الأوقاف: فاتح ربيع الأول يوم الاثنين وعيد المولد النبوي يوم الجمعة 5 شتنبر    كبار رواد كناوة يتألقون في ثاني سهرات مهرجان نجوم كناوة بالدار البيضاء    مقتل أزيد من 35 إرهابيا في ضربات جوية شمال شرق نيجيريا    فرنسا.. النيابة العامة توجه تهمة "التمييز" لمدير متنزه رفض استقبال إسرائيليين    المكسيك تعلن تراجع تدفقات الهجرة نحو الولايات المتحدة بنسبة 91 في المائة    تعيين الكولونيل ماجور عبد المجيد الملكوني قائداً جهوياً للدرك الملكي بطنجة    طنجة.. سكير من ذوي السوابق يهين شرطية ويثير الفوضى قرب محطة وقود    الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''    الركراكي يكشف الخميس المقبل عن قائمة الأسود لمواجهتي النيجر وزامبيا    السكتيوي: لاعبو المنتخب الوطني برهنوا أن العزيمة والإصرار طريق لتجاوز كل الصعاب    "خذينا جوج بطولات ودبا مهددين بالفورفي".. دموع أبرون تجذب تعاطفا وطنيا مع المغرب التطواني    توقيف مختل عقلي تسبب قتل موظف شرطة    طنجة.. توقيف شخصين يشتبه في تورطهما في قضية تتعلق بترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    موعد مباراة المنتخب المغربي والسنغال في نصف نهائي كأس إفريقيا للمحليين            الهلال الأحمر الفلسطيني يشيد بإرسال المغرب للمزيد من المساعدات الإنسانية لغزة    أكثر من 126 جهة و100 متحدث في مؤتمر ومعرض إدارة المرافق الدولي بالرياض    رحيمي والبركاوي يسجلان بالإمارات    تحذير من العلاجات المعجزة    قانون العقوبات البديلة يفتح الباب لمراجعة الأحكام بالحبس وتحويلها إلى عقوبات بديلة بشروط    بمشاركة عدة دول إفريقية.. المغرب ضيف شرف المعرض الوطني للصناعة التقليدية في البنين    النقيب كمال مهدي يعلن دعمه لأبرون: ليس من غيره الآن مؤهل لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    الجفاف يحاصر تركيا... شهر يوليوز الأشد جفافا في إسطنبول منذ 65 عاما    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    المغرب يختبر صواريخ EXTRA في مناورة عسكرية بالشرق    المغرب.. الضرائب تتجاوز 201 مليار درهم عند متم يوليوز    فرض "البوانتاج" الرقمي على الأساتذة!        مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب    الريسوني: الأمة الإسلامية تواجه زحفا استئصاليا احتلاليا من قبل الكيان الصهيوني    الصين تكتشف احتياطيات الغاز الصخري    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب غزة    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    المغرب يبرم اتفاقية استشارية لفضح البوليساريو وتعزيز علاقاته بواشنطن    سائق يفقد عمله بعد رفضه الفحص الطبي والمحكمة تنصف الشركة    برلمانية: الخلاف بين أخنوش ووزير النقل حول الدراجات النارية كشف هشاشة الانسجام الحكومي        الأنشوجة المغربية .. سمكة صغيرة تصنع ريادة كبرى في القارة الأفريقية    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    "تيك توك" توكل الإشراف على المحتوى في بريطانيا للذكاء الاصطناعي    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم والتربية والتطوع
نشر في هسبريس يوم 18 - 04 - 2015

هناك العديد من الناس، و أنا واحد منهم - و لعلك تقاسمني الرأي الذي سأدلي به- تشمئز أنفسهم و تقشعر أبدانهم حينما يتم الحديث عن إصلاح التعليم بناء على الاختيار اللغوي... اللغة دون المحتوى و الأهداف و منظومة القيم. لو فكرت في هذا الأمر بأسلوب تحليلي و بشيء من العمق، لأدركت أن القشعريرة و الاشمئزاز و ربما الإحباط أيضا، كل هذه أحاسيس تحرك أي قارئ واع مثلك، خصوصا عندما يتعلق الأمر بإصلاح أهم قطاع في البلاد، بنوع من السطحية و الارتجال.
لماذا ؟ لأن اللغة وسيلة و ليست غاية، و المهم هو التفكير في مجموعة من الإجراءات أكثر فائدة و مردودية : تمكين أقصى عدد ممكن من الأساتذة من التكوين المستمر، التوظيف المتزايد كما و كيفا لتكنولوجيات الإعلام و الاتصال في العملية التدريسية، التركيز على تعليم مهارات الحياة و تنمية المواهب لدى التلاميذ و الطلبة عوض تحويل عقولهم إلى مخازن يتم تحشوها و تكديسها بالمعلومات، تشجيع المتعلمين و الأساتذة على حد السواء على الابتكار، و لا شك أنه على رأس جميع هذه "التوصيات" يتموقع تثمين ثقافة العمل و الإنتاج.
التعليم ما هو إلا وسيلة تمكن الأفراد، في تصورنا المثالي، من تنمية الذات و القدرات و النجاح في الحياة. اللغة أيضا وسيلة. لماذا هذا التمسك الأعمى بالفرنسية كلغة رئيسية في المنظومة التربوية، و اعتبار العربية لغة الجلباب و العمامة و المساجد، ناهيك عن احتقار الأمازيغية بتصويرها في وسائل الإعلام على أنها لغة الرقص و الفلكلور و الأهازيج ؟ لا أعرف بلدا متقدما، في الوقت الحالي،لا يراهن في تعليمه على اللغة الأم، إلى جانب الإنجليزية طبعا كلغة ثانية. كيف نريد أن ندفع بتعليمنا إلى الأمام و نعولمه و نرفع من شأنه عندما تكون الأولوية القصوى للغة بدأ يهجرها، في مختبرات البحث العلمي، أبناؤها الأصليون، متوجهين أكثر فأكثر من لسان موليير إلى لسان شكسبير ؟
من منا لا يحب المغرب ؟ من منا لا يحلم أن يصبح مشرق الأنوار دولة متقدمة بكل المقاييس ؟ كلنا نحب هذا الوطن و دماؤنا و أرواحنا فداء له. ما هي إذا لغات التعليم الأكثر نفعا و ضمانا لبناء المستقبل ؟ أنت قارئ ذكي و لبيب. لن أجيب عن هذا السؤال. أنت تعرف الإجابة. أزمة التعليم في مغربنا ليست قدرا مستحيل التغيير، بل هي تراكم لمسلسل من الأخطاء، إنها تحصيل حاصل. التعليم في نظري مثل العلم الوطني؛ إنه يعكس و يجسد كل فضائل و مميزات هذا الوطن. عندما يرى الكثير منا العلم خفاقا حرا تدمع العيون و تنبض القلوب لهذا الرمز الخالد. لدي حلم أن تسكب دموع العرفان و تخفق القلوب في هيبة و جلال عندما نرجع بالذاكرة إلى الوراء و نتمثل الأستاذ الحقيقي، و معه بل مثله التعليم الحقيقي؛ ليس تعليم الترهيب و الاستظهار و الاستحقاق المبني فقط على العلامات، و لكن تعليم التأسيس و التشييد و البناء. بناء الإنسان، المواطن، الحر، المنتج، و المتطوع. التعليم القوي يرتبط بتربية الأجيال على التطوع. كيف ذلك ؟
لو أني قلت لك : " لديك الآن أرقى شهادة جامعية فابحث لك عن عمل ! "، و كان جوابك: "الفرص قليلة، هناك أزمة شغل خانقة، لا أظن المسألة بهذه السهولة، ليس الأمر كما تتصور"، فإن جوابك يدل، مع كامل احترامي لك، عن نقص كبير لديك، ربما بسبب التعليم الذي تلقيته و الذي ينتج لنا كائنات سلبية خاضعة... نقص هائل و ربما غياب لحس التطوع. ما المقصود ؟ ما علاقة ذلك ببحث حامل شهادة جامعية عن العمل ؟ الجواب بسيط، ربما أبسط مما تتخيل.
التطوع يعني هنا جملة من الحركات و الأعمال الجادة : إرسال العشرات و ربما المئات من نسخ السيرة الذاتية، عدم الاكتفاء بذلك و طرق أبواب المشغلين بشكل مباشر، سد ثغرات التكوين الجامعي النظري بما أمكن من دورات اللغات و الإعلاميات و الكمبيوتر، التدرب على فن الحديث أمام الجمهور، التمرس على فن الإقناع و التفاوض، تملك أهم أدوات و تقنيات التواصل اللفظي و غير اللفظي دون نسيان مهارات التواصل الفعال، التغلب على الخجل و التلعثم و التردد بالنسبة لمن يعاني من ذلك و اكتساب مزيد من الثقة بالنفس. في هذه الأثناء، أنت متوتر، و أنا أفهم أن حصولك على عمل أمر ممكن رغم صعوبته و طول النفس الذي من المطلوب أن تتحلى به. ربما ينقلب توترك إلى صداع في الرأس و قلة في النوم و أوجاع في المعدة، كل هذه أمور مفهومة، و حصلت لي شخصيا. لكن، دعني أسألك : هل تتوقف الحياة عندما نبحث عن العمل ؟
أرجوك، حتى في أصعب الأوقات، حتى و أنت منهمك من قمة الرأس إلى أخمص القدمين في المشاريع الأكثر أهمية، لا تهمل طقوس التطوع، و اجعل منها بالنسبة لك منهاجا أصيلا و فلسفة حياة : سخر كل الجهود لإيجاد العمل، و لا تنس توازيا مع ذلك أشياء بسيطة و لكنها أساسية : واصل مساعدة الفقراء و المحتاجين، لا تنقطع عن عملك الجمعوي و لو كان متواضعا و غير مدر لأي ربح مادي، لا تهمل ترتيب فراشك عند الاستيقاظ من النوم،لا تنس المساعدة في أشغال البيت من كنس و مسح و طبخ و تسوق إن كنت تسكن مع الأهل، فكر في تحمل مسؤولية سانديك العمارة و لو لشهور قليلة، كن صديقا للبيئة و تعهد أن تسقي كل يوم ما غرسته من نبات في شرفة البيت أو في الحديقة، تطوع بتجميع أفراد العائلة الذين ما عادوا يتلاقون إلا نادرا بحكم الحياة الطاحنة و الجري المشروع خلف المصالح و ضيق الوقت.
تعلم كل ذلك، و رب نفسك عليه، و تسلح بالتطوع، بل كن التطوع نفسه.
* أستاذ جامعي و كاتب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.