بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    وزيرة الخارجية الفلسطينية تشكر الملك محمد السادس لدعمه القضية الفلسطينية والدفع نحو حل الدولتين    'الأسد الإفريقي 2025': مناورات لمكافحة أسلحة الدمار الشامل بميناء أكادير العسكري    كالاس: الاتحاد الأوروبي سيراجع اتفاق الشراكة مع إسرائيل    الوداد الرياضي يفك ارتباطه بالمدرب موكوينا بالتراضي    احتضان المغرب للدورة ال93 للجمعية العامة للإنتربول يعكس مكانته كشريك موثوق به في مواجهة التحديات الأمنية العالمية (مسؤول أمني)    استثمار تاريخي بقيمة 15 مليار دولار ينطلق بالمغرب ويعد بتحول اقتصادي غير مسبوق    حديث الصمت    الحسيمة.. 20 سنة سجنا ل"بزناز" متهم بالاختطاف والتعذيب وطلب فدية    بركة: حماية وتثمين الملك العمومي البحري مسؤولية مشتركة    مهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور يُكرّم الشيخة سعاد الصباح في دورته المقبلة    الخارجية الصينية: ليس لدى تايوان أساس أو سبب أو حق للمشاركة في جمعية الصحة العالمية    عامل شفشاون: مشاريع المبادرة ساهمت في تحسين المعيشة وتنزيل مشاريع مهمة    أخنوش: إصلاح التعليم خيار سيادي وأولوية وطنية    قمة الصعود تُشعل الجدل..شباب الريف يرفض ملعب الزياتن    وزير العدل: كنت سأستغرب لو وقع نواب "الاتحاد الاشتراكي" مع المعارضة على ملتمس الرقابة    بعد مشاركتها في معرض للصناعة التقليدية بإسبانيا.. مغربية ترفض العودة إلى المغرب    ثلاثة مراسيم على طاولة المجلس الحكومي    نقل إياب نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم إلى زنجبار    وهبي: رفضنا تعديلات على المسطرة الجنائية لمخالفتها مرجعيات الإصلاح أو لمتطلباتها المادية الضخمة    تلك الرائحة    بوريطة: دعم المغرب لفلسطين يومي ويمزج بين الدبلوماسية والميدان    الملك يهنئ رئيس جمهورية الكاميرون    عصابة المخدرات تفشل في الفرار رغم الرصاص.. والأمن يحجز كمية ضخمة من السموم    مجلس النواب يقر قانون المفوضين القضائيين الجديد في قراءة ثانية    كيف تعمل الألعاب الإلكترونية على تمكين الشباب المغربي؟    الناظور.. المقر الجديد للمديرية الإقليمية للضرائب يقترب من الاكتمال    انقطاع واسع في خدمات الهاتف والإنترنت يضرب إسبانيا    موريتانيا تقضي نهائيا على مرض الرمد الحبيبي    هذا المساء في برنامج "مدارات" : لمحات عن علماء وأدباء وصلحاء منطقة دكالة    الوداد الرياضي يُحدد موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية    "حماة المال العام" يؤكدون غياب الإرادة السياسية لمكافحة الفساد ويحتجون بالرباط على منعهم من التبليغ    مسؤولون دوليون يشيدون بريادة المغرب في مجال تعزيز السلامة الطرقية    استئنافية الرباط تؤجل محاكمة الصحافي حميد المهدوي إلى 26 ماي الجاري    40.1% نسبة ملء السدود في المغرب    توقيع مذكرة تفاهم بين شركة موانئ دبي العالمية والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية    مشاركة أعرق تشكيلات المشاة في الجيش الإسرائيلي في مناورات "الأسد الإفريقي" بالمغرب    صلاح رابع لاعب أفريقي يصل إلى 300 مباراة في الدوري الإنجليزي    يوسف العربي يتوج بجائزة هداف الدوري القبرصي لموسم 2024-2025    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ماكرون وستارمر وكارني يهددون إسرائيل بإجراءات "عقابية" بسبب أفعالها "المشينة" في غزة    مكالمة الساعتين: هل يمهّد حوار بوتين وترامب لتحول دراماتيكي في الحرب الأوكرانية؟    طقس حار نسبيا في توقعات اليوم الثلاثاء    الاقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة أساسية لتنمية شاملة ومستدافة" شعار النسخة 6 للمعرض الجهوي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بوجدة    نداء إلى القائمين على الشأن الثقافي: لنخصص يوماً وطنياً للمتاحف في المغرب    مسرح رياض السلطان يواصل مسيرة الامتاع الفني يستضيف عوزري وكسيكس والزيراري وكينطانا والسويسي ورفيدة    شاطئ رأس الرمل... وجهة سياحية برؤية ضبابية ووسائل نقل "خردة"!    "win by inwi" تُتَوَّج بلقب "انتخب منتج العام 2025" للسنة الثالثة على التوالي!    مستشفى صيني ينجح في زرع قلب اصطناعي مغناطيسي لطفل في السابعة من عمره    تفشي إنفلونزا الطيور .. اليابان تعلق استيراد الدواجن من البرازيل    مهرجان "ماطا" للفروسية يحتفي بربع قرن من الازدهار في دورة استثنائية تحت الرعاية الملكية    ورشة مغربية-فرنسية لدعم أولى تجارب المخرجين الشباب    تشخيص إصابة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن بنوع "عدواني" من سرطان البروستاتا    من المغرب.. مغادرة أولى رحلات المستفيدين من مبادرة "طريق مكة"    التوصيات الرئيسية في طب الأمراض المعدية بالمغرب كما أعدتهم الجمعية المغربية لمكافحة الأمراض المعدية    رحيل الرجولة في زمنٍ قد يكون لها معنى    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد خير الدين: رواية أكادير (22)
نشر في بيان اليوم يوم 26 - 08 - 2012

‎بعت كل أغراضي إلا حقيبة من الفرو وملاءة وشرشفاً وقميصين وحذاء، ورحلت عن بيتي 2/2
كان محمد خير الدين في الرابعة والعشرين وقت أن أصدر روايته الأولى «أكادير»، التي نركب ههنا مغامرة ترجمتها لقراء العربية. رواية تحكي قصة موظف ترسله مؤسسة الضمان الاجتماعي إلى المدينة المنكوبة بزلزال 1960 ليجمع ملفات بالسكان المنكوبين. لكن تلك القصة فيها لا تعدو أن تكون مجرد ذريعة لبناء كتابة شذَرية متمردة على أعراف الكتابة السردية، فإذا «أكادير» قد جاءت نصاً مفرداً بصيغة الجمع؛ فهو يهز هزاً بنية السرد الروائي، بل يطيح بها ولا يبقي لها على قائمة، حتى أن إدموند عمران المالح عَدًّ هذه الرواية بأنها «لا تنبئ بميلاد روائي مبدع باللغة الفرنسية فحسب، بل تنبئ كذلك عن ميلاد استثنائي لشاعر كبير بأنفاس شعرية وأسطورية كبيرة».
وقد توجت رواية «أكادير» بجائزة فريدة كذلك هي «Les enfants terribles» لمؤسسها جون كوكتو. وهي لذلك كله وغيره – استعادة صاحبها إلى مهاده اللغوي مثلاً – تستحق هذه المحاولة في الترجمة ضمن مشروع لنقل أدب خير الدين إلى العربية قطعنا فيه أربع ترجمات، والبقية تأتي.
‪-‬22‪-‬
إنه الله أم من يكون؟ نعم، إنه هو من يتكلم الآن، ومنذ أن شرع إلهه يتكلم حتى تطلع خصلا شعر من بين الأعشاب الجافة في البراري، تدور فوق رؤوس لعب، وسرعان ما صارت أجساداً مكتملة، من غير أذرع ولا سيقان، تشرع في النهيق، الله الشهير، القطعاوة الكبير الخنثى، الجد قائلاً، اخرسوا إذن، سيقتصر على سؤالكم، لكن الأجساد تزداد كبراً إلى أن تبلغ السحاب، وكان الله بالقرب صغيراً جداً، كان الشعر يغطي السحب ببقع من دم، فلم أكن أتردد، لم أستطب العيش ههنا فعدت إلى مدينتي في اليوم الموالي، لكنني صرت منذ ذلك الوقت لا أثق في الناس، لقد أدخلوني المستشفى لأنني كنت خائر القوى، لكن يفترض في الأناسي أن يهتموا بي فوق ما فعلوا، لقد فعلوا ذلك لأنني واحد منهم، فهم يهتمون جيداً بالكلاب وبالقطط، عدا أنهم هم وحدهم المسئولون عن حالتي الجديدة، فلقد أعادوني إلى الطبيعة التي لا يريدون، مع ذلك، أن يعترفوا باعتبارها جوابهم المباشر، فألوك ماضيّ كيفما كان، وقد أتركه من غير استئذان، لكني لا أفارقه قط لوقت طويل، عندما يتفق لي حلم، وبذلك أمكنني أن أعيش في أماكن كثيرة في وقت واحد، وهذا ينسيني حياتي الكريهة المنفرة، وقد يتفق لي أن أفترق عنهم لكنني لا ألبث أن أجدهم دائماً، فيكون مبتدؤ لقائنا بسورات فرح، لكن سرعان ما تنقلب إلى فظاظة وضيق، لذلك أفضل رفقة جدي، وهل هي ذي قصته، التي كتبها بنفسه، وهي باختصار تقدم ملخصاً لحياتي.
وثيقة
وصلنا منذ الفجر. لا أعرف لماذا نحن هنا. لا يزال الفجر يغلف كل الأرجاء. لا نتكلم. مركوزون على بعد أربعة أمتار من بعضنا البعض. لا أقدر أن أحصي بعضنا. لسنا في الشارع. ثم إن من المستحيل عليَّ أن أحدد لنا مكاناً. لكن يمكنني أن أزعم أنه ركن منعزل من القرية، لكن سيكون زعماً خاطئاً. الريح ساكنة، وتمطر ضوءاً في بطء شديد. ويخيل إلينا أنه مترب. ومع ذلك فهو ينفذ إليَّ. فلا أعرف أن أحرك لساني، ولا أتصور أن تكون هنالك كلمات ومشاعر قادرة على أن تبعث فيها من حركة. غير عابئ بالضوء الذي يسقط خفياً لا يُرى. وغير عابئ وكأني سعيد. آه، إنني أرى : لقد وصلت إلى هذا المكان من غير أن أعرف لي وجهة. فكأن كياني كله قد دفعني إليه دفعاً. توقفت لدى مروري أمام عمارة رمادية ضاربة إلى البياض. تكدست الأغراض. وقبالة باب العمارة توقفت شاحنة سوداء. كانت مفتوحة المؤخرة. نظرت إليها. كلا، بل بصري، وثبته في الفراغ. ثنيت يدي قليلاً ورفعتها إلى محجر عيني اليسرى، قبل أن أغمض عيني الأخرى. ما عدت أستبين غير فراغ الأفق. لا يكلمني أحد. فأنا شجرة. حاضر، ليس إلا. أدور حول نفسي. أرى العمارة. ورجالاً على قارعة الطريق. إنهم يحملون لوحاً كبيراً بقعرين. لا أقول إنه نعش. وإلا لكذبت. إنهم يعملون بحماس لوضع اللوح في مؤخر الشاحنة, تمنعهم امرأة أن يفعلوا. وجهها متورم. إنها تبكي. فلا يهتمون. بل إنهم يضحكون. ضحكة مقتضبة. كعندما لا تكون بك رغبة حقيقية في الضحك، لكنك تكون مجبراً على الضحك. وباختصار، إنها ضحكة تفتح أشداقهم كسكين، قد قوض لبرهة ذلك الهدوء الذي كان يطبع سحناتهم. نسيت أن أقول إن الرجال يتشحون سواداً. فأنا لا أحتاج إلى أن أحكي عما لا أعرف إلا قليلاً! ما زلنا ههنا. لا أعرف الآخرين. ولا يعرفونني. أسمع أشبه بأزيز في الهواء. لكن المؤكد أننا لا نستطيع تنفساً. وفي الهواء تعني من حوالينا. في الأعلى، والأسفل، وفي كل الأرجاء. فلنتفكر! إنه سطحي، سطحي، بشكل مريع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.