادفة تعتمد على الإبداع الفني النقي، في تحسين صورة المرأة والنهوض بمستوى الأفراد والمجتمع نحو الأفضل.
والسينما سلاح ذو حدين، فكما أنها تقدم أفلاما ذات جودة عالية، هناك أيضا أخرى سيئة وفاسدة، قد تسهم في هبوط الذوق وتسطيح العقل وإفساد الأخلاق وزرع بذور الكراهية والعنف بمختلف ألوانه... وبالمناسبة، لا يمكن إغفال الدور الريادي، الذي لعبته الأندية السينمائية في التربية والثقافة والفن والسياسة، بالمدارس والجامعات والمراكز الثقافية ودور الشباب والقاعات السينمائية، إن على مستوى انتقاء الأفلام وعرضها على الجمهور للنقاش، ساعدت الكثيرين على تطوير مستوياتهم وتعميق أفكارهم، وأكسبتهم القدرة على التحليل ودقة الملاحظة وحسن التعبير، أو على مستوى التعريف بالمنتوج السينمائي الوطني. وبفضل ما بذلته من جهود وتضحيات، كانت تستقطب الجمهور وتنعش "صالات" العرض السينمائي، من خلال تكريس فن الفرجة الراقية، وتعزيز الثقافة السينمائية والحس النقدي، لتتحول القاعات إلى فضاءات للتفاعل التربوي والثقافي والتواصل الاجتماعي...
بيد أنه لدواعي خاصة، وحدهم القائمون على الشأن العام يدركون أبعادها، أعلنت حرب خفية على كل مصادر نشر الوعي في الفضاءات التعليمية والساحات الثقافية، أدت إلى خلق جيل جديد من الشباب الهجين، وتحويل مناهل العلم والمعرفة إلى مستنقعات للانحراف وتعاطي المخدرات، والإجهاز على القيم النبيلة في المجتمع، ما قادنا اليوم إلى هذا الكم الهائل من الجرائم والاعتداءات وانتشار الشغب في الملاعب الرياضية... وبالموازاة مع ذلك، اتجهت فئات عريضة من المجتمع إلى قنوات فضائية "دينية"، وازدهرت تجارة كتيبات وأشرطة تتضمن "فتاوى" غريبة، تسعى إلى تعطيل العقل وتكميم الأفواه...
وهكذا، تراجع الإقبال الجماهيري على القاعات السينمائية، ورافقه تقلص مهول في أعدادها، إلى حد أمسى بعضها لا يفتح أبوابه إلا خلال المهرجانات السينمائية على قلتها، بل هناك من اضطر أصحابها تحت الإغراءات المالية وفي ظل المضاربات العقارية، إلى تحويلها لمحلات تجارية أو عمارات سكنية. ويعزو الكثيرون من متتبعي الشأن الثقافي بشكل عام والسينمائي بوجه خاص، مصدر هذا "الاغتيال" المباغت إلى عوامل شتى منها: الإهمال المفرط وانعدام الصيانة والمراقبة، حيث تحول جزء منها إلى أوكار للرذيلة، ارتفاع كلفة التذاكر أمام ضعف القدرة الشرائية للمواطن، فضلا عن ظهور قنوات خارجية تبث أفلاما متنوعة، وما عرفته وسائل الاتصال من تطور تكنولوجي وتفشي ظاهرة القرصنة. ودخول التلفيزيون المغربي عبر قناتيه الأولى والثانية تجربة إنتاج أفلام وطنية، تعد أجود بكثير من أفلام الخردة الأجنبية، التي تعرضها العديد من القاعات السينمائية... ما أصاب المشاهدين بنوع من التخمة، وجعلهم يبحثون عن فرجة مجانية دون تنقل وبأقل تكلفة، مما أضعف مداخيل قاعات العرض، وساهم في فقدان إشعاعها الفني والثقافي، وأضر كثيرا بالاقتصاد الوطني.
ومن أغرب المفارقات، أنه في الوقت الذي تتطور فيه الصناعة السينمائية ببلادنا، جراء ما تقوم به الدولة من دعم للقطاع، لم نجدها تتجه بنفس الخطوات نحو تشجيع الاستثمار، كما لم يعمل المستثمرون أنفسهم على تطوير القاعات السينمائية، بما يلزم من مرافق تكميلية: مطاعم، قاعات ألعاب...
إن انصراف الجمهور عن السينما، وما تولد عنه من إحباط كبير في أوساط الفاعلين السينمائيين، يستلزم من وزارتي الاتصال والسكنى والمقاولات السينمائية بشراكة مع الجماعات المحلية، تكثيف الجهود لوضع استراتيجية متكاملة ومندمجة، كفيلة بخلق تنمية ثقافية سينمائية تلامس أهم القضايا الوطنية، وتحترم التعدد الثقافي واللغوي في أفق تكريس الوعي بسينما قوية وفاعلة في التنمية الاجتماعية، بالسهر على محاربة ظاهرة القرصنة، إحداث سينما القرب بالأحياء السكنية والمراكز الثقافية ودور الشباب، الإسهام في إحياء الأندية السينمائية ودعمها ماديا، عصرنة قاعات العرض السينمائي ومساندة أصحابها...
اسماعيل الحلوتي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.