لماذا كل هذا الهوس عند بعض من نصبوا أنفسهم دعاة ومنظرين -لأغراض تجارية وغيرها- بقضية المرأة؟ المرأة فتنة.. لا يجوز خروج المرأة لغير حاجة.. المرأة يجب عليها أن تفعل كذا وكذا… آخر صيحاتهم: المرأة لا يجوز أن تخرج للتعلم خوفا عليها… المشكل الحقيقي في مثل هذا التفكير أنه لا مكان فيه للجمال او الاحترام أو ذات حرمة المرأة أو وعي الرجل في الأمر ، المرأة كائن جنسي مثير للشهوة، مصدر فتنة للمجتمع، وكلما تواجدت بمكان او فضاء إلا سببت توترا وأثارت الانتباه، لا تستطيع مشاركة هذه الفضاءات مع صديقها الرجل ، إلا بحذر وقلق نفسي لدى الطرفين. ساهم في هذه النظرة الشهوانية للمرأة ثقافة دينية مجتمعية، وظفت بعض الروايات الحديثية التي تعتبر المرأة كائنا مدمرا للمجتمع، و فتنة مضرة ومهلكة للرجل، وكتلة جنسية قابلة للانفجار في أي لحظة، ومصدر غواية وإغراء للرجل، ولا بد من الحد من هذا الخطر ووقف تهديده للمجتمع بالانهيار. ما علينا اليوم، هو إعادة الاعتبار للمرأة كذات، ترك الاختيار الحر لها فيما تفعل وما لا تفعل، توعية المجتمع وتحسيسه بأن المرأة كائن بشري كالرجل، وليس موضوع جنسيا وآلة إنتاج لللذة الحيوانية. ما لا يفهمه كثير من هؤلاء المتشددين، هو أن هذه الإشكاليات المتعلقة بلباس المرأة ، يمتد أثرها على شخصية المرأة، بل يمتد لجوانب من حياتها، فقدرتها على الاختيار الحر ، يمنحها من القوة والطاقة ما يجعلها قادرة على إنجاح حياتها، بل وإنجاح حياة أبنائها ومقربيها. ختاما: الانسان عموما رجلا كان أو امرأة، لايكون بلباسه ولا جنسه ولا يصنع به هوية، ولكن الانسان كائن ثقافي، واختياراته لا ينبغي ربطها أبدا بما هو جنسي، لأن هذا الربط و تسربه للوعي الداخلي، هو ما يشجع على التحرش، وهو ما يخلق حالة قلق في الفضاءات العامة، بل أكثر من ذلك، سيجعل من المجتمع ككل، كيانا غريزيا شهوانيا لا يحتكم للعقل في شيء من أموره العلاقاتية ، وهنا مكمن الخطر.