أصدرت محكمة إسبانية، أمس الخميس، حكما ضد كل من مندوبة الحكومة السابقة في مدينة سبتةالمحتلة، سالفادورا ماتيوس، ونائبة رئيس الحكومة المحلية فيها، مابيل ديو، قضى بمنعهما من شغل أي مناصب أو وظائف حكومية لمدة تسع سنوات، بسبب سوء استعمال السلطة، وذلك على خلفية ترحيل 55 مغربيا سنة 2021. وحسب وسائل إعلام إسبانية فإن هيئة الحكم رأت أن المعنيتين بالأمر خرقتا القانون المنظم للأجانب، وكذا بنود الاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية حقوق الطفل، إثر إعادة قاصرين غير مصحوبين بذويهم إلى المملكة المغربية دون القيام بأي من الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في القوانين السارية بهذا الشأن. وأكد الحكم القضائي القابل للاستئناف أن "نائبة رئيس حكومة سبتة آنذاك قررت، وهي على علم بأنها لم تتبع أي إجراء قانوني، تنفيذ ما يلزم من خطوات لتحقيق إعادة سريعة إلى المملكة المغربية لتلك الفئة من القاصرين، وذلك باتفاق مشترك مع المندوبة السابقة للحكومة"، مبرزا أن "المسؤولتين قررتا المضي قدما في الترحيل رغم معرفتهما المسبقة بعدم قانونية العملية، ودون الالتزام بما ينص عليه الاتفاق الإطاري لسنة 2007، الذي استندت إليه الحكومة الإسبانية وحكومة سبتة لتبرير هذه الخطوة". وحسب المصادر ذاتها فإن قضاة المحكمة اعتبروا أن المتهمتين كانتا على دراية مسبقة بعدم قانونية ما أقدمتا عليه، ولم تراعيا مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، مشيرين إلى أنه "رغم أن بعض الشهود أشاروا إلى أن وزارة الداخلية، ونائب رئيس الحكومة الإسبانية، شاركوا في تنظيم العملية، فإن المحكمة خلصت إلى أنه لم يثبت وجود أوامر رسمية صادرة عن وزارة الداخلية لبدء إجراءات إعادة القاصرين إلى المغرب". كما أثبتت المحكمة أنّ "السلطات لم تُجرِ أي تقييم فردي لوضع كل طفل على حدة، وهو إجراء أساسي لضمان حماية المصلحة الفضلى للقاصرين، بل أعدّت قائمة تضم 145 طفلا، كان بعضهم مسجلا فقط بتاريخ ميلاده، واعتمدت في التصنيف على معيار وحيد، وهو أن يكون عمر الطفل أكثر من 17 عاما وأن يكون مقيما في القاعة الرياضية "سانتا أميليا" التي جرى تخصيصها حينها لإيوائهم". واستبعدت المحكمة دفوعات المتهمتين اللتين دافعتا عن الإجراءات المتخذة باعتبارها كانت ذات طابع استعجالي واستثنائي، بسبب دخول آلاف الأشخاص إلى سبتة بطريقة غير نظامية في ماي 2021، مؤكدة أن "عملية الترحيل تمت بعد أكثر من ثلاثة أشهر من ذلك الحدث، بينما كان هؤلاء القاصرون تحت رعاية نظام الحماية في سبتة". وطالبت النيابة العامة في مرافعتها بالحكم على المتهمتين بالمنع من تولي أي مناصب أو وظائف حكومية لمدة تصل إلى 12 سنة، فيما طالبت أطراف أخرى في القضية، منها "الشبكة الإسبانية للهجرة" وجمعية "ليسكولا"، بالمنع لمدة 15 سنة. وتعود الوقائع موضوع هذا الحكم القضائي إلى ماي من العام 2021، حين شهدت مدينة سبتةالمحتلة دخول آلاف المهاجرين القادمين من المغرب ودول إفريقيا جنوب الصحراء بعدما اجتازوا السياج الحدودي. وبعد أشهر باشرت الحكومة المركزية وحكومة سبتة عملية ترحيل القاصرين منهم دون احترام المتطلبات القانونية المنصوص عليها في التشريعات الإسبانية، إذ شملت المرحلة الأولى 55 قاصرا، فيما كان يُعتزم تطبيق الإجراء نفسه على 145 آخرين، بعضهم دون هوية مثبتة، وفق ما أكده شهود أمام المحكمة. تعليقا على الحكم قال خوان خيسوس فيفاس، رئيس حكومة سبتةالمحتلة، في بيان: "احتراما للحكم والالتزام به فإني أظل مؤمنا ببراءة المتهمتين. وكما ذكرت سابقا ومرارا وتكرارا لقد كنت على علم بالإجراءات المتخذة، وشاركت فيها ودعمتها، وكنا جميعا مقتنعين بأن التصرف تم وفقا للقانون لصالح الأطفال، في حالة طوارئ إنسانية لم نشهدها من قبل".