مقدمة لابد منها: "روائح مقاهي المكسيك" عمل سردي جديد لعبد الواحد كفيح، يعلن ميلاد "كاتب" جديد، في مدينة لم تعد سفلى كما كان الأمر في الماضي (السبعينات)، توصلت به عن طريق أحد الأصدقاء ،واعتكفت على قراءته ،اعتقادا مني أنه قد يحمل جديدا أو إضافة في مجال المنجز السردي، مادام أن "كاتبه" قد قفز من الكتابة السردية القصيرة إلى الكتابة السردية الطويلة نسبيا.وقد أعدت قراءته مرات بعين فاحصة ومنقبة عن لطيفة من اللطائف بتعبير الجرجاني،غير أن أفق انتظاري قد خاب،لأنني اكتشفت أن هذ العمل لا يزال بعيدا عن الكتابة الروائية بمفهومها النقدي الحديث، وأن "كاتبه" قد استعجل كتابة الرواية،في الوقت الذي كان يجب عليه ،أن يتريث طويلا، إلى أن يراكم تجربة مهمة في مجال السرد القصير،ويتمكن من تقنيات وآليات الكتابة الروائية ،ويتمرس بها عبر القراءة المتأنية والاستكشافية للرواية العربية، والقراءة الواعية لنظرية الرواية .أ قول هذا الكلام، ليس تحاملا على شخص "الكاتب"،وإنما لأني مقتنع بأن الكتابة والنشرلامجال فيهما للمجاملة التي يتقنها بعض المنتسبين للمشهد الأدبي ،وهي المسؤولة في نظري عن انتشار الرداءة والتنطع واستسهال الكتابة حتى أضحى ما ينشر أشبه بتدريب إنشائي،ولأني كذلك أنطلق في هذا الحكم، من المقولة النقدية التي شيد عليها شيوخ البنيوية، منهجهم النقدي في التعامل مع النصوص، كيفما كانت انتماءاتها الأجناسية، وهي أن ينطلق القارئ(من النص ولا شي غير النص) إيما نا واقتناعا منهم أن جمالية وأدبية وقيمة النصوص ،تكمن في داخلها أي في طريقة تشكل بنياتها اللغوية والأسلوبية والتركيبية والسردية. وبناء على هذا التقديم، سأحاول استنطاق هذا العمل السردي، وتفكيك بعض بنيات، للوقوف على مدى تحقق مفهوم الروائية فيه كما يشير إلى ذلك غلاف العنوان. وبالتالي لن أهتم بمحتوى هذ العمل لأنه لايحمل أية قيمة مضافة للمنجز الروائي المغربي، باستثناء قيمته التاريخية المرتبطة بصاحبه،ولأنه يغرق في المحلية التي لايمكن أن يفهمها ويتفاعل معها ،إلا بعض أبناء المدينة ممن ينتمون لجيل الستينات والسبعينات، والذين يرتبطون ببعض فضاءات المدينة(مقاهي المكسيك)، في حين أن الأعمال الأدبية الحقيقىة ،هي التي تنطلق من المحلي لتحلق في عوالم إنسانية أكثر رحابة ،وتفتح آفاقا جديدة بقيم إنسانية جديدة ،وبالتالي تنقل التجربة من مستوى خاص مرتبط بالفرد ،إلى مستوى عام مرتيط بالإنسان، بحيث تتجاوزهذه التجربة حدود الزمان والمكان، ويجد فيها القارئ ذاته وأحلامه وطموحاته وإخفاقاته. لذلك يرى بارط أن العمل الأدبي، لا يخلد لكونه يفرض معنى وحيدا على جميع القراء، وإنما لكونه واقعة رمزية يتضمن معاني متعددة،ويوحي بمعاني مختلفة لإنسان وحيد(النقد والحقيقة) يتبع