أمام حالة "انتعاش متفاوت" تستمر عدد من المنشآت المائية في استقبال ملايين الأمتار المكعبة من خيرات الأمطار بعدد من أحواض المياه الواقعة أساسا في النصف الشمالي للمملكة؛ فيما عاد حوض سبو إلى تأكيد مكانته "خزّاناً مائيا رئيسياً" للمملكة. وباستقراء أجرته جريدة هسبريس الإلكترونية لعدد من نشرات الحالة اليومية للسدود، المحصورة رسميا من طرف المديرية العامة لهندسة المياه (وزارة التجهيز والماء)، لا تخطئ عيون متابعي الشأن المائي تسجيل النسبة الإجمالية زيادة 5 نقاط مئوية في ظرف الأسبوعين الأخيرين تحديداً، لترتفع إلى 36,07 في المائة اليوم الجمعة من 31,06 في المائة يوم العاشر دجنبر 2025. وبينما دخلت أحواض الشمال والشمال الغربي (سبو و'بورقراق') في وضعية مريحة جداً، بدأت أحواض الوسط والشرق (أم الربيع وملوية) مرحلة من "التعافي التدريجي". ورغم سِمة التفاوت الملازمة للواردات المائية فإنها انعكست إيجاباً على نسب الملء بعدد من المنشآت المائية. في إفادة مقتضبة للخبير الدولي في الموارد المائية محمد بازة ف"إجمالي الواردات المائية للسدود منذ فاتح سبتمبر، تاريخ بداية الموسم، تجاوزت حاجز المليار متر مكعب"، حسب تقديراته، محددا إياها في "حوالي 1350 مليون متر مكعب اليوم". وتابع بازة معلقا لهسبريس: "من هذه الكمية تم استهلاك حوالي 950 مليون متر مكعب، لمختلف الاستخدامات (خاصة الماء الصالح للشرب والري)، ما يترك، ابتداءً من الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر، حوالي 45 مليون متر مكعب كأوّل زيادة صافية فعلية في احتياطي مياه السدود منذ فاتح سبتمبر". وبالاستناد إلى التوقعات الأحدث –وفقاً لنشرات إنذارية متوالية– ينتظَر استمرار التساقطات إلى غاية بداية الأسبوع المقبل بعدد من أقاليم المغرب، ما يعني أن هذه الأرقام "مرشحة للارتفاع" بشكل أكبر في الأيام والأسابيع القادمة، بفضل "الجريان السطحي" الذي يستمر حتى بعد توقف المطر؛ فضلا عن مساحات واسعة مكسوة بالثلوج في الهضاب والمرتفعات. ريادة السدود الكبرى يستمر "حوض سبو" متربعا على عرش "الريادة المائية" لمجموع سدود البلاد. وفي هذا الصدد فإن "سد الوحدة"، باعتباره أكبر سد في المغرب، سجل 23 مليون متر مكعب في 24 ساعة فقط (من الخميس إلى الجمعة)، في رقم يعتبره عدد من المتابعين "ضخما" يعزز الأمن المائي الوطني، خاصة أن نسبة الملء الإجمالي لهذا السد تقترب من النصف (45.9%). أما "سد إدريس الأول"، المنتمي إلى الحوض ذاته، فيدعم هذه المنظومة في الشمال والوسط، ما يضمن استمرارية تزويد المساحات السقوية الكبرى في سهلَيْ سايس والغرب. وفي حوض أبي رقراق الذي يرتبط عادة بتأمين إمدادات مياه الشرب فإن "سد سيدي محمد بن عبد الله" سجل نسبة ملء بلغت 86.9 في المائة، متلقياً حجما مائيا من الواردات قدره 20,2 مليون متر مكعب (خلال ال24 ساعة الماضية). وهذه النسبة مؤشر على تأمين "كامل ومريح" للماء الصالح للشرب للمحور الساحلي (الرباط – الدارالبيضاء)، ما يخفف الضغط عن محطات التحلية والربط المائي بين الأحواض، بحسب توصيف المنصة الرسمية "الما ديالنا". أم الربيع.. "بداية تعافٍ صعب" رغم تسجيل واردات في سدَّيْ "أحمد الحنصالي" و"بين الويدان"، وهما عموما من السدود المتوسطة والكبرى، إلّا أن نسبتي الملء (19.8 في المائة في الأول و14.7 في الثاني) مازالتا "منخفضتين" مقارنة بالأحواض الشمالية، بحسب البيانات الرسمية ذاتها. ومازالت أغلب سدود هذا الحوض (وسط المغرب) تعاني من "عجز تراكمي" بسبب سنوات الجفاف القاسية، لكن الواردات الحالية (حوالي 14 مليون متر مكعب مجتمعة) تعتبر "قُبلة حياة" تنعش المنظومة البيئية والفلاحية في منطقة "تادلة" وسهولها. سدود الشرق.. تحسن بالتدريج بالانتقال إلى مناطق الشرق فواحد من أكبر سدودها، وهو "سد محمد الخامس"، أظهرَ "تحسناً تدريجياً" بوصوله إلى 29 في المائة، مع واردات مائية أنعشته قدرتها مصالح وزارة الماء في "4,3 ملايين متر مكعب". ويعد هذا التحسن "حيويا جداً" لسهول "ملوية" ولتأمين الماء لمدن وجدة والناظور وبركان، خاصة بعد الضغط الكبير الذي شهده الحوض في السنوات الجافة الأخيرة، فضلا عن طبيعة مناخ أقاليم الجهة. سدود صغيرة مملوءة تبين المعطيات الرسمية أن عددا من السدود ذات السعة المحدودة (الصغرى والتلية) وصلت إلى حالة الملء التام (100%) أو اقتربت منها بشكل كبير. وتتمثل تلك المملوءة "بالكامل" في سد النخلة (حوض اللوكوس) بسعة صغيرة جداً تبلغ 4.21 مليون متر مكعب، و"سد سيدي إدريس" (حوض أم الربيع) بسعة محدودة تبلغ 2.45 مليون متر مكعب. كما امتلأ إثر التساقطات الأخيرة "سد شفشاون" (بسعة 12.24 مليون متر مكعب)، فضلا عن "سد بوهودة" (حوض سبو) البالغة سعته 44.76 مليون متر مكعب. واقتربت سدود أخرى من الملء التام؛ فمثلا سد أيت مسعود (حوض أم الربيع) اقترب بشدة بنسبة ملء بلغت 99.05% وسعة إجمالية تبلغ 14.31 مليون متر مكعب. أما سد الدورات (حوض أم الربيع) فوصلت نسبة الملء فيه إلى 92.16% بسعة محدودة قدرها 6.78 مليون متر مكعب. كما انتعش سد "تيمينوتين" (حوض أم الربيع)، وهو سد صغير جداً بسعة 1.35 مليون متر مكعب، إذ وصل ملؤه إلى 91.18%. أما سد منع سبو (حوض سبو) فبلغت نسبة ملئه 94.74% بسعة 40.09 مليون متر مكعب. هذا فضلا عن سدود أخرى متوسطة وكبيرة وصلت إلى الملء التام، مثل سد الشريف الإدريسي (100% بسعة 121.65 مليون م3)، وسد على واد زا (100% بسعة 94.89 مليون م3)، ما يعزز الوفرة المائية الإجمالية في تلك الأحواض.