أغبالة،بين مظلة العمل الجمعوي والصراعات القبلية الضيقة . .. لست هنا بصدد متابعة إعلامية أو نقل خبر سياسي، أو تربوي، أو.. وإنما الأمر مجرد شهادة حية ودرس مستفاد، بعدما لبيت دعوة الحضور إلى اجتماع نسيج اتحاد جمعيات أغبالة التابعة لتراب الجماعة القروية، والتي يفوق عددها أكثر من ستين جمعية على مستوى التسميات، أما العمل الجمعوي على أرض الواقع فيصعب التكهن به. بعدما تحول اللقاء إلى هستيريا فوضوية تعكس عدم تقدير المسؤولية عند البعض، وغياب هاجس الشفافية والهروب من المحاسبة، وتوظيف أوراق ذلك في الشهرة والنيل من بعض الأيادي النظيفة والغيورة على مصلحة الساكنة. ولعل واحدة من المفارقات غير الخاضعة لمنطق الحياة السياسية، أو منطق العمل الجمعوي تلك التي استنتجتها دون وعي يحدد مسبقا، وفي اجتماع سابق لنوعه بالنسبة لي كإنسان كان هاجس حضوره طبعا هو تجسيد كيفية تدبير الفعل الجمعوي في حيز جغرافي من حجم أغبالة نايت سخمان .. أو لنطلق الجزء على الكل، لتغدو النتيجة ولو نسبيا أغبالة بحجم المغرب. وأنا أحضر اجتماع اتحاد جمعيات أغبالة، استنتجت فعلا أن المغرب بمختلف شرائحه مازال بعيدا كل البعد عن أية فلسفة أو ثقافة جمعوية، خصوصا عندما تنتفي شروط العلم وغياب أسس الاحترام، والركوب على قلة الفهم ورضع ثدي الجهل، لتختلط المصلحة في عقول الأفراد بين الصالحة والطالحة. إذ ذاك تخرج الأمور عن مجراها الحقيقي وتدنس بمطامع النفس الأمارة بالسوء الجارية وراء أذى الأنا الجماعية،.. مسخرة في ذلك الأنا الذات الناسخة للآخر، والمتضخمة ضمن طقوس المسخ، وتهويل الكذب بحجة الحقيقة. مع العلم أنها أفقر من دود على عود. إن من أهم مصادر غنى الدول تلك التي لا تحدد بمدى حمولة أجيابها، أو انتفاخ صناديق أبناكها، وإنما الأمر يقاس بمدى حمولة عقول أبنائها، وارتفاع معدل علمها، ومبادئ الاحترام والتقدير. وأما حينما تتحول وظيفة النهار إلى تساو مع وظيفة الليل. فتلك عين الحقيقة المزيفة بكفن الميت الذي نمنحه صفة المجاهد، مع العلم أنه قد مات ميتة المرتدين.. وليسمح لي بعض قرائي على هذه الكلمات المجازية التي ذهبت ضحيتها بعدما حضرت هذا الاجتماع الكارثي، الذي تتبرأ منه قرية نموذجية من حجم أغبالة، حتى ولو كنت جديد الصلة بها. فإنه كما يقال:" ألسنة الناس أقلام للحق". إن الجرأة والصراحة لا تعنيان تجريح الآخرين، أو الانتقاص من أدوارهم ومساهمتهم ومردودية أعمالهم، كما لا تتكئان على النرجسية التي تعتبر النفس اللوامة مركزها، وليعلم من يركب على ظلم الآخرين، وتقمص المسؤولية دون وعي بها. إن أحسن شيء هو عدم التعاطي للسباحة بلا علم بها، لأن ذلك قد يحرمه رحمة الحياة، أو قد يعرضه إلى بلل ربما حمته ستستمر طول الزمن .. أو ببساطة قد تدفعه صوب سواحل الغرور، والمغرور كالطائر كلما على إلا وصغر في أعين الناس. وأنا كواحد حضر اجتماع اتحاد جمعيات أغبالة، خرجت بفكرة مفادها جهل معنى العمل الجمعوي، وقلة الحياء الثقافي والسياسي والتربوي، لأننا كشهود أو كقراء لتصرفات البعض الذي لا يزيد هذه الحياة سوى نجاسة، يمكننا أن نقول: إن الشجاعة الحقيقية تبقى في عالم المثالية، وإن مواقفنا غير ناجزة ولا نهائية، فقط أحسن شيء ينبغي البدء به هو محاكمة النفس وردعها، وتعلم دروس التربية والاحترام، معتمدين في ذلك على الوقائع والقرائن لكي نحاكم ثم نحكم .. ودامت أغبالة في عون بعض صلحائها، كما في عون بعض مجانينها. ولنا الصلاح المنشود في الكل، ولو أنه مفقود، فهل ستتكلم الحقيقة الخرساء يوما ما.. طبعا ما هكذا تورد الإبل يا سعد؟؟