كشف تقرير ياباني نشرته مجلة نيكان آسيان ريفيو في عددها الصادر يوم 13 يونيو 2016، اعتمادا على مصادر استقتها المجلة من العاصمة الكورية الجنوبية سيول، على تفاصيل عمليات تجارة غير شرعية كورية شمالية للسجائر المزيفة وارتباطها بالمنظمات الارهابية والارهابيين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبخاصة مع المختار بلمختار، الذي أشار إليه التقرير بأنه أصبح يلقب “المستر مارلبورو” نتيجة أعمال تهريب السجائر التي تزايدت بعد ركود العمليات الإرهابية. وفيما يلي الترجمة الكاملة للتقرير: سفينة الشحن الكورية الشمالية MV جين تنغ محتجزة من قبل السلطات الفلبينية في خليج سوبيك في أوائل مارس تم تفتيش حمولتها بموجب عقوبات أممية جديدة. (أسوشييتد برس) يبدو أن تشديد عقوبات الأممالمتحدة ضد كوريا الشمالية قد يضيق الخناق على مصدر هام للعملة الصعبة لهذه الدولة الشيوعية: السجائر غير المشروعة. هذا وكانت سلطات الموانئ في مانيلا ومالطا قد احتجزت على الأقل مرتين في السنوات الثلاث الماضية شحنات كورية شمالية من ملايين السجائر المزيفة بطريقة عالية الجودة من نوع مارلبورو مغلفة وتحمل علامات تماماً كما تلك التي تعد للبيع بشكل قانوني في العراق. وبموجب قرار الأممالمتحدة الذي اعتمد في 2 مارس رداً على التجارب النووية والصاروخية الأخيرة من قبل كوريا الشمالية، فإن الدول الأعضاء أصبحت اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتفتيش جميع البضائع المتوجهة من وإلى البلاد للتحقق من السلع المهربة. وإضافة إلى ذلك، حظرت الولاياتالمتحدة في 1 يونيو على مصارف بلد ثالث استخدام حسابات في الولاياتالمتحدة لتنظيم صفقات مالية لنظرائهم في كوريا الشمالية. وتوقعت سولافة سمير Sulafar Safir، الملحقة التجارية في السفارة العراقية في سيول، أن الشحنات المضبوطة ربما حملت علامات عراقية بغرض تسهيل بيعها في الدول المجاورة مثل سوريا وتركيا. وكانت شحنة مالطا معنونة إلى شركة ليبية تدعى الشما المودي Al Shama Al Modea، التي ظهر اسمها أيضاً في قضية مالطا 2014 التي تنطوي على سجائر ونستون مزورة. وتضمنت أوراق شحن مانيلا عنوانين في الفلبين، شركة غيرفيك للتجارة وترانس أوشن إكسبورت سيلز. والفلبين واحدة من أكبر أسواق السجائر المزورة في آسيا، تشكل حوالي 709 ملايين من مليار سيجارة مزيفة تم استهلاكها في 16 سوقا إقليمية في عام 2014، وفقاً لدراسة نشرت في يناير من قبل المركز الدولي للضرائب والاستثمار واقتصاديات أكسفورد. وأعدت الدراسة مجموعة فيليب موريس الدولية المالكة لشركة مارلبورو. وتمتلك شركة اليابان للتبغ (جابان توباكو) حقوق العلامة التجارية ونستون خارج الولاياتالمتحدة. وقال متخصص في شؤون التبغ على دراية بكلا الشحنتين المصادرتين إن شحنة مانيلا كانت متوجهة إلى ميناء جبيل في دولة الإمارات العربية المتحدة ليعاد شحنها إلى سورية من قبل رجل أعمال سوري. وبينما الانتماء السياسي لرجل الأعمال ليس واضحاً، تحول المتمردون والإرهابيون في سورية والجزائر وأفغانستان ودول أخرى في الشرق الأوسط إلى تهريب السجائر لجني المال. وفي تقرير صدر العام الماضي، أحصى مركز تحليل الإرهاب في باريس 15 جماعة إرهابية لجأت الى السجائر المزورة والمهربة كمصدر للتمويل، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني في تركيا. وقال التقرير إن الكميات التي تعبر الحدود مع سوريا تضاعفت منذ بدء الحرب الأهلية في البلاد عام 2011. وقال لويز شيلي، مدير مركز (مكافحة) الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية والفساد في جامعة جورج ميسون، إن “السجائر المهربة إلى تركيا تستخدم لتمويل الإرهاب”. ويُعرف عن خالد أبو العباس، المعروف باسم المختار بلمختار وزعيم فرع تنظيم القاعدة في شمال غرب أفريقيا، أنه أيضاً يعتمد على تجارة السجائر للحصول على أموال. وقال مايكل إليس، المدير المساعد في قسم التزوير والبضائع غير المشروعة في الإنتربول، بأن ” الصلات بين تنظيم القاعدة وتهريب السجائر هي التي أدت إلى إطلاق لقب “السيد مارلبورو” على بلمختار”. مفيدة كسيولة وظهرت كوريا الشمالية كمنتج رئيسي للسجائر المقلدة بعد انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية في أواخر عام 2001، حيث بدأت عملية تضييق الخناق على هذا النشاط داخل حدودها، وفقا لتقرير في عام 2014 أعدته شينا غريتينز، أستاذة العلوم السياسية في جامعة ميسوري. وانتقل الإنتاج ببساطة عبر الحدود الكورية. وبين عامي 2002 و2005، تم ضبط سجائر مارلبورو مزيفة من كوريا الشمالية 1300 مرة داخل الولاياتالمتحدة، وفقاً لتقرير صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية في ديسمبر. ورغم أن كوريا الشمالية حظرت في العام الماضي بيع السجائر الأجنبية على أراضيها، إلا أن تزييف العلامات التجارية الأجنبية مستمر، وفقاً لمقابلات أجرتها غرتينز مع منشقين عن النظام الكوري الشمالي. وقالت إن “السجائر عنصر مربح جداً للتزوير مقارنة مع غيرها من السلع الاستهلاكية. وهي أيضاً أقل خطورة من منتجات مثل المخدرات من حيث الملاحقة القانونية”. وتساءل دانيال بينكستون، محاضر في العلاقات الدولية بجامعة تروي في سيول، “كيف تحصل (كوريا الشمالية) على العملة الصعبة لدفع ثمن الواردات الضرورية؟… مع نظام العقوبات ونقاط الضعف والمشاكل الهيكلية في الاقتصاد، تلك المشاكل لن تزول في الوقت القريب، ولذلك سوف تستمر الضغوط للجوء إلى الأنشطة غير المشروعة”. ومن الصعب بطبيعة الحال الحصول على معلومات مؤكدة حول هذا الأمر. وقال محقق في قضية المضبوطات الأخيرة، “لا نعرف الكميات .لكن أعتقد أنها في صعود وهبوط، كما أن الإنتاج سيستمر وسيزداد. ونعلم من مصادر أولية أن ما يقيد أحجامها هو عدم وجود آلية ونقص في قطع الغيار. ولديهم تراكم من طلبيات مزيفة. وما هي إلا مسألة الحصول على آلات لإنتاجها”. وذكرت وكالة ترويج التجارة والاستثمار في كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية استوردت ما قيمته 180 ألف دولار من معدات تصنيع التبغ السويسرية في النصف الأول من عام 2014، رغم أن كوريا الشمالية تنتج علاماتها التجارية الخاصة للاستهلاك المحلي. والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون مدمن على التدخين، وغالباً ما يتم تصويره مع سيجارة مشتعلة في يده. والسجائر المشروعة واحدة من المواد المصنعة القليلة التي تصدر البلاد، معظمها إلى أو عبر الصين. وعلى طول الحدود، يتم استخدام السجائر الكورية الشمالية أحيانا بدلاً من العملة في الصفقات الصغيرة. وجاءت هذه المضبوطات في مانيلا ومالطا بعد تحذيرات لسلطات الموانئ من الجمارك ووكالة الضريبة البريطانية والإنتربول. وتم تفتيش الشحنات المضبوطة من قبل عناصر الأمن الداخلي في الولاياتالمتحدة. وفي كلتا الحالتين، تم ضبط حاويات شحن بحري لعلب (كرتونات) سجائر كورية شمالية مشروعة تخفى علب سجائر مارلبورو مسروقة. وتضمنت شحنة مانيلا، التي ضبطت في أكتوبر 2013، 8 ملايين و790 ألف سيجارة مارلبورو مزيفة في 439 ألف علبة. واحتوت الشحنة في مالطا، التي ضبطت في يونيو 2014، 8 ملايين و160 ألف سيجارة في 413 ألف علبة. وذكر مصدر إن قيمة الشحنتين في السوق 4.2 مليون دولار إلى 8.4 مليون دولار. وكانت السجائر المزيفة مخفية خلف أكوام من السجائر الكورية الشمالية المشروعة. ووفقاً لوثائق الشحن، فإن الجهة المرسلة لكلا الشحنتين هي شركة سن مون ستار للتجارة ومقرها في داليان، ميناء شمال شرق الصين بالقرب من كوريا الشمالية. ولكن لا يوجد أي دليل على مثل هذه الشركة في العنوان المذكور على الفواتير، وقال أشخاص يعملون في المبنى إنهم لم يسمعوا بشركة سن مون ستار. ولا توجد أي إشارات على شركة غيرفيك للتجارة أو ترانس أوشن إكسبورت في عناوينهم المعروفة في مانيلا. وقال المتخصص في شؤون التبغ إن مصادره أخبرته أن السجائر جاءت الى داليان من ميناء نامبو الكوري الشمالي. وبعد مغادرة داليان، عبرت شحنة مانيلا كاوشيونغ، تايوان، وفقاً لسجلات الشحن. ومرت حاوية مالطا عبر بوسان في كوريا الجنوبية. ومجموعة فيليب موريس الدولية حذرة بشأن كيفية التعامل مع هذه الحالات. وقال متحدث باسم المجموعة “لا نعلق على الإجراءات المتخذة أو المزمعة فيما يتعلق بحالات محددة”. والسؤال الآن هو ما إذا كانت الدول الأعضاء في الأممالمتحدة ستنفذ بشكل صارم عمليات التفتيش التي من شأنها القضاء على المزيد من الشحنات المزيفة. وقال كريستوفر غرين، باحث في جامعة ليدن في هولندا، “أعتقد أنها ستجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لهذا النوع من العمل، وفي هذه اللحظة هي الطاقة العالية والتنفيذ الفعال، ولكن أكثر الأماكن عرضة لتنفيذ تفتيش البضائع باستمرار، على المدى الطويل، هي الأماكن الأقل احتمالاً لوجود مشترين. وأستطيع أن أتخيل أن غالبية الأماكن في أفريقيا والشرق الأوسط سوف تفقد الإرادة المؤسساتية أو الاهتمام في إجراء هذا التفتيش على المدى الطويل”. وقال بينكستون من جامعة تروي في سيؤول “من المؤكد أنها سوف تؤثر أو تحد من علميات التهريب الكورية الشمالية، لكن كل شيء يعتمد على إنفاذ القانون والامتثال. والتفتيش الصارم مكلف والكثير من الأماكن لا تملك هذه القدرات، إذن كيف سيتم الدفع لذلك؟”.