أطلقت السلطات القضائية في مدينة أنفرس البلجيكية مذكرة بحث وطنية ودولية في حق "زكرياء ق"، البالغ من العمر 29 سنة، بعد فراره من العدالة رغم صدور حكم قضائي نهائي يقضي بسجنه عشر سنوات بتهمة الاتجار غير المشروع في المخدرات. ويُعرف "ق"، المغربي الذي يحمل الجنسية البلجيكية ويُلقب في الأوساط الأمنية ب"بيوي"، بكونه أحد أبرز الوجوه الصاعدة في عالم الجريمة المنظمة في ميناء أنفرس، حيث تمكن، رغم صغر سنه، من ترأس شبكة متخصصة في استيراد كميات ضخمة من الكوكايين عبر الحاويات، دون أن تطأ قدماه الميناء يوما، مستعينًا بعدد من المتعاونين الذين ينفذون تعليماته من داخل المحطة اللوجستيكية. وكانت المحكمة التصحيحية بأنفرس قد أدانته بتاريخ 30 يونيو 2022 بعشر سنوات سجنا نافذا، غير أن المتهم لم يُنفذ العقوبة، ويُعتقد أنه فرّ إلى وجهة مجهولة، ما دفع بالنيابة العامة إلى دعوة المواطنين إلى تقديم أي معلومات حول مكان وجوده عبر أرقام خصصت لهذا الغرض. ويعود صعود نجم "بيوي" إلى سنة 2019 حين تم اعتقاله لأول مرة، وكان آنذاك لا يزال طالبًا يبلغ من العمر 23 عامًا. ورغم أن المحققين اعتبروه حينها مجرد متورط ثانوي، إلا أن التحريات كشفت لاحقًا أنه يشكل العقل المدبر لأحد أخطر شبكات تهريب الكوكايين في بلجيكا. وعُرف "زكرياء ق" بأسلوبه الفاخر والمبهرج في الحياة، حيث أنفق الملايين على السيارات الفاخرة، والساعات باهظة الثمن، وهدايا باهظة لصديقاته اللواتي كنّ يتباهين بأناقتهن عبر مواقع التواصل، في صورة قريبة من عالم المشاهير. وكان يطمح للانتقال إلى دبي، على غرار عدد من بارونات المخدرات البلجيكيين الذين وجدوا فيها ملاذا فاخرا. ورغم دهائه وقدرته على التغلغل في دوائر حساسة داخل الميناء، حيث وصل به الأمر إلى معرفة قرارات فصل بعض العاملين المتعاونين معه قبل أيام من تنفيذها، إلا أن "بيوي" وقع في فخ تجاهل ثلاث قواعد أساسية في عالم الجريمة المنظمة، وهو ما ساهم في انهيار إمبراطوريته. ولا تزال التحقيقات جارية لتحديد مكان اختبائه، في حين تتعزز المخاوف من تمكنه من الفرار إلى خارج أوروبا، مستفيدًا من شبكات الدعم المالي والعلاقات التي بناها خلال سنوات نشاطه.