مصرع شخصين في حادثة سير مروعة بضواحي طنجة    تنسيق أمني مغربي-مالي يُنهي كابوس السائقين المغاربة المختطفين    سلطات المضيق تباغث من جديد المركبات السياحية والسكنية وتحجز عشرات المظلات والكراسي    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    توقيف قائد للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    تحرير 4 سائقي شاحنات مغاربة بمالي    تحرير السائقين المغاربة من يد تنظيم داعش الإرهابي إنتصار إستخباراتي مغربي يعيد رسم معادلات الأمن في الساحل    منخرطو الوداد يطالبون أيت منا بعقد جمع عام لمناقشة وضعية الفريق عبر مفوض قضائي    ديون وادخار الأسر المغربية.. قروض ضمان السكن تتجاوز 32 مليار درهم    حادثة سير مروعة تخلف قتيلين على الطريق الوطنية الرابطة بين الحسيمة وتطوان    مؤسسة محمد الخضير الحموتي تفضح مؤامرات النظام الجزائري.. وتؤكد: من يعبث بوحدة المغرب ستحرقه نار الانفصال    من قلب الجزائر.. كبير مستشاري ترامب للشؤون الأفريقية يكرّس الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ويدعو لمفاوضات على أساس الحكم الذاتي    المندوبية السامية للتخطيط: جهة الشمال تسجل أدنى معدل في البطالة بالمغرب    الانتخابات التشريعية في خطاب العرش: رؤية ملكية لاستكمال البناء الديمقراطي وترسيخ الثقة    منصة تيك توك تزيل أكثر من مليون فيديو لمغاربة خلال 2025    قضية حكيمي تثير جدلًا حقوقيا وقانونيا.. ونشطاء فرنسيون يطالبون بإنصافه    شخصيات فلسطينية تشيد بالمبادرة الإنسانية التي أطلقها الملك محمد السادس    الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في ليبيا تشيد بالتزام المغرب وتعرب عن تقديرها العميق للمملكة لتيسير الحوار الليبي-الليبي    النقص الحاد في المياه يفاقم مآسي الجوع والنزوح في قطاع غزة    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    رابطة الكتبيين بالمغرب تحذر من أساليب تجارية «مضلّلة» وتدعو لحوار وطني حول مستقبل الكتاب المدرسي    غينيا تهزم النيجر بهدف في "الشان"    أولمبيك آسفي يتعاقد رسميا مع الإيفواري "أبو بكر سيلا"    موجة حرّ قياسية تصل إلى 47 درجة وأمطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة هذا الأسبوع    بنكيران يدخل على خط مهاجمة الريسوني للتوفيق ويعتبر أنه من غير "اللائق أن ينعت وزارة الأوقاف بتشويه الإسلام"    "فدرالية ناشري الصحف" تدعو الحكومة لمراجعة موقفها من قانون مجلس الصحافة    الرئيس الأيرلندي يدعو غوتيريش لتفعيل الفصل السابع ضد إسرائيل    كوندوري تلتقي بوفد من المستشارين    الدار البيضاء تستضيف الدورة الأولى من مهرجان "عيطة دْ بلادي"    باحث يناقش رسالة ماستر حول الحكامة المائية في ضوء التجارب الدولية بكلية الحقوق بالدار البيضاء    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    إسبانيا تنفي إنزال علمها من جزيرتي الحسيمة    دعوات لاحتجاجات أمام ميناء الدار البيضاء رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج    فنادق أوروبا تلاحق "بوكينغ" قضائياً    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    البحرية الملكية تتدخل لإنقاذ مهاجرين    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    مقاومة الأداء الإلكتروني بالمغرب تعرقل جهود الدولة نحو الشمول المالي    كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    إنتر ميامي يعلن غياب ميسي لأجل غير مسمى    الدخول المكثف للجالية يدفع الدرهم المغربي للارتفاع أمام الأورو    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين        توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوتوبيا الإسلاميين ومعادلة التغيير
نشر في هسبريس يوم 27 - 08 - 2010

"ماذا تبقى إذن من اليوطوبيا؟ فالإسلاميون لا يتوفرون على مشروع اجتماعي واقتصادي.في الواقع، ما إن تصل الحركة الإسلامية إلى السلطة حتى تصبح محافظة وتتقاطع هنا مع الأصولية الجديدة في النقطة التالية: إذ تصبح مسألة الأخلاق مسألة مركزية. هكذا فالحركة الإسلامية تتحدد إذن بدقة كرد فعل مضاد للإمبريالية الثقافية الغربية. ولكنها لا تحمل أي نموذج ثقافي غير النموذج الارتكاسي، لهذا فهي تنتهي إلى الخلط بين الثقافة وبين شرطة الأخلاق."
اوليفيه روا
لقد أساء أدعياء الإسلام السياسي مرتين في فهم وتفسير طبيعة الهزائم الحضارية المتوالية التي منيت بها أمتنا الإسلامية، وذهب ريحها، وأصبحت أمة مغبونة ومغلوبة على أمرها، رهينة للأجنبي يفعل بها ما يشاء دون أن تقوى على فعل أي شيء. مرة عندما ذهب أدعياء الإسلام السياسي إلى أن السبب يكمن في ابتعاد الناس عن هدي الإسلام، وغياب الاحتكام إلى الشريعة التي لا خلاص للإنسان إن هو أراد النجاة إلا بتطبيقها ولو بحد السيف" إن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن" أي بمعنى صلاح الناس في دينهم ودنياهم لن يتحقق إلا بقطع أيادي السارقين، ورجم الزناة وهدر دماء المرتدين، ودفع أهل الذمة للخراج إن هم أرادوا العيش في بلاد المسلمين وهم صاغرون، متناسين أن صلاح الدين والدنيا لن يتم إلا بإقامة العدل وتحقيق المساواة ودحر الاستبداد" إن الله ينصر الدولة الكافرة إن كانت عادلة ولا ينصر الدولة المؤمنة إن كانت ظالمة" ومرة ثانية عندما لم يجد أدعياء الإسلام السياسي بدا بعدما لفظهم التاريخ وتجاوزتهم الأمم الراقية من التشبث بتلابيب الماضي، ونفث الأوهام في عقول الناس المساكين عن يوتوبياهم البائدة، أي بمعنى إمكانية استعادة الخلافة، وأن ذلك لن يتحقق إلا باتباعهم، حيث لا طريق سديد سوى طريقهم و لا منهاج قويم سوى منهاجهم وما عدى ذلك فهو باطل، وهم إذ يسوقون ليوتوبياهم البائدة ويرسمون في مخيلة الناس صورها الوردية ويدغدغون مشاعرهم المرهفة بأنه بمجرد استعادة ذلك العصر المشرق ستتحقق العدالة الإلهية على الأرض، وسينعم الناس بالحرية والمساواة، وسيستنشقون عبيرها بعد أن رزحوا لأمد طويل تحت نير الاستعباد وسوط الاضطهاد، سيفتح الناس أعينهم وكل شيء قد تغير نحو الأفضل. الشرطة الأخلاقية تجوب الشوارع جيئة وذهابا تأمر الناس بالمعروف وتنهى عن المنكر رافعة شعار تطبيق الشريعة ومن سولت له نفسه المروق عن الإسلام يدمغ بالكفر والردة ، ويقام في حقه الحدود، متناسين قوله تعالى" ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم نما كنتم تختلفون" المائدة 48. هذا وتشكل قضية الأخلاق بالنسبة لهؤلاء الأدعياء اللبنة الأساسية في عملية التنشئة الاجتماعية، وحجر الزاوية في استقطاب المريدين وتكوينهم، ويتأسس هذا الخطاب الأخلاقي البرغماتي على سلسلة دروس وعظية وبرامج تربوية صارمة ومضبوطة. برامج تلقينية أكثر منها ورشات لاستعمال العقل النقدي و النبش في اللامفكر فيه لإعادة استكشاف الحقيقة الغائبة. برامج تكرس في النفوس الطاعة العمياء والخنوع والاستسلام. برامج تدعي لنفسها الكمال والعصمة من الخطأ، وترى أن لا خلاص للإنسان من حيرته ولا للعالم من فوضاه إلا بتطبيقها تطبيقا حرفيا وإلا حاقت بالإنسان لعنة الله ونقمته إذ بتطبيقها سيحق الحق ويزهق الباطل، وهم أي أدعياء الإسلام السياسي إذ يستغلون فورة الشباب الحائر ونقمته على واقعه الطبقي البئيس الذي كرسته السياسات اللاشعبية و اللاديمقرطية، ورغبته الجامحة لتغيير حاله ولو بالقوة فإنهم لا يتوانوا في رسم صور مظلمة وشيطانية عن جاهلية العالم و انحرافه، عن انتحار القيم ومذبح الفضيلة، وأنه لا مفر للشباب الراغب في الانعتاق من سجن هذه الدنيا الكافرة وهذا العالم الجاهل إلا بالتشبث بالقيم الأصيلة و الحقة. وهنا نطرح سؤالا جوهريا أية قيم يدعو لها هؤلاء الأدعياء الوصوليون علما بأن مسألة القيم حظيت باهتمام كافة المجتمعات ودون استثناء على امتداد التاريخ باعتبارها ميثاقا تواضع جميع أفراد المجتمع الاحتكام إليه مادام يشكل لحمة المجتمع وركنا من أركان استقراره وديمومته، و لهذا لا نكاد نجد مجتمعا قائما بذاته دون قيم سواء كانت قيما أخلاقية أو دينية أو إنسانية تعكس سلوكاته وأفعاله وتحدد أنماط تفكيره لنفسه ورأيته للأخر، هل تشيع هذه القيم التسامح والخير والعدل أم قيم تمجد المواجهة والنفير والجهاد!؟.
وإذا ما قمنا باستعراض أدبيات هذا الخطاب الاسلاموي فسنجد أن لا لغة تسيطر على هذا الخطاب غير لغة الجهاد، وأن لا صور تروق لمريدي هذا الخطاب غير الغزوات المباركة فالجهاد هو سنام الدين، به ينصر الدين وتقوى شوكة المؤمنين و به يقوم العدل فيسطع نبراس الحرية والمساواة، و به ينجدل الظلم فيرد الكافرون على أعقابهم خاسئين مدحورين، مذمومين، ولا خيار لهم إلا أن يدخلوا في الدين ، أو يعطوا الجزية إن هم أرادوا البقاء والعيش في ديار المسلمين، متناسين قوله تعالى" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم من ضل سبيله وهو أعلم بالمهتدين" النحل 125. فالإسلام دين الرحمة ومكارم الأخلاق وحاشى أن يكون مصدرا للعنف الأعمى وسفك الدماء وترويع الآمنين، لكن تصرفات الأصوليين ومحاولة الاستفراد بتفسير وتأويل الدين حسب هواهم ونواياهم المبيتة جعل الدين في موضع شبهة هو براء منها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.