الخط : إستمع للمقال أشعل منشور لرئيس فرع الاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة سوس ماسة، التجمعي إدريس بوتي، موجة غضب عارمة في صفوف شبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير، بعد أن نشر ملخّصًا للقاء جمع رئيس الحزب والحكومة عزيز أخنوش، رفقة بعض وزراء الحمامة، مع أبناء رجال أعمال منتمين ومتعاطفين مع الحزب بالجهة. المنشور الذي وصف اللقاء ب"النقاش المثمر مع المستثمرين الشباب"، أغضب المئات من أبناء الشبيبة الذين كافحوا في الأحياء الهامشية، وتدرّجوا في مراتب النضال الحزبي بالعرق والجهد، ليُفاجؤوا بمنطق جديد يُعيد إنتاج التراتبية الطبقية داخل الحزب، ويُؤشر على خطر تسلّل "نُخبة المال" لقيادة المسار السياسي عبر التوريث والامتيازات. اللقاء الذي عُقد في سرية تامة، وحضره رئيس الجهة كريم أشنكلي إلى جانب وزيري الاستثمار والفلاحة، وُصف بأنه استمرار لسياسة الإقصاء التي بدأت تستهدف الشبيبة الحرة والمستقلة في مواقفها، مقابل تمكين فئة من أبناء رجال الأعمال الطامحين لوراثة مفاتيح القرار داخل الحزب. وفي سياق ردود الأفعال الساخطة، نشر الناشط الجمعوي والمدوّن هشام الصنهاجي تدوينة لاذعة على حسابه بموقع فيسبوك، أرفقها بصورة لمنشور إدريس بوتي، وعلّق قائلاً بسخرية مريرة: "النضال VIP.. رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب سوس ماسة بغا يدير شبيبة ديال ولاد الفلوس وقصى أعضاء الشبيبة... نوضو على سلامتكم يا الفقراء". الردود لم تتأخر، وجاءت بصيغ مباشرة ومشحونة على منصات التواصل الاجتماعي، من طرف قيادات شابة اعتبرت أن "الشبيبة التجمعية ليست رقمًا يُقارن ولا كائنا انتخابيًا يُستبدل، بل هي مدرسة نضال، وصوت أصيل. ومن يُقلّل من قيمتها عبر التكوليس السياسوي الرخيص، فهو يُسجّل ضد نفسه، وإن عدتم عدنا...". وجاء في أحد الردود الغاضبة من أحد أعضاء شبيبة الأحرار بأكادير، كذلك: "ربما ستظل دار لقمان على ما هي عليه حتى تكتب الأقدار زلزالا من نوع آخر... يظنون أنهم بأموالهم وعلاقتهم أننا غير قادرين على مواجهاتهم... فلتظهروا لهم أننا أبناء هذه الأرض ليعلموا أننا خرجنا من رحم أحياء هذه المدينة نعرف تركيبتها و تاريخها... نحن أبناء الميدان... صنعنا أنفسنا بأنفسنا لم نصنع من ريع الفساد ولم تصنعنا خيرات أعالي البحار ولا من أراضي المستعمر ولا حتى من قصص و أوهام اليقضة.. الكفاءة والعمل شعارنا و مبدأنا". كما كتب أحد الوجوه الشابة كذلك: "الطبيعة لا تقبل الفراغ. نعتبر أنفسنا رجال الغد.. العمل والتكوين إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها. رسالة إلى أي شاب من الأجل الانضمام، ماشي تكون معانا حنايا الزرقين الواعرين، ولكن ناضل بطريقتك فحب المدينة هو لي كايجمعنا كاملين، نخليكم مع شايفين". المفارقة أن إدريس بوتي، صاحب المنشور المثير، يُعتبر الذراع الأيمن للمنسق الجهوي للحزب ورئيس الجهة كريم أشنكلي، ما عمّق الجراح التنظيمية وأعاد للواجهة تساؤلات حول من يحكم فعليًا داخل "عُش الحمامة" بجهة سوس ماسة: أبناء القاعدة أم رجال الأعمال والمقربون من رؤوس النفوذ؟ ويبدو أن اللقاء الذي خُصص للمحظوظين من أبناء رجال الأعمال التابعين والمتعاطفين مع حزب الحمامة، لن يمرّ مرور الكرام، في ظلّ تصاعد حالة التململ داخل الشبيبة، وعودة لغة العدالة التنظيمية إلى الواجهة، وسط مطالب بمحاسبة كل من يسعى لتحويل الحزب إلى أداة نخبوية معزولة عن نبض الشارع. اللقاء الذي فجّر هذه العاصفة، لم يكن عاديًا، بل جرى خلال تواجد رئيس الحكومة ووزراء حزب الأحرار بمدينة أكادير للمشاركة في المؤتمر الجهوي "مسار الإنجازات"، الأسبوع ما قبل المنصرم، وتم تنظيمه في سرية تامة بعيدًا عن أنظار قواعد الحزب، قبل أن ينشر تفاصيله رئيس فرع الباطرونا بسوس، مساء أمس الثلاثاء، ويتحوّل إلى مادة مشتعلة في أوساط الشبيبة التجمعية. هذا الحدث كشف بالملموس عن انتقال عدوى التشردم والانقسام، التي يعيشها الحزب على مستوى مدينة أكادير وعدد من التنسيقيات الإقليمية بجهة سوس، إلى التنظيم الشبابي للحزب، وهو ما ينذر بخسائر تنظيمية فادحة قد تمتد إلى المحطة الانتخابية المقبلة، خصوصًا وأن الشبيبة كانت تُعتبر إلى وقت قريب إحدى أدوات التعبئة و"الدينامو" التنظيمي داخل الحزب. وفي ظل هذا الوضع، يحذر عدد من الفاعلين من موجة هجرة جماعية وشيكة للكفاءات الشابة نحو أحزاب سياسية بديلة، إذا استمر الحزب في نهج منطق "أولاد الشعب يخدمو ويحطبو، وأولاد الفشوش يركبو الموجة". فاستمرار منطق الامتيازات والولاءات الطبقية على حساب الكفاءة والنضال، قد لا يفرّخ فقط جيلًا ناقمًا داخل الشبيبة، بل يهدّد أيضًا بخسارة خزان انتخابي حاسم في استحقاقات 2026، إذا لم يتم تدارك الوضع ووضع حد لثقافة التمييز داخل "عُش الحمامة". الوسوم أخنوش عزيز أكادير الشبيبة التجمعية المغرب سوس ماسة غضب