علمت هسبريس، من مصادر جيدة الاطلاع، بأن مهندسين وتقنيين مغاربة في قطاع البناء والأشغال تعرضوا لعمليات نصب واحتيال محكمة من قبل شركات مغربية حازت صفقات ضخمة في مشاريع للبنية التحتية من قبل جهات حكومية بدول إفريقيا جنوب الصحراء. وأوضحت المصادر عينها أن هذه الشركات استعانت بسماسرة لإقناع أطر بالسفر إلى مناطق إفريقية نائية، خصوصا في تشادومالي وكوت ديفوار، من أجل القيام بمهام مهنية محددة في إطار مشاريع جارية، دون توقيع عقود رسمية أو أوامر بمهمة، مقابل وعود بتعويضات شهرية ومبالغ متفق عليها تصرف لهم لاحقا في المغرب، قبل أن تتنكر لوعودها وتغلق قنوات التواصل معهم بعد عودتهم إلى المملكة. وأفادت المصادر جيدة الاطلاع بأن قيمة بعض التعويضات المتفق عليها وصلت إلى 30 ألف أورو (حوالي 300 ألف درهم)، حيث لم يحصلها المهندسون والتقنيون فور عودتهم إلى المملكة؛ ما دفع بعضهم إلى مراسلة الجهات أصحاب المشاريع في دول إفريقية، على غرار ما وقع في مشروع لبناء مطار ضخم في تشاد، الأمر الذي أحرج الشركات المغربية المتعاقد معها، لتباشر عبر سماسرة ووسطاء محاولات لتهدئتهم، مع وعود بسداد المبالغ المستحقة بذمتها. ولفتت مصادر هسبريس إلى أن غياب وسائل إثبات من عقود عمل وأوامر بالانتداب لمهام، باستثناء تذاكر الطيران ومصروفات نقدية للجيب والإقامة بفنادق، جعل متضررين عاجزين عن ملاحقة الشركات المغربية قضائيا في المملكة وخارجها. وأبرزت المصادر نفسها أن مهندسين مغاربة تفاجأوا باستقدامهم للعمل لدى شركات مغربية متعاقدة من أجل إنجاز صفقات مع جهات حكومية بدول إفريقية، قبل أن يتبين لهم توفر مسيري هذه الشركات على مقاولات أخرى منخرطين فيها بصفة مساهمين مع مسؤولين ورجال أعمال أفارقة؛ ما عزز شبهات هيمنت هذه المقاولات على صفقات عمومية عديدة في البلدان الناشطة فيها. وسجلت مصادر الجريدة أن متضررين تمكنوا من الوصول إلى فواتير ومعطيات محاسبية ومالية كشفت عن فوترة خدماتهم بمبالغ أعلى من تلك المتفق عليها معهم من قبل الشركات التي استقدمتهم، حيث تجاوزتها في حالات بعينها بثلاثة أضعاف. وأوضحت أن بعضهم بصدد اللجوء إلى سفارات دول إفريقية بالمغرب من أجل التبليغ عما تعرضوا له، وطلب المساعدة من أجل استرداد حقوقهم. وكشفت المصادر جيدة الاطلاع عن امتداد حالات النصب إلى قطاعات أخرى، أبرزها الفندق والمطاحن، بعدما لجأ متضررون إلى سفارات مغربية في إفريقيا من أجل التبليغ عن نزاعات شغل وقعوا ضحيتها، خصوصا ما يتعلق بأداء أجور وتعويضات أقل من المتفق عليها عن طريق سماسرة تخصصوا في إيهام أطر وكفاءات بتحقيق أرباح سريعة عن فترات عمل تتراوح بين ستة أشهر وسنة كاملة في أحد البلدان الإفريقية، مع توفير تذاكر السفر الإقامة. وأوردت مصادر هسبريس أن الوسطاء المشار إليهم استغلوا حسابات بنكية باسم أقارب ومعارف لتحويل أجور عاملين مغاربة في دول، مثل مالي وليبيا؛ ما عزز الشكوك حول عمليات تهريب أموال خارج مظلة مراقبة مكتب الصرف وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.