أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    توقيف فرنسي من أصول جزائرية مطلوب دوليا بمطار طنجة    رابطة الدوري الإسباني تعلن إقامة مباراة برشلونة وفياريال بميامي كأول مواجهة أوروبية تقام خارج القارة    تأسيس لجنة وطنية للمطالبة بالإفراج عن عزيز غالي ورفاقه المحتجزين بسجون الاحتلال الاسرائيلي    الأرجنتين وكولومبيا والنرويج وفرنسا تواصل مسيرتها في مونديال الشباب        طنجة.. متهم بقتل شخص يفرّ من قبضة الأمن داخل غابة المريسات!    لوروا: المغرب نموذج للكرة الإفريقية    تداولات "البورصة" تنتهي بالانخفاض    "جيل زد" يٌخرج عمر بلافريج من صمته: لا أمل في التغيير من داخل المؤسسات ولكن الأمل في الجيل الجديد    عشية الخطاب الملكي أمام البرلمان.. حركة "جيل زد" تدعو إلى تجديد التظاهر الخميس في أكثر من 20 مدينة مغربية    المغرب ينهي الاعداد لودية البحرين    مصر تتأهل إلى المونديال في المغرب    ترامب يعلن التوصل لاتفاق ينهي حرب غزة ويصفه بأنه "حدث تاريخي"    ماكرون يستعد لتعيين رئيس وزراء    متطوع مغربي يفنّد روايات حول ظروف اعتقال عزيز غالي المحتجز في السجون الإسرائيلية بعد قرصنة "أسطول الصمود"    سلاليون يحتجون على عامل مديونة    قيوح: 3.2 مليون مسافر عبروا في "مرحبا 2025".. والحجز المسبق ضروري    مفكرون يراجعون أثر الترجمة في تشكيل نظرة الغربيين إلى الذات الشرقية    تطوان تحتضن ملتقى الشعر العربي    اتفاق حماس وإسرائيل على المرحلة الأولى من خطة ترامب بشأن غزة    توضيح بشأن حيثيات وفاة سيدة حامل بمستشفى الحسن الثاني بأكادير..    ثمن نهائي مونديال الشيلي.. أشبال الأطلس في اختبار صعب أمام كوريا الجنوبية    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    المغرب.. من الطموح إلى الريادة في التحول الطاقي العالمي    الضابطة القضائية تستمع لعدد من الحاضرين أثناء إضرام النار في الفنان "سوليت"    الحكومة تفتح بابا جديدا للتغول… الإعلامي تحجيم الأصوات المعارضة، وتعريض البلاد لخطر «ديمقراطية الشارع»!            مهدي بنسعيد: المناظرة الوطنية حول الإشهار محطة حاسمة في مسار بناء منظومة وطنية مهيكلة وشفافة    12 قتيلا و2983 جريحا في حوادث السير    الأنثروبولوجيا الإعلامية ودورها في فهم الصحافة في العصر الحديث    إسبانيا توقف تصدير الأبقار الحية إلى المغرب    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    "جيل زد" تعلق الاحتجاجات يوم الجمعة    انطلاق موسم التكوين للصناعة التقليدية    إسرائيل تختطف سفن «أسطول الحرية» المتجهة إلى غزة اليوم وتعتقل 150 ناشطا    بنكيران يتبرأ من أفتاتي بعد التوقيع على رسالة موجهة للملك ويدعو لعدم الانخراط في أي مبادرة مماثلة    رونالدو أول ملياردير في عالم كرة القدم    القطاع البنكي يقود نمو أرباح الشركات داخل البورصة خلال النصف الأول من 2025    إسني ن ورغ 16 بأكادير: تاج ذهبي جديد يتوج إبداع السينما الأمازيغية والعالمية    ثلاثة باحثين بينهم الأردني، من أصل فلسطيني، عمر ياغي يفوزون بنوبل الكيمياء    ابتداء من يومه الخميس وإلى غاية يوم الأحد الجديدة تحتضن الدورة 14 من مهرجان «الأيام السينمائية لدكالة»        انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"    تشخيص وضعية قطاع الصحة كشف أوجه قصور استدعت إصلاحا هيكليا (التهراوي)    مؤسسة وسيط المملكة تطلق مبادرة خاصة بالتنظيمات الشبابية الحزبية ضمن برنامج "منتديات الحكامة المرفقية"            أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    الخلايا التي تمنع أجسامنا من مهاجمة نفسها.. نوبل الطب 2025 تكرّم اكتشاف "فرامل المناعة"    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمحجور يكتب.. حزب العدالة والتنمية وحديث المرتبة الأولى
نشر في شمالي يوم 16 - 02 - 2025

قبل موعدها بوقت طويل، بدأت استحقاقات الانتخابات التشريعية تشغل عقول السياسيين وأفواههم، فكثر الحديث عن احتلال المرتبة الأولى، وتصدر المشهد الانتخابي، وما يستتبعه ذلك من قيادة ل"حكومة المونديال".
وإذا كان عدد من قادة الأحزاب "الوظيفية"، والتي تضم ما يعرف بالأحزاب الإدارية وغيرها ممن يدخلون في حكمها وأدوارها، قد بادروا إلى التعبير عن رغبتهم في الفوز بالمرتبة الأولى وقيادة الحكومة المقبلة، وهو الأمر الذي لا يستدعي تساؤلات ولا استدراكات، وذلك بالنظر لانسجامه مع طبيعة تكوين تلك الأحزاب وأدوارها، فإن الذي أثارني شخصيا، هو انخراط الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الأستاذ عبد الإله بنكيران في نفس الموجة، بحيث أعلن وفي ظرف نهاية أسبوع واحدة، ولمرتين متتاليتين، عن أنه لم يعد يائساً من إمكانية احتلال حزبه للمرتبة الأولى في استحقاقات 2026 الانتخابية، وأن هذا الأمر ممكن وقابل للتحقق.
والسؤال المنهجي الذي تبادر إلى ذهني هو لماذا يريد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن يتصدر حزبه المشهد الانتخابي القادم؟ وهل إن هذا الإعلان السياسي "الكبير" هو نتاج تداول مؤسساتي، وخلاصة تفاكر جماعي، واستشراف استراتيجي متعلق بمستقبل الحزب وأداوره الإصلاحية؟ وهل يمتلك الحزب رؤية لما بعد تصدر المشهد الانتخابي، إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه ليس حزبا وظيفيا، وأن احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، إنما هو مدخل لتنزيل مضامين سياسية وإصلاحية تؤطر هذا "المنجز الانتخابي".

للأسف لم يقدم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بين يدي "أُمْنِيَتِه الانتخابية"، معطيات تسعفنا في فهم وتحليل المرتكزات التي أطرت إعلانه، كما أننا لا نتوفر على بلاغ أو بيان أو وثيقة للأمانة العامة تبين حيثيات قرار من هذا الحجم. بل إن الحزب لم ينتج من داخل مؤسساته من الأوراق الاستشرافية، إلا ورقة واحدة ووحيدة، وهي توجهات الحزب للمرحلة اللاحقة "الأطروحة السياسية"، والتي حملت شعار "النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن"، وهي الورقة التي أعدت في إطار الأشغال التحضيرية للمؤتمر الوطني التاسع، وقد صادق عليها المجلس الوطني في دورته الأخيرة، في انتظار اعتمادها من قبل أعضاء المؤتمر الوطني. وبغض النظر عن مضامين هذه الوثيقة التي يشوبها -من وجهة نظري الخاصة- كثير من ضبابية الوجهة وغموض الصياغة واضطراب العبارة، بحيث إن مناقشة مضامينها والتصويت عليها لم يشكلا حدثا داخل الحزب ولا خارجه، وكأننا إزاء وثيقة ولدت ميتة، بغض النظر عن كل هذا، فإن تلك الأطروحة، وبحسب اطلاعي، لم تتضمن أي إشارة إلى تصدر المشهد الانتخابي المقبل، باعتباره استحقاقا سياسيا وهدفا انتخابيا يؤطر المرحلة المقبلة.
ولأن هذا الإعلان المتعلق بتصدر الانتخابات المقبلة، لم يخضع لمنهجية وآلية اتخاذ القرارات كما جرى بها العمل داخل الحزب، فلا بأس من أن نخضعه لمشرحة الشك المنهجي، وأن نطرح تبعا لذلك بعضا من الأسئلة التي تستحق التأمل والنظر؟
إن أول سؤال منهجي ينبغي الإجابة عنه هو بأي مضمون إصلاحي وسياسي سيخوض الحزب معركة تصدره للمشهد الانتخابي المقبل؟ والجواب على هذا السؤال كان يقتضي تقييما حقيقيا ونزيها وصادقا لعشر سنوات من تدبير الشأن العام الوطني من موقع رئاسة الحكومة، لكن للأسف فإن هذا الأمر لم يتم، وهو ما جعل الحزب اليوم غير قادر على انتاج خطاب سياسي مؤسساتي ومتفق حول مفرداته الأساسية، بما يعطي أفقا جديدا ومتجددا لتجربته الإصلاحية. فقبل تَمَنِي تصدر المشهد الانتخابي، ينبغي على الحزب أن يقترح على المغاربة بشكل عام، وعلى قاعدته الناخبة بشكل خاص "الجديد الإصلاحي" الذي من خلاله يستطيع أن يقنعهم مرة أخرى بجدوى المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وأن يقنعهم فضلا عن ذلك بإمكانية وجدوى ترؤسه للحكومة مرة ثالثة. فما الذي يقترحه الحزب على المغاربة؟ هل هو محاربة الفساد والاستبداد؟ هل هو الشراكة في البناء الديمقراطي؟ أم أننا سدندن بشعار غامض فضفاض لا يكاد يبين وهو "النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن"؟ ألم يكن حصاد تجربين حكوميتين "انسداد – بلوكاج" في التجربة الأولى، وسَحْلٌ سياسي وانتخابي في التجربة الثانية؟ هل سنتصدر الانتخابات المقبلة لنعيد إنتاج لحظة "البلوكاج" ونعيد معها إنتاج "الكربلائيات" و "البكائيات" والفتن الداخلية ومزيد من معارك التدمير الذاتي إن بقي ما يمكن تدميره؟
ثاني الاسئلة المنهجية التي تستحق التأمل هي سؤال المتاح والممكن الإصلاحي من داخل النسق السياسي القائم، وهل نتوفر على تقييم موضوعي وجريء وخلاصات واضحة بخصوص هذا الأمر، بعد أن أمضينا عشر سنوات في سبر أغوار هذا النسق، ومخالطته من أعلى المواقع وأقربها إلى دواليب صناعة قراراته، ومواقع تفاعل دوائر النافذين داخله وحوله. هل سنتصدر الانتخابات المقبلة لنعيد على مسامع المغاربة حكايات التماسيح والعفاريت، وأننا نواجه دوائر مقاومة للإصلاح لا قِبَلَ لنا بها؟ هل لم تتضح لنا الصورة بعد؟ أم أننا سنمني النفس بأدوار "ديموقراطية" لن نستطع أن ننزلها على أرض الواقع؟ وهل سنراجع المنهج والمقاربة والخطاب والسلوك بما ينسجم والممكن الإصلاحي الذي يتيحه النسق السياسي من جهة، وهشاشة "البنية التحتية" للديموقراطية كما هو حالها في بلدنا من جهة أخرى؟ بكلمة واحدة هل نحن بصدد حزب انتخابي يبحث عن مواقع؟ أم أننا بصدد حزب سياسي يسعى إلى القيام بأدوار إصلاحية ذات الأثر الديموقراطي والاجتماعي والتنموي؟
ثالث الأسئلة التي تستحق النظر، هو سؤال هل تمثل الانتخابات القادمة رهانا إصلاحيا واستحقاقا سياسيا ذي أولوية بالنسبة للحزب وأن ذلك يستحق عناء تصدر المشهد الانتخابي، بما يمكن الحزب من حسن تنزيل برامجه الإصلاحية؟ وتقتضي الإجابة على هذا السؤال مساءلة السياقات والتوجهات الوازنة والمؤثرة التي من شأن فرصها وتهديداتها أن تزيد من ثقل إكراهات وعوائق المحيط الخارجي للحزب وطنيا وإقليميا ودوليا بما يجعل من تصدر الحزب للانتخابات المقبلة إعاقة إضافية لمشروعه الإصلاحي. ثم على الحزب بعد ذلك أن يجيب على سؤال وضعه الداخلي ومدى فقدانه لعناصر قوته وتعميق مكامن ضعفه، وما ينبغي أن يفضي إليه ذلك من تجديد لأسسه المذهبية ومقاربته الإصلاحية وقياداته السياسية، فضلا عن معالجة أوضاعه التنظيمية المرتبكة وشبكة علاقاته الداخلية المتهاوية.
ختاما، ليس مطلوبا من حزب العدالة والتنمية، أن يرتمي في سباق المرتبة الأولى التي ينبغي أن تكون نتيجة طبيعية لدينامية داخلية منسجمة مع صبغياته الأصيلة، ومنطلقاته الإصلاحية المتجددة، التي تعطي معنى للساسة وتخرجها من ضيق الأهداف الانتخابية المفتقدة للأفق الإصلاحي، وتدخلها إلى سعة التدافع السياسي الواعي والمتوازن والمنتج.
إن الانخراط المتسرع في معارك "المرتبة الأولى" في ظل الوضع العام للحزب داخليا وخارجيا، لن يكون له من أثر إلا مزيدا من اضطراب السلوك السياسي وتناقض الخطاب الإصلاحي وفقدان العمق الفكري والمنهجي واستهلاك الزمن السياسي، وما ينتج عن كل ذلك من فقدان للبوصلة وتضييق لسبل النقد الذاتي وتجديد الأطر المذهبية والسياسية للحزب. وللأسف فإن من شأن هذه المسلكية أن تفتح الباب واسعا لمعارك الوجاهة وسباقات تسلق مواقع القرب والولاء وخوض معارك "الحراسة التنظيمية" بما يحول الحزب لا قدر الله إلى حزب يشبه مخبره الأحزاب الوظيفية وإن بدى مظهره ولسانه بخلاف ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.