سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوطن ينخره الدود ونحن نرممه بالدعاء وسياسيون تنبعث منهم روائح اللحوم الفاسدة، ودولة تبتلع كل نية حسنة لتحولها إلى شعار أو إعلان على واجهة الوطن/المتجر
— الآن، ونحن نعيش آخر أيام 2014، هذه السنة الحبلى والثكلى، لن أدع مارك ينوب عني في قول ما أريد قوله، لن أسمح له بأن يختزل كل عباراتي وضحكاتي وبكائي وصراخي وجنوني، في جملتين.
في هذه السنة كلام كالمطر، ودمع كثير، وفرح كبير، ولقاءات أكبر. في هذه السنة اكتشفت أني أكبر، أن السنين تمضي بي بين مراحل العمر وأنا مسافر زاده الخيال.. اكتشفت كيف أتحول من شخص الى آخر يشبهني ولست أتمنى أن يعود بي الزمن. في هذه السنة أرقتني أمور كثيرة، أقابل أناسا وأفارق آخرين وهاجسي الأكبر ألا أكون منافقة، زائفة.. لا أريد ولن أحتمل.
في هذه السنة تحققت من أن الآلام تنصرف بعد حين وحبي باق إلى ما لا نهاية. أيقنت أن الألم دليل جيد على صدق الإحساس. الوطن ينخره الدود ونحن نرممه بالدعاء والأمل كما يفعل الأطفال مع القصور الرملية. وفي هذه السنة الكثير من العبث، أرواح تهدر جراء الفساد واللامسؤولية، سياسيون تنبعث منهم روائح اللحوم الفاسدة، ودولة تبتلع كل نية حسنة لتحولها الى شعار أو إعلان على واجهة الوطن/المتجر. نظام يأكل ويسأل أين اختفى الفتات.. ولولا هذا الهم ما كنا لنحس بارتباطنا اللامرئي بهذه الأرض، ولولا حزننا على الوطن لكنا قاعدين نتفرج على المسلسلات التركية المدبلجة إلى لغة الحلم والتوهان.
يا إلهي، كيف تكون هذه سنة الموت والخراب وفي الآن ذاته سنة الحب والفرح.. هذا العالم أصبح يمضي بسرعة الضوء، كأنما الأرض توقفت عن الدوران وصار الكون يدور حولها.. يتفرج على الإنسان كيف صار آلة استهلاك وآلة قتل وآلة بروباغاندا وآلة مقاومة للواقع البئيس.
في هذه السنة أشهر المخزن سكاكينه في وجه الحركة الحقوقية الجادة المهمومة بقضايا الإنسان وواقعه وحقوقه في دولة اللا حق واللا قانون، بعد أن اطمئن إلى مرور حمى ربيع سقطت أوراقه قبل أن تتم خضرتها. في هذه السنة التقيت أشخاصا كأنما كنت أنتظر موعد اللقاء بهم، كأنما انتظروني فعانقوني وفجأة صارت بيننا ذكريات كثيرة. أشخاص أقل ما يقال في حقهم أنهم فريدون، متميزون. وفي هذه السنة جددت الوعد لأصدقائي الصامدين، الذين ما زالوا يتحملونني ويطيقون جنوني. وجددت الوعد لأقرب الأقربين، تلك التي تعرفني وأعرفها، امرأة من زمن الحب.. شقيقتي.
في هذه السنة تلقيت صفعات متتالية ومتوالية تورم قلبي وأدمى، لكنه اندمل من دفئ التحدي، فلولا هذه الروح المشتعلة لكان الجسد قد غادرني منذ مدة. في نهاية هذه السنة وفي نهاية كل سنة سأنظر إلى السماء وأنا أبحث عن مكان لأملي وآخر لفرحي وآخر لطموحاتي، وسأحفر في الأرض حفرة لآلامي وأخرى لغضبي وأخرى لما لن أستطيع حمله بداخلي. ويوم تمطر السماء أملا وفرحا وطموحا ستنبت الأرض قصصا وكلمات جديدة تروى.