أمرت هيئة جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالرباط مساء الاثنين 16 أبريل 2018 بفصل ملف متهمة رئيسية في قضية الوقاية المدنية وإجراء خبرة طبية عليها، بعدما مثلت أمامها ولم تجب عن أسئلتها إثر تذكيرها مرارا بمدى استعدادها للتجاوب مع المحكمة. وتعد المتهمة الأخيرة، التي هي موظفة بالوقاية المدنية وزوجة قائد جهوي بذات الإدارة ، شخصية محورية في النازلة، لكونها كانت تجوب المغرب للوساطة في التوظيفات المشبوهة بناء على وثائق مزورة في سلك الوظيفة بالوقاية المدنية، حسب ما راج من المعطيات. وكان الملف قبل الشروع في مناقشته قد أجل بسبب عدم حضور المعنية بالأمر لجلسة المحاكمة، والتي كانت في الغالب عند حضورها تكون ممدَّدة فوق كرسي الجلسة أو متكئة عليه، وتخوض مع شخص في حديث، علما أنه شوهد أنها تصب الماء على رأسها في الجلستين الأخيرتين بعد رجوعها من قفص الاتهام، بل كانت تبكي خلال الجلسة الأخيرة، والتي كانت تستمع بانتباه إبان استنطاق الهيئة القضائية لزوجها، الذي فجر «البيع والشراء» في التوظيف خلال الجلسة ما قبل الأخيرة، مؤكدا على استغلال زوجته ومرضها. وقد واصلت الهيئة القضائية يوم الاثنين الماضي الاستماع إلى باقي المتهمين، الموجود منهم 11 معتقلا، وما يفوق 80 متابعا رهن السراح المؤقت، حيث أكد واحد منهم أنه باع حصان والديه من أجل الحصول على وظيفة بالوقاية المدنية، بعدما التقى بالمتهمة الموظفة من أجل إدخاله برتبة ملازم، لأنه عاطل ويعاني الفقر، لكي «يعاون» عائلته، مضيفا أنه بعد التلكؤ في توظيفه وعلمه بعدم توفره على شرط رخصة السياقة طالب المعنية بالأمر استرجاع المبالغ التي منحها إياها ، في حين أقر متابع آخر أنه سلم لزوج الموظفة مبلغا ماليا من أجل توظيفه، إلا أن الأخير نفى ذلك، على غرار نفيه لمجموع من التحويلات المالية والعلاقات، بما في ذلك تأكيد متابع أنه استضافه رفقة زوجته بمنزله وأكرمه «عشاء». وبعد تأكيد دفاع الدولة المغربية والوقاية المدنية مطالبهما المقدمة في مواجهة الأظناء تدخل ممثل النيابة العامة، مؤكد أن الأفعال الإجرامية المنسوبة إليهم ثابتة من خلال التحويلات المالية المشبوهة، وتزوير الوثائق «شواهد الباكالوريا ورخص السياقة»، وكذا استغلال النفوذ، وإقرار عدد منهم أمام هيئة الحكم بمنحهم مبالغ مالية بهدف الحصول على وظيفة، مشيرا إلى خطورة الأفعال المرتكبة من طرف أشخاص استغلوا مهنهم الوظيفية للاغتناء منها، واستفاد آخرين من وظائف رغم أنهم لايتوفرون على الشروط المطلوبة، وذلك مقابل مبالغ مالية سلمت للوسطاء. والتمس ممثل النيابة العامة، الأستاذ عبد السلام العناز، معاقبة المتهمين بأشد ما ينص عليه القانون، في حين أثار دفاع بعض المتهمين في حالة سراح مؤقت مسألة تقادم الأفعال المنسوبة إلى موكليهم، الذين منهم من اعتبرهم ضحايا تم التَّغرير والخديعة بهم، والنصب من قبل سيدة موظفة كانت تصول وتجول عبر أرجاء الوطن، لكونهم أصحاب حاجات وفاقة وفقر، وضحية فساد مؤسسة، وظروف اقتصادية خانقة. وأبرز دفاع بعض المتابعين في حالة سراح أن فئة منهم تراجعت عن تقديم ملفات ترشيحها لمجرد علمها بعدم توفرها على الشروط الضرورية، وآخرين كانوا يتوفرون على كل المؤهلات، كحالة مجاز في الفيزياء كان ضحية نصب وفساد، وسيدة أخرى نجحت عن جدارة واستحقاق إلا أن أحد أقربائها تدخل للحصول على السلم 11، مطالبا أساسا بالبراءة واحتياطيا بظروف التخفيف، لأن مؤازريه هم ضحايا، والقول بعدم الاختصاص في المطالب المدنية، التي اعتبرها متضاربة في ظل وجود مذكرتين، واحدة تطالب بدرهم رمزي وأخرى بالملايير، كما سجل محامي أن موكله لم يرتكب أي فعل من المنسوب إليه، ولم يكن في حاجة لتدخل أية جهة، لأن أغلب عائلته تشتغل بالوقاية المدنية. وأخرت الهيئة القضائية الملف لمواصلة مرافعات الدفاع، والتي كانت تتكون من الأساتذة: محمد كشتيل: رئيسا، ورشيد وظيفي والجيلالي بوحبص: عضوين، وعبد السلام العناز: ممثلا للنيابة العامة، وعبد السلام التايق: كاتبا للضبط