انصرم أسبوع بعد اقتراع سابع أكتوبر، وأمس الجمعة (الثانية من شهر أكتوبر) ترأس جلالة الملك افتتاح دورة البرلمان، بعد أن كان قد عين رئيس الحكومة، وفق المقتضى الدستوري، وفي إطار تكريس المنهجية الديمقراطية. حزب التقدم والاشتراكية، من جهته، واصل حياته النضالية، كما يفعل طوال العام، في الانتخابات وخارجها، وهو ينكب على تحليل حصيلته الانتخابية وقراءة المجريات العامة والميدانية للاستحقاق، وذلك ضمن قواعد الرصانة والجدية المشهود له بهما، وضمن احترام ضوابط أنظمته وقوانينه الداخلية. مرشحات ومرشحو "الكتاب"، الذين فازوا بمقاعد أو الذين لم يحالفهم الحظ، وفروع الحزب في المناطق، شكروا الناخبات والناخبين على الدعم والمساندة، ونظموا لقاءات تواصلية مع الناس، ويواصلون ذلك إلى اليوم، خصوصا أنهم يعرفون أن النتائج المحصل عليها، وإن كانت هناك أسباب ذاتية وتجليات نقص ساهمت في حدوثها، فهي ليست كلها تجسد حجم التجاوب الشعبي مع حملة الحزب بكل جهات المملكة، ولا تترجم، بموضوعية، المجهود الإشعاعي والتنظيمي الذي بذل، بالإضافة إلى أن صيرورة الاقتراع نفسه وردود فعل أحزاب مختلفة ومراقبين كثيرين، تجعل مناضلات ومناضلي الحزب فخورين اليوم بكل ما بذلوه من تضحيات، وهم يدركون كذلك ما ينتظرهم من مهام تنظيمية ونضالية داخل هياكل حزبهم العريق والمناضل والموحد. جميع المناضلين اليوم، وبقدر ما هم منشغلون بالمسار الديمقراطي العام للبلاد ومآلاته، وبكل ما يتربص به من مخاطر وتحديات، فهم في نفس الوقت يعتزون بحضورهم القوي أثناء الحملة الانتخابية، والاستقبال الإيجابي الذي خصصته فئات مهمة من شعبنا لهم، والتواصل النضالي الفعّال والجدي مع الجماهير. هنا تتجسد فعليا وميدانيا الهوية التقدمية لحزب التقدم والاشتراكية، وهنا تبرز القيمة النضالية والحس الأخلاقي الكبير لعضواته وأعضائه. أرقام ومقاعد الحصيلة الانتخابية لحزب التقدم والاشتراكية تستدعي فعلا قراءة صارمة وصريحة وجدية من لدن هياكل وأجهزة الحزب، ولكن، في الوقت ذاته، لا يمكن جرها قسرا للتغطية على القوة السياسية والفكرية للحزب، وعلى المضمون النضالي التقدمي المميز لارتباط الرفيقات والرفاق بحزبهم، وأيضا على المواقف القوية التي عبر عنها الحزب في الشهور أو السنوات الأخيرة، وأكسبته كثير تقدير في الأوساط السياسية والإعلامية والفكرية الوطنية، وهذه الجوانب كلها هي التي تبعث اليوم على الفخر والاعتزاز وسط مناضلات ومناضلي الحزب. حزب التقدم والاشتراكية كان وسيبقى حزب المناضلات والمناضلين، قوة يسارية تقدمية تعرف كيف تنصت للواقع وتحلل سياقاته، وتنتج أطروحات ومواقف وتحاليل ترتيبا على ذلك. وإن ما يجري اليوم حول المشاورات ذات الصِّلة بتشكيل الأغلبية الجديدة، وما يصدر عن مختلف الأحزاب من مواقف وتصريحات ومذكرات وسلوكات، يؤكد، في كثير جوانبه، صحة قرارات ومواقف التقدم والاشتراكية في السنوات الأخيرة، وأيضا حاجة البلاد إلى حزب مسؤول يمتلك جدية التحليل وبعد النظر ومصداقية الموقف واستقلالية القرار، مثل حزب التقدم والاشتراكية. إن من يستهدف اليوم التقدم والاشتراكية عبر مقارنته بكائنات مصطنعة وجدت قسرا في الساحة هو خاطئ، ومن يستهدف مناضلي التقدم والاشتراكية ومسؤوليه عبر وضعهم في ذات الخانة مع السماسرة والمتهافتين فهو كذلك خاطئ، ومن يعمي بصره عن رؤية نظافة يد ممثلي الحزب ووزرائه ومنجزهم وكفاءتهم فهو خاطئ وكاذب ومتحامل، ومن لم يتعب من ترديد أسطوانة تغير الحزب ونزعه هويته التقدمية، فهو لا يريد أن يرى سوى ما يتمناه، ولا يقبل النظر لواقع بلادنا والعالم كما هو. الحزب التقدمي سبق أن عاش ظروفا أصعب من هذه، وطرحت عليه، من قبل، تحديات أكبر بكثير من تلك المطروحة اليوم ارتباطا بنتيجة انتخابات، وهو دائما كان ينجح في تحويل الاستهدافات إلى انتصار ونجاح، وقوته في ذلك توجد في التفاف مناضلاته ومناضليه حول حزبهم، وفي رسوخ ممارسة الحوار الديمقراطي الداخلي بالأجهزة والمؤسسات التنظيمية للحزب، والالتزام بتبادل النظر والتحليل، وعدم التردد في القيام بالنقد الذاتي إذا بدا ذلك ضروريا، وعدم الخروج عن منهجية "التحليل الملموس للواقع الملموس"، ثم الاحتكام في الأخير إلى مقتضيات قوانين الحزب وقواعد الديمقراطية الداخلية بشكل واضح وشفاف، وبعد ذلك الانتقال إلى مهمات نضالية أخرى يفرضها الارتباط اليومي بانشغالات ومطالب وتطلعات شعبنا على الأرض وفي الميدان وبكل الواجهات النضالية، التي ليست الانتخابات والمؤسسات التمثيلية في نهاية الأمر سوى واحدة منها برغم أنها مهمة وتمكن من تطوير شروط الإصلاح وتحقيق إنجازات ملموسة لشعبنا. لكل هذا، وبرغم كل ما ينفثه البعض هذه الأيام من هنا أو من هناك، فإن مناضلات ومناضلي التقدم والاشتراكية، ومرشحات ومرشحي رمز "الكتاب" سيستمرون رافعين رؤوسهم، معتزين بحزبهم وملتفين حوله ومصرين على وحدته، وملتزمين بمصلحة بلادهم وشعبهم، وبقرارهم الحزبي المستقل. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته