بعد أكادير والناظور.. دعوات لوزير الصحة لزيارة المستشفى الاقليمي بالحسيمة        رئاسة النيابة العامة تشدد على عدم نشر برقيات البحث إلا في حالات الضرورة    قهيوة مسائية بطنجة رفقة الفنان فؤاد الزبادي    تفاوت في أسعار الخضروات والفواكه بسوق الجملة بالدار البيضاء        التوفيق: تم فتح 1239 مسجدا من أصل 2217 مسجدا متضررا من زلزال الحوز أمام المصلين    التقدم والاشتراكية: خطابٌ حكومي في وادٍ والواقع المعيشي للناس في وادٍ آخر    السيارات الكهربائية: المغرب يحتضن أكبر مصنع للبطاريات        نقل طفل يبلغ ثلاث سنوات يعاني من مرض نادر من زاكورة نحو المستشفى الجامعي بالرباط باستعمال طائرة طبية مجهزة (صور)                المتقاعدون المغاربة يحتجون أمام البرلمان ضد "الإقصاء الممنهج" في اليوم العالمي للمسنين    غرق مركب الصيد "أبو الهناء" بسواحل الداخلة وإنقاذ كامل طاقمه    الجيش الإسرائيلي يعلن قصف "أكثر من 150 هدفا" في مدينة غزة منذ الثلاثاء    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ألمانيا تقلق من فيروس "شيكونغونيا" في إيطاليا    إيران تؤكد إعدام "جاسوس لإسرائيل"    اللجنة ‬المشتركة ‬بين ‬وزارة ‬التربية ‬الوطنية ‬والنقابات ‬تواصل ‬الحوار ‬وسط ‬انتظارات ‬الشغيلة ‬التعليمية    تراجع أسعار الذهب وسط توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية        بوبريك: 24 مليون مستفيد من التغطية الصحية و4 ملايين أسرة تحصل على الدعم المباشر    مع تكثيف القصف.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن إقامة "مسار انتقال مؤقت" لخروج سكان مدينة غزة    إيران تعدم شخصا بتهمة التخابر لصالح إسرائيل    القمة ‬العربية ‬الإسلامية ‬تحث ‬المجتمع ‬الدولي ‬على ‬إدانة ‬إسرائيل ‬وردعها    جيش إسرائيل يواصل التقتيل في غزة    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    15 ألف عداء مرتقب في سباق 10 كلم بالدار البيضاء    الصين تطلق قمرا اصطناعيا اختباريا لتكنولوجيا الانترنت    طقس الأربعاء: قطرات مطرية بالريف ورياح قوية بطنجة والأطلس        مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    ''إنترناشيونال سكول'' بالجديدة تطلق منحة التميز 2025 للدراسة مجانا في مؤسستها    هيئات جمعوية وحقوقية تدافع عن القسم الاقتصادي بعمالة إقليم الجديدة    بعد اكادير .. زيارة مفاجئة لوزير الصحة تربك مستشفى الحسني بالناظور    البطولة: الكوكب المراكشي ينهزم في ثاني مبارياته أمام نهضة بركان    قروض السكن والاستهلاك.. بنك المغرب يكشف: قروض الأفراد ترتفع ولكن بشروط أصعب    اليورو يسجل أعلى مستوى له مقابل الدولار منذ اربع سنوات    نور فيلالي تطل على جمهورها بأول كليب «يكذب، يهرب»    أوزود تحتضن سينما الجبل برئاسة محمد الأشعري وتكريم علي حسن و لطيفة أحرار وعبداللطيف شوقي    الكان، الشان، ودوري الأبطال: الكاف يرفع الجوائز المالية ويشعل المنافسة القارية    الممثل الهوليوودي روبرت ريدفورد يفارق الحياة        حفل الإعلان عن الفائزين بجائزة علال الفاسي لسنة 2024    "التغذية المدرسية" تؤرق أولياء أمور التلاميذ    عصبة الأبطال الأوربية.. أرسنال يحرم من خدمات ساكا و أوديغارد في مواجهة بلباو    أدب الخيول يتوج فؤاد العروي بجائزة بيغاس        مهرجان "موغا" يكشف برنامج "موغا أوف" بالصويرة    أمرابط: رفضت عروضا من السعودية    صحافة النظام الجزائري.. هجوم على الصحفيين بدل مواجهة الحقائق    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان بغداد السينمائي الدولي بمشاركة مغربية    الملك محمد السادس يدعو لإحياء ذكرى 15 قرناً على ميلاد الرسول بأنشطة علمية وروحية    "المجلس العلمي" يثمن التوجيه الملكي    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى سقوط بغداد : سبع سنوات عجاف
نشر في هسبريس يوم 10 - 04 - 2010

مع حلول الذكرى السابعة لدخول القوات الأميركية بغداد في التاسع من أبريل 2003، تباينت آراء الشارع العراقي في هذا الحدث، فالبعض عدّ السنوات السبع التي مرت على الغزو واحتلال عاصمة بلادهم بأنها فتحت الباب واسعا أمامه للولوج إلى "عهد الحرية والديمقراطية"، فيما عدّها البعض "سنوات عجافا أكلت الأخضر واليابس، وخلفت ملايين الضحايا والمهجرين والأرامل والأيتام، وبلدا مخرباً".
ويعتقد محللون سياسيون أن القرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بعد غزو العراق، خاصة حل المؤسستين العسكرية والأمنية، وبعض مؤسسات الدولة الأخرى، وحظر حزب البعث، لم تكن "أخطاء" ارتكبتها تلك الإدارة، بل هي جزء من "خطة"، تم الاتفاق عليها مع أطراف في المعارضة العراقية آنذاك، تهدف إلى إضعاف العراق، كي لا يهدد بعض الكيانات في المنطقة، كما تعتقد.
ويبدو أن الآثار الجانبية لعملية إسقاط نظام صدام حسين فاقت الأهداف التي خططتها الإدارة الأميركية لفوائد الغزو، حسب المحللين، وكلفت الولايات المتحدة ثمنا باهظا من جنودها، ودافع الضرائب الأميركي، بسبب القرارات الجائرة التي دفعت ضباط ومنتسبي الجيش العراقي والمؤسسات الأمنية وعوائلهم إلى الشارع، بلا وظيفة أو راتب، ومن ثم انخراط بعضهم في تنظيمات مسلحة كلفت القوات الأميركية خسائر فادحة، اقتربت من 4390 قتيلا، وحوالي 30 ألف مصاب ومعوق وأكثر من تريليون دولار حتى الآن، حسب المصادر الأميركية.
وعلى الصعيد السياسي فإن الخبراء الاستراتيجيين، يؤكدون أن إيران هي المستفيد الأكبر من غزو العراق واحتلاله، بلا منازع، فقد استغلت انشغال الولايات المتحدة ب "المستنقع العراقي"، لتبني قاعدة قوية لبرنامج نووي أثار الشكوك في أهدافه، إضافة إلى بناء ترسانة متطورة من الصواريخ الباليستية وغيرها، ودعم حليفها حزب الله بعشرات الآلاف من الصواريخ التي انهالت على إسرائيل خلال حربها في لبنان قبل سنوات، وكلفتها خسائر بشرية ومادية لم تتوقعها.
وفي العراق، لا يزال العنف يضرب بقوة مفاصل الحياة، خاصة في العاصمة بغداد، وسط مخاوف من عودة العنف الطائفي إليها، لاسيَّما أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، تقول إنها ما زالت ملتزمة بسحب القوات الأميركية وفق الجداول الزمنية المثبتة في المعاهدة الأمنية، مقللة من شأن التدهور الأمني الأخير، واحتمالات تسببه في تغيير جداول الانسحاب.
ويحمّل مواطنون في بغداد إدارة بوش السابقة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الأمنية من تدهور بسبب سياساتها في العراق، التي وصفها البعض ب "الرعناء"، جراء افتقارها إلى أبسط فهم للواقع العراقي، وإضعاف مؤسسته العسكرية بالشكل الذي جعلها موضع شك في إمكانية السيطرة على الوضع الأمني بدون دعم أميركي.
يقول العميد الركن في الجيش العراقي السابق عبدالله الساري "إن الأميركان (فصّلوا) جيشا على مقاسات شوارع المدن، مهامه أقرب إلى مهام عناصر (الدرك) في بعض الدول، والدرك كما هو معروف قوات أقل من مستوى جيش، وأعلى من مستوى شرطة".
ويضيف: "أستطيع القول إن القوات الأميركية ستنسحب من العراق، لكنني أجزم بأنها لن تسمح للعراق بشراء طائرة مقاتلة واحدة حتى عندما ينسحب جنودها منه، وهذه مشكلة، إذ إن أصغر الدول المجاورة تمتلك أفضل المقاتلات في العالم للدفاع عن أجوائها، إلا العراق!".
ويعرب هذا الضابط الذي شارك في الحرب العراقية-الإيرانية (1980 - 1988) عن دهشته من رؤية مواقع سرايا وأفواج قتالية للجيش العراقي مبثوثة في شوارع بغداد الرئيسية، تُزاحم الشرطة في واجباتها، بدل القيام بواجب حماية الحدود، التي هي من مسؤولية الجيش.
ويلقي عزيز سلمان –موظف- باللوم على الرئيس السابق صدام حسين في ما آلت إليه الأوضاع في العراق، ويرى أن سياساته الداخلية والخارجية افتقرت إلى "النضج"، على حد قوله.
ويوضح "كان عليه أن يبدأ بعملية إصلاح شاملة في العراق، خاصة بعد انتهاء الحرب مع إيران، إلا أنه وقع في فخ مهاجمة الكويت واحتلالها، ما تسبب في فرض حصار خانق استمر 13 عاما، خلف مئات الآلاف من الضحايا بسبب نقص الغذاء والدواء، مع رواتب هزيلة، جعلت العراقيين في مصاف الشعوب الأفقر في العالم".
ويستدرك قائلا "لو كان التغيير تم بأيدٍ عراقية، بدون غزو أميركي أو غيره، لكان الحال مختلفاً، ولما تفككت الدولة، ولأصبح الوضع الأمني أفضل حتى مما كان موجودا في ظل حكم صدام حسين، أما الآن فإن الأمن الهش الذي نعيشه قد يتعرض للضياع مع آخر جندي أميركي يرحل من العراق، وهذه مفارقة عجيبة، صنعها الاحتلال".
ويؤكد خبير أمني عراقي مقيم في دولة عربية، فضل أن نطلق عليه اسم محمود، أن ضعف الجانب الاستخباري الذي يتحدث عنه سياسيون، هو جزء من مشكلة أوسع، تتمثل بعدم قناعة قطاعات واسعة من المواطنين بأداء الأجهزة الأمنية وتحديد ولائها الحقيقي، هل هو للوطن والواجب والمهنة، أم لجهات سياسية معينة.
ويقول "كان النظام السابق يعتمد على شبكة استخبارية من الوكلاء، إضافة إلى أعضاء حزبه، في رفد الأجهزة الأمنية بكل صغيرة وكبيرة تحدث في الشارع أولاً بأول، مستفيدا من هيبة الدولة التي كان يشعر بها كل عراقي، وقوة أجهزتها الأمنية".
ويضيف "أما الآن فالوضع اختلف كثيرا، وهيبة الدولة كسرتها القوات الأميركية حين حلت المؤسسة العسكرية والأمنية، وسمحت بعمليات نهب وسلب لممتلكات الدولة، والتي لم يشهد مثلها بلد في العالم، وكأنها كانت تقصد ذلك".
ويستطرد "لذا فإن أي جهد لإعادة بناء أجهزة استخبارية قوية وفعالة يحتاج إلى إقناع المواطن بوجود دولة مؤسسات حقيقية وقوية وغير منحازة لهذه الطائفة أو تلك بالقول والفعل، عند ذاك تستطيع الأجهزة الأمنية كسب المواطن لصالحها، وإعادة بناء شبكة من المتعاونين (المخبرين) على غرار المعمول به في دول عريقة بهذا المجال".
أما سعاد راضي -باحثة بعلم النفس- فتعتقد أن حنين البعض لرؤية الأمن والاستقرار في زمن النظام السابق (طبيعي)، بسبب غريزة (حب البقاء) البشرية التي تتجه للاستظلال بالجهة التي توفر الأمن.
لكنها تستدرك بالقول "إن هذا الحنين يجب ألا يفسره البعض على أنه حب لشخص صدام حسين مثلا، بل الصحيح هو ميل الناس الغريزي إلى من يحميهم بقوة الدولة المهابة.. وليس بغيرها".
وتضيف "سبع سنوات من الغزو والاحتلال لم تستطع توفير الأمن للعراقيين رغم وجود عشرات الآلاف من القوات الأميركية ومئات الآلاف من قوات الجيش والشرطة العراقية، التي أعادت تشكيلها القوات الأميركية، بالاعتماد على الكمية وليس النوعية، ولغرض امتصاص بعض البطالة لا أكثر".
ويعتقد خبراء عسكريون أن القوات الأمنية العراقية ستمر بأول اختبار حقيقي لها مع اكتمال انسحاب القوات الأميركية من العراق.
ويتخوف هؤلاء الخبراء من أن تسليح الجيش العراقي للدفاع عن حدود بلاده قد لا يسمح له بأداء واجبه على الوجه الأكمل، إضافة إلى أن واجباته لا ترقى إلى مستوى جيش يستطيع استخدام أسلحة ثقيلة ومتطورة، هو يفتقدها أصلا، أو يمتلك منها كمية قليلة لا تتناسب مع المخاطر التي يتعرض لها العراق حاضرا ومستقبلا، خاصة في مجال الطائرات والصواريخ بأنواعها (أرض-أرض) أو (أرض-جو) ومدفعية ثقيلة ورادارات وغيرها من معدات الحرب لدى الجيوش النظامية.
أما قوات الشرطة فإنها هي الأخرى بحاجة إلى معدات حديثة متطورة خاصة أجهزة كشف المتفجرات وغيرها من المعدات، وقبل هذا وذاك قيادات عسكرية محترفة تمارس واجبها بمهنية بعيدا عن تجاذبات السياسيين، وتعيد أساليب الضبط العسكري التي تمرس عليها الجيش العراقي منذ تأسيسه، قبل أن يطيح بها الجيش الأميركي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.