تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    القضاء الفرنسي يواقف على طلب الإفراج عن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    قرب استئناف أشغال متحف الريف بالحسيمة    انطلاق بيع تذاكر ودية المغرب وأوغندا    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جلالة الملك يوجه خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة عيد العرش المجيد
نشر في شعب بريس يوم 31 - 07 - 2012


شعب بريس- و م ع

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس . نصره الله . اليوم الاثنين خطابا ساميا إلى الأمة بمناسبة الذكرى ال 13 لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين. وفي ما يلي النص الكامل للخطاب الملكي :

" الحمد لله وحده. والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.

شعبي العزيز.
نخلد اليوم الذكرى الثالثة عشرة لاعتلائنا العرش . باعتبارها مناسبة متجددة تجسد عمق ما يربطك بالعرش من أواصر الولاء الدائم والبيعة الوثقى والتلاحم العميق.

كما أنها مناسبة مواتية لتأكيد الخيارات الأساسية لبلادنا التي كرسها الدستور الجديد للمملكة. الذي أجمعت الأمة على اعتباره ميثاقا متميزا. بما يفتحه أمامك - شعبي العزيز- من آفاق المشاركة الفعالة. وهو ما يحملنا جميعا مسؤولية العمل المشترك لاستكمال نموذجنا المتميز في توطيد صرح الدولة المغربية العصرية، المتشبعة بقيم الوحدة والتقدم والإنصاف والتضامن الاجتماعي، في وفاء لهويتنا العريقة.

لقد دخلت بلادنا مرحلة جديدة . لم تكن محض مصادفة . ولا من صنع ظروف طارئة . بقدر ما تعد ثمرة سياسة متبصرة وإستراتيجية متدرجة . انتهجناها منذ اعتلائنا العرش. بإرادة سيادية كاملة . في تجاوب تام مع تطلعاتك المشروعة. فكان في مقدمة انشغالاتنا ترسيخ تلاحم المجتمع المغربي بتحقيق مصالحة المغاربة مع ذاتهم وتاريخهم. وذلك من خلال عمل هيأة الإنصاف والمصالحة، وكذا رد الاعتبار للأمازيغية كمكون من مكونات الهوية .ورصيد مشترك لجميع المغاربة . وتوسيع فضاء الحريات وحقوق الإنسان . مع تخويل المرأة وضعا . في إطار مدونة الأسرة . يحفظ لها كرامتها وينصفها ويمكنها من سبل المشاركة في الحياة العامة.

كما أقدمنا على إصلاحات اقتصادية عميقة لتعزيز البنيات التحتية للمدن المغربية وتحسين تهيئتها وفك العزلة عن العالم القروي . من خلال تزويده بالتجهيزات اللازمة .عاملين على توفير المناخ الملائم لتحفيز الاستثمار . علاوة على نهج سياسة للتأهيل الاجتماعي.

وفي هذا السياق، عززنا أوراش العمل الاجتماعي والتنموي بإطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ سنة 2005، وفق رؤية شمولية لمحاربة الإقصاء والتهميش والفقر.

وبصفتنا أميرا للمؤمنين. ما فتئنا نعمل. بمقتضى البيعة المقدسة التي نتولى أمانتها العظمى. على أن تظل المملكة المغربية نموذجا في الالتزام بالإسلام السني الوسطي السمح. الذي لا مكان فيه للتطرف والتعصب والغلو والانغلاق.

كما ارتقينا بالمجلس العلمي الأعلى إلى مؤسسة دستورية. قائمة بالمهام الموكولة إليها في الفتوى وتقديم المشورة لجلالتنا في كل ما يهم الشأن الديني.

وبانخراطنا الجاد في هذه الإصلاحات تمكنا من فتح ورش المراجعة الدستورية . وفق مقاربة تشاركية. بيد أن إطلاق هذا المسار الطموح لم يكن هدفا في حد ذاته . وإنما هو سبيل لاستكمال دولة الحق والمؤسسات وتحقيق التنمية الشاملة. وذلك شريطة أن يتحمل الجميع نصيبه من الالتزام المسؤول . حكومة وممثلين للأمة ومنتخبين محليين وأحزابا سياسية ونقابات وفاعلين اقتصاديين ومجتمعا مدنيا. وفاء للميثاق الذي أجمعت عليه الأمة باعتمادها للدستور الجديد.

وفي هذا الصدد، سأظل - شعبي العزيز- على ما تعهده في خديمك الأول من اهتمام بانشغالات المواطنين، حريصا على الوقوف الميداني على ظروف عيشهم والتجاوب مع انتظاراتهم بجميع فئاتهم. وفي نفس السياق. ما فتئنا نصغي لمشاعر جاليتنا المقيمة بالخارج . مولين اهتماما خاصا لكافة أفرادها . مشيدين بتعلقهم القوي ببلدهم ووفائهم لهويتهم . وبدورهم البناء في تنمية وطنهم الأم. وفي ظل الظروف الصعبة التي تجتازها بعض بلدان إقامتهم . لا يسعنا إلا أن نعبر عن مساندتنا وتضامننا مع المتضررين منهم. شعبي العزيز. لما كان تفعيل اختياراتنا على أرض الواقع يقتضي تحديد الأسبقيات وترتيبها. وفق مقاربة مضبوطة المراحل والآماد. فقد جعلنا من هذا النهج خارطة طريق لتفعيل ما نقدم عليه من إصلاحات. وانطلاقا من كون دولة الحق والقانون هي مصدر كل تقدم. فقد جعلنا العدالة في مقدمة أوراشنا الإصلاحية. وحيث إن الدستور الجديد يضع استقلال القضاء في صلب منظومته. فإن الشروط باتت متوافرة لإنجاح هذا الورش الكبير. متطلعين إلى أن تعمل الهيأة العليا لإصلاح العدالة. وفق مقاربة تشاركية منفتحة. لإعداد توصيات عملية ملموسة. في أقرب الآجال. وتشكل الجهوية المتقدمة التي أطلقناها. وكرسها الدستور الجديد .ورشا كبيرا يتعين تدبيره بكامل التأني والتبصر.ليكون تفعيلها كفيلا بإحداث تغيير جوهري وتدريجي . في تنظيم هياكل الدولة .وفي علاقات المركز بالجماعات الترابية. ولكسب رهانات هذا المسار. يتعين فسح المجال لتجديد النخب. والمشاركة الواسعة والمكثفة للنساء والشباب. وفتح الآفاق أمام المواطنات والمواطنين المؤهلين. المتحلين بروح المسؤولية والنزاهة. كما نهيب بالحكومة الشروع في إصلاح الإدارة العمومية. لتمكينها من مواكبة متطلبات هذه الرؤية الترابية الجديدة. وهو ما يطرح مسألة اللاتمركز، الذي ما فتئنا ندعو إليه منذ أزيد من عشر سنوات. ومن هذا المنطلق. فالحكومة مطالبة باعتماد ميثاق للاتمركز. بما يمكن الإدارة من إعادة انتشار مرافقها. ومساعدتها على التجاوب الأمثل مع حاجيات المصالح اللامتمركزة. وجعلها تستشعر المسؤولية الحقيقية. في وضع المشاريع وحسن تسييرها.

وذلك بموازاة مع الانكباب على الورش الكبير للإصلاحات اللازمة. لتفعيل التنظيم الترابي الجديد. في إطار حكامة جيدة. تضع التنمية البشرية في صلب اهتمامها. إذ لا سبيل إلى رفع التحديات التي تواجه هذه الحكامة إلا بتحقيق تنمية بشرية عادلة ومنصفة. كفيلة بالتصدي للعجز الحاصل في المجال القروي. والخصاص الذي يعيق النمو في الوسط الحضري.

وإذا كان القضاء والجهوية والحكامة الترابية. في صدارة أسبقياتنا. فإنه ينبغي . إضافة إلى ذلك. إيلاء عناية خاصة لتفعيل المؤسسات المنصوص عليها في الدستور الجديد . ذات الصلة بالحكامة الجيدة. ومحاربة الرشوة. وبالتنمية الاقتصادية والاجتماعية . بصفة عامة. شعبي العزيز. إن الركود الاقتصادي الذي يعيشه العالم منذ 2008 . وما نتج عنه من تغيرات على صعيد العلاقات الدولية. في إطار العولمة .وكذا التحولات الاجتماعية والسياسية التي يعيشها المحيط الإقليمي. يحثنا على مواصلة الإصلاحات. ويعزز اقتناعنا بصواب الخيارات السوسيو - اقتصادية. التي أخذنا بها منذ أمد بعيد. حيث مكنتنا من إطلاق أوراش كبرى. كفيلة بدعم البنيات التحتية. والتجهيزات الأساسية التي تتطلبها بلادنا. وذلك في إطار الاستراتيجيات القطاعية. التي تمت بلورتها وفق معايير ناجعة. لبلوغ الأهداف المتوخاة.

وفي هذا الصدد. انصبت جهودنا على النهوض بمختلف المجالات الصناعية. والتكنولوجيات الحديثة. من خلال تهيئة أقطاب وفضاءات اقتصادية مندمجة. كفيلة بتوسيع آفاق الاستثمار. وتحسين القدرات التنافسية لمقاولاتنا.

واعتبارا لما نوليه من أهمية بالغة للقطاع الفلاحي. فإنه يتعين مضاعفة العناية بمخطط المغرب الأخضر. الذي يعد عاملا أساسيا للتنمية الفلاحية. وهو ما يتطلب تكثيف أنشطته. بقصد توسيع وتنويع المنتوج المغربي. والرفع من مردوديته. وتقوية قدرات الفلاحين الصغار. في إطار برامج تضامنية. تساهم في تحسين الظروف المعيشية لساكنة العالم القروي. لاسيما في الظرفية المناخية الصعبة التي عرفها المغرب خلال السنة الأخيرة.

لذا. نجدد دعوتنا للحكومة من أجل توفير شروط التكامل بين مختلف الاستراتيجيات القطاعية. واعتماد آليات لليقظة والمتابعة والتقويم. تساعد على تحقيق التناسق فيما بينها. وقياس نجاعتها. وحسن توظيف الاعتمادات المرصودة لها. مع الاجتهاد في إيجاد بدائل للتمويل. من شأنها إعطاء دفعة قوية لمختلف هذه الاستراتيجيات.

وفي هذا الإطار. نؤكد على ضرورة تطوير الآليات التعاقدية المتعلقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص. هدفنا تحقيق الاستفادة المثلى من الاستثمارات المتاحة.

وإدراكا منا لأهمية هذه الشراكة. اعتمدنا مقاربة مبتكرة. من خلال إحداث الهيأة المغربية للاستثمار. التي تضم صناديق الاستثمارات القطاعية الوطنية. هذه الهيأة التي تتوخى تعزيز الاستثمار في مختلف المجالات المنتجة. وتحفيز الشراكات مع المؤسسات الدولية. غايتنا تمكين بلادنا من فرص التمويل. التي تتيحها الصناديق السيادية الخارجية. وبصفة خاصة صناديق دول الخليج الشقيقة. التي نشيد بإسهامها الفعال في دعم المشاريع التنموية ببلادنا.

وفي هذا الصدد. ينبغي التذكير بأن القطاع السياحي يشكل عاملا قويا في النهوض بالتشغيل. وتنمية الثروة الوطنية. انطلاقا مما يتوفر عليه المغرب من مؤهلات طبيعية متنوعة. وخصوصيات حضارية وتراثية غنية.

وقد اعتمدنا منذ سنة 2001 . إستراتيجية شاملة. قوامها برامج محددة. ساهمت في تطوير هذا القطاع وتنميته. وذلك ما جعلنا نعمل على تدعيمه في نطاق رؤية 2020 . المعززة بصندوق "وصال" للاستثمار السياحي. والقائمة أساسا على التنمية المستدامة. وهو ما يجعل المغرب وجهة سياحية متميزة في الفضاء المتوسطي.
شعبي العزيز.
لقد حرصنا على جعل العنصر البشري. وخاصة شبابنا الواعد. في صلب كل المبادرات التنموية. وغايتها الأساسية. وهو ما نعمل على تجسيده في مختلف مشاريع وبرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .

واعتبارا لما حققته هذه المبادرة من نتائج إيجابية في النهوض بالفئات المعوزة . قررنا تقوية أنشطتها . ولاسيما منها المدرة للدخل . وتوسيع مجالاتها بإطلاق البرنامج التأهيلي الخامس . الكفيل بسد الخصاص بالمناطق الاكثر هشاشة . التي تفتقر الى التجهيزات الأساسية الضرورية . داعين الحكومة إلى توفير شروط تفعيل هذا البرنامج .

ومن منطلق حرصنا القوي على تحقيق الإنصاف . ومساعدة الأشخاص الأكثر حرمانا . حرصنا على تفعيل نظام المساعدة الطبية لفائدتهم (راميد).هذا النظام الذي كان ثمرة إعداد طويل المدى انخرط فيه المغرب منذ عشر سنوات . بقصد النهوض بالفئات المعوزة.

وهو ما يستوجب من الحكومة بذل كل الجهود لإنجاح هذا النظام. من خلال استهداف دقيق للفئات المعنية . والتكفل بالخدمات المحددة بطرق مناسبة.

ولجعل هذا النظام يحافظ على هدفه الإنساني. يتعين الحرص على ألا يقع استغلاله من طرف أي توجهات سياسوية. من شأنها تحريفه عن مساره النبيل. مع ما يترتب على ذلك من إخلال في هذا المجال أو فيما سواه من المجالات الاجتماعية.

كما نحثها على التجاوب مع المتطلبات الاجتماعية للمواطنين . مع الحرص على تحقيق حكامة جيدة للسياسة المالية لبلادنا . بهدف تحصين قدراتها التنموية . والحفاظ على مصداقيتها على الصعيد الدولي .

واقتناعا منا بضرورة الحفاظ على مستقبل أجيالنا القادمة. لم نفتأ نؤكد على تلازم التنمية مع ضمان حماية بيئتنا . بما يكفل التنمية المستدامة لبلادنا . لذا . نعمل بكل حزم . على الحفاظ على ثرواتنا الطبيعية . وحسن تدبيرها واستثمارها للنهوض بالاقتصاد الوطني. وفي إطار هذا التوجه . يندرج البرنامج الطموح الذي أطلقناه . لإنتاج الطاقات المتجددة من مصادر ريحية وشمسية، لتخفيض وارداتنا من الطاقات التقليدية . وتخفيف عبئها على الاقتصاد الوطني.

شعبي العزيز.
ستظل الدبلوماسية المغربية وفية لثوابتها العريقة في التعامل مع العالم الخارجي . على أساس الثقة في الذات . واحترام الشرعية الدولية . والالتزام بكل ما يعزز السلم والأمن الدوليين . ومناصرة القضايا العادلة . وتقوية علاقات التعاون الدولي في كل مجالاته.

ففيما يتعلق بمحيطنا المغاربي المباشر. فإن التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة. تمنحنا فرصة تاريخية للانتقال بالإتحاد المغاربي من الجمود إلى حركية تضمن تنمية مستدامة ومتكاملة .

لقد سبق لنا أن دعونا إلى انبثاق نظام مغاربي جديد . لتجاوز حالة التفرقة القائمة بالمنطقة . والتصدي لضعف المبادلات . بقصد بناء فضاء مغاربي قوي ومنفتح .

وإلى أن يتم تحقيق هذا المبتغى الإستراتيجي . سيواصل المغرب مساعيه في أفق تقوية علاقاته الثنائية . مع كافة الشركاء المغاربيين . بمن فيهم جارتنا الشقيقة الجزائر. وذلك استجابة للتطلعات الملحة والمشروعة لشعوب المنطقة . لاسيما ما يتعلق بحرية تنقل الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال والخدمات.

ولهذه الغاية . تؤكد المملكة المغربية عزمها على الاستمرار في الانخراط بحسن نية في مسلسل المفاوضات . الهادف إلى إيجاد حل نهائي للخلاف الإقليمي المفتعل . حول الصحراء المغربية . على أساس المقترح المغربي للحكم الذاتي . المشهود له بالجدية والمصداقية من طرف المجتمع الدولي . وذلك في إطار سيادة المغرب ووحدته الترابية .

وإن انخراط المغرب في هذا المسلسل لا يعادله إلا عزمه على التصدي . بكل حزم لأي محاولة للنيل من مصالحه العليا. أو للإخلال بالمعايير الجوهرية للمفاوضات.

وفي أفق التوصل إلى حل سياسي دائم في إطار الأمم المتحدة. وانطلاقا من الشرعية التاريخية للمغرب. ورجاحة موقفه القانوني. فإن المغرب منكب على تحقيق الجهوية المتقدمة في الصحراء المغربية. ومواصلة إنجاز أوراش التنمية الاجتماعية والاقتصادية في هذه المنطقة الأثيرة لدينا. ولدى قلوب المغاربة أجمعين.

وبالنسبة للعالم العربي. فإن الواقع السياسي الراهن. يحتم أكثر من أي وقت مضى. القيام بتطوير العمل العربي المشترك. في أفق الاستجابة لتطلعات شعوبه في إطار من التضامن الفعال. والالتزام المتبادل. تجاه ما يقتضيه بناء المستقبل العربي. من ترسيخ أسباب التعاون المثمر. وتقاسم المصالح العليا لأبنائه.

وفي هذا الصدد. نثمن القرارات التي تم اتخاذها لتجسيد الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين المغرب ودول مجلس التعاون الخليجي. مؤكدين التزامنا الراسخ بتعميق علاقاته مع هذه الدول الشقيقة. وتعزيزها في جميع المجالات.

بيد أنه لا يجوز بأي حال أن تحجب التطورات الحالية. ضرورة التعاطي دوليا مع القضية الفلسطينية الجوهرية. بشكل فعال وملموس. فقد بات من الضروري إعادة النظر في طريقة تعامل المجتمع الدولي مع هذه القضية. علما أن الغاية التي لا محيد عنها تتمثل في ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة. ذات سيادة. وقابلة للحياة. داخل حدود 1967 ، وعاصمتها القدس الشرقية.

أما منطقة الساحل والصحراء. فإنها تشهد مخاطر عديدة. تشكل تهديدا للوحدة الترابية والوطنية للدول. مما يقتضي من المجتمع الدولي أن يوليها اهتماما عاجلا من خلال القيام بمبادرات حازمة.

وبخصوص الدول الإفريقية جنوب الصحراء. فإن المملكة المغربية تظل منخرطة في المشاريع الفعالة للتعاون معها. هدفها دعم برامج التنمية البشرية المحلية في القطاعات ذات الأولوية.

وأما بالنسبة للقارة الأوروبية. فإن علاقة المغرب مع الاتحاد الأوروبي. قد دخلت مرحلة جديدة. نعتبرها إطارا مرجعيا لمقاربة جيو - سياسية واعدة. تتوخى إعادة النظر في أسس الفضاء الأورو– متوسطي. بناء على وحدة المصالح والمبادرات المشتركة.

لقد حان الوقت لإعطاء دفعة وتوجه جديد للاتحاد من أجل المتوسط. كي يصبح محفزا حقيقيا. وقاطرة لتحقيق الرخاء المشترك. بضفتي البحر الأبيض المتوسط.

وفي سياق العلاقات المتطورة مع جميع دول الاتحاد الأوروبي. نود الإشادة بعمق الروابط التاريخية. وبالآفاق الواسعة التي تجمع المغرب بالجارة إسبانيا. المدعومة بالأواصر الوطيدة التي تجمعنا بجلالة الملك خوان كارلوس الأول. وبالوشائج التاريخية بين الأسرتين الملكيتين في البلدين الجارين.

وفي هذه الظرفية الصعبة التي نجتازها. نعرب مجددا عن التزامنا بتسهيل سبل إتاحة الفرص. لتوفير ظروف اقتصادية جديدة وملائمة. من أجل خلق ثروات مشتركة. تجسيدا لعمق التضامن الفعلي بين بلدينا.

وقد أصدرنا توجيهاتنا السامية للحكومة. لتفعيل هذا الشأن. بما يقتضيه الأمر من اهتمام وسرعة في التنفيذ.

وفضلا عن العلاقات بدول الجوار. فإن المملكة تواصل مجهوداتها لتعزيز وتنويع شراكاتها الواعدة مع باقي مناطق المعمور. وذلك بالتركيز على التنمية البشرية. في إطار تعاون ملموس جنوبجنوب. مع شركائنا في مختلف البلدان النامية.

وسيواصل المغرب بذل مساعيه الحثيثة. في إطار المنظمات الدولية. مؤكدا التزامه بالدفاع عن التعاون متعدد الأطراف. وفقا للأهداف النبيلة لميثاق منظمة الأمم المتحدة.

شعبي العزيز.
إننا. ونحن نستحضر في هذه المناسبة الوطنية الخالدة. تقييم المنجزات الإصلاحية. والمبادرات التنموية. واستشراف الآفاق المستقبلية الواعدة. والشروع في تفعيل الدستور. لا يسعنا إلا أن نستشعر بكل وفاء مدى الإجلال للأرواح الطاهرة لقائدي تحرير المغرب وبناء دولته العصرية. جدنا المقدس. جلالة الملك محمد الخامس. ووالدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني. طيب الله ثراهما. وكافة شهداء الحرية والاستقلال والوحدة الترابية الأبرار. الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه. جزاهم الله عن وطنهم وأمتهم خير الجزاء.

كما نتوجه بعبارات الإشادة والتقدير إلى قواتنا المسلحة الملكية. والدرك الملكي. والأمن الوطني والإدارة الترابية والقوات المساعدة والوقاية المدنية على تجندهم الدائم وعملهم الدؤوب وراء قيادتنا للدفاع عن حوزة المغرب وسيادته والسهر على أمنه واستقراره.

والله تعالى نسأل في هذه الأيام الرمضانية المباركة الجديرة باستجابة المولى جلت قدرته أن يلهمنا وكافة من يتحملون أمانة النهوض بمصالح الأمة وخدمة الصالح العام كامل السداد والتوفيق في ظل ترسيخ دولة الحق والمؤسسات والمواطنة الكريمة والتعايش والوئام والوحدة الوطنية والترابية. " إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا ".

صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.