كان لافتا للنظر أن تصوت أحزاب المعارضة، بعد زوال أمس، لصالح مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، وتمنح الحكومة، ومعها أغلبيتها، فرصة ذهبية في ظل التلاسن الحاد،والاتهامات بينهما على مشاريع القوانين المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية.. وأحزاب المعارضة، التي كالت للحكومة العديد من الاتهامات بسبب مشاريع القوانين المؤطرة للانتخابات، هي نفسها التي صوتت على مشروع القانون الذي تم تمريره في جلسة عامة بمجلس النواب بإجماع أعضاء المجلس الحاضرين. ما الذي تغير في منظور المعارضة حتى تضم أصواتها إلى أصوات التركيبة النيابية للأغلبية لصالح مشروع قانون تنظيمي "لا يلبي الطموحات" كما جاء في كل مداخلات الساسة المتموقعة تنظيماتهم خارج الحكومة؟.. هذا السؤال نقلته هسبريس للناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال وعضو لجنة الداخلية بمجلس النواب، عادل بنحمزة، الذي اعتبر أن "التصويت لصالح المشروع، دليل على أن المعارضة لا تعرقل". وأضاف بنحمزة، في تصريح لهسبريس، أن المعارضة أثبتت بالملموس تعاملها بشكل إيجابي مع التهييء للاستحقاقات الانتخابية الجماعية المقبلة، واسترسل: "المعارضة لا تعرقل ما تقدمه الحكومة من مشاريع قوانين تنظيمية تتعلق بصورة مباشرة بالاستحقاقات المقبلة، حيث أن رئيس الحكومة ما فتئ يفتري على المعارضة بأنها تسعى لتأجيل الانتخابات".. وأكد بنحمزة أن "المعارضة تعاملت إيجابيا مع مسار الإعداد للانتخابات عبر تسريع مناقشة القوانين التنظيمية ذات الصلة"، مبرزا أنه "لا يمكن للحكومة، ولا للأغلبية، الإدعاء بأن المعارضة سعت لعرقلة التهييئ للانتخابات". وأوضح البرلماني الاستقلالي، الناطق رسميا باسم تنظيمه السياسي، أن "تصويت المعارضة بالإيجاب هو فعل سياسي يدفع بمسلسل التحضير للإنتخابات إلى الأمام"، مؤكدا أن "هذه الخطوة السياسية جاءت بغض النظر عن مضامين مشروع القانون، وعن التعديلات التي تقدمت بها المعارضة وتم رفضها، رغم أن جميعها كانت بغاية تحقيق جهوية حقيقية تعكس النقاش الوطني الذي رافق هذا الموضوع لسنوات طويلة". وحول ما إذا كانت هناك صفقة بين وزارة الداخلية وأحزاب المعارضة، خصوصا أن التنظيمات المصطفة خارج التركيبة الحكومية قد قاطعت أول جلسة للجنة الداخلية بمجلس النواب، مبررة ذلك بالاحتجاج على المشروع، قال الناطق الرسمي باسم "حزب الميزان"، إن "مقاطعة الجلسة الأولى تبعها بلاغ لوزارة الداخلية إلتزم بالإنفتاح على وجهة نظر المعارضة.. وضمنيا، كان هناك إقرار بأن المشاورات السياسية معيبة". "صحيح أن الحكومة لم تقبل كل مقترحات التعديلات التي تقدمت بها الفرق النيابية للمعارضة، وصحيح أيضا أن الأغلبية والحكومة ساهما في خلط الأمور وجعل الرأي العام أمام عدد من التصورات لنفس مقترح قانون" يورد بنحمزة ضمن تصريحه لهسبريس قبل أن يزيد: "الأغلبية النيابية والحكومة كان من المفترض، في ظل دستور 2011 وفي ظل حكومة سياسية، أن تجعل الرأي العام أمام رؤيتين اثنتين، الأولى تمثل الأغلبية ويتم تجسيدها في مشروع قانون الحكومة، الذي كان من المفروض أن يشكل تقطاعات أحزاب الأغلبية، ورؤية المعارضة". وفي هذا الاتجاه أردف بنحمزة: "كنا أمام ثلاث رؤى، الأولى تتجسد في مشروع القانون التنظيمي الذي من المفترض أنه يشكل وجهة نظر أحزاب الأغلبية التي تشكل الحكومة.. والثانية تتجسد في التعديلات التي تقدمت بها أحزاب الأغلبية، وهو ما يطرح علامات إستفهام عريضة عن مدى إنسجام الأغلبية التي تعاني حالة مفرطة من الفصام.. فيما الرؤية الثالثة فتتجسد في تعديلات المعارضة".