جولة ملكية افريقية جديدة تؤكد أهمية القارة ضمن دوائر السياسة الخارجية للمملكة وفي اهتمامات جلالة الملك... الزيارة الحالية التي تقود جلالة الملك إلى السينغال وغينيا بيساو والكوت ديفوار والغابون تعكس حرص المغرب على تقوية الشراكات الثنائية وتمتين العلاقات مع هذه الدول ومتابعة سير وانجاز المشاريع والبرامج المتفق عليها في زيارات ومباحثات سابقة، أي أنها تكرس التوجه المغربي الهادف إلى المساهمة العملية والملموسة في النهوض بالقارة وتنميتها. إن هذا التعاون الاقتصادي والتنموي بين الرباط وعدد من بلدان إفريقيا ليس محصورا في المشاريع والبرامج لذاتها، وإنما هو ينتظم في رؤية مغربية إستراتيجية هدفها منح الأمل لشباب وشعوب القارة والثقة في المستقبل وفي القدرات الذاتية، وأيضا ترسيخ تعاون اقتصادي وتجاري وصناعي وتنموي بين دول القارة نفسها وتطوير الشراكة جنوب – جنوب، وهنا تلتقي هذه الرؤية الإستراتيجية للفعل الاقتصادي والتنموي مع مثيلتها للعلاقات السياسية وللتعاون الثنائي والإقليمي لمواجهة مخاطر الإرهاب وغياب الأمن والاستقرار في عدد من مناطق القارة... منظومة العلاقات هي إذن متكاملة وشاملة لأبعاد مختلفة، اقتصادية وسياسية وإستراتيجية وثقافية، كما أنها تحيل على التزام ثابت لدى المملكة تجاه عمقها الإفريقي واستعداد دائم للتدخل والمساعدة لإيجاد حلول للتوترات المحلية والإقليمية وللنزاعات المسلحة والأهلية. وهنا لا بد كذلك من التذكير ببعد أساسي آخر في علاقات المغرب بشعوب وبلدان القارة الإفريقية، وهو البعد الروحي والديني المرتبط بالإسلام والزوايا الصوفية وبالتوقير والاحترام الذين يكنهما المسلمون الأفارقة للمغرب ولملكه، وهذا ما يعزز تنامي الأصوات المدعمة للمملكة ولقضاياها الوطنية ويقوي التطلع لتنمية التعاون بين الرباط وبلدان القارة. إذن، فعندما يعمل المغرب اليوم على تقوية حضوره الإفريقي، فهو لا يفعل سوى أنه يعيد للأشياء معناها الحقيقي والطبيعي، كما أن توالي زيارات جلالة الملك ومتابعته لسير تنفيذ ما يتفق عليه من برامج يعكس الالتزام القوي والراسخ للمغرب بالوفاء بتعهداته تجاه شعوب وشباب القارة، وهذا صار اليوم واضحا لدى البلدان المعنية نفسها، كما أن دولا أوروبية وخليجية وأمريكية وغيرها باتت ترى في المملكة المدخل الناجع للفعل الاقتصادي والتجاري في إفريقيا، وأيضا الطرف الأكثر مصداقية وجدية وشرعية للمساهمة في تقوية السلم والاستقرار داخل القارة ومكافحة مخاطر التطرف والإرهاب والجريمة ببعض بلدانها. ولهذا مسؤولية المغرب اليوم في علاقته بالقارة الإفريقية ليست فقط تاريخية، أو أنها تقوم على مجرد الالتزام بالاتفاقيات الموقعة ثنائيا مع الدول الشريكة والصديقة، وإنما هي كذلك مسؤولية إستراتيجية إقليمية ودولية . هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته