يخلد الشعب المغربي، وفي مقدمته أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير، غدا الجمعة، الذكرى ال67 لاستشهاد البطل علال بن عبد الله، الذي وهب روحه وفاء لمقدسات الوطن وثوابته، مبرهنا عن عمق الحس الوطني والوعي النضالي، عندما امتدت يد المستعمر في 20 غشت 1953 إلى رمز السيادة الوطنية وبطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، وأقدمت على نفيه هو والأسرة الملكية الشريفة. وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في مقال بالمناسبة، أن المغاربة يستحضرون، بهذه المناسبة، أجواء طافحة بأسمى المعاني والقيم الوطنية، مفعمة بالحماس الفياض والتعبئة الوطنية واليقظة الموصولة من أجل صيانة الوحدة الترابية المقدسة. وأشارت إلى أن المستعمر الفرنسي كان يتوهم أنه بتفكيك العروة الوثقى بين الملك وشعبه، سيخمد جذوة الروح الوطنية والمقاومة، لكن التحام المغاربة الوثيق وترابطهم المتين قمة وقاعدة، كان القوة الضاربة والصخرة الصلبة التي تحطمت عليها فعلته النكراء، إذ أفشل مخططاته التي كانت تستهدف طمس الهوية المغربية والنيل من السيادة الوطنية، مضيفة أنه عكس ما كانت تبيته حسابات السلطات الاستعمارية، فقد تقوت وتعززت صفوف الحركة الوطنية وتأججت الروح النضالية في وعي ووجدان الشعب المغربي الأبي، الذي أعلنها ثورة عارمة في وجه التحدي الاستعماري والمساس برمز السيادة والوحدة الوطنية. وأبرزت المندوبية السامية أن الشهيد علال بن عبد الله بن البشير الزروالي واحد من صفوة الشهداء الأبرار الذين برهنوا بنضالهم وافتدائهم بالروح وبالدم، عن سمو الغيرة الوطنية والمقاصد النبيلة للتضحية والتفاني في حب الوطن، مشيرة إلى أنه رأى النور بجرسيف بقبيلة هوارة بإقليم تازة حوالي سنة 1916، واشتغل في حرفة الصباغة بمسقط رأسه لينتقل بعد ذلك إلى مدينة الرباط حيث استقر بحي العكاري، واستطاع نسج علاقات وربط أواصر وثيقة مع عدد كبير من التجار الصغار والمتوسطين والحرفيين والصناع التقليديين بالمدينة ورجالاتها ووطنييها لما عرف عنه من مناقب حميدة وأخلاق حسنة وسلوك قويم، وما تشبع به من حس الوطنية الحقة وتشبث مكين بالمقدسات الدينية والثوابت الوطنية. هكذا، بادر هذا الوطني الغيور والمقاوم الجسور بما أوتي من إقدام وشجاعة وجرأة، وما تحلى به من روح نضالية مع رفاق دربه من الوطنيين ومن التجار والحرفيين الصغار والمتوسطين بمدينة الرباط إلى الإقدام على عمل بطولي سيظل خالدا في ذاكرة التاريخ فداء لملكه، حيث تصدى يوم الجمعة 11 شتنبر 1953 لموكب صنيعة الاستعمار "ابن عرفة" الذي كان متوجها صوب مسجد أهل فاس لأداء صلاة الجمعة، ليبرهن بهذه الخطوة المقدامة عن قمة الشعور الوطني ومدى تمسك المغاربة بملكهم الشرعي، بطل التحرير والاستقلال ورمز المقاومة، وموقفهم الرافض للفعلة النكراء لسلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية حينما امتدت أياديها في 20 غشت 1953 إلى رمز سيادة الأمة جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه وأسرته الملكية الشريفة، وأقدمت على نفيه بعيدا عن أرض الوطن، متوهمة أنها بإبعاد السلطان الشرعي عن العرش وفصله عن شعبه، ستخمد جذوة الروح الوطنية وشعلة المقاومة والفداء. وذكرت بأن الشهيد علال بن عبد الله انطلق بسيارة من نوع "فورد" رمادية اللون بسرعة في اتجاه موكب صنيعة الاستعمار "ابن عرفة" وبيده سلاح أبيض لطعنه به، غير أن ضابطا استعماريا ارتمى عليه معترضا سبيله. وفي نفس اللحظة، أطلق مجموعة من رجال البوليس السري كانوا متواجدين بنفس المكان، النار على الشهيد علال بن عبد الله رحمة الله عليه حيث سقط على الأرض مصابا بثماني رصاصات، خمس منها في الصدر والجبين، وثلاث في الظهر، فجسد بعمليته الاستشهادية، مواقف النضال الوطني في مواجهة الوجود الأجنبي، وأوج التضحية الوطنية باسترخاص النفس والنفيس وافتداء الروح التي هي أعز ما عند الإنسان في سبيل المقدسات الدينية والثوابت الوطنية.