طنطان تحتضن مشروعا أمريكيا ضخما لتعزيز الطاقة الشمسية    إسرائيل تستهدف قياديا في حزب الله    الوداد يفتتح مشواره في كأس الكونفدرالية بفوز ثمين ويتصدر مجموعته    طنجة .. وفاة مسن داخل مرحاض مقهى تثير استنفار الأمن    اللجنة المنظمة تكشف التميمة الرسمية لكأس العرب 2025شخصية "جحا" التراثية        المغرب على موعد مع برد قارس قادم من أوروبا    الدرك يضبط كوكايين ويحجز سيارتين نواحي اقليم الحسيمة    تهم ثقيلة تضع "التيكتوكر مولينيكس" وراء القضبان            وزارة الصحة تغلق مصحة خاصة بورزازات بسبب خروقات    رصيد المغرب من العملة الصعبة يتجاوز 432 مليار درهم        الركراكي يتجه لاستبعاد 4 أسماء من قائمة كأس إفريقيا    إغلاق حركة الطيران بمطار هولندي بسبب رصد طائرات مسيّرة    طنجة تستعد لكأس إفريقيا بأزيد من 200 حافلة عمومية جديدة    بعد التتويج القاري.. الرميشي تكشف سر تألقها مع العساكر في دوري الأبطال    إجراء بطولة المغرب للدراجات الجبلية في للا تكركوست    البرازيل.. إبراز أهمية قرار مجلس الأمن 2797 الداعم لمبادرة الحكم الذاتي    جائزة الصحافة والحاجة للتغيير    إنقاذ الثقافة من الرداءة    احتجاج جديد لعمال فندق أفانتي رفضاً للطرد التعسفي وتنصّل الإدارة من التزاماتها    "التغطية الإعلامية للتظاهرات الرياضية" محور دورة تكوينية تنظمها مندوبية حقوق الإنسان    العزوزي يعود إلى الواجهة رفقة أوكسير    موعد مباراة الوداد ونايروبي يونايتد والقنوات الناقلة    فضيحة "مهداوي غيت" أو كافكا على ضفاف أبي رقراق    بنسليمان: البرلمان ليس ساحة ل"التبوريد" واستعراض العضلات بل فضاء لمصارحة المواطنين    وزارة التربية الوطنية تطلق "إحصاء الموظفين" وتشهر ورقة الاقتطاعات    مزاد خيري يبيع كاميرا البابا فرنسيس بأكثر من 7 ملايين دولار    لجنة الأفلام وCompany 3 تطلقان تعاونًا يعزز مستقبل ما بعد الإنتاج في المنطقة    النجم التركي إنجين ألتان دوزياتان في مهرجان الدوحة السينمائي:    الفنان جاسم النبهان في حديثه للصحفيين في مهرجان الدوحة السينمائي:    أرقام جديدة تؤكد الإقبال المتزايد على تعلم الإسبانية في المغرب    تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في افتتاح أيام قرطاج المسرحية بتونس    دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    "بابا والقذافي" في مهرجان الدوحة السينمائي    إعصار "فينا" يضرب الإقليم الشمالي لأستراليا ويتسبب بأضرار واسعة وانقطاع الكهرباء    المغرب يتوج بلقب "وجهة السنة" في "جوائز السفر" 2025 ببروكسيل    نهضة بركان يستهل مشواره في عصبة الأبطال بفوز مستحق والجيش يتعثر    أوكرانيا.. اجتماع أوروبي أمريكي في جنيف لمناقشة خطة ترامب لإنهاء الحرب    المغرب يتموقع ضمن الوجهات الأكثر جذبا للاستثمار في المنطقة (سفير)    90 قتيلا في حصيلة فيضانات فيتنام    شائعة وجود مغارة ذهبية تفرض حظر التجول في جنوب سوريا    طقس الأحد: انخفاض كبير في درجات الحرارة وصقيع فوق المرتفعات    "كوب 30" تتبنى اتفاقا بشأن المناخ            التساقطات المطرية تساهم في خفض أسعار زيت الزيتون بشمال المغرب    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    أجهزة قياس السكر المستمر بين الحياة والألم: نداء أسر الأطفال السكريين لإدماجها في التغطية الصحية    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة؛ غناءٌ وعتابْ
نشر في السند يوم 14 - 02 - 2010

لبيت دعوة التجمع الوطني للفكر والثقافة في خان يونس، وعلى مضضٍ حضرت أمسية شعرية، ظناً مني بجفاف نبع التعبير المثير، وغياب الشعر القادر على التصوير، ومحاكاة تعقيدات الحياة، وتشابكاتها على أرض غزة. ولم يجل في خاطري أن وجدان الأجيال كرمل الشاطئ، يغسله موج المقاومة، ليطفح حباً، وشوقاً، وحنيناً، وغضباً، وطرباً، وأملاً، وعتباً، وطموحاً إلى غدٍ ينتظره كل الناس الذين حاصروا بإرادتهم الحصار، وأطبقوا بأحلامهم على الجدار، فإذا بالشعر الفلسطيني يثوب إلى رشده، وهو ينغمس بالصمود، ليكون العدوان الإسرائيلي على غزة هو الشاخص الذي تطلق عليه النار، وقد صار الشعر بندقية في يد الأحرار،
حتى أشفقت على شباب المقاومة، وكتائب القسام من ثقل الأحمال التي ألقيت على أكتافهم، ولكنه الصوت الشعري الذي يرتقي إلى فضاء المقاومة.
رغم عيب الإطالة، والإفاضة، التي ميزت كل القصائد الملقاة، إلا أن بهائي شراب، ورامي الفرا، وعبد الله مهنا، والشبل فارس عبد العال، والشابة سمية وادي التي التزمت القصيدة العمودية، والدكتور غازي كلخ في أشعار بالعامية، قد أضفوا على الأمسية بهاءً، ولكن الذي أضاء الأمسية قمران؛ الأول: محمد أبو نصيره، الذي أتقن فن الإلقاء قبل أن يعزف بالصورة الفنية نغماً رجف معه قلب غزة، وهو يقول من قصيدة على قبر المعتصم:
نادتْ، ونادتْ، ولمّا يسمع العرب قد صمّ آذانها التطبيل والطرب
نادتْ، تفتش في الأموات عن دمها كوردةٍ يرتديها الخوفُ، والسغبُ
مدتْ يديها، وقالت: يا ابن معتصمٍ أشاح عنها، وعرّى وجهه النسبُ
حمّالةٌ وحدها أوزار أمّتها وثديها ناضحٌ بالعزِّ ينسكبُ
شعر مكتملٌ لشابٍ فلسطيني في مقتبل العمر، وقد شابَ على مفرق غزة حنينه إلى أيام العرب، فراح يخطو على طريق الإبداع بهذه القامة الشعرية المديدة، أما الثاني فكان: الشاعر عبد الكريم العسولي، حين جعل المعبر الواصل بين مصر وغزة إنساناً، وراح يناجيه، ويناغيه بالعامية المصرية، ومن خلاله يعاتب مصر العربية، قائلاً:
يا معبر، أنت يا ناسي، ومش فاكر، يا فاتح جرحي للآخر، يا بستاني، وشرياني، وشمس الماضي والحاضر، يا نسمة حب وردية، معديّة، تصبحني، وتمسيني، وتشفي القلب والخاطر، يا معبر أنت يا ناسي، ومش فاكر، أنا بعتب، ولكن عمري ما بحقد، ولا ببعد، وكيف أبعد؟ ونيلك ميّتي وكاسي، وأهلك عزوتي وناسي، يا معبر، أنت يا ناسي.
ولما كان الشعر وجدان الأمم، فأزعم: أن للوجدان الفلسطيني براءة الأطفال تجاه مصر، ولا يحمل لأهلها إلا الحب، ولا يحلم إلا بحضنها الناعم، وفي هذا الشعر ردٌ على الذين مزقوا البلاد، وقسموا العرب، وأثاروا الخلاف، ونشروا الهلع والجفوة بين الأخوة.
وللإفادة أقول: إن للشعر أركاناً تشد الكلام شداً حتى يصير وتراً، فإذا ترنم العازف، والعارف بأركان الشعر، يصير للألفاظ مدى، وللفكرة صدى، ويصير الشعر أغنية على الشفاه، وقرطاً بتأرجح مع رقة المساء، وغيمة محملة بالمطر، وقبلة تفيق لها الروح، وأزعم أن أهم أركان الشعر هي العاطفة، التي ألزمت شاعراً مثل المتنبي ليقول: على قلقٍٍ كأن الريح تحتي، لأقول: كل كلام خلا من العاطفة لا ينسب إلى الشعر، وإن اكتمل لديه ركن الإيقاع، الذي يدق لدقاته قلب السامع، وتشنف له الأذن، وإن امتطت الأماني فرس الخيال، وإن تسابقت الرؤى مع فكرة القصيدة، وإن تقافزت بالألفاظ الموحية.
لو دعيت مرة أخرى إلى أمسية شعرية، سألبي على عجل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.