بعد أن هزت رياح الدبلوماسية المغربية مخيماتها السياسية، وفي جديد مسلسل الأكاذيب و"النكت السياسية" التي دأبت على إلقائها على مسامع المنتظم الدولي، عرضت جبهة البوليساريو على الدول الإفريقية "تقاسم تجربتها الخاصة في التغير المناخي التي اكتسبتها من عقود من التعايش مع الظروف المناخية القاسية". جاء ذلك في كلمة لزعيم الميليشيا الانفصالية على هامش مشاركته في قمة المناخ الإفريقية في كينيا، زاعما أن "الجدار الرملي الذي شيدته المملكة ساهم في حرمان المناطق المحررة من المياه"، مشيرا إلى أنه تم "اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمواجهة هذه التحديات من خلال تطوير أنظمة زراعية جديدة وتشييد مشاريع لتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية في المناطق المحررة"، وفق تعبيره. وانتقد زعيم الانفصاليين "حرمان البوليساريو من الحصول على التمويلات المرصودة لمواجهة أزمة المناخ، ومن الدعم الفني عبر آليات تمويل المناخ التابعة للأمم المتحدة"، مدعيا في الوقت ذاته أن "النزاع مع المغرب تسبب في نزوح أكثر من 200 ألف شخص إلى مناطق قاسية مناخيا، إذ تصل درجة الحرارة في المخيمات إلى مستويات قياسية". من يسمع خطاب غالي دون أن يعرفه، سيعتقد للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق فعلا بدولة قائمة الذات، فاعلة في المنتظم الدولي ولها باع طويل في مكافحة التغير المناخي، هذا التحدي البيئي الذي أثقل كاهل الدول العظمى، وليس مجرد كيان إرهابي يحتجز أشخاصا في مخيمات على التراب الجزائري تفتقر لأبسط مقومات العيش الكريم، وينهب قادته أموال المساعدات الإنسانية الموجهة إليهم لإذكاء العداء للمغرب في أذهانهم كونه سبب "الوضع المأساوي الذي يعيشون فيه". أكاذيب انفصالية وثورة مغربية شادي البراق عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع، قال إن "خطاب زعيم الميليشيا في أشغال القمة الإفريقية للمناخ يمكن إدراجه في إطار حزمة من الأكاذيب حول قضية الوحدة الترابية، التي يحاول النظام الجزائري من خلال البوليساريو تمريرها إلى العالم في كل مناسبة بشكل كاريكاتوري". وأضاف البراق أن "المعسكر المحسوب على الانفصاليين ما زال يعتمد على الآليات والميكانيزمات والادعاءات المضللة نفسها التي اعتمد عليها في سبعينات القرن الماضي"، مشيرا إلى أن "الحقائق على الأرض تفند ادعاءات غالي الذي تحدث عن مجهودات وهمية تقوم بها الميليشيا لتطوير العمل المناخي والاقتصاد". وسجل المتحدث عينه أن "الحقيقة على الأرض التي يدركها العالم بأكمله تؤكد أن المملكة المغربية، وبسواعد رجالها ونسائها من طنجة إلى الكويرة، قامت بمجهودات جبارة لتنمية أقاليمها الجنوبية منذ استرجاعها إلى اليوم"، موضحا أن "هذه الأقاليم تعرف ثورة تنموية حقيقية في البنيات التحتية والتطور العمراني، حيث تعتبر من أكثر المناطق أمنا وتنمية وتطورا في الصحراء الكبرى". ولفت إلى أن "المطالب غير المنطقية لزعيم الميليشيا بانخراط جمهوريته الوهمية في المجهود العالمي للتصدي لتغير المناخ وسعيه للحصول على التمويلات المرصودة لمواجهة أزمة تغير المناخ والدعم الفني عبر آليات تمويل المناخ التابعة للأمم المتحدة، يعكس حالة الانهزام السياسي التي يعيشها قادة الجبهة الذين يسعون للحصول على هذه الأموال من أجل إغناء أرصدتهم البنكية لا أقل ولا أكثر". وخلص المصرح لهسبريس إلى أن "خطاب غالي موجه بالأساس إلى الداخل بالمخيمات في إطار الصراع البنيوي والقبلي بين مختلف أجنحة الميليشيا عن طريق البحث على انتصارات ديبلوماسية وهمية يغطي بها إخفاقاته الميدانية والديبلوماسية المتكررة في ظل الأزمة الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها سكان المخيمات. وبالتالي، فإن هذا الخطاب يحمل وعودا بمشاريع وهمية إلى المحتجزين بالرابوني الذين يعيشون تحت خط الفقر بقرار جزائري". تقويض للأهداف وتبرير للوضع من جهته، علق محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، بالقول إن "حضور غالي قمة المناخ في نيروبي يعد في حد ذاته تقويضا لكافة الأهداف والأجندة المتوخاة من هكذا مؤتمرات"، مشيرا إلى أن "طبيعة هذه الميليشيا الانفصالية التي تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة ومتورطة في جرائم ضد الإنسانية، لا تؤهلها للمحاضرة أو حتى إبداء الرأي في قضية مصيرية كقضية المناخ". وأضاف عبد الفتاح أن "مداخلة زعيم البوليساريو في قمة المناخ الإفريقية تعيد النقاش حول مدى شرعية تواجد وعضوية هذا التنظيم الانفصالي في منظمة الاتحاد الإفريقي"، مشددا على أن "البوليساريو لا يمكن أن تقدم شيئا إلى الدول الإفريقية ولا إلى القضايا المصيرية التي تهم شعوبها، على غرار قضية المناخ، بالنظر إلى افتقارها إلى كل المقومات التي تؤهلها إلى ذلك". وخلص المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن "إشارة غالي إلى استعداد دولته الوهمية للمساهمة في مكافحة التغيرات المناخية على المستوى الإفريقي والعالمي، وتحميله المسؤولية للمغرب فيما يخص آثار التغير المناخي على سكان المخيمات، لا تعدو أن تكون محاولة لتبرير الوضع المحتقن في تندوف ومحاولة استعادة الزخم للأطروحة الانفصالية من بوابة المنتديات الدولية، في وقت حسمت فيه الرباط موضوع سيادتها على أقاليمها الجنوبية".