طالبت 25 دولة غربية، اليوم الإثنين، بإنهاء الحرب في غزة "فوراً"، معتبرة أن معاناة المدنيين المهدَّدين بالمجاعة بلغت "مستويات غير مسبوقة"، في وقت أعلنت فيه إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية لتشمل مدينة دير البلح في وسط القطاع المحاصر والمُدمَّر. ويأتي البيان المشترك، الذي أصدرته دول تتقدمها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا وأستراليا، بعد 21 شهراً على بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي نتجت عنها أوضاع إنسانية كارثية تطال سكان القطاع، الذين يتجاوز عددهم مليوني شخص، بلغت حدّ الجوع وسوء التغذية، مع تقييد الدولة العبرية دخول المساعدات الإنسانية. وحضّت هذه الدول "الأطراف والمجتمع الدولي على التوحد في جهد مشترك لإنهاء هذا النزاع المروّع عبر وقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار". واعتبرت أنه "من المروّع أن يكون أكثر من 800 فلسطيني قد قُتلوا وهم يحاولون الحصول على مساعدة"، وأن "رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم مساعدة إنسانية أساسية للمدنيين غير مقبول". وتتكرر بشكل شبه يومي في القطاع تقارير عن مقتل فلسطينيين بنيران إسرائيلية أثناء انتظارهم المساعدات، بحسب الدفاع المدني وشهود عيان. وأفادت الأممالمتحدة بأن نحو 800 شخص قُتلوا أثناء ذلك منذ أواخر ماي. ويتركز إطلاق النار قرب مراكز تابعة ل"مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، والتي ترفض الأممالمتحدة والمنظمات الدولية التعاون معها، بسبب مخاوف تتعلق بالحياد ومصادر التمويل. "ارفعوا الحصار" يواجه سكان غزة نقصاً حاداً في الغذاء والاحتياجات الأساسية، فيما تفيد جهات طبية والدفاع المدني ومنظمة "أطباء بلا حدود" بتسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات سوء التغذية خلال الأيام الأخيرة. وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنها تتلقى "رسائل يائسة من الجوع"، بما في ذلك تلك التي تصل من موظفيها في غزة. كما أفادت الأونروا بأن النقص في الإمدادات أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بمقدار 40 ضعفاً، في حين أن المساعدات المخزنة في مستودعاتها خارج غزة تكفي لإطعام "جميع السكان لأكثر من ثلاثة أشهر". وأضافت الوكالة الأممية نفسها: "المعاناة في غزة هي من صنع الإنسان ويجب أن تتوقف. ارفعوا الحصار، ودعوا المساعدات تدخل بأمان وعلى نطاق واسع". وجاء النداء الدولي عقب ليلة من القصف المدفعي المكثف على دير البلح، وفقاً للدفاع المدني في غزة وشهود عيان، وذلك غداة إصدار الجيش الإسرائيلي إنذاراً للسكان بالإخلاء، معلناً أنه سيوسّع نشاطه في منطقة لم يسبق أن شهدت عمليات برية منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023. وبحسب تقديرات أولية أصدرها مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقد تواجد في المنطقة المشمولة بالإنذار عند صدوره ما بين 50 و80 ألف شخص، حيث حملت عائلات بأكملها ما تبقى من متعلقاتها على متن عربات يجرّها الحمير واتجهت جنوباً. وقال عبد الله أبو سليم، البالغ 48 عاماً، وهو من سكان دير البلح، لوكالة فرانس برس: "خلال الليل، سمعنا انفجارات كبيرة وقوية هزّت المنطقة، كأنها زلزال". وأوضح أن تلك الأصوات كانت بسبب "القصف المدفعي على جنوب وسط دير البلح والمنطقة الجنوبية الشرقية"، مشيراً إلى أن "الطيران الحربي (الإسرائيلي) دمّر عدة منازل وثلاثة مساجد". ونتج عن ذلك "قلق وخوف كبير، (نخشى) أن الجيش يريد تنفيذ عملية برية في دير البلح ومخيمات وسط القطاع، حيث يتجمع مئات الآلاف من النازحين". وأظهرت لقطات فرانس برس أعمدة من الدخان المتصاعد في أنحاء متفرقة من دير البلح، بينما كان الأهالي يتنقلون باستخدام الدراجات الهوائية أو النارية أو عربات الحمير على طول شارع صلاح الدين الرئيسي. واليوم الإثنين، قال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لفرانس برس: "تلقينا اتصالات من عدد من العائلات المحاصرة في منطقة البركة بدير البلح بفعل القذائف من الدبابات الإسرائيلية"، وأضاف: "يوجد عدد من المصابين، ولا أحد يستطيع الوصول إلى المنطقة لنقلهم". "أين نذهب؟" وأرغمت إسرائيل جميع سكان غزة على النزوح مراراً خلال الحرب على القطاع، وكان "أوتشا" قد حذّر، في يناير الماضي، من أن ما يناهز 87 في المئة من أراضي القطاع مشمولة بأوامر إخلاء إسرائيلية لم تُلغَ بعد. وقال حمدي أبو مغصيب، البالغ 50 عاماً، إنه اضطر مع عائلته للفرار شمالاً من خيمتهم جنوب دير البلح فجراً، بعد ليلة من القصف المدفعي العنيف، وأضاف: "رأينا الدبابات تتقدم لأكثر من كيلومتر من جهة خان يونس باتجاه جنوب شرق دير البلح وقرية وادي السلقا.. لا توجد أي منطقة آمنة في القطاع... لا أعرف أين نذهب". من جهتها، وصفت مي العواودة، مسؤولة الإعلام في قطاع غزة لمنظمة "الإغاثة الطبية للفلسطينيين" البريطانية، الوضع بأنه "حرج للغاية". وقالت: "القصف يحيط بمكتبنا من جميع الجهات، والمركبات العسكرية لا تبعد سوى 400 متر عن زملائنا وعائلاتهم، الذين قضوا ليلة مروعة بعد انتقالهم إلى هناك"، ثم أضافت: "هناك خوف متزايد سواء من البقاء أو من محاولة الخروج". من جانبه، طالب منتدى عائلات الرهائن والمحتجزين المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بأن يوضحوا للرأي العام "كيف أن العملية في دير البلح لن تُعرّض الرهائن لخطر كبير".