بركة يدعو الاستقلاليين للابتعاد عن الحسابات الضيقة والعمل على نيل المراتب الأولى    صحيفة "معاريف" الإسرائيلية: نتنياهو "متوتر جدا" من مذكرة اعتقال دولية محتملة ضده على خلفية ارتكابه "جرائم حرب"    الملياردير ماسك يبدأ زيارة مفاجئة إلى بكين    تعيين حكم مثير للجدل لقيادة مباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    ليفار: قرارات الرداد أثرت فخسارتنا لماتش الحسنية وغانشكيو به للجنة التحكيم باش ياخد الجزاء ديالو    بسبب خريطة المغرب.. إتحاد العاصمة الجزائري يتجه نحو تكرار سيناريو الذهاب    طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة    الحبس النافذ للمعتدين على "فتيات القرآن" بشيشاوة    "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان "مالمو"    مسؤولون في الخارجية الأمريكية يقولون إن إسرائيل قد تكون انتهكت القانون الإنساني الدولي    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. تتويج المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    حزب الاستقلال يجدد الثقة في نزار بركة أميناً عاماً    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    محمد صلاح عن أزمته مع كلوب: إذا تحدثت سوف تشتعل النيران!    الحسنية يلحق الهزيمة الأولى بالجيش الملكي في البطولة    الحرب في غزة محور مناقشات قمة اقتصادية عالمية في المملكة السعودية    ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار    السلطات المغربية تتعقب صاحب صفحة "لفرشة"    الحصيلة المرحلية للحكومة في قطاع التعليم: من أجل أن تكتمل الصورة    محاولة الهجرة إلى سبتة تؤدي إلى مصرع شاب وظهور جثته في الحسيمة    ما الذي سيحدث بعد حظر الولايات المتحدة تطبيق "تيك توك"؟    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    افتتاح مهرجان تطوان المتوسطي ب"بنات ألفة"    توقيف سارق ظهر في شريط فيديو يعتدي على شخص بالسلاح الأبيض في طنجة    مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    بمشاركة خطيب الأقصى.. باحثون يناقشون تحولات القضية الفلسطينية    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    ما هو صوت "الزنّانة" الذي لا يُفارق سماء غزة، وما علاقته بالحرب النفسية؟    عاجل.. مؤتمر "الاستقلال" يختار نزار بركة أمينا عاما لولاية ثانية    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    "دكاترة التربية الوطنية" يطالبون بتعويض المتضررين من عدم تنفيذ اتفاق 2010    حزب "الاستقلال" يختتم مؤتمره.. في انتظار الحسم في اختيار أمينه العام واتجاه لتزكية بركة لولاية جديدة    قيادة الاستقلال تتوافق على لائحة الأسماء المرشحة لعضوية اللجنة التنفيذية    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    بدء أشغال المجلس الوطني لحزب "الميزان"    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    صحيفة "النهار" الجزائرية: إتحاد العاصمة الجزائري يتجه إلى الإنسحاب من مواجهة نهضة بركان    وزان ..تحديد أفق إطلاق مشروع دار الاقتصاد الأخضر    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    انطلاقة مهرجان سينما المتوسط بتطوان    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    بفضل فوائده وجودته.. منتوج العسل المغربي يطرق أبواب السوق الأوروبية    الأمثال العامية بتطوان... (584)    اتحاد العاصمة باغيين يلعبو وخايفين من الكابرانات: هددو ما يلعبوش ويرجعو فالطيارة اليوم للجزائر وفاللخر مشاو يترينيو    صافرة كونغولية لمباراة نهضة بركان واتحاد العاصمة الجزائري    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    نادية فتاح: المغرب يتيح الولوج إلى سوق تضم حوالي مليار مستهلك بإفريقيا    جاري القروض الصغرى المستحقة يصل إلى 8,4 مليار درهم في متم 2022    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقيبة الملعونة..غضبات ملوك المغرب الثلاث على وزراء الشباب والرياضة
نشر في نيوز24 يوم 04 - 01 - 2015

ظل الصدر الأعظم ينقل غضبات السلاطين على وزرائهم ويترجمها إلى قرارات إعفاء أو تأديب، دون أن يكون ملزما بتقديم حيثيات القرار الزجري، فالغضب لا يحتاج لجرة قلم أحيانا، لكن أغلب الغضبات كانت تضرب وزراء السيادة، إذ من النادر أن يتعرض وزير مسؤول عن قطاع مصنف في خانة الترف إلى تقريع سلطاني، لأن القلق يصنعه في الغالب وزراء السيادة.
هذا لم يمنع من وجود قلق دفين أو ظاهر في حق القائمين على هذا القطاع، خاصة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، الذي كان من شدة اطلاعه ومعرفته بأدق تفاصيل الرياضة المغربية يضعه وزراؤه في مواقف حرجة، بل منهم من أقيل من منصبه لعدم مجاراته تطلعات الملك، علما أن أغلب المسؤولين لم تكن لهم دراية بالرياضة. لم تكن حقيبة وزارة الشباب والرياضة تسيل لعاب السياسيين خلال جلسات التفاوض وتوزيع كعكة الاستوزار. فقيمة الحقيبة الوزارية تقاس بميزانيتها وحجم نفوذها وطبيعتها السيادية، فيما ظل قطاع الشباب والرياضة ورقة يمكن اللجوء إليها عندما يشعر المفاوضون بالاختناق.
ظل هذا المنصب، على امتداد التاريخ، حبيس التقلبات السياسية، فهو تارة ملاذ للنخب الحزبية، وتارة مرسى يتوقف فيه التقنوقراط، ولكن السمة الغالبة على المركز أنه ظل يحتضن الباحثين عن منصب وزاري ولو في وزارة تعتبر ميزانيتها الأضعف من بين ميزانيات القطاعات الحكومية، وباستثناء عبد الرحمن الخطيب وعبد اللطيف السملالي ونوال المتوكل فإن أغلب الوزراء نزلوا فوق بناية الوزارة بمظلات سياسية.
ولأن قطاع الشباب والرياضة ليس من أولويات الدولة، ولا يملك جاذبية مالية، إلا أنه ظل ملاذا لمن يسعى إلى تلميع صورته في وزارة تستأثر بالاهتمام الجماهيري لارتباطها بالرياضة والشباب، بل إن الحكومة صرفت النظر عن القطاع ولم تخصص له حقيبة وزارية واكتفت بتعيين مدير يقوم مقام الوزير أو مندوب سامي كما هو الحال مع حسني بنسليمان، أو حين يتم إلحاقه بوزارة كما حصل مع عبد الهادي بوطالب الذي فوجئ بتكليفه بالشبيبة والرياضة بعد مرور شهرين فقط على تعيينه وزيرا للإعلام دون استشارته في الموضوع، كما أنه وطيلة فترة وصايته على القطاع لم يزر مقر الوزارة. نفس الوضع تكرر مع محمد بنهيمة الذي عين سنة 1965 على رأس وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة والشبيبة والرياضة، بعد إعلان حالة الاستثناء، أو مع وزراء آخرين كأرسلان الجديدي الذي ضم الرياضة للشؤون الاجتماعية والتشغيل، أو مع عبد الكريم بن جلون حين مزج بين الرياضة والشباب والتربية الوطنية، أو حين ألغيت تماما في عهد محمد الكحص. لكن من أطرف المواقف إنزال عبد الرحمن الخطيب من منصبه كوزير للداخلية وتعيينه وزيرا للشبيبة والرياضة لمدة لا تزيد عن تسعة أشهر.
على امتداد حكم الملوك الثلاثة محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس، ظل وزراء الرياضة في مواجهة فوهات الغضب، منهم من أقيل ومنهم من جمدت صلاحياته ومنهم من سمع عبارة «لقد أعذر من أنذر» ففهم الرسالة.
أحمد بن سودة يغضب الوداديين
رغم أن أحمد بن سودة لم يكن له اهتمام كبير بشؤون الرياضة إلا أن الملك الراحل محمد الخامس أسند إليه مهمة تدبير قطاع رياضي شبابي، مع توصية بالاستعانة بالطاقات الحية التي كانت تناضل في المجال الشبابي. اختير بن سودة كاتبا للدولة في الشبيبة والرياضة، في حكومة اشترط فيها علال الفاسي حصول حزب الاستقلال على أكبر عدد من الحقائب. بعد مفاوضات عسيرة، اعتمد محمد الخامس حلا وسطا، إذ منح تسع حقائب وزارية للاستقلاليين وست حقائب للشوريين، ونفس العدد للمستقلين الذين لا انتماء لهم. لذا أطلق على أول حكومة "حكومة الاتحاد الوطني". سأل بن سودة رفاقه في الحزب عن سر تعيينه على رأس قطاع لا علاقة له به، على مستوى الممارسة، فطمأنه قياديو حزب الشورى وأكدوا له أن ظرفية بناء المغرب الجديد تفرض قبول العرض السلطاني، "ينبغي أن نهتم بنوعية المقاعد لا بكميتها".
أسند محمد الخامس رحمه الله لحزب الشوري وزارات مهمة: وزارة دولة للمفاوضات لمحمد الشرقاوي، وزارة المالية لعبد القادر بن جلون، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية لعبد الهادي بوطالب، وكتابة الدولة في الشبيبة والرياضة لأحمد بن سودة، ووزارة التعمير والسكنى للدكتور محمد بن بوشعيب، ثم وزارة المعادن والإنتاج الصناعي للتهامي الوزان.
لكن كاتب الدولة في الشبيبة والرياضة سيجد نفسه في موقف حرج أمام الملك محمد الخامس حين ترأس السلطان أول نهائي لكأس العرش، وجمع على أرضية ملعب مارسيل سيردان (مركب محمد الخامس حاليا) بين فريقي الوداد البيضاوي والمولودية الوجدية. وانتهت المباراة التي تابعها أكثر من 15 ألف متفرج، في وقتها القانوني بالتعادل حيث كان الفريق الوجدي سباقا للتسجيل قبل أن يعادل الوداد النتيجة من ضربة جزاء. التفت الملك إلى الوزير وسأله عن المخرج في ظل التعادل؛ ولأن بن سودة لم يكن يملك ردا، فقد وجه بدوره نفس السؤال لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، الذي قال له بأن الفوز يكون من نصيب السباق إلى التسجيل، فوافق الملك على الفور وسط غضب الجمهور الودادي الذي كان يعتقد أن الحسم سيتم عن طريق ضربات الجزاء.
رغم الورطة الرياضية لكاتب الدولة فإن بن سودة طبع وزارة الشبيبة والرياضة ببصمات نضاله وعمل فيها من موقع المكافح المناضل، وكان يتعامل مع الوزارة تعامله مع الخلايا الوطنية ترشيدا وتوجيها وتربية. وخلال فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني، سيسطع نجم بن سودة في سماء المغرب، بل إنه لعب دورا حاسما في قضية الصحراء وعين واليا مقيما في الصحراء بعد رحيل القوات والإدارة الإسبانيين في مطلع 1976.
الأب جيكو يرفض منصب وزير للرياضة
غضب القصر من محمد بلحسن التونسي الشهير بلقب الأب جيكو، والذي كان عضوا في المكتب المسير للوداد ومدربا للفريق. سبب الغضبة الملكية عدم استجابته لدعوة من الملك الراحل محمد الخامس لبعض أعضاء المكتب المسير للوداد، من أجل رأب التصدع الذي عرفه النادي والخلاف الدائر بين مسيرين استقلاليين وآخرين ينتمون لحزب الشورى والاستقلال. وكان الأب جيكو شوريا متشددا رفض في أكثر من مناسبة التنسيق مع الاستقلاليين، بل إنه تلقى عرضا من ولي العهد آنذاك الحسن الثاني بالانضمام لحكومة سنة 1956 أو ما يعرف بحكومة البكاي بن مبارك الثانية، وهي ثاني تشكيلة حكومية في المغرب بعد استقلاله عن فرنسا سنة 1955. إذ تم التفاوض في شأن تأسيس المجلس الحكومي برئاسة البكاي بن مبارك لهبيل وباقتراح من الملك وضع اسم محمد بلحسن التونسي العفاني كمسؤول عن حقيبة الشبيبة والرياضة، إلا أن الرجل رفض الاشتغال مع الاستقلاليين لاسيما وأن الحكومة عرفت تقليصا واضحا للحقائب الشورية من ستة إلى أربعة، كما رفض عرضا بتعيينه مديرا للشبيبة والرياضة، وهو المنصب الذي أسند لعمر مزور من 27 أكتوبر 1956 إلى 23 يونيو 1961، وكان تابعا لوزير التربية الوطنية المرحوم عبد الكريم بنجلون.
وعلى الرغم من الغضبة السلطانية على الأب جيكو الرافض لمنصب حكومي، فإن محمد الخامس طيب الله ثراه، لم يعارض توشيح الأب جيكو بوسام شرفي سنة 1957، باقتراح من محمد بن جلون بالرغم من اعتراض مولاي عبد الحفيظ العلوي وزير التشريفات والقصور والأوسمة.
أوزين.. الوزير الذي غرق في وحل ملعب
منذ صدور قرار ملكي يقضي بتوقيف محمد أوزين، وزير الشباب والرياضة، من منصبه إلى حين انتهاء التحقيقات الجارية حول ما يصطلح عليه بالملعب العائم، بدأ الوزير يعد العدة لمغادرة الوزارة سيما أمام زحف قرار الإقالة نحو الوزارة بحي أكدال. بل إن حزب الحركة الشعبية أصبح يعرف اجتماعات مكثفة بحثا عن صيغة لسل شعرة الوزير من عجين الفضيحة، خاصة في ظل أنباء تتحدث عن تورط أوزين في الصفقة التي بلغت 22 مليار سنتيم والتي سجلت في شأنها لجان التحقيق خروقات مسطرية وموضوعية.
وكان العاهل المغربي محمد السادس قد أعطى تعليماته بإعفاء محمد أوزين وزير الشباب والرياضة المغربي من مهامه كرئيس للجنة تنظيم كأس العالم للأندية، ومنعه من حضور فعاليات نهائي كأس العالم، وذلك على خلفية فضيحة سيول ملعب الأمير مولاي عبد الله، وما خلفته من تذمر في أوساط الشعب المغربي. وكانت أولى إشارات غضب القصر على الوزير منعه من حضور نهائي مونديال الأندية الذي كان مهندس صفقاته، ومنع الوزير أيضا من حضور مراسيم افتتاح معرض الكرة الذي أقيم بمراكش، بينما سجل حضور رئيس جامعة كرة القدم نيابة عنه.
وأمام الجدل الكبير حول فضيحة ملعب العاصمة، دخل الملك محمد السادس على خط التحقيقات التي باشرتها اللجنة المكونة من مفتشين بوزارات الداخلية والمالية والشباب والرياضة في ملف الملعب الرياضي الأمير مولاي عبد الله بالرباط، الذي تحول إلى ملعب عائم بسبب الأمطار التي تهاطلت أثناء إجراء مباراة كروز أزول المكسيكي وويسترن سيدني الأسترالي برسم الجولة الثانية من كأس العالم للأندية التي يحتضنها المغرب.
وكشفت مصادر "الأخبار" أن تقرير المحققين الذي أمر تم بقرار ملكي وبإشراف مباشر من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، أسفر عن إدانة مبدئية لوزير الشباب والرياضة محمد أوزين، على مستوى مساطر الصفقات وتحميله المسؤولية في ما بات يعرف بفضيحة ملعب مولاي عبد الله بالرباط.
نوال المتوكل تلقت خبر إعفائها وهي تترأس اجتماعا بالوزارة
في صباح يوم صيفي ساخن من منتصف شهر غشت سنة 2009، كانت نوال المتوكل وزيرة الشباب والرياضة منهمكة في تدبير اجتماع هام، بمقر الوزارة، حول ذاكرة الرياضة المغربية، بحضور رؤساء مجموعة من الأقسام ومدير مؤسسة للنشر كان رئيسا سابقا للرجاء البيضاوي. تحدثت الوزيرة عن أهمية الذاكرة وتناولت في عرضها البعد التاريخي وقيمته في تكريم رموز الرياضة المغربية. فجأة تغيرت ملامح الوزيرة وقررت توقيف أشغال الاجتماع، وتبين أن المكالمة كانت من الديوان الملكي وحملت خبرا بإنهاء مهامها.
طلب من الوزيرة عدم مغادرة الوزارة والبقاء بها إلى حين إنهاء مراسيم حفل تسليم السلط بينها وبين الوزير الجديد منصف بلخياط. أشعرت نوال المجتمعين بخبر تعديل حكومي طارئ شمل إضافة إلى قطاع الرياضة وزارة الثقافة. ساد صمت رهيب قاعة الاجتماع وذرف مدير ديوانها دمعة حزن قبل أن تتسلح نوال بالصبر وتشرع في ترحيل حاجياتها من المكتب الذي أقامت به لفترة قصيرة، في نفس الوقت تلقى الوزير الجديد منصف بلخياط اتصالا هاتفيا من الحسيمة حيث كان يقضي الملك محمد السادس عطلته يخبره باستوزاره على رأس قطاع الشباب والرياضة وهو الذي قضى فترة استئناس في المكتب المديري للفتح الرباطي.
تعددت روايات الغضبة الملكية على نوال المتوكل، ويرجح أن يكون طلب إعفائها من مهامها وراء القرار، إذ طلبت من الملك محمد السادس منحها التفرغ لمهامها في اللجنة الأولمبية، لكن الطلب تم رفضه من قبل الدوائر العليا. وكانت المتوكل تستعد، زوال يوم الأربعاء، تاريخ إعفائها، للقيام بزيارة ميدانية لتفقد المخيمات الصيفية، فهي لم تكن تعلم بقرار خروجها من الوزارة.
وشاءت الصدف أن يعرف نفس يوم إعفائها تنظيم ندوة صحفية من طرف الجامعة الملكية المغربية للكولف، ترأسها الأمير مولاي رشيد بالرباط، سجلت غياب الوزيرة نوال رغم وجودها ضمن البروتوكول الخاص بالندوة.
تعددت الروايات حول لغز إعفاء نوال، وبرزت قضية خلافها مع رئيس الجامعة الملكية المغربية للكراطي، وهو عضو في الخفر الملكي، بسبب رسالة احتجاج توصل بها من الوزيرة بعد بناء جامعته مقرا لها في المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله، فيما قالت مصادر أخرى إن الغضبة الملكية تجاوزت حكاية مقر بني دون ترخيص من الوزارة.
وكان الملك الراحل الحسن الثاني قد عين المتوكل كاتبة دولة للشباب والرياضة عام 1997 وظلت في هذا المنصب ثمانية أشهر فقط.
وزراء الشباب والرياضة.. عابر و سبيل
أحمد بنسودة: أول مسؤول عن قطاع الشبيبة والرياضة بعد حصول المغرب على الاستقلال سنة 1956 حيث عين كاتبا للدولة من فاتح فبراير إلى 17 أكتوبر من نفس السنة، في حكومة يرأسها امبارك البكاي، وكان أحد زعماء حزب الشورى والاستقلال.
عمر مزور: عين مديرا للشبيبة والرياضة في حكومة أحمد بلا فريج الأمين العام لحزب الاستقلال، في الفترة الممتدة من 27 أكتوبر 1956 إلى 23 يونيو 1961. وكان تابعا لوزير التربية الوطنية عبد الكريم بنجلون.
حسني بن سليمان: عين الليوتنان حسني بنسليمان مندوبا ساميا للشبيبة والرياضة وإلى جانبه مصطفى الغزواني مديرا للشبيبة والرياضة، في الفترة ما بين 23 يونيو 1961 إلى 7 مارس 1963.
عبد الهادي بوطالب: عين وزيرا للإعلام والشبيبة والرياضة، مؤازرا في هذه المهمة برشدي العلمي برتبة مدير للشبيبة والرياضة انطلاقا من 11 مارس 1963 إلى 20 غشت 1964.
عبد الرحمن الخطيب: عين وزيرا للشبيبة والرياضة من 20 غشت 1964 إلى 7 يونيو 1965.
عبد الله غرنيط: كلف بتسيير مديرية الشبيبة والرياضة من 8 يونيو 1965 إلى 22 فبراير 1966، وكان محمد بنهيمة وزيرا للتربية الوطنية والشبيبة والرياضة.
المهدي بن بوشتة: عين وزيرا للشبيبة والرياضة في 23 فبراير 1966 ليقضي في هذا المنصب ثلاث سنوات.
عمر بوستة: عاد للقطاع كوزير من 10 أبريل 1969 إلى غاية 23 مارس 1970.
بدر الدين السنوسي: تم تعيينه وزيرا للشبيبة والرياضة من 24 مارس 1970 إلى 6 مارس 1971.
محمد أرسلان الجديدي: عين وزيرا للشبيبة والرياضة من مارس 1971 إلى غاية 25 أبريل 1973.
الطاهري الجوطي: قاد قطاع الشبيبة والرياضة في الفترة ما بين 27 ماي 1974 و9 أكتوبر 1977.
عبد الحفيظ القادري: قضى في منصب وزير لهذا القطاع أربع سنوات، من 10 أكتوبر 1977 إلى غاية 5 نونبر 1981.
عبد اللطيف السملالي: عين كاتبا للدولة في الشبيبة والرياضة ثم وزيرا، من 6 نونبر 1981 إلى غاية 11 غشت 1992.
عبد الله بلقزيز: في 12 غشت 1992 أسندت له حقيبة وزارة الشبيبة والرياضة، حيث ظل بها حتى 20 نونبر 1993.
إدريس العلوي المدغري: عين وزيرا للشبيبة والرياضة، حيث ظل في هذا المنصب من 21 نونبر 1993 إلى 27 فبراير 1995.
أحمد مزيان: أسندت له مهمة وزير الشبيبة والرياضة من 28 فبراير 1995 إلى 4 غشت 1997.
نوال المتوكل: عينت كاتبة للدولة في الرياضة وظلت في هذا المنصب من 13 غشت 1997 غاية 14 مارس 1998.
أحمد الموساوي: عين وزيرا للشبيبة والرياضة، واستمر في هذا المنصب إلى غاية 10 نونبر 2002.
محمد الكحص: عين كاتبا للدولة في الشباب، وقضى فيها فترة طويلة دامت خمس سنوات. في هذه الظرفية شغل عبد الرحمان زيدوح منصب وصي بالعطف على الرياضة.
نوال المتوكل: عادت نوال إلى مقر الوزارة في 15 أكتوبر 2007 لتشغل هذه المرة منصب وزيرة للشباب والرياضة حيث زاولت مهمتها الجديدة إلى حدود غشت 2009.
منصف بلخياط: شغل منصب وزير من غشت إلى 3 يناير 2012.
محمد أوزين: عين على رأس قطاع الشباب والرياضة منذ ثالث يناير 2012.
الحسن الثاني يثور في وجه السملالي
غضب الملك الراحل الحسن الثاني من وزيره عبد اللطيف السملالي رحمه الله، في حفل استقبال نظم على شرف المنتخب المغربي لكرة القدم، مباشرة بعد عودته من الزايير(الكونغو الديمقراطية حاليا) صيف سنة 1985 حيث عاد بتعادل من هناك، في مباراة مع منتخب هذا البلد.
حين وصل أفراد بعثة المنتخب الوطني لكرة القدم إلى مطار الرباط سلا، وجدوا في استقبالهم مبعوثا عن الملك الحسن الثاني يأمرهم بالتوجه مباشرة إلى قصر الصخيرات. كان أفراد الفريق الوطني يجهلون سر الاستقبال المفاجئ، لكنهم يعلمون أن الحسن الثاني ظل يتابع الإقصائيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 1986 بمصر على أحر من الجمر. يقول أحد اللاعبين الذين عايشوا الموقف: "بعد استقبال أعضاء المنتخب الذي سيتألق السنة الموالية في كأس العالم بالمكسيك، توجه الحسن الثاني إلى عبد اللطيف السملالي وزير الشباب والرياضة آنذاك، وفي يده نسخة من جريدة "لوبينيون"، وقال أمام كاميرات التلفزيون: "هاد السميات اللي مسطر عليهم بقلم الرصاص ما يبقاوش يلعبو الكرة".
أصيب اللاعبون بحالة هلع وخوف، قبل أن يتبين أن الأمر يتعلق بحوالي 15 لاعبا من المنتخب الوطني للشبان وليس المنتخب الأول. والسبب هو أنهم أدلوا بتصريحات للجريدة الناطقة بلسان حزب الاستقلال و"تجرؤوا"على انتقاد أداء لاعبي المنتخب الأول.
مصدر "الأخبار" الذي روى الواقعة أضاف أن الحسن الثاني لم يغضب من لاعبي منتخب الشبان فقط بل من الوزير نفسه الذي دافع عنهم وحاول إلصاق التهمة بالصحافة. فأمام عدسة المصورين، قال الملك بنبرة غاضبة: "عندنا فالمغرب الولد كيبوس يد باه والصغير كيحترم الكبير". ولم تنفع محاولات الوزير "تبخيس" القضية، حين قال: "أمولاي حتى الصحافة كتزيد فيه شوية". ليرد عليه الحسن الثاني غاضبا: "واش أنت وزير الإعلام؟ علاش تقاطعني؟ أنا كنتكلم على اللعابة ماشي على الصحافيين".
التفت الملك وهو في حالة غضب صوب مدرب المنتخب الوطني، المهدي فاريا، وسأله عما إذا كان وزير الشباب والرياضة يضع عراقيل في وجه المنتخب، فأصيب عبد اللطيف السملالي بما يشبه الانهيار وتدخل المعطي بوعبيد حينها لرأب الصدع، بينما التمس لاعبو المنتخب المغربي من الحسن الثاني العفو عن لاعبي منتخب الشبان الذين أدلوا بتصريحات مسيئة لزملائهم.
ويحكي بوبكر جضاهيم الرئيس الودادي الأسبق عن علاقة عبد اللطيف السملالي وزير الشباب والرياضة الأسبق مع الراحل الحسن الثاني، قائلا إن الملك وفي فترة كانت تعرف خلالها علاقة المغرب بليبيا قطيعة سأل عبد اللطيف السملالي لحظة تعيينه وزيرا للشباب والرياضة في موقف طريف عما إذا كان لازال يحتفظ بعلاقات مع أشخاص نافذين في ليبيا التي كان قد حصل فيها على الباكلوريا، يمكن أن يفيد بها العلاقات بين الطرفين. ووجه الحسن الثاني سؤاله لعبد اللطف قائلا: "واش مازال عندك شي علاقة بدوك الناس؟" في إشارة إلى المرحلة الدراسية التي كان قد قضاها السملالي في ليبيا قبل الحصول على الباكلوريا في طرابلس.
عبد الرحمن الخطيب وزير في حالة الاستثناء
قبل المحامي عبد الرحمن الخطيب، على مضض، الانتقال من وزير للداخلية في حكومة أحمد باحنيني «وهي الحكومة التاسعة للمملكة بعد استقلالها والتي تشكلت يوم 13 نوفمبر 1963» إلى وزير للشبيبة والرياضة بعد تعديل حكومي يوم 20 غشت 1964 «وهي الحكومة التي تم حلها في يونيو 1965 بسبب الاحتقان الذي تجسد في إضراب التلاميذ».
أقنع عبد الكريم الخطيب، الإسلامي المقرب من الملك ومؤسس حزب العدالة والتنمية، شقيقه عبد الرحمن بقبول المنصب، وهدأ من غضبه بعد أن اعتبر هذا الأخير تعيينه وزيرا للرياضة انتصارا للمعارضة التي دخل معها في معارك مفتوحة حين كان وزيرا للداخلية، والتي خلفه فيها الجنرال محمد أوفقير.
صراع عبد الرحمن مع المعارضة، تحول إلى صراع يومي، بل إن الوزير حين كان يجلس على كرسي وزارة الداخلية، تعرض هو ورفاقه لملتمس الرقابة الذي سعت المعارضة من خلاله للإطاحة به، بعد أن اعتبرته جزءا لا يتجزأ من الاحتقان.
لحسن حظ عبد الرحمن أن شقيقه عبد الكريم الخطيب، كان رئيسا لمجلس النواب في نظام الغرفتين، وهو ما جنبه الكثير من العواصف، ويرى الكاتب الصحفي محمد الأشهب أن تعيين الوزير عبد الرحمن الخطيب "كان محط استغراب الجميع بعد تعيينه على رأس الشبيبة والرياضة سنة 1964، ذلك أنه سبق أن كان وزيرا للداخلية ضمن الحكومة التاسعة، قبل أن يعفى من منصبه بعد 9 أشهر و7 أيام فقط وتسند له، في إطار تعديل حكومي، حقيبة الشباب والرياضة التي استمر فيها لنفس المدة تقريبا قبل إعلان حالة الاستثناء شهر يونيو من سنة 1965".
لم يكن عبد الرحمن متطفلا على الرياضة، بل كان لاعبا سابقا في نادي اليسام المراكشي، ورئيسا للوداد البيضاوي، وعداء للمسافات القصيرة، لذا كان مقامه في وزارتي الداخلية والشبيبة والرياضة قصيرا لا يتعدى بضعة أشهر. ويرى الباحث منصف اليازغي في كتابه "مخزنة الرياضة" أن عبد الرحمن أبعد من منصبه بسبب برنامج إعادة هيكلة الرياضة المغربية، فقرر الاغتراب طويلا في فرنسا ليعود إلى المغرب بعد سنوات".
مظلة مولاي عبد الله تجنب الوزير القادري الإقالة
في التاسع من شهر دجنبر سنة 1979، مني المنتخب المغربي لكرة القدم بهزيمة مستفزة أمام المنتخب الجزائري بخمسة أهداف مقابل هدف واحد، في عقر الدار وأمام أزيد من ستين ألف متفرج. كان يوما حزينا في تاريخ كرة القدم المغربية، سيما في ظل الوضعية السياسية التي عرفتها المنطقة والحرب الباردة بين المغرب والجزائر المساندة للبوليساريو ضد المملكة في قضية الصحراء المغربية. كانت الحرب على أوجها في الصحراء بين فلول مدعمة من النظام الجزائري والقوات المسلحة الملكية المغربية. وشهدت المباراة إطلاق أهازيج وطنية وترديد الجماهير لأغاني تؤكد عودة الصحراء للوطن.
شكل الحسن الثاني خلية أزمة مكونة من مسؤولين سامين، وأمر بإنهاء العمل بالجامعة الملكية المغربية وحلها، وهي التي كان على رأسها الكولونيل بلمجدوب، وتعيين لجنة مؤقتة مهمتها الأولى إزالة الإحباط الذي جثم على الجماهير الرياضية.
دعا الحسن الثاني أعضاء حكومته إلى مجلس وزاري يوم 7 يناير من سنة 1980 لدراسة مشكل كرة القدم بصفة خاصة ومشاكل الرياضة بصفة عامة. وقال عبد العزيز المسيوي في مذكراته إنه من بين الاقتراحات التي رفعت للحسن الثاني خلال تلك الجلسة توقيف الممارسة لمدة سنة وإدماج الفرق في إطار تصفيات تفرز توزيعا جغرافيا جديدا، فكان الرفض القاطع لهذا المقترح من طرف الحسن الثاني، الذي اعتبر موسما أبيض أمرا مستحيلا، على اعتبار أن كرة القدم هي خبز المغاربة في طبق الهموم اليومية.
في الاجتماع الحكومي حمل وزير الشبيبة والرياضة عبد الحفيظ القادري، مسؤولية الهزيمة للمدرب الفرنسي غي كليزو، المقرب من الحسن الثاني، ونشر بلاغا في جريدة حزبه "العلم" يشير فيه إلى تعيين المدرب المغربي محمد جبران للإشراف على المنتخب المغربي، في خطوة شكلت تحديا للحسن الثاني، الذي دعا الوزير للحضور على عجل إلى قصر مراكش، ليعاين المدرب الجديد للمنتخب المغربي، الفرنسي جوست فونتين. �


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.