ترقية ولي العهد الأمير مولاي الحسن إلى رتبة كولونيل مأجور            طقس حار وأمطار رعدية مرتقبة في عدد من مناطق المملكة غداً الجمعة    احتراق سيارة بسبب قنينة غاز بشاطئ تلا يوسف بإقليم الحسيمة    محطات الوقود تتوقع عودة أسعار المحروقات إلى "الاستقرار" في المغرب    أداء إيجابي يختم تداولات البورصة    نقابة موظفي التعليم العالي تهدد بمقاطعة الدخول الجامعي وتصعيد الاحتجاج    عيد العرش.. أمير المؤمنين يترأس حفل الولاء بالقصر الملكي بتطوان    بنك المغرب: تباطؤ تداول النقد إلى 5.2% في 2024 بعد سنوات من النمو القوي    شوقي يكشف تفاصيل مثيرة أمام المحكمة.. والناصري يطعن في الوثائق    حقوقيون يرحبون بتحويل عقوبة 23 شخصا إلى المؤبد وينشدون مغربا بلا إعدام    حكومة أخنوش تصرف لجميع الموظفين الدفعة الثانية من الزيادة العامة للأجور    واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين بالسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير    النصب عبر مكالمات هاتفية يقود إلى اعتقال 3 أشخاص بينهم قاصر    مصرع أب لأربعة أبناء إثر حادثة سير خطيرة بإقليم القنيطرة    أسرة "الراعي الصغير" تنفي انتحاره وتشكو تهديد المشتبه فيه ووجود محاولات لطمس حقيقة مقتله    ندوة "رقصة الأفعى.. الأبعاد والدلالات" تضفي بعدا فكريا على مهرجان إيقاعات الوناسة    البرتغال تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    وزير الخارجية السوري يريد بناء "علاقة صحيحة" مع روسيا ولافروف يدعو الشرع لزيارة موسكو    أخبار الساحة    إنفانتينو: المغرب أضحى ضمن النخبة العالمية لكرة القدم    بعد عقد جمعه العام، أولمبيك الدشيرة يطمح لموسم متوازن ضمن فرق النخبة الأولى    الولايات المتحدة تبرز ريادة جلالة الملك لفائدة السلام والازدهار، وتشيد بالشراكة الدائمة مع المملكة المغربية    اختلاف الرؤية وتجديد الأساليب الشعرية في ديوان «.. ودثرتني»    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        تسليم جثة مهاجرة للسلطات المغربية بعد احتجازها لسنة ونصف بالجزائر    الرئيس اللبناني يفاجئ الجميع بشكر المغرب من داخل القصر الرئاسي الجزائري    رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي: الدبلوماسية الاقتصادية المغربية جعلت من المملكة قطبا حقيقيا لإفريقيا        احتفالية ثقافية راقية تخليدا لعيد العرش المجيد.. حضور دبلوماسي رفيع في مهرجان ربيع أكدال-الرياض    إقالة مدير لجنة الحكام في "كاف" وحكام أجانب مرشحون لقيادة "كان" المغرب 2025    الرئيس اللبناني يؤكد سحب سلاح حزب الله وتسليمه إلى الجيش    مساعد الركراكي يعود إلى تروا الفرنسي لقيادة الفريق الرديف    بمناسبة عيد العرش.. خريبكة تحتضن الجائزة الكبرى لسباق الدراجات    ارتياح كبير لنجاح السهرات الفنية بعمالة البرنوصي سيدي مومن    رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي: الدبلوماسية الاقتصادية المغربية جعلت من المملكة قطبا حقيقيا لإفريقيا    الدار البيضاء تحتضن النسخة ال13 من "نجوم كناوة"    خسائر شركة "رونو" تعادل 11,2 مليار يورو    مشاريع قطب التنشيط "أكادير فونتي" لا تزال قيد الانتظار    أنفوغرافيك | يوازي ترتيبه بلدان تمر بأزمات.. المغرب في مؤشر الرعاية الصحية العالمي 2025            تشيلي.. إجلاء أكثر من مليون شخص تحسبا لوصول تسونامي    المنتخب المحلي يضمن 200 مليون قبل انطلاق "الشان"    العسكر ينهي حالة الطوارئ في بورما    سينما الشهرة.. النجومية معركة بين الرغبة في التفرد والخوف من النسيان    لقاء يتناول الأمن السيبراني بالقنيطرة        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    متى ينبغي إجراء الفحوص الدورية على العينين؟    استخدام الهاتف في سن مبكرة يهدد الصحة العقلية    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    الوصول إلى مطار المدينة المنورة‮:‬‮ على متن طائر عملاق مثل منام ابن بطوطة!    اكتشافات أثرية غير مسبوقة بسجلماسة تكشف عن 10 قرون من تاريخ المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس العالم 2022 بنهكة مغربية.. وحمولة سياسية دوما!

ابتداء من يوم 20 نونبر 2022 وعلى امتداد شهر تقريبا، تتابع الجماهير الرياضية المغربية، وغير الرياضية أيضا، وفي مختلف البلدان النسخة الثانية والعشرون لكأس العالم (مونديال قطر) 2022 لكرة القدم بشغف كبير.
فبالإضافة إلى آلاف المشجعين المغاربة الذين توجهوا إلى قطر خصوصا من المهاجرين بأروبا، والجالية المغربية في قطر ودول الخليج عامة، ومن الداخل ايضا، ويشكلون بذلك أحد أكبر الجماهير الحاضرة، إن لم يكن أكبرها، حسب ما يتم تداوله، مغربيا، طبعا.
كما تم إطلاق عدة مبادرات لتتبع مباريات هذه البطولة الدولية المتفردة، وبشكل خاص مباريات المنتخب المغربي. فحتى المبادرات التي أثارت بعض الانتقاد، بغض النظر عن أداورها المحتملة والممكنة، ستلقى إقبالا مهما، ناهيك عن تتبع أجواء هذه الكأس في المنازل والمقاهي والقاعات والساحات التي يتم تهييئها لهذا الغرض، نظرا للشعبية الكبيرة التي تحظى بها الساحرة المستديرة بالمغرب، وفي كافة ربوع العالم، بل أن هناك شعوبا ومجموعات اجتماعية تعتبرها من أولوية أولوياتها، متقدمة في ذلك عن كافة القضايا والاهتمامات الأخرى.
***
الانتماء للوطن لا يعبر عنه فقط بالحماس في تشجيع الفريق الوطني للبلاد، بل يعني كذلك وأساسا العمل الجماعي من أجل أن يستفيد كافة مواطني وسكان بلد معين من خيراته ويتمتعون بالكرامة والعيش الكريم.
أمام موجة الغلاء الفاحش التي تعرفها مختلف المواد والخدمات الأساسية، والتي لا تخص بلدا لوحده، لعدة عوامل، والتي تتميز في المغرب عن مثيلاتها في مختلف بقاع الأرض باستغلال أسبابها لتحقيق المزيد من الربح، أو ما يمكن وصفه بتفشي النهب والغنى الفاحش، ناهيك على أن الجشع يبلغ ذروته، ويكاد ينخرط فيه تقريبا كل من لديه فرصة لبيع شيء ما، سواء طالته الزيادة أم لا، بالنظر إلى الغياب "المقصود" لمراقبة الأسعار (والجودة أيضا)، وهو نفس المنطق الذي تستفيد منها كبرى المقاولات المتحكمة في مختلف مناحي السوق، وتوجد في واجهتها شركات المحروقات والتي تخفي ما ورائها.
***
يتبين في الحقبة الحالية، أن الجماهير وفي مقدمتها الجماهير الرياضية تستهويها كرة القدم أكثر مما يستهويها التصدي للغلاء الذي يعبرون عن تذمرهم منه كل حين. خصوصا في السنوات الأخيرة، بعد احتجاجات 20 فبراير 2011، كما أن الذاكرة الجماعية لازالت تحمل ندوبا لم تندمل حول مواجهة الزيادات في أسعار المواد الأساسية والخدمات، ومن أبرزها القمع الدموي لانتفاضة يونيو 1981 في العاصمة الاقتصادية للبلاد، وكذلك عدد من المناطق في فترات زمنية مختلفة متواترة، إلى جانب التضييق الممنهج والمنع والتشويه والتبخيس الذي تتعرض له الحركات الاحتجاجية الواقعية والمبادرات الافتراضية المناهضة للغلاء. واعتقال عدد من النشطاء الاجتماعيين وغيرهم. علما أن هذا المعطى متحول باستمرار.
***
كرة القدم الرياضة الأكثر شعبية، معشوقة الجماهير عبر العالم، ظلت أيضا محور التوظيف السياسي غير المباشر (وحتى المباشر متى تطلب الأمر ذلك)، وكذلك من خلال استيلائها على عقول واهتمام فئات اجتماعية واسعة مقابل تغييب معظم القضايا الملحة للشعوب دوليا، وكذلك وطنيا. وتختزن الذاكرة معطى كيفية التعامل مع اقتراح وقف بطولة كرة القدم لتصحيح مسارها إثر هزيمة المنتخب الوطني أمام منتخب البلد الجار "العدو الشقيق" وكذا التدخل السياسي لمنع سقوط فريق رياضي كبير في فترة حساسة من تاريخ المدينة التي يوجد بها والبلاد ككل (سقط بعد أن تغيرت الظروف) وتجارب أخرى كثيرة… كما أن عدد من المسيرين والوجوه الرياضية تحملهم شعبية الكرة إلى عدد من المواقع والمسؤوليات.
الأمر هنا لا يخص بلدا وحده، بل أن عدد من "الدول النامية" (وبدرجة أقل الدول المتقدمة) تعتبر الإنجاز الكروي أهم من الإنجاز الاجتماعي الذي يعود بالفائدة على شعوبها.
***
وفي خضم هذا وداك، لا يمكن تجاهل المتعة التي تمنحها كرة القدم للجمهور الرياضي، ويتجلى ذلك أيضا في انخراط الأطفال والشباب والكبار في لعب هذه المستديرة الساحرة، وفي أي فضاء متاح لممارستها، بعيدا عن كل حسابات من هذا النوع، وفي الملاعب أيضا.
فضلا عن العوائد المادية الكبرى التي تنتجها كرة القدم، التي تشكل اقتصادا موازيا مستقلا بذاته، نتيجة للأموال الكبيرة التي تضخ فيها، جراء تعدد الشركات العملاقة التي تستثمر فيها إعلاميا وصناعيا أيضا.. الأمر الذي تجسده –كذلك- الأرقام الخيالية "لأثمنة" اللاعبين خصوصا في الدوريات الأكثر احتراف ومردودية، ومؤشرات أخرى.
ناهيك على أن منظمة رياضية دولية مثل "الفيفا" قد أصبحت قوة مالية واجتماعية كبرى وذات تأثير سياسي أيضا.
***
النسخة الجديدة لكأس العالم (قطر 2022) تتميز بعدد من نقط القوة، وفي مقدمتها البنية التحتية والتي يتبين أنها لم تضاهيها عدد من البلدان الأخرى التي سبق لها تنظيم هذه الكأس. وقد أثارت ظروف إنجازها ضجة كبرى فيها الحقيقي والمفتعل، فضلا عن توقيت تنظيمها.
كما أن البعض اعتبر مجرد احتضان دولة عربية إسلامية لهذه الدورة، يشكل نوعا من "الجهاد" ولم يتوان في التعريف بالتحاق أناس جدد بالدين بالتزامن مع "المونديال القطري".
أما مغربيا، فقد تم اعتبار تنظيم هذه النسخة، يتم أيضا بنكهة مغربية، من خلال اشتغال العمال والحرفيين في أوراشها، تغطية الجانب الأمني، إشراف فنان موسيقي عالمي مغربي على الجانب الفني، نحث الكأس أو جزء منها -حسب ما تم تداوله- من طرف صانع مغربي، تصوير إشهارات لهذه البطولة في المغرب… الخ.
***
وإلى جانب ذلك، وفي جوهره تعلق الجماهير الرياضية المغربية آمالا كبرى على مشاركة "المنتخب الوطني" في تظاهرة كأس العالم لهذه السنة، وتتمنى تجاوز الانتكاسات السابقة. خصوصا وأن هذه المشاركة، ذات طابع خاص، حيث تتم تحت قيادة مدرب مغربي الأصل ومجموعة بارزة من اللاعبين المتميزين في الفرق التي يلعبون إليها (أغلبيتهم نتاج محض لفرق أروبية كبرى) تجمعهم الهوية وحب الانتماء والتشبث بتمثيل الوطن.
***
وعلاقة بالموضوع، نجد أن التطوير الإيجابي الذي تشهده البنية التحتية الكروية بالمغرب، يتطلب مواصلة تطوير اللعبة أكثر حتى يمكن الاستعانة بالمنتوج الداخلي بشكل متوازن مع لاعبي الخارج، مستقبلا. ووضع حد للمشاكل وبعض الممارسات غير الرياضية المصاحبة.
مع تسجيل أن ذلك يتم في ظل واقع لا يتناسب مع ايقاع تأهيل البنيات التحتية والاجتماعية الأساسية للبلاد، والتي تعد جد متأخرة، بمبرر نذرة الموارد المالية، وإن كان الأمر ذو طبيعة سياسية وليست تدبيرية محضة، حتى يتم تخصيص جزء من الموارد المالية الموجهة لبعض المجالات غير الرئيسية (أصلا) للنهوض بالواقع الاجتماعي المتردي لعموم المواطنات والمواطنين (حتى لو كانت ناتجة عن الإشهار فقط).
***
لا يمكن الجدال في الأهمية التي تكتسيها الرياضة بشكل عام وكرة القدم خاصة وضرورتها.
تحضرني بالمناسبة ملامح رواية رائعة تحت عنوان "اللجنة" تتناول "ظاهرة" رفض واستهلاك مشروب غازي شهير، في نفس الآن، حيث يتم تناوله (شربه) بعد انتقاده في مشهد متناقض.
ننتظر التمتع بمشاهدة مباريات كروية مشوقة ومهمة في الدورة الحالية لكأس العالم 2022، وأن تستمر كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية والأكثر مساهمة في التواصل بين الشعوب، وتحقيق نتائج مشرفة للمنتخب المغربي.
رحال لحسيني
20 نونبر 2022


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.