وجّه فريق مستشاري حزب التجمع الوطني للأحرار بالغرفة الثانية من البرلمان، اليوم الثلاثاء، انتقادات حادة إلى ما سماها "الفوضى" التي تسيطر على استغلال معدن الباريتين الاستراتيجي بالمغرب، والذي تعد المملكة من الدول الثلاث الأولى التي تنتجه عبر العالم. وفي هذا السياق، قال عبد الرحمان ابليلا، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس المستشارين، إن واقع استخراج وتصدير معدن الباريتين الاستراتيجي في بلادنا "يظهر أنه لا يتماشى مع الاستراتيجية والأهداف التي تسعى إليها بلادنا في قطاع المعادن". وأضاف المستشار مخاطبا ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية والمستدامة، "لا أتكلم عن منح الرخص والاستغلال وإنما أتكلم عن التثمين"، مؤكدا أن الكمية الأكبر من الباريتين المستخرجة في المغرب "يتم تصديرها خامة بدون تثمين، على الرغم من وجود وحدات ومعامل في البلاد تعمل على تثمين هذا المعدن وتحويله". وزاد المستشار ذاته مبينا: "نحن نعرف أن عملية التثمين عندها إيجابيات على مستوى ثمن البيع وجلب المزيد من العملة الصعبة وعلى مستوى خلق مناصب شغل مهمة ودائمة ومحترفة"، معتبرا أن المتضرر في الوضعية الحالية من التصدير الخام للمعادن هي "المعامل والمقاولات المغربية التي لم تعد تجد هذه المادة في المغرب؛ مما يجعلها في حالة عطالة، وهذا قد يدفع إلى إغلاقها". وعدَّ مستشار حزب التجمع الوطني للأحرار تضمين شرط التثمين في دفتر التحملات "أمرا ضروريا ومستحبا ولا يحتاج إلى نص قانوني، على غرار ما قامت به دول أخرى؛ مثل الصين التي تبقى من الدول المنافسة لنا في هذا المعدن الاستراتيجي". كما هاجم ابليلا مؤسسة "كاديتا" المعنية بتدبير القطاع، حيث قال: "لا هي أطرت القطاع ولا واكبت هؤلاء الصناع التقليديين المحليين ولا عقدت حتى مجلس إدارتها وهذه الوضعية، خلقت حالة من الاستغلال العشوائي للمعادن في منطقة تافيلالت وفكيك وجعلت بعض الصناع التقليديين يحققون أرباحا طائلة أخرجتهم من الإطار الذي كان يستهدفهم من خلاله الظهير". من جهتها، قالت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ردا على سؤال فريق حزب رئيس الحكومة، إن معدل الإنتاج الوطني من مادة الباريتين، خلال سنة 2022، وصل إلى "ما يقارب مليون طن، حيث شكل منه الإنتاج المستخرج من الاستغلالات المنجمية التقليدية المتواجدة بالمنطقة المنجمية لتافيلالت وفجيج 581 ألفا و529 طنا أي بنسبة وصلت إلى حوالي 63 في المائة". وأشارت بنعلي إلى أن مادة الباريتين تستخدم بشكل أساسي ك"مادة مضافة لطين الحفر في آبار استغلال النفط والغاز. كما لها استعمالات في صناعات أخرى متعددة؛ كصناعة البلاستيك وصناعة المطاط وصناعة مستحضرات التجميل والصناعة الدوائية". وسجلت الوزيرة ذاتها أن وحدات صناعية تهتم بتثمين هذه المادة قبل التصدير، توجد داخل التراب الوطني، عبر القيام بعمليات التكسير الأولي والطحن وتركيز الباريتين الخام عبر استخدام مبدأ الفصل بقوة الجاذبية، ووحدات تعتمد على مبدأ قوة الطرد المركزي من أجل فصل المعدن عن الشوائب". واكتفت بنعلي بالإشارة إلى أن وزارتها تقوم، في إطار المهام الموكلة لها، ب"تتبع ومراقبة كل الأوراش ومشاريع البحث واستغلال مادة الباريتين، سواء عبر المديريات الجهوية للوزارة أو من خلال مركزية الشراء والتنمية للمنطقة المنجمية لتافيلالت وفجيج، والتي خول لها القانون رقم 74.15 المتعلق بالمنطقة المنجمية لتافيلالت وفجيج حق الاحتكار فيما يتعلق بجمع وتسويق مادة الباريتين المستخرجة من الاوراش المعدنية المغطاة بتراخيص الاستغلال التقليد". وفي إطار الرؤية المستقبلية للنهوض بالقطاع المعدني الوطني لتثمين المواد المعدنية وخلق القيمة المضافة محليا بالنسبة للمواد المعدنية المنتجة بجميع أنواعها، سجلت بنعلي أن الوزارة "تعمل عليها وعلى مراجعة الإطار القانوني المنظم للقطاع المعدني ووضعه خلال هذه السنة في مسطرة المصادقة، أخذا بعين الاعتبار موضوع سلسلة القيمة لاستغلال المعادن، والتي من شأنها خلق فرص شغل جديدة وقيمة مضافة للصناعة المعدنية الوطنية".