الحسيني: "شياطين التفاصيل" تحيط بالحكم الذاتي.. والوحدة تفكك "القنبلة"    الحماس يختم استعدادات "الأسود"    تنبيه أمني: شركة أفريقيا تحذر من محاولة احتيال بانتحال هويتها    موتسيبي: كأس إفريقيا للأمم ستقام كل أربع سنوات ابتداءً من 2028    الاثنين 22 دجنبر فاتح شهر رجب في المغرب    قطبان والجيراري يفتتحان معرضهما التشكيلي برواق نادرة    أخنوش يُنوه من طنجة بشركاء الأغلبية الذين "ردّوا الاعتبار" لمؤسسة رئاسة الحكومة            خطر التوقف عن التفكير وعصر سمو التفاهة    العلمي: نجاح تواصل "الأحرار" يثير حنق منافسين.. حزب بناء لا مساومة        أكادير تحتفي بالعالم بصوت أمازيغي    بوريطة ولقجع وموتسيبي يفتتحون منطقة المشجعين بالرباط    الدرهم في ارتفاع أمام اليورو والدولار    إحداث مكاتب قضائية بالملاعب المحتضنة لكأس إفريقيا    الجيش ينشئ 3 مستشفيات ميدانية    صحيفة تركية تصفع النظام الجزائري: القبائل لم تكن تاريخيا جزائرية    بابا الفاتيكان يستشير "كرادلة العالم"    حكيمي يطمئن الجماهير المغربية    الركراكي يدعو الجماهير لصنع الفارق: "بغيت المدرجات تهدر"    سهرة في الرباط قبيل افتتاح "الكان"        "جبهة دعم فلسطين" تدعو إلى التظاهر تزامنًا مع الذكرى الخامسة لتوقيع اتفاقية التطبيع    كأس إفريقيا .. مطارات المغرب تحطم أرقاما قياسية في أعداد الوافدين    القوات المسلحة الملكية تنشئ ثلاث مستشفيات ميدانية    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي في دورته الثانية يشرع في تلقي الأفلام    تساقطات ثلجية وأمطار قوية بعدد من مناطق المملكة    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية وطقس بارد من اليوم السبت إلى الاثنين المقبل    روبيو: هيئات الحكم الجديدة في غزة ستشكل قريبا وستتبعها قوة دولية    برقية تهنئة من جلالة الملك إلى أمير الكويت    بعد مرور 5 سنوات على اتفاقية التطبيع..دعوات متواصلة لمقاطعة أي تعاون ثقافي مع الكيان الصهيوني    الملك محمد السادس يهنئ أمير الكويت    مطالب بتخفيض عمل أساتذة التعليم الابتدائي إلى 18 ساعة أسبوعيا    البنك الدولي يوافق على منح المغرب أربعة ملايين دولار لتعزيز الصمود المناخي    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    ناسا تفقد الاتصال بمركبة مافن المدارية حول المريخ    ترامب يعلن شن "ضربة انتقامية" ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا    انخفاض في درجات الحرارة وبحر هائج.. تفاصيل طقس السبت بالمغرب    احتراق عدد من السيارات في محيط ملعب طنجة (فيديو)    إنذار جوي يدفع تطوان إلى استنفار شامل    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    تنظيم الدورة السابعة عشر من المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات    الشجرة المباركة تخفف وطأة البطالة على المغاربة    هل تنجح فرنسا في تقنين وصول القاصرين إلى شبكات التواصل الاجتماعي؟    الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والدولة الاجتماعية    في أداء مالي غير مسبوق.. المحافظة العقارية تضخ 7.5 مليارات درهم لفائدة خزينة الدولة    وجدة .. انخفاض الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    7 طرق كي لا يتحوّل تدريس الأطفال إلى حرب يومية    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وزان : من مدينة العلم و الأمان إلى فقر مدقع في كل مناحي الحياة
نشر في شورى بريس يوم 27 - 09 - 2016

إذا تتبعت قارئنا الكريم ما ينشر حول مدينة وزان في الجرائد الورقية و الإلكترونية و الصفحات و الحسابات و المجموعات العنكبوتية ، تصاب بهلع شديد ، جراء ما أصاب المدينة المقدسة وزان عاصمة مملكة الأرواح من فساد و إقساد طال كل مناحي الحياة و شمل كل الشرائج الاجتماعية بلا استثناء ، و لم يسلم مما أصاب المدينة من وباء وبيل سوى القلة القليلة بلطف رباني .
يرجع تاريخ مدينة وزان إلى قرون سحيقة خلت ، حيث اختلف المؤرخون في شأنها في سبب تسميتها بهذا الإسم المميز "وزان" ، لكن الراجح منطقيا و واقعيا بناء على ما قام به شيوخ الزاوية و مؤسسها مولاي عبدالله الشريف ، أن إسمها مشتق من الميزان ، ميزان تواترت الروايات أنه لشخص كان يقف في باب المدينة سوق و معه ميزان نادر يزن به البضائع و ما حملته أيدي المزارعين من خيرات ، عرفت بها المنطقة دون غيرها لكثرتها و جودتها .
و على صعيد العلم و التصوف و السلوك إلى الله ، فيستحيي المرء من أن يقارن تلك الحقب التاريخية الطويلة الأمد التي سطع فيها نجم المدينة بين مدن و عواصم عالمية و عربية و إسلامية ، تحفيظا و تعلما و تسليكا و رباطا و رقيا أخلاقيا ، لأننا نوجد في مرحلة ضمر فيها كل ذلك النور و خبت فيها كل تلك الإشراقات ، بسبب تطفل قوم على ما هو أعظم منهم و على ما لا يليق بهم البتة ، و هم أدرى من غيرهم بعدم أهليتهم للنطق باسم وزان و لا بحمل ما حمله آل وزان للعالمين ، و هم أدرى أيضا بأنهم ليسو لأمانة مولاي عبدالله الشريف و خلفه أهلا و لا استطاعة لهم أن يظهروا لا سرا و لا علنا بمظهر أهل الله و خاصته من عظماء وزان ، و نستثني من آل وزان النزر القليل ممن هم لازالوا على عهد الأجداد ، و هم مهمشون على كل حال من طرف الذين سطوا على السطح كقشور خاوية فوق الماء .
حينما تمر بدروب وزان و بشوارعها ، أو تستوقفك أطوار جولتك أمام بيوت الله العتيقة و الحديثة ، لا تكاد تسمح لترتيل القرآن الكريم صوتا ، لا شباب و لا أطفال و لا حتى "مسيد" لازالت المدينة تحتفظ به كتراث منه انبثقت الأنوار المحمدية و فيه تربت الرجال صاحبة الفهوم اللدنية الدنيوية و الأخروية ، و بالكاد نجد مسيدا هنا أو هناك يبعد عن الآخر أميالا تمحو عن ذهنك صورة المدينة القرآنية المحمدية .
و أما على صعيد التصوف و مسلك طريق المعرفة بالله ، فلا تسمع أيضا ولا ترى للمريدين عددا ولا أثرا ، و إن ظهر لك ذلك في مواسم و أعياد إنما يكون فقط سحابات صيف "معبرة" عابرة ، معبرة عن سخطها العميق الصامت على محدودية دور الزاوية الوزانية في الدلالة على الله و في الأخذ بيد عباد الله و إيصالهم إلى الله ، يقول محدثنا في هذا الشأن " فاقد الشئ لا يعطي" ، مستطردا بالقول ، و كيف تتكاثر أعداد المريدين و تتظم و تزخر الزاوية ، و أهلها عن الله غافلون و على الدنيا مقبلون و في بحر الشنآن و الصراعات منغمسون ، أنى لهم يقول أن يعيدوا لزاوية أسلافهم أمجادها و هو لا يفقهون من أبجديات التصوف و الدلالة على الله إلا المظاهر ، جلابيب حبة و صوف و عمامات قصار و طوال و سبحة غليضة و أخرى رقيقة و غيرها من الشكليات التي "تجوع" و لا "تغذي" ، تنفر و لا تجذب .
ماذا بقي من وزان في مجال الصنائع و الحرف و الأعمال اليدوية التي كان أحد شيوخ الزاوية سببا في استجلابها للمدينة ؟ هنا لابد من الإفصاح عن أرقام حقيقية ، فيما يخص عدد الصناع و أنواع الصنائع و الحرف ، إلى إلى غير ذلك مما له بالموضوع اتصال ، كأعداد العاطلين و المشردين ، الذين لو وجدوا من بقايا للرفاه التجاري و الصناعي للمدينة لما رأيناهم على الحالة التي هم فيها الآن .
وزان "دار الضمانة" و الأمانة ، التي وصفت عن جدارة و استحقاق بهذا الوصف العظيم ، لجأ إليها الفارون و المتهمون بالتمرد و الملاحقون من طرف السلاطين و طالبو اللجوء السياسي و الجوعى و الضمآى و من هم بلا مأوى ، فآوتهم و أطعمتهم و ضمنت لهم الأمن و الأمان و وفرت لهم ظروف العيش الكريم ، و أما الآن يا للمهزلة فإن أحفاد مولاي عبدالله الشريف المستحقين في أجدادهم كل ما ورث عنهم رضي الله عنهم فإن أبناء الدار يبيتون في الفنادق عندما يزورن رموزهم و أجدادهم أو يستضافون من طرف قريب صديق ، بسبب استيلاء من لا ضمير له على كل ما يتصل بممتلكات مولاي عبدالله الشريف و أحفاده و زاويته .
و فيما يخص الدعارة فأستحيي الخوض في الموضوع ، لأن له علاقة وطيدة بدور الزاوية "الأم" و بدور المجتمع المدني و السلطة و المجالس المنتخبة ،
و بالاختصار المخل ، فإن تراجع المدينة المخيف على كل المستويات يعتبر وصمة عار في جبين الذين يحكموننا مركزيا ، و في جبين الذين يقودون الزاوية الوزانية تحديدا ، على اعتبار ألا أحد حكم وزان و أدار شأنها الداخلي على مر الزمان سوى مشايخ زاويتها ، بل هم من كان يشير على الحاكم أن يقوم بكذا أو بألا يفعل كذا و كذا ، بسبب ما كانوا يتمتعون به من قوة الشخصية و من مصداقية و قبول لدى الخاص و العام ، و بما كان لهم من يد التأثير المباشر على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي و القيمي ، و أما الآن فالأفضل أن نسكت إلى حين "أن يجرنا من يعنيه الأمر لنتكلم بصوت رصاصي يخترق القلوب فضلا عن الآذان" .
وزان ، أيتها المدينة المغبونة المهشمة المهمشة ، المهجر أهلها ، و المفقر أكثرها ، لقد أرداك قتيلة شهيدة ، ذووك و من يحكمنا ، لقد أمعنوا في قتلك و في إبعادك عن مسرح الحياة ، الحياة التي أنت كنت السباقة لبعث الروح في شرايينها لدى أبناءك و أبناء الوطن و أبناء كثر خارج الوطن .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.