افادت دراسة علمية حديثة صدرت عن الجمعية الجيولوجية الامريكية بان مضيق جبل طارق قد يشهد في المستقبل الجيولوجي البعيد تغيرات عميقة قد تقود الى اختفائه، نتيجة تحولات مستمرة في حركة الصفائح التكتونية التي تفصل بين القارتين الافريقية والاوروبية. وذكرت الدراسة، التي اعتمدت على نماذج محاكاة حاسوبية ثلاثية الابعاد، ان المنطقة تعرف نشاطا تكتونيا متقدما يتمثل في غوص صفيحة البحر الابيض المتوسط الغربية تحت صفيحة المحيط الاطلسي عند مستوى المضيق، وهي عملية تعرف بظاهرة الاندساس التي ترتبط عادة بانغلاق الاحواض البحرية القديمة. واشارت نتائج البحث، الذي انجز بالتعاون بين باحثين من البرتغال والمانيا، الى ان هذه التفاعلات الجيولوجية قد تمهد على المدى الطويل لتقارب القارتين الافريقية والاوروبية من جديد بعد انفصالهما قبل ملايين السنين. واوضحت الدراسة ان الزلازل المتكررة في محيط جبال الاطلس الكبير تعد مؤشرا على استمرار نشاط المنطقة خلافا لاعتقاد سائد بكونها مستقرة. وبحسب المعطيات التي نقلتها صحيفة لاراثون الاسبانية، فان سيناريو انغلاق المضيق يبقى احتمالا واردا اذا استمرت عمليات الاندساس بالتسارع نفسه، رغم ان تشكل مناطق اندساس جديدة داخل المحيط الاطلسي يظل عملية معقدة بحكم صلابة الصفائح التكتونية وصعوبة انكسارها. ويرجح النموذج الجيولوجي الذي تم تطويره ان نشوء منطقة اندساس نشطة في الحوض المتوسطي الاخير قد يقود الى تغيرات كبرى في شكل المضيق وربما اختفائه بشكل كامل خلال نحو عشرين مليون سنة. وتؤكد الدراسة ان هذه الاستنتاجات، رغم بعدها الزمني الكبير، تقدم صورة اشمل عن ديناميكية الارض وتحولاتها المستمرة. وتشير المعطيات العلمية الى ان هذه التغيرات، في حال استمرارها، قد تعيد رسم الخريطة الجغرافية للمتوسط وتعيد ربط القارة الافريقية بالاوروبية، الامر الذي كان قائما قبل ملايين السنين قبل انفصال الصفائح وبداية تشكل الحوض المتوسطي.