البطولة: الوداد الرياضي يعود لسكة الانتصارات من بوابة نهضة الزمامرة    المغرب: الإعلامي والأديب سعيد الجديدي في ذمة الله    احتجاجات جيل الشباب بالمغرب: ما بين الحاجة إلى الإصلاح وتحدي ضبط الشارع    المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان بالعرائش: الإفراج عن الموقوفين وتغليب مصلحة الوطن أولوية        احتجاجات شباب جيل "Z" تتسع في البيضاء والسلطات تتصدى بقوة للمحتجين في مدن أكادير وطنجة وتطوان            شفشاون.. الوجهة المفضلة للسياح الصينيين في المغرب    وديتان بين الإسبان و"أسود الفوتسال"    وزارة الخارجية الأمريكية تبرز مؤهلات المغرب ك"قطب استراتيجي" للأعمال والصناعة    غاضبون ينتقدون المقاربة الأمنية و"الاستغلالات السياسية" في الدار البيضاء    الإعلام البرازيلي يشيد بالكرة المغربية ويتوقع نجاحا مميزا لمونديال 2030    تتويج فائزين في مسابقة حفظ القرآن    بنكيران: لسنا ضد احتجاجات الشباب.. والمكر والتعطيل السياسي وراء اشتعال الشوارع من جديد    مؤتمر "عالم الصيادلة" يتنقد تجاهل الحكومة وإقصاء الصيدلي من المشاركة في بلورة السياسة الصحية    "البيجيدي" يحمل الحكومة مسؤولية احتجاجات شباب "z" ويدعو للتعامل معها بأفق استيعابي ومقاربة حكيمة        إسبانيا والعالم العربي يلتقيان على إيقاع الجسد في قلب الدار البيضاء    فيلم «مذكرات» للمخرج الشريف الطريبق ينتزع جائزة الجمهور لمهرجان «أفلام الجنوب» ببروكسيل    ترامب يلمح إلى "شيء لافت" في محادثات الشرق الأوسط قبل لقاء نتنياهو    تقرير: طنجة المتوسط يجعل إفريقيا فاعلا رئيسيا في التجارة البحرية العالمية    ريال مدريد يتلقى صفعة مزدوجة    طرح تذاكر مباراة المغرب والبحرين الودية إلكترونيا ابتداء من الإثنين    قراءة في مشروع القانون 59.24 المتعلق بالتعليم العالي (2)    حرف "زيد " من الحياة عند الإغريق إلى هوية جيل يتبلور في المغرب    طنجة تحتضن الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    دراسة: الموسيقيون يتحملون الألم بشكل أفضل من غيرهم    حصري.. الطاوسي على أعتاب مغادرة الكوكب المراكشي بعد البداية المخيبة        انطلاق القافلة التواصلية التحسيسية للشركة الجهوية متعددة الخدمات بالشرق وأكاديمية جهة الشرق    الرباط تختتم الدورة 27 من مهرجان الجاز بمزيج موسيقي فريد    السينما تلتقي بالموسيقى في برنامج فني إبداعي في مهرجان الدوحة السينمائي        عابد والحداد وبلمو في ليلة شعرية استثنائية بين دار الشعر والمعهد الحر بتطوان    مونديال الشباب: المنتخب المغربي يواجه إسبانيا في أولى جولات بحثا عن الانتصار    المغرب ومنظمة الطيران المدني الدولي يوقعان اتفاقا لتطوير تعاونهما    طقس الأحد.. رياح قوية وتطاير غبار بعدد من مناطق المملكة    الموت يغيّب الإعلامي سعيد الجديدي    ما هي العقوبات التي أعيد فرضها على إيران؟    رئيس وزراء النيجر في الأمم المتحدة: اليورانيوم صنع مجد فرنسا وجلب البؤس لشعبنا    ألمانيا.. عشرات الآلاف في برلين يطالبون بوقف الحرب على غزة    دراسة: المعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر استعدادا للكذب والخداع    "حماس" تنفي تلقي مقترحات جديدة    المغرب يعزز ترسانته العسكرية ب597 مدرعة أمريكية من طراز M1117..        تحليل إخباري: المغرب يواجه هشاشة في سوق العمل رغم فرص التحول المستقبلي    تصنيف "ستاندرد آند بورز" الائتماني يضع المغرب بنادي الاستثمار العالمي    أخنوش يتباحث بنيويورك مع الأمينة العامة لمنظمة التعاون الرقمي        مكافحة تلوث الهواء في باريس تمكن من توفير 61 مليار يورو        الاتحاد الأوروبي يجيز دواء "كيسونلا" لداء الزهايمر        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوكيل العام باستئنافية الجديدة يرافع في قضية 'الاعتقال الاحتياطي' استنادا إلى المادتين 180 و457 من ق. م. ج.
نشر في الجديدة 24 يوم 17 - 01 - 2020

كانت عاصمة دكالة مؤخرا على موعد مع ندوة وطنية في موضوع: "راهنية السياسة الجنائية بالمغرب"، نظمتها الودادية الحسنية للقضاة بالجديدة، ومختبر الدراسات في العلوم القانونية والاقتصادية والسياسية بكلية العلوم القانونية والاجتماعية لجامعة شعيب الدكالي بالجديدة، بشراكة مع هيئة المحامين بالجديدة. ندوة انبثقت عنها خلاصات وتوصيات إجرائية، أقرها قضاة القضاء الواقف والجالس، من أهمها:
ترشيد وعقلنة فلسلفة التجريم، باعتماد سياسية جنائية عقلانية تجرم الأفعال الخطيرة الأكثر تهديدا ومساسا بالنظام العام الإداري والاقتصادي والسياسي؛
تبني سياسة جنائية ملائمة للواقع المغربي، ومتفتحة على التجارب المقارنة، وملائمة للاتفاقيات الدولية؛
توفير الإمكانيات الملائمة لآليات العدالة الجنائية المختلفة، كالقضاء والضابطة القضائية والدفاع والخبراء وغيرهم من مساعدي العدالة، واحترام المعايير الدولية المتعلقة بهذه الأصناف من الفاعلين (..).
وقد عرفت هذه الندوة الوطنية المتميزة، التي من شأن اعتماد مخرجاتها، أن يساهم في إغناء منظومة العدل والعدالة، وتجويد السياسة الجنائية بالمغرب، مرافعة الوكيل العام لدى استئنافية الجديدة، الأستاذ سعيد الزيوتي، والتي تنفرد الجريدة بنشرها كاملة:
(..) أود في بداية مداخلتي أن أتوجه بالشكر الجزيل لمنظمي هذه الندوة الوطنية، التي تؤسس وتؤثث لنقاش هادف وبناء حول موضوع "راهنية السياسة الجنائية"، آملا أن يكتب لها النجاح. فما تشريفها بهذه الثلة المتميزة من الأساتذة الأجلاء الذين سيؤثثونها بمبدأ اخلاقهم القيمة، وما تشريفها بهذا الحضور الكريم على اختلاف مداركهم ومشاربهم القانونية والحقوقية، والذين ولاشك سيغنونها بآرائهم واقتراحاتهم أثناء فتح النقاش إلا دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا على أن النجاح سيكون حليفها.
موضوع مداخلتي يدخل في باب السهل الممتنع؛ السهل حيث أنه بإلقاء نظرة سطحية وعابرة على الموضوع، تشعرنا بأن الموضوع من السهولة بمكان الإجابة عن تساؤله. وإذا علمنا بأن موضوعه يتناول تساؤلا ينتظر جوابا واضحا، نتيجة تعلقه بتعارض وتناقض مادتين حول موضوع واحد، أدركنا أهمية الموضوع والسؤال معا.
ولأن الأمر يتعلق بخلاف بين مقتضيات مادتين اثنتين تتعلقان بموضوع واحد، فقد آثرت ان أنصب نفسي قاضيا لأفصل بينهما، لأفصل بين مقتضيات تجيب عن السؤال بالسلب، ومقتضيات أخرى تجيب بالإيجاب.
ولكون القاضي ينتظر منه أن يصدر حكما حسما للنزاع، ولكونه من صفاته التزام الحياد، فإنني طلبت من كل من الخصمين المقتضيين أن يدلي بأوجه دفاعه حتى يصدر الحكم في نهاية المطاف حسما للنزاع والخلاف لمصلحة الطرف الذي يقنع بصلابة حججه.
وإذا كان الفيلسوف (كارل ياسبرس) يقول بأن الأسئلة في الفلسفة أهم من الأجوبة، لأن كل جواب يتحول إلى سؤال، فإنني أرد على ذلك لأقول بأن الجواب في عالم القانون يبقى أهم من السؤال، لأن المقتضيات القانونية التي يشرعها المشرع، تأتي كحلول لما يمكن أن يطرح من تساؤلات، وتقنن لإزالة اللبس والغموض والإشكالات التي يطرحها الناس أمام القضاء.
هل تملك النيابة العامة حق استئناف القرار الصادر عن غرفة الجنايات بتمتيع المتهم بالإفراج المؤقت؟
هو سؤال كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فرضه ذلكم التناقض الصارخ بين مقتضيات مادتين تتعلقان بموضوع واحد، هاتان المادتان هما المادة 180 من قانون المسطرة الجنائية، والمادة 457 من نفس القانون؛ حيث تنص الأولى على انه "يمكن في كل وقت أن يقدم طلب الإفراج المؤقت، ويمكن أن يطلبه في أية مرحلة من مراحل المسطرة، وطبق الشروط المنصوص عليها في الفقرات التالية كل من المتهم أو محاميه أو ممثل النيابة".
تختص هيئة الحكم بالبت في طلب الإفراج المؤقت، عند إحالة القضية إليها، فإذا كانت هذه الهيئة في غرفة الجنايات أو غرفة الجنح الاستئنافية، فإن القرار الصادر عن إحدى الغرفتين، يكون غير قابل للطعن. وتنص المادة 457 من نفس القانون على أنه "ويمكن أيضا الطعن بالاستئناف في القرارات الباتة في الاعتقال الاحتياطي أو المراقبة القضائية".
وللجواب عن السؤال المذكور سلبا أو إيجابا، وحسما للنزاع والخلاف، فقد طلب امن المقتضى الأول، وأعني به مقتضى المادة 180 من ق. م. ج. الذي يجيب بالسلب، ليدلي بأوجه دفاعه حيث بسطها كما يلي:
1 - إن المشرع عندما صاغ مقتضيات المادة 180 من ق. م. ج.، صاغها ليتحدث عن الإفراج المؤقت الذي يعتبر إجراءا تشريعيا لمصلحة المتهم ولفائدته؛ لذلك جعله غير قابل للطعن بالاستئناف من قبل النيابة العامة
2 - إن المشرع استحدث ضمن قانون المسطرة الجنائية الحالي، نظاما قانونيا جديدا اعتبر كضمانة إضافية للمتهم الذي يحاكم أمام غرفة الجنايات؛ وهذا النظام القانوني هو غرفة الجنايات الاستئنافية، على اعتبار أن الوضع الذي كان سائدا في أصل قانون المسطرة الجنائية القديم لسنة 1959، كان هو عدم تخويل المتهم الطعن بالاستئناف في القرارات الصادرة عن غرفة الجنايات، لأنه كان لا يتوفر سوى على درجة واحدة من درجات التقاضي، وهو الذي يحاكم من اجل جناية قد تصل العقوبة فيها حد الإعدام أو السجن المؤبد في الوقت الذي يتوفر فيه المتهم الذي تحاكمه المحكمة الابتدائية ولو كان متابعا من اجل جنحة يعاقب عليها القانون بغرامة بسيطة، على درجتين من درجات التقاضي. فهذا الوضع يضيف هذا المقتضى، كان منتقدا لأنه يهدر حقه كمتهم في التوفر على درجتين من درجات التقاضي، ويمس بمبدأ المحاكمة العادلة.
وبما أن هذا النظام القانوني استحدث لفائدة المتهم، كان حريا ألا يستعمل ضد مصلحته، في حالة تمتيعه بالإفراج المؤقت.
3 - إن المشرع استعمل في المقابل ضمن مقتضيات المادة 457، وضمن الاعتقال الاحتياطي والمراقبة القضائية؛ وهما تدبيران ماسان بحرية المتهم؛ لذا أتاح له المشرع إمكانية الطعن فيهما، ما داما في غير مصلحته.
وبعد أن انتهى من تقديم أوجه دفاعه، أعطيت الكلمة للمقتضى المنصوص عليه في المادة 457 من ق. م. ج.، ليدلي بأوجه دفاعه؛ حيث بسطها على النحو التالي:
1- استشهد بمبدأ المساواة بين أطراف الدعوى، الذي يعتبر مبدأ أساسيا من مبادئ المحاكمة العادلة.
2- إن المشرع قد أتاح لجميع أطراف الدعوى، من متهم ونيابة عامة ومطالب بالحق المدني ومسؤول عن الحقوق المدنية، استئناف القرارات الباتة في الجوهر، وأعطف ذلك بإمكانية استئناف القرارات الباتة في الاعتقال الاحتياطي.
3- إن الإبقاء على غرفة الجنايات ضمن مقتضيات المادة 180 من ق. م. ج.، هو من قبيل الخطأ المادي الذي تجاوزه مشروع ق. م. ج.، بالتنصيص صراحة على قابلية قرارات غرفة الجنايات بشأن الإفراج المؤقت بالاستئناف، عندما أضاف عبارة "الاستئنافية " إلى غرفة الجنايات، يضيف مقتضى المادة 457، طالبا بأن يخول في نهاية إدلائه بحجه بحقه في استئناف قرارا الإفراج المؤقت.
وبعدما اعتبرت القضية جاهزة للحكم، فيها تم حجزها للتأمل، وأصدر الحكم الآتي:
- قبول طلب مقتضيات المادة 457 من ق. م. ج.، بتخويلها للنيابة العامة حق استئناف القرار الصادر عن غرفة الجنايات بتمتيع المتهم بالإفراج المؤقت.
- رفض طلب مقتضى المادة 180 من نفس القانون، بعدم تخويل النيابة العامة حق الطعن في القرار المذكور أعلاه.
وإلي ان تتم المصادقة على مشروع ق. م. ج.، أنهي مداخلتي، وأرفع الجلسة أملا على ألا يتعرض حکمي للطعن بالاستئناف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.