خلافا لما دأبت الأصوات الانفصالية والمعادية للمغرب على ترويجه من أكاذيب بخصوص خوض جبهة البوليساريو "حربا ضروسا" ضد القوات المسلحة الملكية في الصحراء المغربية منذ ما أسمته "العودة إلى الكفاح المسلح"، خرج عمر منصور، القيادي في الجبهة الملقب ب"ممثل البوليساريو لدى الاتحاد الأوروبي"، في تصريحات إعلامية ليؤكد أن "البوليساريو تحاول إبقاء النزاع مع المغرب في مستوى منخفض من الحدة". وفي تناقض مع تصريحاته وكذا تصريحات قيادات الجبهة وعلى أعلى المستويات، بمن فيهم زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي، أضاف منصور في حوار أجرته معه صحيفة "نويفا ريفوليسيون" الإسبانية، أن "الحملة العسكرية مستمرة وفق الوتيرة التي حددناها حاليا لأنفسنا، وعندما يكون من الضروري زيادة شدة العمليات فسيتم ذلك". وتفاعلا مع سؤال حول الأسباب التي تمنع البوليساريو من رفع وتيرة هذه الحرب كونها تدعي أنها تملك الوسائل اللازمة لذلك، تحجج القيادي الانفصالي بأن "هذه الحرب تدور رحاها على أرض حساسة للغاية، وحاليا بلدان المغرب العربي والساحل في وضع متقلب. وبالتالي، علينا أن ندافع عن حقوقنا ولكن يجب أن نكون حذرين للغاية حتى لا يتحول هذا الصراع إلى صراع مفتوح ببعد وخسائر أكبر"، فيما اعتبره متتبعون تناقضا صارخا مع خيار "العودة إلى الأعمال المسلحة" الذي تبنته البوليساريو ومحاولة للتغطية على الفشل الذي مني به الكيان الوهمي سياسيا وعسكريا. في هذا الإطار، قال محمد لمين النفاع، مسؤول عسكري سابق في البوليساريو عضو اللجنة السياسية لحركة "صحراوين من أجل السلام"، إن "هذه التصريحات تكشف في الحقيقة عن حجم التناقض الكبير الذي تتخبط فيه الجبهة، بل هي مفارقة كبيرة، خصوصا إذا ما تذكرنا أن الشخص نفسه سبق أن صرح في لقاء في موريتانيا بأن البوليساريو تستطيع هي الأخرى الحصول على طائرات مسيرة مثلما فعل المغرب". وأضاف النفاع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "تبرير عدم التصعيد العسكري مع المغرب بأسباب ذات طابع أمني إقليمي، لهو تفسير غير دقيق وغير منطقي ويفتقد لمقومات المعقولية، بالنظر إلى مجموعة من العوامل؛ أولها أن الجبهة لما قررت العودة إلى العمل المسلح بعد ثلاثة عقود من الهدنة، ها هي تقول بعد ثلاث سنوات فقط من هذه العودة إنها لا تريد التصعيد حفاظا على الأمن الإقليمي، وهو ما يمكن اعتباره عذرا أقبح من ذنب، ثم إن التذرع بحساسية المنطقة كان ممكنا قبل العودة إلى خيار الحرب، وليس الآن". وأوضح عضو اللجنة السياسية لحركة "صحراوين من أجل السلام" أن "قيادات البوليساريو إنما تحاول إخفاء وتبرير فشلها السياسي والعسكري من خلال هكذا تصريحات، خاصة وأنها فشلت بالدرجة الأولى في تحقيق ما وعدت الصحراويين به منذ عودتها إلى القتال مع المغرب سنة 2020′′، معتبرا أن "هذه الاعترافات دليل على أنه لا وجود للحرب التي تدعيها البوليساريو في بلاغاتها اليومية إلا على الورق الذي كتبت عليه تلك البلاغات، وإلا فما الذي تحقق على الأرض منذ ثلاث سنوات من استئناف أعمالها المسلحة ضد المملكة المغربية". وأشار المسؤول العسكري السابق في البوليساريو إلى أن "أكبر خطأ ارتكبته الجبهة هو عودتها إلى القتال، حيث كانت قبل وقف إطلاق النار تملك إمكانيات نتيجة التسليح الليبي، أما اليوم فهي لا تمتلك هذه القدرات، ثم إن التقنيات والعتاد الحربي تطورا كثيرا ما بين الأمس واليوم، فحتى ما تحصل عليه الجبهة اليوم من الجزائر لا يؤهلها لخوض حرب مع المغرب؛ لأن الجزائر نفسها تراهن بالفعل على إطالة أمد هذا النزاع لكن دائما بأقل الخسائر المادية وبالحد الأدنى من التكلفة". وخلص لمين النفاع إلى أن "كل هذه المعطيات وأخرى والفشل الذي تراكمه البوليساريو اليوم، تدل على أن هذه الأخيرة في طريقها إلى الاندحار، وبالتالي وجب على المغرب أن يبحث عن شركاء جدد يريدون فعلا لهذا النزاع أن يُحل؛ لأن القيادات الحالية للجبهة، ومعها الجزائر، رسمت خطة قوامها الأساسي الإبقاء على هذا الصراع إلى أمد طويل وبأقل التكاليف دائما".