العثماني: تصريحات أخنوش تضمنت "معلومات خاطئة"    تواصل المظاهرات في 56 مدينة مغربية ضد التطبيع وحرب الإبادة في قطاع غزة            "زيارة عمل" تقود العلمي إلى فنلندا    حملة جديدة على المعارضة بإسطنبول    "العدالة والتنمية" يتهم رئاسة مجلس جماعة سلا بالتحايل في ملف "التعاونية القرائية"    نادين أيوب أول فلسطينية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون: لنا أيضا أحلامنا    تفاصيل بيع تذاكر كأس إفريقيا "المغرب 2025" وإطلاق منصة رقمية للمشجعين    الأحمدي: "المغاربة لا يملكون سوى هدف واحد هوالفوز بكأس أمم إفريقيا"    زلزال بقوة 7,4 درجات يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    أمن طنجة يحجز 260 قطعة من الشهب الاصطناعية قبل مباراة اتحاد طنجة وحسنية أكادير    أمريكا تؤكد مطابقة المصايد المغربية لمقتضيات القانون الأمريكي الخاص بحماية الثدييات البحرية (MMPA)    الفوضى وسوء التنظيم يطغيان على العرض ما قبل الأول لفيلم "كازا كيرا"    إسرائيل تقدر عدد النازحين من مدينة غزة    وفد صحفي إيطالي يستكشف مؤهلات الداخلة... الوجهة الصاعدة للاستثمار والتعاون الدولي    10 أشهر حبسا لمهاجر مغربي نشر صور أمنيين على مواقع التواصل    ميداوي: "تعديلات الماستر" تتيح اختيار طريقة الانتقاء وزيادة المسجّلين    فقدان 12 قردا بعد تسلل أفراد إلى مركز فرنسي للبحوث الحيوانية    منظمات حقوقية تفضح بجنيف استمرار عبودية الصحراويين في مخيمات تندوف    فوزي لقجع: المغرب سيقدم أفضل نسخة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    سفير المغرب يفتتح معرض الفن العربي بواشنطن بدعم مغربي    دراسة: "حمية الكيتو" قد تساعد في علاج الاكتئاب    بطولة انجلترا: الاصابة تبعد ليام ديلاب ثلاثة أشهر عن تشلسي    توقيف مشتبه في قيامها بالنصب عبر الاستيلاء بطرق احتيالية على مبالغ مالية من حسابات بنكية    كيوسك السبت | إحداث لجنة مشتركة لتتبع توفير الكتاب المدرسي في نقاط البيع    كولومبيا.. جمعية الصحافة والإعلام توشح سفيرة المغرب بأرفع أوسمتها    حجز 260 وحدة من الشهب الاصطناعية المحظورة    بايرن ميونخ الألماني يزيح الستار عن تمثال الأسطورة فرانز بيكنباور    انتقالات: الهولندي إيميغا سينضم لتشلسي في نهاية الموسم قادما من ستراسبورغ        أولمبيك مارسيليا يعير حاريث لباشاك شهير التركي    ترامب يجتمع مع رئيس وزراء قطر بعد الهجوم الإسرائيلي في الدوحة        الدرهم يرتفع بنسبة 0,6 في الماي ة مقابل الدولار خلال الفترة من 4 إلى 10 شتنبر (بنك المغرب)    اعتراف أمريكي رسمي .. المصايد المغربية تُطابق معايير حماية الثدييات البحرية    الإدريسي: أخنوش تهرب من تقديم الحصيلة بالبرلمان واستبدلها بحوار منمق يساعده فيه الصحافيون    في ظل الاحتكار وتعطيل المنافسة الأجنبية.. الأبناك تواصل إثقال كاهل المغاربة بالاقتطاعات و"حماية المستهلك" تستنكر    الذهب يحوم قرب أعلى قمة تاريخية    حموشي يتباحث بالرباط مع المديرة العامة للأمن الداخلي الفرنسي    سابقة... لجنة من برلمان الحلف الأطلسي تزور مليلية وسط مساعٍ إسبانية لضمها تحت المظلة العسكرية    وزارة الانتقال الرقمي توقع شراكة استراتيجية لتعزيز الذكاء الاصطناعي بالمغرب    دراسة: أصوات "الطقطقة" الصادرة من الركبة ظاهرة طبيعية ما لم تصاحبها أعراض مرضية        هيئات مهنية صحفية تطالب أخنوش بسحب مشروع قانون "المجلس الوطني للصحافة"    إسبانيا تتحرك لاحتواء بؤر إنفلونزا الطيور.. إعدام طيور وإغلاق حدائق    استقبال حافل للفيلم السوداني ملكة القطن بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي    تدشين المحطة السككية الجديدة بتازة وإطلاق خدمة الربط بالحافلات مع الحسيمة    بيت الشعر بالمغرب يحتفي ب"موسم الخطوبة" في إملشيل بفعاليات ثقافية وشعرية    دراسة: التدخين يزيد خطر الإصابة بالنوع الثاني من داء السكري        بوفال يضع حدا لشائعة وفاة والدته: "كفاكم كذبا واحترموا حياتنا الخاصة"    فتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة الخامسة والعشرين للمهرجان الوطني للمسرح    ناصر الزفزافي يرسل رسالة مؤثرة من داخل سجنه بطنجة بشأن جنازة الفقيد والده    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البعثات التعليمية في العهد الحسني -الحلقة8-
نشر في بيان اليوم يوم 15 - 05 - 2019

لم يطرح موضوع الإصلاح في المغرب إلا بعد الاصطدام بالدول الأوروبية من خلال حدثين كان لهما أثر بالغ في نفوس المغاربة. يتجلى الأول في هزيمة المغرب أمام القوات الفرنسية في معركة إيسلي، حيث شكلت هذه الهزيمة التي لم يكن أشد المتشائمين بتوقعها، صدمة للنخبة السياسية المغربية، وطرح سؤال الذات لدى النخبة المثقفة والقادة السياسيين. ويتجلى الثاني في الهزيمة النكراء في حرب تطوان أمام إسبانيا، حيث استفحلت الأوضاع مرة أخرى، وانعكس ذلك على الأوضاع الداخلية وزادتها تأزما، وفقدت الدولة المغربية هيبتها السياسية والعسكرية في الساحة الدولية فانكسرت شوكتها. كما كشفت معركة إيسلي عن تقادم النظم السياسية والعسكرية والتعليمية المغربية التي اعتمدتها سياسة البلاد في خضم صيرورتها التاريخية، فأصبح الإصلاح ضرورة ملحة تفرضه الظرفية آنذاك، وشمل بالخصوص الجانب العسكري الذي أخذ حيزا مهما. كما أن الجانب التعليمي نال هو الآخر قسطا بعكس الأول، من خلال إرسال بعثات طلابية إلى الخارج.
شكلت البعثات التعليمية في العهد الحسني، لحظة تاريخية مهمة في التعليم العصري، وكان الهدف المقصود من إرسال البعثات توفير الكفاءات الوطنية اللازمة لتنفيذ المشاريع الإصلاحية التي برمجها السلطان في سياسته. فانكب اهتمامه على هذه البعثات لتنفيذ طموحه السياسي بعد عودتها للنهوض بالمرافق الحيوية، الشيء الذي نلمسه في التوزيع الجغرافي لطلبة البعثات، حيث تم توزيعهم على العديد من الدول الأوروبية.
سنركز في هذه الحلقات على أن نتائج البعثات لم تكن بارزة ومؤثرة في بناء دولة مغربية حديثة، كل ما سبق ذكره يجعلنا نطرح مجموعة من الإشكالات التي حاولنا الإجابة عليها بالتفصيل في الفصول الآتية:
كيف جرى انتقاء الطلبة الواقع عليهم الاختيار بغية إرسالهم للدراسة بالخارج ؟ وهل تمت دراستهم في ظروف ملائمة ؟ وإلي أي حد يمكن تفسير سيطرة العائلات الكبرى على السير العام لهذا المشروع الإصلاحي؟ وهل كان هناك تنويع في البلدان الأوروبية التي قصدها طلبة البعثات لإكمال دراستهم بها ؟ هل يمكننا الحديث عن تقييم الحصيلة إذا كانت إيجابية أم سلبية ؟ وما هي العوامل المؤثرة على المشروع الإصلاحي وساهمت في إفشاله
ولقد عاد هؤلاء الطلبة إلى المغرب في بداية سنة 1880، بعد أن تعلموا واستوفوا المقصود في مدة قريبة، حيث مدحهم معلميهم لا في القابلية والنجابة.
أما محمد بن الحبيب الفيلالي المكناسي المتوفى بمراكش سنة 1916 تعلم صناعة الميكانيك بانجلترا بمدرسة وفي تاريخ لم أقف عليهما.
وبالمناسبة تذكر الوثائق المغربية أنه تم تعيين خمسة عشرة طالبا سنة 1291ه/1874م بهدف توجيههم إلى عدة بلدان أوروبية من بينها انجلترا، وقصدوا مدينة طنجة ليخضعوا كمرحلة أولى إلى تكوين أولي خاصة في اللغات، ومن بين الذين وقع عليهم الاختيار ثلاثة وهم السيد محمد الجباص الفاسي، والسيد الزبير سكيرج ،والسيد إدريس بن عبد الواحد، وبعد تمكنهم من اللغة الانجليزية، تم إرسالهم سنة 1293ه/1876م إلى انجلترا، حيث قضوا زهاء أربع سنوات من الدراسة بمدرسة المهندسين العسكريين في شاتهام، كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك.
وفيما يخص هذه البعثة التي وجهها السلطان الحسن الأول إلى انجلترا للدراسة بمدرسة شاتهام وهي مدينة تبث بها المدرعات الحربية، بعد أن أقاموا هناك مدة خمسة أعوام ورجعوا للحضرة الشريفة، وكلف كل من إدريس بن عبد الواحد بطبجية طنجة، والزبير سكيرج عهد إليه بتركيب الموازين بالمراسي السعيدة، أما عن محمد الجباص فقد التحق بالخدمة الشريفة.
ويستخلص من الوثائق المغربية والانجليزية على السواء أن أفراد هذه البعثة قد استفادوا من مقامهم بالديار الانجليزية وعادوا منها بخبرة علمية لا تقل شأنا، فالتقارير البريطانية تؤكد على اجتهادهم وتقدمهم السريع في أعمالهم وبالإضافة إلى هذه البعثات الطلابية، تتحدث بعض الدراسات عن توجه مجموعة من المغاربة سنة 1302ه/1884م على دفعات إلى بريطانيا بهدف تعلم صناعة الأسلحة.
تشكلت أهم بعثة طلابية قصدت ألمانيا من ثلاثة طلبة هم : الميلودي الرباطي والحسين الودي وعبد السلام الدسولي، وهؤلاء كان قد وقع عليهم الاختيار من بين الخمسة عشر طالبا الذين تم تعيينهم سنة 1291ه/1874م بهدف تلقيهم تكوينا إعداديا في طنجة، فكان نصيب الثلاثة المذكورين أن توجهوا إلى ألمانيا.
وعن هذه البعثة وتاريخ إرسالها، نجد أن النائب السلطاني محمد بركاش تلقى موافقة الممثل الألماني ويبر، خلال سنة 1881 بإيفاد ثلاثة شبان مغاربة إلى ألمانيا، حيث تابع عبد السلام الدسولي دراسته بمدرسة المناجم Klous-thol، فيما درس الحسين الودي بمدرسة ضباط الهندسة، أما عن الميلودي الرباطي فقد التحق بالأكاديمية العسكرية ببرلين.
أفواج تعلمت بألمانيا كان منها الطلاب وكان منها الجنود، فالفوج الأول تركب من ثلاثة أفراد عينوا سنة 1291ه/1874م للتعلم بها بعد أن لقنوا اللغة ومبادئ العلوم بطنجة نحو السنتين ثم ذهبوا إلى ألمانيا وأسماءهم هي : الميلودي بن محمد الزيادي الطالبي، والحسين بن الحاج خلوق الوديي، اللذان لما عاد إلى المغرب حوالي 1886 عينا مدة قليلة ترجمانين للمهندس فاكنر Wagner عميل كروب.
وتقلب الحسين بعد ذلك في وظائف بالجيش، منها أنه سمي قائدا عسكريا لطرفاية عند انسحاب ماكينزي منها، بينما عاد الميلودي إلى ألمانيا لتتميم دراسته ببرلين مدة ثماني سنوات ابتداء من 1888، ولما عاد عين سنة 1896 كاتبا بالقنصلية الألمانية بالدار البيضاء، وظل يشغل هذا المنصب إلى سنة 1903 حتى سمي معلما للعربية بمعهد اللغات الشرقية ببرلين حيث توفي في نفس السنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.