تستمر الحفريات الأثرية في موقع بيزمون ضواحي الصويرة، ممهدة الطريق أمام نتائج مشجعة؛ وذلك تحت إشراف الدكتور عبد الجليل بوزوكار، عالم آثار ومدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث. ووفقا لما كشفه عبد الجليل بوزوكار، فإن التحريات بمحيط المغارة، وبالضبط بمنطقة لعبيدات، أثبتت أن المستويات الجيولوجية مليئة بالعديد من المواد الأولية الصخرية، وخاصة حجر الصوان. وشدد مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث على أن هذه المستويات الجيولوجية ربما تكونت خلال العصر البليوسيني، وعلى الأرجح حوالي 3 ملايين سنة. وأبرز بوزوكار أن منطقة لعبيدات أصبحت، بعد آلاف السنين، متاحة للمجموعات البشرية العاترية للتزود بما يكفي من الصخور لصناعة الأدوات الحجرية. واعتبر الأستاذ المتخصص في فترة ما قبل التاريخ أن التعرف على مصادر الصخور له مزايا كثيرة؛ منها تحديد مجال تنقل المجموعات البشرية، والذي قد يصل أحيانا عشرات الكيلومترات، وهو يعطي أيضا فكرة عن معرفة وخبرة المجموعات البشرية بجودة الصخور وانتقاء الجيد منها لصناعة الأدوات الحجرية. وكشف المختص ذاته أن "ما قامت به المجموعات البشرية العاترية حوالي 150 ألف سنة، وامتدت إلى حوالي 60 ألف سنة، من مهارات ومعارف دامت حوالي 90 ألف سنة، أمر مذهل ومبهر"، مشددا على أن تاريخ المغرب مبهر بشكل كبير. ومن بين أهم نتائج هذه السنة الضبط الدقيق لاستراتيغرافية الموقع؛ وهو عمل شاق، ويتطلب الوقت والدقة في التنقيب، أضاف بوزوكار، الذي أبرز أنه تم العثور على عظم يعود إلى أسد الأطلس. وزاد موضحا "المستوى الأركيولوجي الذي وجد به يعود عمره إلى آلاف السنين، هو الآن من المستحاثات". وانتهت الحفريات في موقع جرف الحمام القريب من مدينة الصويرة، بعد شهور من التنقيب والعمل الميداني قاده طلبة المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء وجامعة هارفارد وجامعة أريزونا وجامعة أوكلاهوما وجامعة إيكس مارسيليا وجامعة لاس بالماس وجامعة الغارفي. وقد أثبتت التكنولوجيات الحديثة مرة أخرى، كما أوضح بوزوكار، أنها أداة مساعدة وبشكل كبير في البحث الأركيولوجي الحديث وبمواصفات دقيقة، حيث تمكن من جرد اللقى مباشرة بعد نهاية التنقيب. وعرف المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في السنوات الأخيرة، اكتشافات كان لها صدى كبير عالميا؛ أبرزها الإسهام في اكتشاف آثار أقدم إنسان عاقل بجبل إيغود، وأحدثها الإسهام في اكتشاف تقنية حفر يعود تاريخها إلى مليون سنة هي الأقدم بإفريقيا بالدار البيضاء والإسهام في اكتشاف أقدم نقوش جدارية بشمال إفريقيا بإقليم بركان.