في أجواء تفيض بعطر الورود ودفء الانتماء، شهدت مدينة قلعة مكونة، التابعة لإقليم تنغير، تتويج الشابة فاطمة الزهراء برماكي بلقب ملكة جمال الورد العطري في نسخته الستين، وذلك ضمن فعاليات الملتقى الدولي للورد العطري، الذي أضحى موعدًا سنويًا راسخًا للاحتفاء بثقافة الورد وترسيخ مكانته كعنصر من عناصر التراث اللامادي للمغرب. وبحسب المنظمين، يُعد هذا التتويج محطة رمزية تُكرّس حضور المرأة المحلية كشريك أساسي في صيانة هذا الإرث النباتي الغني، الذي يشكل مصدر فخر واعتزاز لسكان المنطقة، وموردًا اقتصاديا ذا بعد وطني وعالمي.
وقد تفوّقت برماكي على عدد من المشاركات، أظهرن جميعًا مستوى راقيا من الالتزام بجمال الشكل والمضمون، حيث خضن غمار منافسة لم تقتصر على المقاييس الجمالية فحسب، بل شملت أيضا التفاعل الثقافي، وسعة الإلمام بالعادات المرتبطة بزراعة الورد وتقطيره، فضلاً عن القدرة على تمثيل هوية قلعة مكونة بمهنية ورقي. واحتلت حفيظة أمخشون، المرتبة الثانية، حيث أبهرت بدورها لجنة التحكيم والجمهور بأدائها المتّزن، وشخصيتها المتألقة، ما جعلها محط إشادة واسعة، وعنوانا للجمال المغربي في أبعاده المتعددة. وأكد المنظمون، في تصريح رسمي بالمناسبة، أن مسابقة ملكة جمال الورد العطري ليست مجرد استعراض لمقاييس الجمال الظاهري، بل هي تجلٍّ لروح المكان، وتقدير للمرأة القروية التي ما فتئت تلعب دورا محوريا في زراعة الورود، وجمعها، وتقطيرها، وترويج منتوجاتها، في إطار سلاسل إنتاج تحافظ على البيئة، وتعزّز من تموقع الورد العطري المغربي في الأسواق الدولية. ووفق المنظمين، تمثل المتوّجة، فاطمة الزهراء برماكي، صورة الورد العطري المغربي خلال الاثني عشر شهرا المقبلة، من خلال مشاركاتها في تظاهرات وطنية ومعارض دولية، حيث ستعمل على تسويق هذا المنتوج التراثي بثقافة أصيلة، وحداثة واعية، بما يسهم في توسيع إشعاع قلعة مكونة كعاصمة وطنية للورد العطري، ويُرسّخ دور الجمال في خدمة التنمية المحلية المستدامة. ويأتي هذا التتويج في سياق دورة استثنائية من الملتقى الدولي للورد العطري، الذي احتفى هذه السنة بستة عقود من العطاء، والتنمية، والانفتاح على العالم، حيث ضمّ برنامج الدورة عروضًا فنية وفكرية، وورشات في تثمين منتجات الورد، ومعارض فلاحية وصناعية، تُبرز التنوع البيولوجي الذي تزخر به المنطقة، وتدعو إلى الاستثمار فيه بعين الحداثة وعمق الأصالة. وتعرف قلعة مكونة، بعطرها الخاص وتاريخها العريق، حيث ما تزال تثبت مع كل ربيع أن الجمال حين يقترن بالهوية، يتحول إلى قوة ناعمة تُخاطب العالم بلغة الورد، وتكتب تاريخها بحروف من نور وعطر.