بين فوز باهت وقلق متصاعد.. الجماهير المغربية تضع أداء الركراكي تحت المجهر    مديرية الأرصاد تحذر من زخات رعدية قوية مرتقبة بالحسيمة    زخات رعدية مصحوبة ببرد متوقعة اليوم الثلاثاء بالمنطقة الشرقية والريف    مرحبا 2025 تنطلق اليوم.. معبر بني أنصار بالناظور يفتح أبوابه لاستقبال الجالية    سيدي علال البحراوي.. توقيف 3 أشخاص متورطين في ترويج المخدرات والمؤثرات العقلية        لانقبل هذا داخل المنتخب الوطني المغربي … !    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية البرتغال بمناسبة العيد الوطني لبلاده    مسرح رياض السلطان يستقبل الصيف بعروض فنية تجمع بين الإبداع والموسيقى والتأمل    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع    مستشارة بمجلس الرباط تهاجم تدبير الجماعة: العاصمة تحولت إلى "مسرح لتجريب الرداءة"    في إطار تدريب عسكري.. وريثة العرش الإسباني تزور سبتة المحتلة دون أي نشاط رسمي    بطولة إيطاليا.. الكرواتي تودور سيبقى في منصبه مدربا ليوفنتوس    حادث سير مروع بين سيارة أجرة وسيارة خفيفة بإقليم شفشاون.    الرميد يعارض متابعة "اليوتيوبرز" والمدونين خارج قانون الصحافة    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المركز 11 عالميا    المغرب يتصدر إفريقيا في مراكز البيانات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    مراكش: ارتفاع ليالي المبيت السياحية ب9% حتى فبراير 2025    عباس يؤيد نزع سلاح حركة "حماس" ويصف ما وقع في 7 أكتوبر ب"غير المقبول"    تندوف مزرعة للتطرف يهدد أمن أوروبا والساحل    رئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية ل"رسالة 24″: موريتانيا تعيد تموضعها الإقليمي    الميريا.. ضبط 200 ألف يورو على متن حافلة قادمة من الناظور (فيديو)    البقالي يكشف المستور في قضية دعم استيراد الأغنام وتداعياتها على مجلس النواب    مسلم يعتلي صدارة "الطوندونس" المغربي ب"خمري"    ليلى الحديوي تثير الجدل بتصريحات جريئة    الركراكي: التغييرات كانت مهمة من أجل الوقوف على مستوى بعض اللاعبين            إسرائيل تعلن ترحيل الناشطة غريتا تونبرغ بعد توقيفها على متن سفينة مساعدات لغزة    وفد رجال الأعمال الموريتانيين يتجه إلى الصين لتعزيز الشراكة الاقتصادية الإفريقية الصينية    دروس مستخلصة من عيد الأضحى "الغائب الحاضر"    ريال مدريد يقرر تمديد عقد نجمه البرازيلي فينيسيوس حتى 2030    أعمال الشغب في لوس أنجليس.. ترامب يأمر بنشر ألفي جندي إضافي من الحرس الوطني    الجزائر وتواطؤها الخطير: كيف تحوّلت مخيمات تندوف إلى مصانع لتفريخ الإرهاب وتهديد أوروبا    انتعاشة غير مسبوقة للسياحة العالمية في 2024: الشرق الأوسط يحقق قفزة نوعية والمغرب الأبرز إفريقياً    2050.. الصين تُلهم العالم بنموذجها الاقتصادي وإفريقيا أمام فرصة للتحول    مجلة إسبانية: المغرب قطب تكنولوجي حقيقي    من روان الفرنسية إلى طنجة.. رحّالة فرنسي يقطع نحو 2200 كلم على دراجته لنشر التسامح    هجوم "ضخم" بمسيرات روسية يستهدف كييف وأوديسا    من يوقف هذا العبث؟ حركات بهلوانية مميتة بشوارع العرائش… والخطر يهدد الأرواح    حاكم كاليفورنيا: ترامب رئيس ديكتاتوي    المنتخب الوطني يفوز على نظيره البنيني بمقصية جميلة من الكعبي    منظمة الصحة تحذر من متحور جديد لكورونا والمغرب مطالب باتخاذ تدابير استباقية    ساعة ذكية تنقذ حاجة مغربية من موت محقق أثناء أداء مناسك الحج    خبراء مغاربة: متحور كورونا لا يثير القلق لكن الحذر واجب للفئات الهشة    ديستانكت وJul يطلقان أغنية "Princessa"        رغم غياب الأضاحي.. كرنفال بوجلود الدولي يعود في دورته الثامنة بنفس متجدد وإشعاع عالمي    مهرجان الدارالبيضاء للفيلم العربي يستقطب نجوم الصف الأول للتحكيم    "هولوغرام موازين" يشعل الخلاف بين عائلة عبد الحليم حافظ والمنظمين    كأنك تراه    المغرب يحتفي بثقافته في قلب الصين عبر ألحان التراث وإيقاعات الفلكلور    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    









أرانب في قفة التنمية البشرية
نشر في اشتوكة بريس يوم 10 - 10 - 2013

تماسيح بنكيران وحمير شباط و«زعيق» لشكر و«بوليميك» الطبقة السياسية... لا يترك كل هذا مجالا لمناقشة السياسات العمومية، والتعمق في آثارها، والبحث عن بدائل لها.
تماسيح بنكيران وحمير شباط و«زعيق» لشكر و«بوليميك» الطبقة السياسية... لا يترك كل هذا مجالا لمناقشة السياسات العمومية، والتعمق في آثارها، والبحث عن بدائل لها. الجميع مشدود إلى الضجيج الذي يغطي على ماعداه، في سوق مفتوحة للجدل بلا ضوابط. الحكومة مقعدة، بالكاد تجر جسدها الكسيح، والبرلمان جل أعضائه خارج التغطية، والباقي لهم نوايا حسنة لكن لا الإمكانات تسعفهم، ولا المناخ السياسي يساعدهم على ممارسة دور الرقابة على الحكومة، ماذا بقي؟ الإعلام؟ هذا حكاية لوحده. الرسمي منه غارق في «التطبيل والتغييط»، يحاول أن يرسم للواقع لوحات وردية لا يصدقها أحد، والخاص من هذه الصحافة يمشي على البيض، لأن المعلنين ومن خلفهم السياسيين هم من صاروا يتحكمون في خط التحرير، لا القراء الذين ينخفض عددهم كل شهر، ومن بقي منهم صامدا يشتري الجريدة بأقل من كلفتها، ما يجعل الناشر رهينة في يد شركات الإشهار، ويضرب ألف حساب قبل نشر أي خبر يغضب أصحاب الحال، فقط «قرفادة بنكيران» سهلة وظهره قصير يمكن للجميع أن يقفز فوقه دون أن يخشى شيئا لأن بنكيران لا سلطة لديه ولا إشهار، أما الإذاعات الخاصة فإنها تتنافس كل يوم في تقليد بعضها البعض في إنتاج الرداءة والتسطيح وبرامج الطبخ والأعشاب وأفضل الطرق لطرد الجن من صدور النساء...
نحن بلاد تكاد تفرغ من نقاش عمومي مفيد، أو حوار عقلاء يفضي إلى نتيجة... قبلة مراهقين في الناظور صارت أكبر حدث في البلاد، وفيديو «ستربتيز» لفتاة تأخرت مراهقتها في مراكش حصد مليون مشاهد على اليوتوب، وفتاوى فقيه مخبول توقف الرأي العام ولا تقعده...
يوم أمس نشر مركز جاك بيرك للعلوم الإنسانية والاجتماعية دراسة علمية حول المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للباحث مصطفى المناصفي. إحدى خلاصاتها تقول: «وفيما مكّنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من إدخال شريحة واسعة من النساء والشباب إلى حقل الفعل والمشاركة، فإن المفعول السياسي لهذا الإشراك كان مزيدا من إبعاد هؤلاء المشاركين عن السياسة والانتماء الحزبي. لقد جرى إبعاد المجتمع المدني عن أدواره السياسية والرقابية والنقدية للسلطة». وتضيف الدراسة ذاتها أن «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منحت الأجهزة الترابية المركزية للدولة مشروعية جديدة، نظرا إلى كون المبادرة خاضعة لتدبير مركزي صارم، يتولى تنزيله محليا الولاة والعمال وباقي رجال السلطة، فيما باتت الجمعيات المستفيدة من indh تنحو نحو التقنوقراطية والابتعاد عن الشأن السياسي، بل إن العديد منها كانت قبل المبادرة تتخصص في تنظيم أنشطة إشعاعية وسياسية وثقافية، وأخرى احتجاجية ونقدية تجاه الدولة، فباتت تكتفي بإنجاز المشاريع وتلقي الدعم من المخزن»، انتهى الاقتباس من الدراسة.
إلى الآن صرف المغرب أكثر من 27 مليار درهم على هذه المبادرة التي انطلقت في 2005، وأعطيت لها إمكانات مهمة ماليا وإعلاميا وسياسيا، وكانت بمثابة الجواب الاجتماعي للعهد الجديد عن أحداث 16 ماي، وتغلغل الجماعات الإسلامية في قاع المجتمع الغارق في الفقر والتهميش وعدم الإحساس بالكرامة، لكن ومنذ ذلك الوقت لا يوجد تقييم جدي لهذه المبادرة التي أعطيت لوزارة الداخلية بشكل حصري لتدبيرها. لقد اعتقد الجميع أن هذه المبادرة ستموت عقب أحداث 20 فبراير، وخروج الشباب إلى الشوارع لمدة سنة يشتكون الفقر والتهميش و«الحكرة» والبطالة، لكن المبادرة صمدت، وقدمت السلطة عددا من ثمارها الاجتماعية غير المسبوقة في المغرب باعتبارها سياسة اجتماعية جاءت لتغطية الخصاص المهول في الخارطة المغربية. الآن نكتشف الآثار الجانبية لهذا المشروع الذي يهيمن على 40 في المائة من جمعيات المجتمع المدني الموجودة اليوم بالمغرب، حسب مندوبية التخطيط، وهذا رقم يقدر بعشرات الآلاف. هذه الجمعيات لم تعد تلعب الأدوار الموكولة إليها كمؤسسات للمجتمع المدني، ببساطة لأنها لم تعد مستقلة عن السلطة، صارت تابعة لمن يمول نشاطها، والإنجليز يقولون: «من يدفع يقرر».
نحن مجتمع مازال بحاجة إلى موجات وموجات من التسييس والمشاركة والإحساس بالقدرة على الفعل، وامتلاك أدوات تحليل الواقع السياسي وفهمه. ليس شرطا أن تنافس الداخلية الجماعات الإسلامية عن طريق محو الطابع السياسي العام للمجتمع المدني، وجعله أدوات تقنوقراطية تفكر في الدعم وكلفة المشاريع وعائداتها قبل التطوع والخدمة العامة والوساطة ونقد السلطة عندما يكون النقد ضروريا. المجتمع المدني وجمعياته خلقا أصلا ليكونا سلطة مضادة من أجل التوازن، لا أرانب أليفة في قفة التنمية البشرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.