لم تدع مواجهة بايرن ميونخ الألماني أمام برشلونة الإسباني في ربع نهائي دوري الأبطال والتي انتهت بنتيجة كارثية بخسارة الفريق الكتالوني بشكل مهين وغير مسبوق في تاريخه (8-2)، مجالا للشك حول أن الفريق البافاري يسير في الطريق الصحيح من حيث ضخ دماء جديدة في صفوفه بأسماء شابة، وأن ثمة ثورة تصحيح كبيرة يجب أن تحدث داخل جدران القلعة الكتالونية. ولا شك أن النتيجة التي هزت ليست القارة العجوز فحسب بل العالم بأسره، أثبتت وجود تغيير كبير في خريطة الساحرة المستديرة، لاسيما بعد تفشي جائحة كورونا وتأثيرها الاقتصادي والرياضي على كافة المستويات، وهو ما يظهر في وجود باريس سان جيرمان الفرنسي ولايبزيغ الألماني في نصف النهائي، بالإضافة للعملاق البافاري، في انتظار التأهل "المتوقع" لمانشستر سيتي الإنجليزي الذي سيدخل اختبارا سهلا "نظريا" أمام أوليمبيك ليون الفرنسي. وبما أن كرة القدم هي جزء لا يتجزأ من عجلة الحياة، فإن تعاقب الأجيال هو أمر حتمي وهو الأمر الذي يدفع بأسماء شابة في عالم كرة القدم لتتسلم الراية من الأسماء التي صنعت تاريخا بالفعل، والحديث عنها لا بد وأن يتطرق للكندي الواعد ألفونسو ديفيز، آخر مواهب الفريق البافاري التي جاءت من الدوري الأمريكي والمولود في مدينة فانكوفر الكندية، وبات اسمه يتردد على مسامع الجميع، لاسيما بعد الأداء الرائع الذي قدمه في الهزيمة "التاريخية" لرفاق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي. وإلى جانب الحرس القديم الذي قدم ولا زال يقدم للبايرن وعلى رأسهم توماس مولر ومكانية الأهداف التي لا تهدأ، البولندي روبرت ليفاندوفسكي، لا يمكن إغفال دور الجيل الجديد المتمثل في، بالإضافة لديفيز، أسماء مثل سيرجي جنابري وجوشوا كيميتش، ليجني الفريق ثمار هذا المزيج ويحصد الأخضر واليابس محليا، وها هو يقترب تدريجيا من استعادة مكانته قاريا بلقب سادس في "التشامبيانزليغ". ولا شك أن ظهور هذه الأسماء بالمستوى الرائع الذي قدمته، بالإضافة للاعبين في فرق أخرى أمثال دايوت أوباميكانو وداني أولمو في لايبزيغ، والتألق المعتاد لآخرين أمثال رحيم سترلينغ والبلجيكي كيفين دي بروين في السيتي، وتوهج نيمار مع ال"بي إس جي"، ينذر بأن ثمة تغيير قادم في موازين القوى داخل القارة الأوروبية. ومع تفشي وباء (كوفيد-19) وآثاره الكبيرة، يبدو أن الأندية التي كانت تعمل وفق خطط مستقبلية مدروسة سواء بالاعتماد على قطاع الناشئين بها أو بالتعاقد مع لاعبين صغار لهم مستقبل كبير، ستكون لها الكلمة العليا خلال الفترة المقبلة، وسيبقى زلزال الرابع عشر من غشت الذي ضرب برشلونة لخير مثال على هذا التغير الحتمي.