لبلايلي تنفي "بلوكاج" إصلاح المدونة    تفاصيل مشروع قانون أمريكي يخيّر البوليساريو بين الحكم الذاتي والإرهاب    جمعية الناشرين: المشروع يحصن المهنة    "أوكسفام": أربعة أثرياء في إفريقيا أغنى من نصف سكان القارة    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بالأخضر    23 قتيلاً في قطاع غزة بينهم 8 أطفال    رسوم ترامب تشمل الجزائر وعدة دول    أكثر من 90 % من "ملاحظات المجتمع" على منصة إكس لا تُنشر    المغرب يحتفظ بالمركز ال 12 عالميّا    رئيس جماعة يتصدّر مسيرة أيت بوكماز    سلا الجديدة تشهد "ابتزازات عقارية"    "ريمالد" تعتني بزراعة القنب الهندي    دراسة ترصد أمراض البشر منذ 37 ألف عام وأقدم طاعون في التاريخ    كأس العالم للأندية .. لويس إنريكي: الظفر باللقب هدف سطرناه مند بداية الموسم    أحمد بوكريزية ل"رسالة 24″: برشيد تعيش توسعا عمرانيا مع وقف التنفيذ بسبب تأخر وثائق التعمير    المتصرفون بجهة فاس مكناس يطالبون بإنصافهم الإداري ورد الاعتبار لمهامهم داخل قطاع التعليم    حقوقيون يدينون "الملاحقات الكيدية" ضد الناشط إبراهيم ڭيني ويطالبون بحمايته    النفط ينخفض وسط مخاوف من تصاعد التوترات التجارية    الخطوط الملكية المغربية تجري محادثات لشراء طائرات من "إمبراير"    جهة سوس ماسة تعدل اتفاقية لتحفيز الاستثمار وإنعاش التشغيل    بعد ‬الإعلان ‬عن ‬نمو ‬اقتصادي ‬بنسبة ‬4.‬8 % ‬وتراجع ‬التضخم ‬    الفاسي الفهري: المغرب يراهن على الفرصة الديمغرافية لتحقيق مكاسب تنموية    خورخي فيلدا: الانتصار على الكونغو أعاد الثقة ل"لبؤات الأطلس" قبل مواجهة السنغال    أشرف حكيمي: الرحيل عن ريال مدريد لم يكن قراري    تحسيس بمخاطر السباحة في السدود والوديان من طرف وكالة الحوض المائي لكير-زيز-غريس    مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة بين التأهيل أم التقييد.    مجلس ‬المستشارين ‬يصادق ‬على ‬قوانين ‬مهمة    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    سقوط سيارة في وادٍ قرب مدرسة أجدير بسبب السرعة المفرطة    استفحال ظاهرة الاعتداء على أعوان السلطة ببرشيد وسلطات الأمن تتحرك بحزم    حسن الزيتوني.. عامل الحسيمة الذي بصم المرحلة بأداء ميداني وتنموي متميز    متقاعدو ‬المغرب ‬يخرجون ‬اليوم ‬من ‬جديد ‬إلى ‬الشارع    هل ‬هو ‬الظلام ‬الذي ‬ينبثق ‬عنه ‬الفجر ‬الصادق ‬؟    محكمة كورية جنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة في حق الرئيس السابق    تحطم مقاتلة تابعة لسلاح الجو الهندي ومصرع طياريها    الإيطالي سينر والصربي ديوكوفيتش يتأهلان لنصف نهائي بطولة ويمبلدون لكرة المضرب    دراسة كندية: التمارين المائية تخفف آلام الظهر المزمنة    المغرب يعلن رسميا افتتاح سفارته في دمشق واستئناف العمل بمختلف مصالحها    المدرسة الدولية بالجديدة تميز وتألق مستمر في الباكالوريا المغربية وباكالوريا البعثة الفرنسية    لبؤات الأطلس يلدغن الكونغو في مباراة لا تُنسى    مجزرة كروية في أمريكا .. الملكي يتهاوى أمام إعصار باريس    باريس سان جيرمان يكتسح ريال مدريد برباعية ويتأهل لنهائي مونديال الأندية    "غي -تا" تكشف عن ملامح عملها الفني الجديد "كروا غوج"    في سابقة طبية إفريقية.. المغرب يشهد أول عملية جراحية بتقنية "v-NOTES" لاستئصال الرحم    مازغان يطلق المطعم الموسمي الجديد    إسرائيل تؤكد اغتيالها لمسؤول عسكري في حزب الله    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    أكثر من مليون متابع لفرقة تولّد موسيقاها بالذكاء الاصطناعي    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في المستقبل السياسي لعبد الإله بنكيران
نشر في شمالي يوم 15 - 12 - 2017

عشية قرار المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية برفض تعديل المادة 16 من النظام الأساسي التي تحصر المدة الانتدابية للأمين العام في ولاتين، أثير في الأوساط السياسية والإعلامية والدبلوماسية سؤال المستقبل السياسي لرئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، وما إذا كان حزبه أعدمه سياسيا بعد الإعدام الأول الذي مثله الإعفاء الملكي؟
من الصعب استشراف المستقبل السياسي لهذا الزعيم الوطني الذي ينضاف إلى قائمة الزعماء السياسيين الكبار أمثال علال الفاسي وعبد الله إبراهيم والمهدي بن بركة وعبد الرحمان اليوسفي، لكن، يمكن الانطلاق من جملة معطيات تم رصدها لبناء تصور حول هذا المستقبل..
عمليا، ومنذ الإعلان عن نتائج السابع من أكتوبر ، وتعيين بنكيران رئيسا للحكومة، تم تسجيل إخلاء بنكيران لخمس مواقع ما بين حكومية وحزبية: غادر رئاسة الحكومة بإعفاء ملكي، وقدم استقالته من البرلمان، وغادر موقعه كأمين عام للعدالة والتنمية بسبب عدم تعديل المادة 16، وقدم اعتذاره من رئاسة المجلس الوطني بعد انتخابه في المؤتمر، ثم غادر العضوية في الأمانة العامة، ليصبح بعد ذلك مجر عضو عادي في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية.
من جهة السلوك السياسي لعبد الإله بنكيران، فقد تم رصد ثلاث مواقف حاول من خلالها تدبير المرحلة، أولها أنه لم يصطف مع أي طرف داخل الحزب، سواء الذين دافعوا عن الولاية الثالثة، أو الذين رفضوها، والتزم بهذا الموقف حتى في المجلس الوطني والمؤتمر مع أن القانون يسمح له بالتدخل كما يسمح له بإبداء رأيه في التداول لاختيار الأمين العام، وثانيها، أنه دافع على مطلب الحرية في الحزب ورفض استعمال السلاح التنظيمي لقمع أو مصادرة حق أي عضو في الحزب في التعبير عن آرائه سواء المناصرة له أو المعارضة ، وثالثها أنه، حرص على تأمين وحدة وتماسك الحزب عبر تدبير الخلاف مؤسساتيا من خلال اعتماد آلية الديمقراطية الداخلية للحسم في الولاية الثالثة وفي انتخاب الأمين العام.
هذه المظاهر المرصودة في المستويين: مستوى إخلائه للمواقع الرسمية والحزبية، ومستوى تدبيره المرحلة، تطرح سؤال القصد، وهل كان فعله منظما، أم خاليا من القصد؟ وهل ينتظم موقفه خط سياسي يفسر هذه الدينامية الجديدة، أم أنه اختار هذه المواقف السياسية انفعالا باللحظة السياسية وتعبيرا عن رد فعل مزاجي إزاء وضعه السياسي الجديد؟
قبل البدء في تمرين البحث عن خيط ناظم لهذه المواقف، يتطلب التفسير النسقي استحضار السياق بجميع ملابساته، ومواقف الأطراف الساسية الفاعلة إزاء موقع بنكيران في المشهد السياسي الراهن. وفي هذا الإطار، يمكن أن نرصد ثلاث مواقف تم التعبير عنها: موقف القصر الملكي الذي عبر من خلال بلاغ الديوان الملكي عن السياق الدستوري لإعفائه، وأن الأمر يرتبط بمساعي بذلها الملك من أجل حث رئيس الحكومة على تسريع وتيرة تشكيل الحكومة، وبروز مؤشرات ظاهرة على صعوبة تشكيل الحكومة، وما يفرضه هذا الفراغ دستوريا من واجب تدخل الملك للحفاظ على سير المؤسسات، واختياره تعيين شخصية أخرى من حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة، إذ اقترن قرار القصر الملكي إعفاء بنكيران بالإشادة ب" روح المسؤولية العالية والوطنية الصادقة، التي أبان عنها طيلة الفترة التي تولى خلالها رئاسة الحكومة، بكل كفاءة واقتدار ونكران ذات" وموقف القوى الرافضة للإصلاح، التي ترى في بنكيران رمزا لنجاحات العدالة والتنمية، وأنه يستحيل إضعاف الحزب بدون إعدامه سياسيا، وإفساد علاقته بالمؤسسة الملكية، ثم موقف العدالة والتنمية الذي تجاوب مع القرار الملكي، وثمن تعيين الدكتور سعد الدين العثماني رئيسا جديدا للحكومة، مع ما طرأ من خلاف حاد داخل الحزب حول كيفية تشكيل الحكومكة وما إذا كانت انجازا سياسيا فوت الفرصة على اللوبيات المعاكسة للإصلاح التي كانت تدفع في اتجاه إخراج العدالة والتنمية كلية من الحكومة، أم أنه عبر عن زلزال سياسي مس مصداقية الحزب وشعبيته وهويته الإصلاحية؟
عمليا، كان بنكيران يتحرك ضمن هذا النسق من التفاعلات، وبالتحديد ضمن ثلاثة سقوف، سقف الحرج الذي يمكن أن يثيره حراكه إزاء المؤسسة الملكية التي يمكن أن تنظر إليه كما ولو كان يريد قلب الطاولة على خلفية إعفائه، مما قد يفضي إلى رد فعل سلطوي مزاجي يمكن أن يعيد تجربة اندماج الإسلاميين إلى نقطة ما قبل الصفر، وسقف تأمين الاندماج السياسي للإسلاميين، إذ يمكن أن يظهر حراكه كما ولو كان محاولة لإفشال الدكتور سعد الدين العثماني وتعسير مهمته التي انتدبه الحزب للقيام بها تجاوبا مع القرار الملكي، وسقف وحدة الحزب، والأثر الخطير الذي يمكن أن يؤدي إليه حراكه لو اتجه بشكل مباشر للتعبير عن موقفه، إذ يمكن أن يفضي به ذلك إلى شق الحزب إلى شقين.
اختار بنكيران أن يؤطر موقفه بهذه السقوف الثلاثة إلى غاية المؤتمر، واستطاع بذلك أن يفسد على القوى المعاكسة للإصلاح رغبتها في إفساد علاقته بالمؤسسة الملكية، إذ تضمنت رسالة التهنئة الملكية للدكتور سعد الدين العثماني، وللمرة الثانية، إشادة بابن كيران " لما أسداه لوطنه ولملكه ولهيأته السياسية، من خدمات جليلة"، كما استطاع أن يدافع بقوة عن خيار إسناد الحكومة، ويعزز موقعه الرمزي داخل الحزب كزعيم وطني كبير أدار مرحلة أزمة حزبه باقتدار وجره إلى بر النجاة من الانقسام بحكمته باعتراف كل قادته بما في ذلك رئيس الحكومة والأمين الجديد للحزب، وفي الوقت ذاته، ضمن لنفسه مسافة تتيح عدم تحمل أي مسؤولية سياسية عن المسار السياسي لهذه الحكومة بعد زالزال إعفائه.
نعم ضيقت هذه السقوف الثلاثة من حجم حراكه السياسي، لكنها لم تمنعه من تحقيق هذه الأهداف الكبيرة، ولم تمنعه أيضا من التلميح بثلاث محددات ترسم صورة عن مستقلبه السياسي:
1- رفض الاعتزال السياسي.
2- رفض مغادرة الحزب.
3- رفض التموقع داخل المؤسسات الرسمية والحزبية.
وهي في مجموعها، تؤشر على خيار سياسي ينطلق من الإصرار على الاستمرار في خطه الإصلاحي ضمن المعادلة الثلاثية نفسها (الشراكة مع المؤسسة الملكية بمنطق التعاون والنصح، والحفاظ على الاستقرار، والتقدم بتدرج في الإصلاح)، وتقوية مواقع الإصلاح مجتمعيا من بوابة مدنية، والاستمرار في تحويل الإطار الإصلاحي من الطائفية إلى الحالة الإصلاحية المجتمعية العامة، والتحرر من إسار التنظيم الحزبي بالاشتغال على التأسيس المجتمعي للقاء القوى الوطنية والديمقراطية والإسلامية على أرضية الإصلاح والدمقرطة، والاشتغال العمودي داخل الحزب لتقوية عناصر المرجعية فيه وتقوية هويته الإصلاحية ومقاومة نزعات الارتداد والنكوص فيه، وتأهيل الحزب لمعركة الإصلاح القادمة.
شارك هذا الموضوع:
* اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)
* اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
* انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)
* اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة)
*
مرتبط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.